أحيل خلال الأيام القليلة الماضية أمام احدى الدوائر الجنائية بالمحكمة الابتدائية بتونس شابان في الثلاثينات من العمر لاتهامهما باختلاس أموال خاصة مؤمنة بعهدتهما، وذلك بعد ما تعمدا الاستيلاء على مبالغ مالية تابعة لمؤسسة يشتغلان بها بغرض استعمالها في اقامة مشروع خاص. وحسب وقائع القضية فإن المتهمين كانا يشتغلان لدى مؤسسة تجارية خاصة ويتمثل دورهما في تجميع الأموال المتخلدة بذمة بعض التجار بعدما يقوان بجولة على متن شاحنة، من أملاك المؤسسة. وبعد جولة يوم كامل تمكنا من تجميع مبلغ تسعة آلاف دينار. وفي طريقهما للعودة اقترح الأول على مرافقه الاستيلاء لى كامل المبلغ انتقاما من مؤجرهما الذي يقدم لهما أجرة زهيدة، وبعد نقاش دار بينهما قررا تسليم 1500 دينار فقط والاستيلاء على باقي المبلغ وبوصولهما إلى المؤسسة التجارية التي يعملان بها تقدم أحدهما من العون المكلف بالخزينة وقدم المبلغ المتفق عليه وأمضيا سويا على صحته مؤكدين أن التجار لم يسلما لهما غير المبلغ الذي تم تسليمه. بعد فترة قصيرة قام صاحب المؤسسة التجارية المتضررة بمراجعة حساباته فتبين له النقص الحاصل وعندما أبلغ بأن بعض التجار لم يسددوا الديون المتخلدة بذمتهم اتصل بهم لحثهم على الخلاص إلا أن اجاباتهم كانت كلها متشابهة اذ أفادوا بأنهم قاموا بخلاص العونين المسؤولين منذ أكثر من شهر. وبمساءلته للعونين تمسكا بالانكار وأكدا بأنهما سلما كامل المبلغ الذي حصلا عليه، عندما لم يجد صاحب المؤسسات من حل غير الاتصال بأعوان الأمن والابلاغ بالموضوع ليرفع دعوى قضائية ضد العاملين. وبجلب المظنون فيهما إلى مركز الشرطة والتحرير عليهما، حاولا في البداية الإنكار إلاّ أن كشف الحسابات وتمسك بعض الشهود من التجار بتسليمهما المبالغ المالية المستولى عليهما، جعلهما يعترفان بما نسب اليهما، اذ أفاد أحدهما بأن صديقه هو الذي أشار عليه من باب النصيحة بالاستيلاء على المبلغ المالي انتقاما من مؤجرهما الذي يسدد لهما أجرة زهيدة ، واستعمال تلك المبلغ في بعث مشروع خاص دون أن يتفطن لهما المؤجر، فيما نفى الثاني أن يكون قد اقترح موضوع الاستيلاء على مرافقه وانما اتفقا معا على بعث مشروع قصد تحسين دخلهما ووضعهما المادي وذلك باستغلال المبالغ المالية المستولى عليها خاصة أمام ثراء صاحب المؤسسة، فظنا أنه لن يتفطنا إليهما. وبعد إنهاء الأبحاث في شأنهما أحيلا على أنظار أحد قضاة التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس حيث تراجعا عن أقوالهما التي أدليا بها لدى باحث البداية وصرحا من جديد بأن صاحب المؤسسة أراد التخلص منهما بأي وسيلة، وعندما لم يستطع طردهما، تعمد تلفيق تهمة الاستيلاء إليهما. وباجراء المكافحات القانونية تمسك المتهمان ببراءتهما. إلا أن شهادة الشهود وكشف الحسابات وتمسك المتضرر بمقاضاتهما جعل ممثل النيابة العمومية يرى وجها للإدانة ليصدر في شأنهما بطاقة إيداع السجن بعدما وجه إليهما تهم الاستيلاء على أموال خاصة مؤمنة بعهدتهما وأبدت دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بتونس قرار ختم البحث ولائحة الاتهام وقررت احالة المتهمين على أنظار الدائرة الجنائية المختصة بابتدائية العاصمة لمقاضاتهما من أجل ما نسب إليهما. وبمثولهما خلال الأيام القليلة الماضية أمام هيئة المحكمة صرح المتهمان بأنهما كانا يعملان بالمؤسسة التجارية المعنية منذ سنوات وأنه لم يسبق لأحدهما بأن استولى على أي مبلغ في السابق كما أفادا بأن علاقتهما بكافة زملائهما كانت تتسم بالثقة والاخلاص، قبل أن تتوتر علاقة بعض العملة بمؤجرهم الذي فكّر في الخلاص من عدد منهم. وكانت فرصة فقدان مبالغ مالية من خزينة الشركة فرصة لاتهامهما بالاستيلاء والزج بهما في السجن عوض طردهما. وقد ساندهما في ذلك محاميهما الذي طعن في جملة من المسائل الإجرائية وبعض قوانين الاحالة، وتمسك بأقوال منوبيه سواء لدى قلم التحقيق أو أمام هيئة المحكمة، وأعرب لسان الدفاع أن اتهام موكليه بالاستيلاء على أموال الشركة التي يعملان بها إنما هو أسلوب جديد في التخلص منهما عوض تحمل نفقات طردهما، كما طعن المحامي في شهادة بعض التجار لوجود علاقات مصلحة بينهم وبين صاحب المؤسسة التجارية. من جهته تمسك ممثل النيابة العمومية بالمحاكمة كما تمسك بالفصول القانونية للاتهام، لتقرر الهيئة القضائية في ختام المرافعات حجز القضية للإعلان عن الحكم بالادانة والسجن لمدة أربعة سنوات لكل منهما.