قراصنة يخترقون وزارة دفاع بريطانيا ويصلون إلى رواتب العسكريين    الصحة العالمية تحذر من شن عملية عسكرية في رفح    سعيد.. سيحال على العدالة كل من تم تعيينه لمحاربة الفساد فانخرط في شبكاته (فيديو)    بالفيديو: قيس سعيد: تم اليوم إعادة حوالي 400 مهاجر غير نظامي    في لقائه بخبراء من البنك الدولي: وزير الصحة يؤكد على أهمية التعاون المشترك لتحسين الخدمات    صادرات قطاع القوارص ترتفع بنسبة 15,4 بالمائة    النادي الصفاقسي يوضح تفاصيل احترازه ضد الترجي    معبر راس جدير والهجرة غير النظامية أبرز محاور لقاء قيس سعيد بوزير الداخلية الليبي    جامعة كرة القدم تحدد موعد جلستها العامة العادية    مجلس الحرب الصهيوني يقرر استمرار العملية العسكرية في رفح    أريانة.. غلق المصب العشوائي بسيدي ثابت    طقس الليلة: مغيم مع هبوب رياح قوية في كافة مجالاتنا البحرية    ياسمين الحمامات.. القبض على تونسي وامرأة اجنبية بحوزتهما كمية من المخدرات    هل يساهم تراجع التضخم في انخفاض الأسعار؟.. خبير اقتصادي يوضّح    فتح بحث تحقيقي ضدّ المنصف المرزوقي    مدنين: حجز أكثر من 11 طن من الفرينة والسميد المدعم وحوالي 09 أطنان من العجين الغذائي    لأول مرة في مسيرته الفنية: الفنان لمين النهدي في مسرحية للأطفال    اتصالات تونس تنخرط في مبادرة 'سينما تدور'    وفاة مقدم البرامج والكاتب الفرنسي برنار بيفو    رياض دغفوس: لا يوجد خطر على الملقحين بهذا اللقاح    بمناسبة اليوم العالمي لغسل الأيدي: يوم تحسيسي بمستشفى شارل نيكول حول أهمية غسل الأيدي للتوقي من الأمراض المعدية    كرة اليد: المنتخب التونسي يدخل في تربص تحضيري من 6 إلى 8 ماي الجاري بالحمامات.    مدنين: استعدادات حثيثة بالميناء التجاري بجرجيس لموسم عودة أبناء تونس المقيمين بالخارج    فيديو/ تتويج الروائييْن صحبي كرعاني وعزة فيلالي ب"الكومار الذهبي" للجوائز الأدبية..تصريحات..    التيار الشعبي : تحديد موعد الانتخابات الرئاسية من شأنه إنهاء الجدل حول هذا الاستحقاق    عاجل : القاء القبض على السوداني بطل الكونغ فو    تصنيف اللاعبات المحترفات:أنس جابر تتقدم إلى المركز الثامن.    تعرّض أعوانها لإعتداء من طرف ''الأفارقة'': إدارة الحرس الوطني تُوضّح    بداية من مساء الغد: وصول التقلّبات الجوّية الى تونس    ناجي جلّول يترشح للانتخابات الرئاسية    نسبة التضخم في تونس تتراجع خلال أفريل 2024    سليانة: حريق يأتي على أكثر من 3 هكتارات من القمح    الفنان محمد عبده يكشف إصابته بالسرطان    الرابطة الأولى: البرنامج الكامل لمواجهات الجولة الثالثة إيابا لمرحلة تفادي النزول    جندوبة: تعرض عائلة الى الاختناق بالغاز والحماية المدنية تتدخل    عاجل/حادثة اعتداء تلميذة على أستاذها ب"شفرة حلاقة": معطيات وتفاصيل جديدة..    الفنان محمد عبده يُعلن إصابته بالسرطان    عاجل/ حزب الله يشن هجمات بصواريخ الكاتيوشا على مستوطنات ومواقع صهيونية    مطالب «غريبة» للأهلي قبل مواجهة الترجي    صادم: قاصرتان تستدرجان سائق سيارة "تاكسي" وتسلبانه تحت التهديد..    اليوم: طقس بمواصفات صيفية    بطولة الرابطة المحترفة الاولى (مرحلة التتويج): برنامج مباريات الجولة السابعة    القيروان ...تقدم إنجاز جسرين على الطريق الجهوية رقم 99    عمر كمال يكشف أسرارا عن إنهاء علاقته بطليقة الفيشاوي    مصادقة على تمويل 100 مشروع فلاحي ببنزرت    زلزال بقوة 5.8 درجات يضرب هذه المنطقة..    عاجل/ مقتل شخصين في اطلاق نار بضواحي باريس..    أنباء عن الترفيع في الفاتورة: الستاغ تًوضّح    أهدى أول كأس عالم لبلاده.. وفاة مدرب الأرجنتين السابق مينوتي    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الفنّان بلقاسم بوڨنّة    اجتماع أمني تونسي ليبي بمعبر راس جدير    جمعية مرض الهيموفيليا: قرابة ال 640 تونسيا مصابا بمرض 'النزيف الدم الوراثي'    غدًا الأحد: الدخول مجاني للمتاحف والمعالم الأثرية    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    خطبة الجمعة ..وقفات إيمانية مع قصة لوط عليه السلام في مقاومة الفواحش    ملف الأسبوع .. النفاق في الإسلام ..أنواعه وعلاماته وعقابه في الآخرة !    العمل شرف وعبادة    موعد عيد الإضحى لسنة 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العرب وقمة الفرصة الأخيرة: تحديات الإصلاح... ووصفات النجاح
نشر في الشروق يوم 18 - 06 - 2005


* إعداد: فاطمة بن عبد الله الكراي
تونس (الشروق):
الجامعة... العرب... الاصلاح... هكذا بدأت تطفو على سطح المشهد العربي عبارات متقطعة في الاول، لكن سرعان ما أصبحت حديث العامة وحديث السلطات في الوطن العربي...
ما الذي يتطلب التغيير، جامعة الدول العربية الهيكل، أم المجتمعات العربية وآليات الدول العربية؟
ما الذي يحتاج الى إصلاح، جامعة الدول العربية أم العرب أنفسهم؟...
ثم لماذا هذا التوقيت بالذات يختاره العرب و»الآخر» للحديث عن إصلاح أو تغيير؟ أيكون زلزال العراق قد أسهم في استفاقة أمة نامت لعقود، وترك أهلها الحبل على الغارب، فأصبحت المنطقة العربية حقل تجارب من هذا وذاك، دون وعي من أهلها ولا وقفة واعية بأن العالم يتغيّر دوريا «وهم لا يعلمون»؟
في العراق حدث ما حدث، صُلب الحق ولكن الباطل لم يعمّر كثيرا، فقد وخزه الشوك من هنا وهناك، فرأينا ولانزال مقاومة من الداخل وما يشبه المقاومة من الخارج... خارج الوطن العربي برمته... نعم لقد شهدنا طوال هذه السنة التي نراها مرت بسرعة على احتلال العراق بعد حرب ضروس وشرسة من الولايات المتحدة الامريكية ضد العراق، شهدنا مقاومة مسلحة من داخل الاراضي العراقية ضد الاحتلال، وهذا حق مشروع تكفله كل القوانين السماوية والوضعية، وشهدنا كذلك، طوال هذا العام «مقاومة» من الخارج... في مجتمعات أجنبية... مجتمعات الافرنجة، لهذه «الحرب» ولنتائج وتداعيات الحرب...
وسط هذا الزخم الشعبي المقاوم للحرب ولتداعياتها، نسأل دون أن يأتي الجواب: أين العرب... وأين الجامعة العربية وأين مؤسسات العمل العربي المشترك من المبدأ: مبدأ مناهضة الاحتلال والحفاظ على الاستقلال؟...
والجواب طبعا لا يأتي...
في فلسطين أيضا، يدافع المدافعون هناك على الارض وعلى العرض، تسيل دماؤهم تحت وابل الرصاص وصواريخ الموت، يساندهم في عملهم النضالي اليومي «مناضلون» خارج الوطن العربي، تجدهم في شوارع «مدريد» وشوارع «بروكسيل» وشوارع «لندن» وحتى «نيويورك»، ينطلقون بلا هوادة، يرفعون شعارات قاسية
ضد احتلال العراق واحتلال فلسطين... هناك يراكمون للفعل السياسي وللفعل المدني وللحق، وللشرعية...
لكن مرة أخرى نسأل ولا يأتي الجواب: أين العرب شعوبا ورسميين من كل هذا الذي يحدث...
قمة عربية على الابواب، تفصلنا عن انطلاقتها ساعات، والجامعة العربية حاضنة هذا الفعل السياسي العربي المشترك في أعلى مؤسساته، تقدّم مشروعا لاصلاح الجامعة العربية... لماذا اليوم بالذات، وما الذي جعل العرب ومنذ سنة 1945 عهد تأسيس الجامعة العربية، يقررون «فجأة» ان الاصلاح ضرورة والتغيير مطلوب؟ ثم ما الذي سيطرح على طاولة الاصلاح وما الذي سيغفل؟
إن مقارنة بسيطة ورصد أبسط، للفعل العربي المشترك، ينبئ أن الجامعة العربية هي فعليا مرآة عاكسة للنظام العربي الرسمي في علاقاته الداخلية وفي علاقاته بمحيطه الجغرافي السياسي... اليوم وفي زحمة الاحداث، تتوالى المشاريع مشاريع إصلاح الجامعة... على رأس هذه المشاريع ما يطرح من خارج المشهد العربي، مشروع حق يراد به باطل... فأما الحق فيه، فهو نية وتوجّه التغيير والاصلاح... وأما الباطل في هذا المشروع الذي اختير له من الاسماء «الشرق الاوسط الجديد» فيتمثل في دفن «صفة» العروبة عن العمل العربي المشترك...
هذا جزء من المواضيع التي تفرعت عن عنوان أكبر اسمه «الاصلاح» في زمن اللاإصلاح... إصلاح الجامعة العربية، هو مشروع قيد الدرس، سيقدمه الامين العام لجامعة الدول العربية في قمة تونس، فما هو هذا المشروع، وعلام يحتوي، وما هي أهم تفاصيله التي يراد إصلاحها أو تغييرها؟ هذا هو موضوع اللقاء الصحفي الخاص، المرفق لهذا العمل، والذي أمّنته «الشروق» مع معالي نائب الامين العام لجامعة الدول العربية الاستاذ نور الدين حشاد.
الاصلاح... والجامعة العربية... والوضع العربي... واحتلال العراق... وقضية فلسطين... وميثاق الجامعة العربية... والمجتمع المدني العربي... كلها مواضيع وقد تطارحها ضمن مائدة مستديرة نظمتها «الشروق» بمقر الدار... «دار الأنوار»... أساتذة أجلاّء تولوا مناقشة هذه المواضيع المتشعبة والمتصلة بعضها ببعض، خلال الندوة... حيث كان العراق وفلسطين وحال الأمة، مواضيع حاضرة بامتياز، ومثلت صلب النقاش والتحاور بين الاساتذة:
الدكتور عبد الله تركماني: كاتب وباحث في الشؤون الاستراتيجية، وهو سوري مقيم بتونس.
الدكتور الاستاذ توفيق بوعشبة، أستاذ القانون الدولي العام بكلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس.
الدكتور الاستاذ عبد المجيد العبدلي أستاذ القانون الدولي بالجامعة التونسية.
الاستاذ سيف الدين دريني، باحث فلسطيني مقيم بتونس.
الانطلاقة كانت عن فحوى الاصلاح، ومشروع الاصلاح، وما تحتاجه الجامعة العربية، هل هو الاصلاح القانوني في المستوى الهيكلي أم تحتاج الى إصلاح سياسي بنيوي، كثيرا ما عرّضها هذا الاخير الى انتقادات شتى من الجماهير العربية ومن النخب العربية.
مرحبا بكم في «دار الأنوار» أين سنحاول سوية أن نتناول نزرا قليلا من هموم الامة... هذه الهموم المستعصية... وهذه التحديات التي يواجهها الجميع...
أهلا بكم، ونحن ندخل مرحلة جديدة، جديدها مبكي ومحزن... فما كنا نظن أننا سنتناول همّا عربيا واحدا في تلك الهموم التي رافقتنا منذ «سقوط غرناطة» قبل خمسمائة سنة، والعراق محتل... العراق الذي انطلقت منه جحافل الفتح الديني والمعرفي لكل الدنيا، ها هو اليوم يرزح تحت نيّر احتلال تخطّى أسوار بغداد بعد أن استعمل الحديد والنار والسلاح المحرم في حق الجيش وفي حق الناس المدنيين...
ما كنا نظن أن مازال فينا الرمق، نتحدث عن جامعة الدول العربية، وقد كانت «شاهدا شاف كل حاجة» ذات ليلة من ليالي مارس... وبعدها بقليل ذات صباح من أيام أفريل...
ما كان الواحد فينا يظن يوما أنه قادر على تصفّح حال الأمة، بعد أن ظن جميعنا ان الاحتلال ومصيبة الاحتلال لا يمكن أن يعاودانا في أرض أخرى غير فلسطين...
اليوم تُطرح مشاريع ومشاريع مضادة ومشاريع مسرّبة عبر النوافذ حول الاصلاح... إصلاح الجامعة العربية... وبعيدا عن منطق المؤامرة والمصائب الخارجية التي حلت بنا منذ وعد بلفور واتفاقية «سايكس بيكو»، ما الذي يجب أن يُصلح في الجامعة؟ ولماذا الآن بالذات؟ وهل صحيح ان نية التغيير سكنت العرب الآن، وكيف يمكن أن يبدأ الاصلاح ومن أين؟
* الاستاذ عبد الله التركماني تفضل:
إن جامعة الدول العربية في حاجة الى إصلاح عميق في هياكلها... يرفض ذلك طبيعة التحديات وهي كثيرة تواجهها الجامعة منذ تأسيسها في 45 حيث كانت القضية الفلسطينية هي الشغل الشاغل للعرب وجامعتهم. وما وصلت اليه القضية الفلسطينية يكفي لوحده لاصلاح الجامعة.
لا شك أن احتلال العراق وما تولد عنه من معادلات جيو استراتيجية يمثل تحديا آخر كبيرا نجد على رأسها بناء العراق الجديد... وهذا الامر يفترض الاصلاح أيضا. من جهة أخرى تتطلب اعادة هيكلة مؤسسات العمل العربي المشترك لمحاولة التعاطي مع هذا التحدي، بالتقليل من الخسائر المحتملة كما تتطلب النظم الاقليمية فيه اعادة صياغة لها بالمفهوم نفسه أي إعادة خطر على ضوء ما يخطط له من نظام دولي جديد وما يشمله من تحوّل باتجاه نظم اقليمية وظيفية. وهنا نتساءل: أين موقع الجامعة من هذه النظم؟ كل ذلك يفرض على الامة العربية اعادة صياغة مؤسستها الاقليمية. كما ان هناك عاملا آخر: نظم اقليمية بديلة مطروحة على المنطقة الآن منها الشرق أوسطية فهي تنطوي على مخاطر واضحة على الامة من ذلك أنه يجدر التساؤل: كيف يمكن التعاطي معها، وهي مطروحة علينا طرحا من الخارج؟ هناك صيغة مطروحة ثانية وهي الشراكة الاورو متوسطية وآفاقها هل يمكن للروسيين والامريكيين والاوروبيين أن يتقاطعا: لاعادة تشكيل الاقليم؟ إذن كلها تحديات تفرض على العرب أن يكونوا جديين في مشروع الاصلاح بما يسهل إعادة الصياغة بمفهوم الجدوى وليس بصفة شكلية.
الشروق: شكرا للاستاذ التركماني، الاستاذ توفيق بوعشبة، تفضل لك الكلمة مع التأكيد على هذا الاصلاحالذي كثر حوله الحديث بين العرب أنفسهم، وبين العرب والاطراف الاخرى (الخارجية) لماذا تطرح فكرة الاصلاح الآن، هل هناك ما يمكن كشفه من خلال التوقيت؟
* الاستاذ توفيق بوعشبة :
بالنسبة للاجابة بصورة مباشرة: هل الجامعة العربية في حاجة الى إصلاح ولماذا الآن؟ نجد أن هناك إجماعا على أن الجامعة بحاجة الى إصلاح. والفكرة ليست جديدة بل طرحت منذ أمد ولكن الفكرة تتجدد وكذلك مطلب الاصلاح يتجدد.
لي هنا بعض المحطات أذكر بها:
الجامعة فعلا بحاجة الى إصلاح وفي رأيي هذا الاصلاح ينبغي ان يكون على نوعين هيكلي وجوهري.
الاول: يخص جهاز الجامعة باعتبارها منظمة دولية.
الثاني: إصلاح سياسي بالاساس.
فالاصلاح مطلوب وهناك اجماع عربي عليه.
الملاحظ هنا أن مطلب اصلاح الجامعة الآن هو مطلب عربي وشعبي بالاساس، فالرأي العام العربي الذي يشعر بإحباط عميق تجاه أداء الجامعة التي علقت عليها الجماهير آمالا كبيرة لم يرتب أداؤها النتائج التي كان يتوقعها الجمهور العربي.
لذلك نجده يدعو الى ضرورة تحسين حال الجامعة العربية حتى تكون ذات فاعلية ثم هناك اقتناع لدى الحكومات العربية. فأكثر من دولة عربية تقدمت بمشروع لاصلاح الجامعة: هناك 7 مبادرات عربية لاصلاح الجامعة...
والحكومات العربية مقتنعة بضرورة الاصلاح. هنا تجد التقاء ارادة الشعوب وارادة جل الدول على ضرورة إجراء اصلاح. الجانب الرسمي نجد أن الحكومات وما تقدمت به من مبادرات يتحدث عن إصلاح عميق وبعضها يقترح تحسينات موطنية تؤسس على تعديلات لميثاق الجامعة.
الاصلاح إذن متفق عليه: من حيث المبدأ فلابد من اصلاح الجامعة ولا يمكن أن تستمر هكذا، لابد من إخضاعها للاصلاح حتى يتحسن أداؤها الذي نجده متعثرا ولم يلبّ المطلوب... وهذا امر جيد سواء من حيث التشخيص أو من حيث الهدف الذي يرنو اليه الاصلاح. فهذه أسس مبدئية لا أظن أن هناك اختلافات حولها.
لكن نلاحظ ان كل الجهود تصبّ الآن في اتجاه إصلاح الجامعة خلال مؤتمر تونس والذي سينظر في جوانب من مطلب الاصلاح.
إن فكرة الاصلاح ليست جديدة، هناك محطات، كما كانت الجامعة في تونس هناك أعمال للاصلاح لكن المفهوم لم يكن بارزا كان هناك حديث عن تعديل الميثاق في تونس... لقد انجزت الجامعة مشاريع عديدة عندما كانت هنا في تونس، ولما عادت الجامعة الى القاهرة لاحظنا ان كل ذلك توقف وتعطل مسار الاصلاح والتعديل فقد دخلت الجامعة مسارا لم تعرفه من قبل، وهذا ليس مرتبط بدولة المقر، بل بالظرفية الاقليمية والدولية التي حصل فيها الرجوع الى القاهرة، لكن لاحظنا أنه لم تعد هناك بذور اصلاح أو مجهود يذكر.
فقد تعكر حال الجامعة منذ الغزو العراقي للكويت الذي أدخل الجامعة في مرحلة خطيرة للغاية.
ثم نجد محطة «اتفاقات أوسلو» ومجمل الاتفاقات التي تمت بين «م.ت.ف» واسرائيل، ومن قبلها مؤتمر مدريد في 1992 ولأن ذلك الامر كان له تأثير على مسار الجامعة، قامت طروحات جديدة منها: الآن وقد تم الدخول في عهد سلام، فإن وجود الجامعة يحتاج الى مراجعة؟ هل المطلوب أن تبقى الجامعة وهي التي جعلت القضية الفلسطينية قضيتها المركزية. ففي تلك الفترة كان مطلوبا ضرورة تجاوز الجامعة العربية وبالتالي أعدت أطروحات لتجاوز الجامعة جامعة بديلة منها امكانية دخول اسرائيل الجامعة (بيريز صرح بذلك لارباك البيت العربي وتشكيك العرب في نظامهم الاقليمي فاسرائيل ليس من الممكن قبولها...
وفي نفس السياق طرح بيريز فكرة «الشرق أوسطية» في كتابه الشرق الاوسط الجديد.
لقد تجاوزت الجامعة العربية تلك الازمة العميقة وتمسك العرب بها بدليل قيامها حتى الآن بنفث طروحات تستهدف الجامعة: الجامعة كانت محل هجمة كبيرة... فلا يجب أن نغفل هذا الامر.
هناك محطة أخرى: الفكرة لم تطرح لاول مرة في مؤتمر قمة القاهرة 1996 (غير العادي) لقد كانت هناك رغبة في اصلاح الجامعة في ذلك المؤتمر صدرت موافقة مبدئية على تزويد الجامعة بعدد من الوسائل والآليات المميزة: ميثاق الشرق مثلا، آلية الوقاية من النزاعات وهو اقتراح تونسي.
هناك عدد من الادوات تمت الموافقة عليها منذ 1996 وتم تكوين البعض منها كآلية الوقاية من النزاعات. في حين أن «محكمة العدل العربية» لم تتمّ الموافقة عليها مثلا.
لقد ارتبطت الجهود الاصلاحية للجامعة العربية بقيامها ونشأتها فكانت هناك حاجة لتطوير الميثاق: لتستجيب بصورة معينة للمعطيات الماثلة أمام العمل العربي المشترك.
بالنسبة لمحكمة العدل العربية نص الميثاق على إمكان إحداث المحكمة، لكن لم يتم الامر. من جهة أخرى لابد أن نذكّر أن الملك محمد الخامس كان دعا سنة 1956 الى تعديل ميثاق الجامعة وإحداث محكمة عدل عربية... خلاصة القول ان الافكار كانت تعايش الجامعة وهذا يدل على أن الجامعة تعيش صعوبة في التأقلم مع الواقع الجديد أو المستحدث... وكلما أحست بذلك كان نداء أو مقترح للتعديل أو للاصلاح.
هناك إصلاح هيكلي مطلوب للجامعة لكن هناك إصلاح جوهري لابد من الخوض فيه: وهو ذو طابع سياسي وهذا يحتاج قبل كل شيء الى وقفة تأمل حقيقية، لا يمكن الخوض في الاصلاح الجوهري في اجتماع قادة دون وقفة تأمل للنظر في حصيلة الفترة السابقة والاستقرار على رأي محدد. أي جامعة نريد؟ جامعة تتجاوز الوضع السابق الذي عاشته؟ تنظيم إقليمي جديد له دور فاعل يستجيب لطموحات العرب؟
إذا اعتمدنا وقفة تأمل إزاء ما هو مطروح على المنطقة العربية نجد أن هناك مشاريع خارجية متوجهة الى المنطقة: بعضها موجه بصفة فوقية وقد يفرض على المنطقة تغييرات مثل مشروع الشراكة الامريكية الشرق أوسطية أو الشرق الاوسط الاوسع والموسّع والذي يمس المنطقة وقد يؤثر على مستقبل المنطقة والجامعة معا. إذن لابد من وقفة تأمل حقيقية. هذه أوروبا تقترح إنشاء فضاء أفضل من الطرح الامريكي لانها تؤمن أن ما يطرح ينبغي أن يكون أمرا تفاوضيا أما الطرح الامريكي فهو مغاير فهو طرح فوقي ولا يستند الى مفاوضات مسبقة أو تعاون بين الطرف الذي يقترح والطرف العربي المعني بالطرح.
هنا نجد أن الجامعة العربية، مطلوب منها أن تخوض في لتأمل العميق حول المستقبل. المسألة راهنة أن يكون هناك موقف جديد لتجاوز المناهج القديمة في التعامل مع القضايا المصيرية إن وقتنا صعب للغاية فالمنطقة مستهدفة بصورة جدية ينبغي التفكير عبر وقفة تأمل حقيقية والانطلاق في مسار جديد يستفيد من تجربة الماضي وهي تجربة سليمة.
الشروق: د. عبد المجيد العبدلي، أرى أنك تراكم الافكار، وأكيد أن لك الكثير لتقوله حول إصلاح الجامعة العربية، وحول من أجدر بتقديم مقترحات الاصلاح.
أستاذ العبدلي هل وصلنا الآن الى خيار لا مناص من إغفاله بعد احتلال العراق وتواصل نكبة فلسطين، وهو الخيار القائل «بيد الآخر لا بيدي» يكون الاصلاح؟
* د. عبد المجيد العبدلي :
في البداية لابد من وضع سؤال مركزي: ما الذي يشوب الجامعة والعمل العربي المشترك الآن، حتى نتفطن الى جدية الاصلاح وحتى نؤكد على الاصلاح كضرورة؟ هنا لابد من الاستئناس بالنقاط التاريخية. الجامعة العربية هي أقدم منظمة اقليمية فهي أقدم عمرا من منظمة الامم المتحدة، وهي أشد قدما من الاتحاد الاوروبي الذي بدأت نواته الاولى في 1957. كما أن الجامعة العربية هي أقدم من منظمة الوحدة الافريقية المتاخمة للجامعة والتي بها دول عربية افريقية منضوية في الاولى وفي الثانية معا. الجامعة هي أقدم منظمة اقليمية في العالم، ونلاحظ هنا أنها تاريخيا، امتدت الى أكثر من نصف قرن.
نعود الى السؤال الذي طرحته مع تفرعاته من بقية الاسئلة، كلمة إصلاح هي كلمة خطيرة. من قبل كان الحديث عن التعديل إذ نتساءل ما الذي أتى بهذا المصطلح؟ لقد فرض على العرب فرضا. الآن نتحدث عن اصلاح، يعني ان هناك أمرا فاسدا. المنظمة شخص قانوني لا تساوي شيئا من دون إرادة الدول. إما أن يؤثر في العلاقات الدولية أو لا يؤثر. المادة الثانية من ميثاق الجامعة العربية مثلا، هو هام جدا. فهو يختزل ما نتمنى أن تقوم به الجامعة.
أتصور انها في حاجة الى إصلاح، يجب أن تطبّق بنزاهة.
إن الجامعة فشلت، لان الاداء فشل. لقد سما عبد الناصر بالجامعة كهيكل وكجوهر، وكانت مؤثرة في عهده. فهي تدخلت في الصومال والسودان وتدخلت بين الاردن ومنظمة التحرير الفلسسطينية في 1970. اليوم تجدون من أن الاصلاح مسقط. لكن لابد للحكومات العربية ان تعي هذا الامر. المشهد الآن يكشف لنا أن كل دولة تعمل على انفراد. في حين نرى أمامنا الاتحاد الاوروبي الذي سيصبح 25 دولة في غرة ماي. الجامعة العربية فشلت لانها منظمة حكومية أي بين الحكومات ولم تعط الجامعة الصلاحية الكافية لاداء دورها عكس الاتحاد الاوروبي. الجامعة فشلت في فلسطين وفي العراق. من جهة أخرى، اذا ما التفتنا الى اتفاقية الدفاع العربي المشترك نجدها لم تطبق فكانت الكارثة في العراق. اليوم، مصيبة الجامعة أساسا في العراق.
المادة الثانية من اتفاقية الدفاع العربي المشترك تلزم الدول المتعاقدة على هذا الميثاق للدفاع عن دولة عضو مهددة، فما بالك والعراق بلد مؤسس للجامعة. وهنا نتكلم بقطع النظر عن النظام وعلاقته بنظرائه الانظمة الاخرى. المشكل ان مصيبة العراق مست الجوهر ومست المبدأ والتشريع في الميثاق.
لو نريد ان نطبق هذه المادة في العراق، وفلسطين (العضوين كاملين في الجامعة) فإننا سنجد أن ما حصل لهذين القطرين هو عار على الجامعة العربية. فهل يعقل ان تحتل دولة عربية ولا يصدر بيان واحد عن الجامعة العربية؟ لماذا؟ لان الخلافات الداخلية لم تترك لها الصلاحية. هي جامعة لكن الفعل السياسي تفرّق.
الجامعة أصبحت خالية من الدور الايجابي الذي يمكن ان تلعبه جامعة بحجمها وبميثاقها. الميثاق لم يشمل طموحا للتوحيد مثل الميثاق الاوروبي. الجامعة العربية بحاجة الى إصلاح نفسها من الداخل. بتصوّري لو المصيبة التي حلت بالعراق حلت في افريقيا في بلد افريقي لكان الموقف آخر رغم ان افريقيا تعاني ما تعانيه من فقر وحاجة ربما اكثر الى الآخر... لكن نحن العرب فرطنا في حقوقنا ومنذ زمن.
لا يجب ان نكلف الجامعة أكثر من دورها. الجامعة لم تفعل شيئا لان ليس لها الصلاحية. هل الجامعة في حاجة في إضصلاح؟ أقل نعم اذا كان العرب لهم حسن النية. وهذا مبدأ أساسي بالنسبة للعلاقات الدولية. حسن النية أولا.
هناك حكومات عربية اليوم ترسل أعوانا سريين للتجسس على العراقيين وهذا ما كشفته دورية أمريكية مؤخرا. الجامعة العربية ليست في حاجة الى إصلاح، بل لاعطائها وسائل حقيقية لتنفيذ موادها التي تضمّنها الميثاق. ارادة الحكومات هي التي نجدها موضع سؤال. يجب ان يصدحوا بأن احتلال العراق باطل. وكذلك في فلسطين. الدول العربية كالقط والفأر واحد يذهب الى أمريكا وآخر يبقى خائفا ممن ذهب لامريكا، فتعديل الميثاق ليس كافيا.
أما عن دورية القمة فهي شكلا تعد أمرا إيجابيا لكن يجب أن يرفق بالفعل. وكذلك الشأن بالنسبة لمحكمة العدل العربية. لا يجب ان نعيش الخيال. هل يجوز ان تقترح دول أجنبية على الجامعة العربية اصلاحات؟ يجب أن ننبه أين وضعنا الجامعة العربية وضعناها في مأزق لان النظام العربي في مأزق.
حسن النية والارادة الحسنة إن توفرا فلن نكون بحاجة الى إصلاح لان النصوص التي في 1945 هي نصوص متقدمة. في كيفية اتخاذ القرار، كيف يمكن أن نفهم اذا اتخذ القرار بالثلثين، والثلث الذي لم يشارك لا يطبق عليه فهذا اقتراح، فهل له معنى؟ هل هو مبدأ متوافق مع الديمقراطية؟ أبدا، هذا الامر خطير.
يجب تغيير كيفية اتخاذ القرارات، لا يجب ان تكون هناك وصاية من أحد على القرار العربي. ثم ليأخذ العرب وقتهم في النقاش والتداول، لماذا التركيز على الشكل في حين أن اللب متروك...
في فترة تونس كانت الجامعة العربية لها دور ايجابي، الحكومة التونسية الاولى والثانية لم تتدخل.
حتى لا نجعل الجامعة العربية مجيّرة لسياسة دولة دون أخرى. لا يجب أن تقاد الجامعة حتى من دولة أخرى. القرار بالاغلبية وخضوع الاقلية لقرار الاغلبية. هذا هو مبدأ الديمقراطية، فلماذا يأتي العرب ويغيّرون مبدأ كونيا؟
ثم ما معنى أن يبقى الثلث الذي لا يوافق على القرار خارج دائرة الالتزام بقرار أغلبي، ألا ترون ان في الامر انذارا لما هو أخطر من الحاصل الآن. ماذا لو ان هذا الثلث فعل ما بدا للآخر ان يفعله بالمنطقة، هل يترك بلا ضوابط قانونية؟ هذا غير مفهوم بل غير مقبول. قرار بالاغلبية والاقلية ملزمة بتنفيذه.
الآن نتوجه للاستاذ سيف الدريني باحث فلسطيني، لتأمل العميق حول المستقبل. المسألة راهنة أن يكون هناك موقف جديد لتجاوز المناهج القديمة في التعامل مع القضايا المصيرية إن وقتنا صعب للغاية فالمنطقة مستهدفة بصورة جدية ينبغي التفكير عبر وقفة تأمل حقيقية والانطلاق في مسار جديد يستفيد من تجربة الماضي وهي تجربة سليمة.
الشروق: د. عبد المجيد العبدلي، أرى أنك تراكم الافكار، وأكيد أن لك الكثير لتقوله حول إصلاح الجامعة العربية، وحول من أجدر بتقديم مقترحات الاصلاح.
أستاذ العبدلي هل وصلنا الآن الى خيار لا مناص من إغفاله بعد احتلال العراق وتواصل نكبة فلسطين، وهو الخيار القائل «بيد الآخر لا بيدي» يكون الاصلاح؟
د. عبد المجيد العبدلي :
في البداية لابد من وضع سؤال مركزي: ما الذي يشوب الجامعة والعمل العربي المشترك الآن، حتى نتفطن الى جدية الاصلاح وحتى نؤكد على الاصلاح كضرورة؟ هنا لابد من الاستئناس بالنقاط التاريخية. الجامعة العربية هي أقدم منظمة اقليمية فهي أقدم عمرا من منظمة الامم المتحدة، وهي أشد قدما من الاتحاد الاوروبي الذي بدأت نواته الاولى في 1957. كما أن الجامعة العربية هي أقدم من منظمة الوحدة الافريقية المتاخمة للجامعة والتي بها دول عربية افريقية منضوية في الاولى وفي الثانية معا. الجامعة هي أقدم منظمة اقليمية في العالم، ونلاحظ هنا أنها تاريخيا، امتدت الى أكثر من نصف قرن.
نعود الى السؤال الذي طرحته مع تفرعاته من بقية الاسئلة، كلمة إصلاح هي كلمة خطيرة. من قبل كان الحديث عن التعديل إذ نتساءل ما الذي أتى بهذا المصطلح؟ لقد فرض على العرب فرضا. الآن نتحدث عن اصلاح، يعني ان هناك أمرا فاسدا. المنظمة شخص قانوني لا تساوي شيئا من دون إرادة الدول. إما أن يؤثر في العلاقات الدولية أو لا يؤثر. المادة الثانية من ميثاق الجامعة العربية مثلا، هو هام جدا. فهو يختزل ما نتمنى أن تقوم به الجامعة.
أتصور انها في حاجة الى إصلاح، يجب أن تطبّق بنزاهة.
إن الجامعة فشلت، لان الاداء فشل. لقد سما عبد الناصر بالجامعة كهيكل وكجوهر، وكانت مؤثرة في عهده. فهي تدخلت في الصومال والسودان وتدخلت بين الاردن ومنظمة التحرير الفلسسطينية في 1970. اليوم تجدون من أن الاصلاح مسقط. لكن لابد للحكومات العربية ان تعي هذا الامر. المشهد الآن يكشف لنا أن كل دولة تعمل على انفراد. في حين نرى أمامنا الاتحاد الاوروبي الذي سيصبح 25 دولة في غرة ماي. الجامعة العربية فشلت لانها منظمة حكومية أي بين الحكومات ولم تعط الجامعة الصلاحية الكافية لاداء دورها عكس الاتحاد الاوروبي. الجامعة فشلت في فلسطين وفي العراق. من جهة أخرى، اذا ما التفتنا الى اتفاقية الدفاع العربي المشترك نجدها لم تطبق فكانت الكارثة في العراق. اليوم، مصيبة الجامعة أساسا في العراق.
المادة الثانية من اتفاقية الدفاع العربي المشترك تلزم الدول المتعاقدة على هذا الميثاق للدفاع عن دولة عضو مهددة، فما بالك والعراق بلد مؤسس للجامعة. وهنا نتكلم بقطع النظر عن النظام وعلاقته بنظرائه الانظمة الاخرى. المشكل ان مصيبة العراق مست الجوهر ومست المبدأ والتشريع في الميثاق.
لو نريد ان نطبق هذه المادة في العراق، وفلسطين (العضوين كاملين في الجامعة) فإننا سنجد أن ما حصل لهذين القطرين هو عار على الجامعة العربية. فهل يعقل ان تحتل دولة عربية ولا يصدر بيان واحد عن الجامعة العربية؟ لماذا؟ لان الخلافات الداخلية لم تترك لها الصلاحية. هي جامعة لكن الفعل السياسي تفرّق.الجامعة أصبحت خالية من الدور الايجابي الذي يمكن ان تلعبه جامعة بحجمها وبميثاقها. الميثاق لم يشمل طموحا للتوحيد مثل الميثاق الاوروبي. الجامعة العربية بحاجة الى إصلاح نفسها من الداخل. بتصوّري لو المصيبة التي حلت بالعراق حلت في افريقيا في بلد افريقي لكان الموقف آخر رغم ان افريقيا تعاني ما تعانيه من فقر وحاجة ربما اكثر الى الآخر... لكن نحن العرب فرطنا في حقوقنا ومنذ زمن.
لا يجب ان نكلف الجامعة أكثر من دورها. الجامعة لم تفعل شيئا لان ليس لها الصلاحية. هل الجامعة في حاجة في إضصلاح؟ أقل نعم اذا كان العرب لهم حسن النية. وهذا مبدأ أساسي بالنسبة للعلاقات الدولية. حسن النية أولا.
هناك حكومات عربية اليوم ترسل أعوانا سريين للتجسس على العراقيين وهذا ما كشفته دورية أمريكية مؤخرا. الجامعة العربية ليست في حاجة الى إصلاح، بل لاعطائها وسائل حقيقية لتنفيذ موادها التي تضمّنها الميثاق. ارادة الحكومات هي التي نجدها موضع سؤال. يجب ان يصدحوا بأن احتلال العراق باطل. وكذلك في فلسطين. الدول العربية كالقط والفأر واحد يذهب الى أمريكا وآخر يبقى خائفا ممن ذهب لامريكا، فتعديل الميثاق ليس كافيا.
أما عن دورية القمة فهي شكلا تعد أمرا إيجابيا لكن يجب أن يرفق بالفعل. وكذلك الشأن بالنسبة لمحكمة العدل العربية. لا يجب ان نعيش الخيال. هل يجوز ان تقترح دول أجنبية على الجامعة العربية اصلاحات؟ يجب أن ننبه أين وضعنا الجامعة العربية وضعناها في مأزق لان النظام العربي في مأزق.
حسن النية والارادة الحسنة إن توفرا فلن نكون بحاجة الى إصلاح لان النصوص التي في 1945 هي نصوص متقدمة. في كيفية اتخاذ القرار، كيف يمكن أن نفهم اذا اتخذ القرار بالثلثين، والثلث الذي لم يشارك لا يطبق عليه فهذا اقتراح، فهل له معنى؟ هل هو مبدأ متوافق مع الديمقراطية؟ أبدا، هذا الامر خطير.
يجب تغيير كيفية اتخاذ القرارات، لا يجب ان تكون هناك وصاية من أحد على القرار العربي. ثم ليأخذ العرب وقتهم في النقاش والتداول، لماذا التركيز على الشكل في حين أن اللب متروك...
في فترة تونس كانت الجامعة العربية لها دور ايجابي، الحكومة التونسية الاولى والثانية لم تتدخل.
حتى لا نجعل الجامعة العربية مجيّرة لسياسة دولة دون أخرى. لا يجب أن تقاد الجامعة حتى من دولة أخرى. القرار بالاغلبية وخضوع الاقلية لقرار الاغلبية. هذا هو مبدأ الديمقراطية، فلماذا يأتي العرب ويغيّرون مبدأ كونيا؟
ثم ما معنى أن يبقى الثلث الذي لا يوافق على القرار خارج دائرة الالتزام بقرار أغلبي، ألا ترون ان في الامر انذارا لما هو أخطر من الحاصل الآن. ماذا لو ان هذا الثلث فعل ما بدا للآخر ان يفعله بالمنطقة، هل يترك بلا ضوابط قانونية؟ هذا غير مفهوم بل غير مقبول. قرار بالاغلبية والاقلية ملزمة بتنفيذه.
أكيد أنه له باع في هذا الملف البادئ بسؤال مركزي: لماذا الاصلاح، وهل يصلح الاصلاح ما أغفله الميثاق؟
سأحاول ان أنظر بشكل موضوعي الى المسألة، عندما نتحدث عن الجامعة تختلط عندنا الامنيات بالآراء وبالانتظارات.
لكن في الحقيقة، منذ البداية اذا دققنا في الهيكل نقول: قامت الجامعة على 7 دول، والبقية تحت الاحتلال. الناحية الثانية، يجب أن نبحث كيف أن هذا النظام الذي تقوم عليه الجامعة، فيه تناقض. صحيح هي منظمة اقليمية ولكنها قومية. هذه ميزة عن الآخرين. الميزة الاخرى أن النظام الاقليمي هو تجمع دول تحافظ على سيادتها، وهذا الاطار يدعم سيادتها كدول أعضاء، جاءت الجامعة وكأنها خطوة نحو أن تزول القطرية. وهذه النظرة مثلت أمنيات للبعض ومثلت أضغاث أحلام للبعض الآخر.
عندما انحسر المد القومي بعد 1967 تراجع أداء الجامعة العربية بشكل كبير. لذلك نلاحظ الآن محاولات الاصلاح وهي لمنع التدهور المستمر لهذا الهيكل.
هنا اتفق مع الاستاذ عبد المجيد العبدلي، لاقول: يا ريت يطبق العرب الميثاق الاول لسنة 1945.
في الاسكندرية وقع بروتوكول طرح رأي قدمته سوريا، يدعو الى اقامة سلطة عليا في بعض المجالات، وقد رفض وكان ذلك قبل 1945. لكن استقر الرأي على اقامة جامعة فقط. عام 1945 في الميثاق، رفض (العرب) البروتوكول الذي وقع في الاسكندرية، أي دولة تنتهج سياسة ضد سياسة دولة عربية هو أمر مرفوض.
باعتقادي فإن الجامعة بحاجة الآن الى الحديث بجدية عن اداء النظام العربي وحدوده. الجامعة العربية هي منظمة اقليمية تقوم على التعاون الاختياري بين أعضائها دون مساس بسيادة أعضائها وهذا كما قلنا منصوص عليه في الميثاق. فالاعضاء متفقون على أن الجامعة تعكس فعل النظام العربي. والنظام العربي الآن ليس على أحسن حال، الخلافات موجودة وبارزة، وكل دولة تقريبا لها «ألغام» في علاقاتها مع الدولة العربية المجاورة والعضو في الجامعة أيضا.
أداة الجامعة العربية كما قال د. تركماني هي بمثابة الذات والمرآة. وضعنا بحاجة الى وقفة رهيبة وخطيرة. النظام العربي بعد صدمة العراق، أعطانا مثلا أنه غير قادر على حماية أعضائه، في الكويت والعراق وفلسطين قبلهما.
عندنا دول في النظام العربي، أمنها القومي تم شراؤه من الخارج. أمنها من الخارج. كيف يمكن أن تتحدث عن أمن قومي عربي. حديثا بدؤوا يتحدثون عن هذا الامن. فهي فكرة وشعار وآلياته غير موجودة. هذا الواقع العربي وواقع نظامنا العربي، الآن عمليا فيه قوات الاحتلال في بلد عربي. أمن مستعار في عدد من البلدان الاخرى.
منظمة اقليمية كلنا عرب، هذا قابل للنقاش. حتى في موضوع الاقتصاد الامور لا تسير على أساس التكامل... نحن صرنا أضحوكة في العالم...
إذا أقيم مصنع لمادة هنا في هذا البلد الجار يقول يجب أن أفعل مثله ولا يفكر أبدا في أن يبني مصنعا مسندا لهذا المصنع. العرب لا يفكرون بمبدإ التكامل إذن اين التكامل؟ يجب أن نستذكر، بدايات العمل العربي المشترك، لم يكن مشتركا مائة بالمائة.
من جهة أخرى نسجل امرا آخر يجب مراجعته، فالمشرق هو المستحوذ على العمل العربي المشترك وهذا أمر خاطئ. حتى في الفترة الذهبية للعمل العربي المشترك، وهذا يرجع الى طبيعة هذا العمل. نظامنا العربي، ولا أريد ان أجلّه كثيرا، يجب أن نتساءل: ماذا كانت ستكون الامور لو أن النظام العربي خطط للمستجدات والافق في المنطقة، هل كنا سنرى الخارطة كما نراها الآن؟ أبدا.
عمليا النظام العربي المشترك ليس فاعلا، لان الخلل ليس موجودا في الجامعة بل في النظام العربي.
الاصلاح الهيكلي لا يمثل مشكلة لان الخبراء يقدرون المشكلة هو في العمل السياسي. هل أن صوت مصر هو نفسه مساوي لصوت قطر؟ يجب أن تجد حلولا. والحلول ليست في الجامعة كهيكل، بل في النظام العربي ذاته.
هذا النظام العربي، هو السبب في الاعاقة والآن أمامه احتمالات آتية بعد أسئلة: هل هو بالفعل سيقوم بالاصلاح؟ هل النظام العربي قابل للاستمرار؟ نقول لا. ما هي الخيارات إذن: الاصلاحات لن تجدي لو استمر النظام العربي كما هو عليه الآن.
أمريكا الآن تروّج للفدراليات الديمقراطية وهذا أخطر. وقد بدأت الفكرة في العراق، فإما الذوبان في إطار أورومتوسطي. ويعني الذوبان الحقيقي، أو أن نحاول أن ننقذ ما يمكن انقاذه من خلال خيار بنيوي أساسي، أين البرلمانات والمجتمع المدني للاصلاح، لانه اذا تم تشريكها يمكن أن يؤدي الى الضغط على النظام العربي وأداته الجامعة العربية.
الشروق: بالتأكيد بعد كل عملية تشخيص، نرنو للحلول. والوضع العربي على ما هو عليه الآن، احتلال في العراق، واحتلال في فلسطين، وتفكك في القرار العربي، هل ترون كراصدين وباحثين وأكاديميين ان النظام الرسمي العربي على وعي تام الآن بالمخاطر والمزالق التي تنتظر الامة، وبالتالي بالامكان أن نرى صوتا عربيا واحدا موحدا يقول: «بيدي لا بيد سام»؟ هل سيكون الاصلاح بأيدي عربية وذهنية عربية أم بيد الآخر ووفق مطالب الآخر. وعلى كل ونحن نناقش هذه الفكرة أود أن أشير الى أنه ليس التجمع العربي (الجامعة) فقط هو الذي يتعرض الى ضغوط وتدخلات، فقد رأينا الاتحاد الاوروبي وقضية الدستور الجديد وما حصل المهم أن يكون العرب على سعة صدر ورحابة، بدرجة أنهم يتجالسون ويناقشون كل ما يعتقدون انه محظور. فلا محظور بين أعضاء هيكل واحد الفيصل بينهم ميثاق وقانون؟ التفت أولا الى الاستاذ بوعشبة والسؤال هنا في مجال الحلول يقول: هل نأمل شيئا من هذا الاصلاح؟
نعم، هناك نوع من المقارنة مع الاتحاد الاوروبي في عملية التوسيع الاخيرة، يخضع الى عملية اصلاح أو إعادة هيكلة وقد وقع تداخل بين أوروبا القديمة والجديدة والموقف الامريكي بشأن التصويت واتخاذ القرارات، الذي يريد أن يسوّي بين من شيّد الاتحاد وبين من سيدخل بعد أشهر (جوان القادم) الى هذا الاتحاد.
* الاستاذ توفيق بوعشبة
مرة أخرى أعتقد ان الاصلاح مطلوب صحيح من ناحية أخرى هناك الرأي القائل بأنه لو وقع تطبيق ميثاق الجامعة وما ألحق به من آليات لكان الوضع العربي أفضل مما هو عليه الآن.
ولكن من 1945: فترة صياغته هناك عديد المتغيرات حصلت وينبغي ان نأخذ في الاعتبار مع الاحتفاظ على الثوابت والمبادئ الاساسية وان كانت بعض المبادئ لا تحقق المطلوب لان الجامعة هي منظمة تعاون ولا تهدف للاندماج بين أعضائها الامر يتعلق بدول ذات سيادة وهي مدعوة لتعميق التعاون فيما بينها. صحيح ان الجامعة لها أساس قومي (العربية) وهذا يميزها ومن شأن ذلك أن يمكن الجامعة من المحفاظة على ذاتها كتنظيم له أهميته، لكن الموجود والماثل أمامنا، هو ذاك الحرص من الاعضاء على المحافظة على السيادة في حين ان أوروبا تتجه كاتحاد الى الاندماج والتخلي عن السيادة، لان الاصلاح مطلوب والموضوع بحاجة الى وقفة تأمل حقيقية لاننا اليوم في مفترق طرق ولا يمكن ان نتجاهل الامر. الوضع الدولي فيه عناصر جديدة يمكن ان تؤثر على تنظيم كالجامعة، هناك ارادة حقيقية صادقة في الحفاظ على الجامعة واعطائها انطلاقة جديدة لانها في الواقع وعلى الرغم من الاخفاق فهي تبقى اطارا مطلوبا بالنسبة للشعوب العربية ولذلك ينبغي الحفاظ عليها بصيغة جديدة نصت في النهوض بالجامعة: أسس جديدة وارتكاز على مقومات كامنة في الميثاق. هناك عدة أمور في العالم تتغير ويجب ان نستعد لها. اما ان نتغير عبر وقفة تأمل لاعطاء الجامعة نفسا جديدا بالعودة الى أخطاء وتجربة الماضي واصلاحها وأنا أؤيد ضرورة وجود حسن النية لدى الجميع: صدق في التعامل مع الجامعة وفي إطارها ثم عند إجراء تعديلات الميثاق وهو ضرورة، الاجماع على أن قاعدة الاجماع غير مناسبة الآن لأي عمل جماعي. ينبغي أن تتحرك بعض الدول وينبغي على الآخرى أن تعمل باتجاه التوافق على حلول، دون ان تعطل اتخاذ القرارات بسبب أن البعض (من العرب) لا يريد قرارا عربيا في اتجاه المطلوب... كذلك يجب التخلي عن قاعدة الاجماع لان هذا سيعطي حركية للعمل العربي المشترك وفي مجال التخلي عن الاجماع كنموذج لاتخاذ القرارات: يمكّن الاستفادة من النموذج الاوروبي وعلينا الاستفادة من ذلك ، فهو حافز لنا من الناحية الفكرية دول مختلفة ولغة وأصول مختلفة أما نحن فلدينا كل ما يجمّع ومع ذلك أمكن لهم بصورة رصينة وعقلانية الوصول الى نتائج هامة في عملهم المشترك. ففي رسم بياني نلاحظ انهم يتقدّمون حيث يتوقف العمل العربي المشترك.
فالاتحاد الاوروبي يسعى الى التوسيع الاقليمي وهو يصطدم ببعض العراقيل ولكن لهم منهج عقلاني وعلينا ان نستفيد منه مع تغذية الشعور القومي الذي يخلق تماسك المنهج العقلاني وهذا طبعا يعني القبول بأى طرف بدعوى العقلانية بل الذي يخدم مصالحنا يمكن الاستفادة من الاتحاد علينا ان نهتم بالاقتصاد لانه يجرّ البقية لان ذلك هو قانون من قوانين العلاقات الدولية.
كذلك على العرب ان ينتبهوا الى امر المشاريع التي لم تر النور الى الآن هي كثيرة، وبالامكان الاصلاح ومواصلتها.
ضرورة الاستفادة من النموذج والمنهج الاوروبي عندما نقحم ذلك كاضافة للثوابت الايجابية الاستناد الى الميثاق وهو امر هام جدا.
الجامعة تستفيد من اقامة روابط اعرق مع الاتحاد الاوروبي لتحقيق بعض التوازن يفيد المنطقة العربية حاليا بسبب الضغوط المسلطة على المنطقة العربية.
كذلك فتح التعاون مع الاتحاد الاوروبي بصورة اشمل لأنه اقرب تقليديا للمصالح العربية هو اقرب للقانون الدولي في مجال القضية الفلسطينية وقضايا اخرى كالحالة القائمة في العراق احتلال اعتقد ان تعميق روابط العرب كروابط استراتيجية مع الاوروبيين من شأنه ان يفيد الجامعة ويحدث نتائج ايجابية للمنطقة العربية المهددة حاليا مع نظامها الاقليمي وجامعة الدول العربية التي تعيش وضعا صعبا إما ان تخرج منه على اسس جديدة ومتينة خاصة او ان تصبح المنطقة في نظام يختلف او حتى ان بقيت تظل كوجود شكلي.
هي فرصة إذن للجامعة في قمة تونس.. صحيح لا يمكنها ان تغيّر الوضع بصفة جذرية هذه القمة التي تأتي بعد احداث جسام (في العراق) يمكن ان تكون منطلقا على اساس من التأمل المطلوب وان يراجع كل نظريته فكل القادة العرب لابدّ ان يشعروا ان الجامعة إطار هام لا يمكن التفريط فيه او جعله يعمل بصفة روتينية هذه العشرية الاخيرة الجامعة تعمل بصفة روتينية (الجامعة هي منظمة وهي تجمع الدول على اساس الميثاق ومهما كان الامر يجب ان تظهر نظرة متجددة للجامعة. اما التمسك بها واعطاؤها نفسا جديدا وادخالها في استراتيجية نافعة او منظمة مهمشة لا يلتفت لها احد وليس في صالح الدول العربية نفسها ان يكون الوضع كذلك، حتى التي تقبل التهميش فستدفع الثمن... الزمن الآن للتكتلات ولا ريب، ولا ينبغي التفريط في ارضية الميثاق ينبغي تفعيلها وادخال الاصلاحات والتعديلات اللازمة هناك قوى دولية ترى انه يجب انهاء النظام الاقليمي العربي، فالمسألة مرتبطة بما نريد نحن الشعوب نريد جامعة عربية واتحاد امتنا قويا تطمئن لوجوده المسألة مطروحة وعلينا ان نعرف ماذا يريد بحق. الدول العربية ستخسر لو تفرّط في الجامعة لولا تغيّر آليات الجامعة كمنهجها السياسي العام مع فاعلية (ما يحدث في فلسطين انتفاضة الأقصى كانت هناك قمة عربية طارئة كان يتوقع منها الكثير بالنسبة للشعب الفلسطيني) لكن العملية انتابها فتور وتراجع عربيان.
هل يمكن ان يترك الشعب الفلسطيني وجميع الدول العربية في حكم المتفرج ماعدا بعض التصريحات حول خارطة الطريق دون مواقف فعلية.
قمة تونس نأمل ان تكون منطلقا لنظرة جديدة ومنهجا يأخذ في الاعتبار التغييرات لتستفيد من الماضي وتفتح آفاقا للمستقبل والأمل للشعوب العربية التي تعيش حالة متردية تكتلات هناك، تسعى لإسعاد شعوبها ونحن ننتظر ولا ندري هذه فرصة للتفكير مليا في الموضوع. لا نقول ذلك بصورة طوباوية، نحن واقعيون في اوروبا يفتحون سنويا ابواب الأمل عبر الحركية والتجديد، والتفكير والتحاور في كل ما يطرح وفي كل المتغيرات التي تحوم حول اوروبا في العالم..
* الأستاذ سيف الدين الدريني
لا يجب أن يفوتنا ونحن نتحدث عن الجامعة كنظام اقليمي، ان هذه المنطقة برمتها، لم يتوقف الضغط عليها. تبعيتها ونية الآخر في أن يجعلها تابعة التأثير موجود منذ نشأة الجامعة، والتأثير قائم دائما. ربما في السابق كان التأثير الخارجي في الطرق الخلفية.
محاولات أمريكا لانشاء حلف بغداد، في 1955، بعد قيام الجامعة وكان الميثاق موجودا. المحاولات لايجاد ترتيب اقليمي معين منذ انشاء الجامعة إلى اليوم. لكن ما اختلف الآن انه في السابق كانت توجد محرمات. مثلا التعاطي مع اسرائيل مع القضية الفلسطينية، كان سقفه في الجامعة العربية عاليا جدا. مثلا مكتب المقاطعة العربية صبغ بالتأثيرات الخارجية مع ضعف المستمر أصبح السقف منخفضا أكثر في ذلك، سيدتي، كان هناك مدّ قومي وتعاطت معه الجامعة. بعدها خرج تنظيم اسمه اقليمي تحت الجامعة العربية. هذا ليس فيه ضرر إذا كان يرعى الأمن القومي. لكن إذا أخذنا الخلفيات سنجد الصورة مغايرة. لم تؤدّ إلى زيادة نوعية. اللّهم في أمور مفروضة من الخارج. فلم يكن ممكنا لمجلس التعاون الخليجي لولا الحرب العراقية الايرانية أي محاولات لتوسعة ولتقوية ولتفعيل، لا شك أننا نصطدم بقوى خارجية وتأثيرات.
هناك مبادئ: من حق كل شعب أن يفكّر في مصالحه الوطنية والقومية الممكن الآن يتم التعامل معه بشكل قطري. فمثلا تجد أعضاء في الجامعة سياساتها القطرية متضاربة جدا. إذن ما جدوى هذا الهيكل الجامع. اتخذت قرارات ولم تنفذ. مثلا ان تنشئ الجامعة آلية للمراقبة، أي دولة لا تنفذ القرار هي أصلا ليست لها سلطة لمراقبة فعلها السياسي الداخلي.
أبسط أمر هو إصلاح الجامعة. وأصعب أمر هو تغيير حالنا.
تحدث الأخ تركماني، على اتخاذ القرار. هذا القرار العربي له موقفان ووجهان واحد يصدره للاعلام العربي وموقف للآخر.
هو يخاطر بالازدواجية، من أجل مصالح قطرية ضيقة، وثانيا بسبب ضغوط خارجية خاصة إذا كانت دولة من الدول العربية التي أمنها بيد الخارج.
إذن نجد النتيجة، في مداولات الجامعة العربية يأخذ موقف وخارجه موقف آخر.
قلت هذه منظمة اقليمية ولكنها قومية. في العراق الآن خطر الفدرالية والتفتيت. إذن سيطلب من العرب إعادة الهيكلة والتسمية من جديد.
في معالجة واقع النظام العربي، نجد ان الجامعة عرفت مدّا قوميا، الآن هناك شرائح تناقش وتقول لا تفرض علي القومي فقط. وهذا أيضا خطر. نعم نحن نتعرض إلى التأثير الخارجي وهو مرتبط بتدهور وضعنا. تقدمه مرتبط بأخّر وتراجع موقعنا. في الأول الولايات المتحدة، كان تأثيرها من وراء الكواليس، الآن أصبحت المطالب واضحة ومحددة. الآن هناك مطالب ترد، وإلا عندك درس العراق موجود. كلّ ما كان التراجع كلما كان التمادي في التدخل في شؤوننا.
نحن نأمل في هذه القمّة، ومن هذا النظام الذي لم يستطع أن يحمي العراق ولا فلسطين هو الآن غير قادر على حماية نفسه.
الولايات لمتحدة الآن لها مطالب علنية، وأمامي اقتباس في كتاب نيكسون في كتابه الفرصة السانحة: 1992: إن الخيارات النهضوية القائمة في العالم العربي الاسلامي المعاصر هناك محاذير من:
1) خيار الرجعية: القومية المتعصبة المتعلقة بوهم الوحدة العربية.
2) خيار الأصوليين الاسلاميين على استرجاع الحضارة الاسلامية والأصولية».
ثم يواصل: «وخيار آخر متقدم ونموذجه تركيا العلمانية المنحازة للغرب» ثم يواصل: «وإلا فإن هناك ردود فعل خطيرة ستحدث في العالم إذا لم ينجح الغرب في دفع المسلمين إلى هذا الخيار».
نعود إلى النظام الاقليمي العربي على ماذا يرتكز؟ على أمرين:
العربي: الجامعة العربية.
العقيدة: السائدة للمنطقة الإسلام.
قلما تأتي الاستراتيجية التي قالها نيكسون عندما يقول العروبة وهم، والإسلام خطر، إذن ماذا بقي. هذه الخطورة الآن قادتنا يستشعرونها أكيد.
هذه القمة تعد مميزة بعد سقوط العراق، تأتي في ظرف حتى الدول الصديقة للخارج هي مهددة وتعاني من هذه الويلات. لأنهم يقدمون لها مطالب غير قادرة على رفضها ولا على تنفيذها.
أقول هناك فرصة. وفرصة حقيقية، من أجل تفعيل العمل العربي المشترك. نحن نتعثر، نعم، لكن لأن ليس لنا قوة صخرية تلملم، كان هذا عهد مصر عبد الناصر، الآن التأثير الخارجي يشتد على الدول المحتمل أن تكون رائدة. الضغط على مصر وعلى الجزائر وعلى العراق إلى درجة أنهم احتلوه.
الضغوط الآن على الدول العربية التي تحمل مكونات وبذور أن تكون قوة اقليمية.
«الشروق»: في استقلالية القرار في الجامعة:
ما الذي يعيق الجامعة كهيكل ومرآة عالية لإرادة العمل العربي المشترك وتحاول أن تمنهج وتخطط وتصلح هذا العمل الجماعي العربي؟
* أ. التركماني:
من حيث المبدأ يعدّ الحديث عن ضرورة الاصلاح أمرا متأكدا هناك معوقات الاصلاح، لا شك حسب ما ذكر، انه لابد من العودة إلى اشكالية بنيوية لاحظوا ان اسمها جامعة الدول العربية مبدأ السيادة مؤكد: والتعاون فيها اختياري: هل يمكن لنظام اقليمي فاعل أن يقوم على تعاون اختياري بين 22 دولة ذات سيادة؟
المسألة تأخذ أبعادها في ظل تغيير مفهوم السيادة المفهوم «الواستغالي» بدأ يتغير بعد سقوط «الاتحاد السوفياتي» مع العولمة نجد ان المفهوم تعاد صياغته من جديد: فهل يمكن أن نصلح الجامعة ونبقي على مبدإ السيادة كما هو حتى يكون هناك نظام اقليمي لابد على الدو العربية في قمّة تونس أن تنظر في هذه المسألة ولابد أن يتم توافق بين الجميع للتنازل نسبيا عن السيادة ولنعطيها لهذه المنظمة الاقليمية.
اليوم في أوروبا العملة الموحدة (الأورو) يأخذ جزءا من السيادة وسياسة خارجية موحدة ولا يمكن أحد معوقات العمل العربي هو هذا المفهوم للسيادة الذي هو داخلي الدول تجاه بعضها البعض فهي ليست سيدة تجاه الخارج: إشكالية حقيقية وينبغي التعاطي معها.
ثانيا: أحد أهم المعوقات أن ثمة مصالح والامتيازات كلها مرتبطة بمفهوم «كوتا» (Quotas) الحكومات في هذه المؤسسات إذ أنها كانت ترشح أهل الولاء فماذا ننتظر من مجموعة موظفين في الجامعة يكونون معينين لا حسب الكفاءة بل وفق منطق مغاير لها، ان هيكل الجامعة لم يكن فاعلا أو مجديا، لقد وضعت خطط كثيرة (الميثاق العربي لحقوق الانسان الذي طرح سنة 68 مع المؤتمر الأول لحقوق الانسان في طهران) نجد أن الجامعة وضعته في الأدراج في سنة 93 (المؤتمر العالمي لحقوق الانسان في فيينا) عندما طرح في فيينا فالمواكبة والمتابعة لا يمكن إذ تمّا في هياكل من هذا النوع (الجامعة): خبراء عرب مستقلون وليسوا مندوبي الحكومات لان همّ المندوب هو الامتيازات التي توفرها الجامعة وتقارير ترضي حكومته فنظام الحصة «الكوتا» يمثل أحد المعوقات أمام العمل العربي المشترك بحيث لا يمكنهم من أن يماهي المؤسسات الأوروبية (داخل الاتحاد الأوروبي مثلا).
كما ان عدم وجود آليات للمتابعة مؤتمر قمة بعد انطلاق الانتفاضة 2 اتخذت القرارات لكن من نفذها؟
الدعم المالي لم يتم الالتزام به مثلا، كذلك آليات للمحاسبة والمساءلة وآليات التنفيذ كذلك، كلها تعاني من شلل ونواقص.
أيضا نجد موضوع الاجماع: كيف يمكن لمنظمة اقليمية فاعلة ان تكون قراراتها بالاجماع؟ لابد من اعادة الصياغة على أساس الأغلبية.
نفس المبدأ ينسحب على التضخم الوظيفي في الجامعة لارضاء بعض نخبها (العربية) كما ان الجامعة تعاني من تضخم بيروقراطي وعدم جدوى من وجود عديد الوظائف والمهمات غير الفاعلة.
ثم أي نظام اقليمي لا يتكيّف مع المستحدثات الدولية لا يمكن أن يكون فاعلا في مسائل الأمن والثقافة، لقد لمسنا تحولا في العالم نحو الوظيفي فأين نحن في الجامعة من هذا التحول.. أو هذه التحولات..؟
منطقة التجارة الحرّة وحسب آخر الاحصائيات نفذ منها فقط من 40 إلى 50 علما وان المطلوب هو ان تنجز في أواخر 1995 .. جامعة الدول لم تلتقط طبيعة التحولات العميقة في العلاقات الدولية منذ بداية التسعينات، لذلك تحولت إلى احدى المعوقات الأساسية للمواكبة.
المجتمع المدني أضحى منذ بداية التسعينات فاعلا أساسيا في العلاقات الدولية أين الجامعة من هذا الفاعل؟ هل يمكن أن ينجح إصلاح اليوم بمعزل عن المجتمع المدني العربي بحيث الجامعة تصبح حزام النقل بين الحكومات والمجتمع المدني معوقات كثيرة برأيي هذه أهمها.
* الأستاذ العبدلي:
من وجهة نظر القانون الدولي الهم بعد الأخير لكل نظام عربي هو الجامعة العربية بما يعطي نظاما عربيا مريضا. الجامعة هي صورة لهذا النظام أي أنها مريضة أي ان كل دولة تنطلق من نظرة قطرية إذن لابد من تشخيص المرض ثم العلاج.
ففي مجال العولمة نجد ان نظاما انتهى فيه دور الدولة القطرية «الاتحاد الأوروبي»: العمل العربي المشترك هو مجرد خدعة رأت الحكومات ان التيار بدأ يجرفها. فالولايات المتحدة تطلب منها التوحد للتقدم بتجارتها: هل يعقل أن تحتل دولة ولا تنعقد قمة عربية استثنائية سريعة؟
في سنة 1990 عندما طلب من الدول العربية الاجتماع فاجتمع العرب.. لم يندد العرب باحتلال العراق. إن الجامعة العربية إذا بقيت على الوضع الراهن فسوف يتجاوزها الزمن. الاتحاد الافريقي كان منظمة الوحدة الافريقية: 54 دولة الأفارقة رأوا ان الوحدة الافريقية لم تعد تجاري خلقوا الاتحاد الافريقي الاتحاد الأوروبي متقدم جدا لدى العرب مرض ولا أعتقد أن قمة تونس ستجد له العلاج كل دولة عربية في حركة عدم الانحياز ومن بينها شروطها (منظمة عدم الانحياز) عدم قبول قواعد عسكرية؟ الأمريكان يسمون القواعد: تسهيلات هنا خطورة الوضع العربي لقد أصبحنا مصابين بالمرض.
أما الهم البعيد لدولة عربية هو ان تنعقد قمة نحن غير واقعيين.
جامعة الدول العربي محتاجة إلى إصلاح.. والإصلاح يجث أن يلائم بين الواقعية (أي الواقع الدولي) وبين امكانيات العرب الحقيقية. عمرو موسى قبل احتلال العراق؟ الجامعة لابدّ أن تأخذ العولمة بأنها نهاية دور الدولة القطرية ميثاق الجامعة ينصّ على دول عربية مستقلة، الاتحاد الأوروبي: دستوره لا يتكلم عن اللغة نحن ليس لنا حواجز طبيعية بين البشر والحكومات العربية حملت اللغة حاجزا (وزير الخارجية العراقي كردي).
السؤال المحيّر هنا: هو لماذا نجد فقط وزراء الداخلية العرب هم الذين يجتمعون في أشغالهم، عكس بقية هياكل الجامعة؟ انه أمر ملفت.. هناك هياكل أخرى منظمة العمل العربي والسوق العربية التي خلقت منذ 64 في الأردن لم تر النور إلا الآن.
ان الحكومات ليس لديها أن تعود الجامعة وستكون مستقلة أتصور أنه إذا تعاد الهيكلة: الاتحاد الافريقي في جوانب منه ايجابيات الاتحاد الأوروبي نجده مقياسا جيدا اليوم في الولايات المتحدة يحسب لها ألف حساب وأصبح يخشاها الأوروبيون واليابان فالحرب الاقتصادية والتجارية هي الغول الأكبر اليوم.
الاتحاد الأوروبي دون تبرئة من الاستعمار ولكنه يتوحد باتخاذ مواقف تبعده عن أمريكا توحد أوروبا لابد ان نأخذ منه نحن بعض القواعد: برلمان عربي وسلطة للأمين العام وتنفيذ القرارات ان ميثاق 45 فيه نقاط ايجابية كثيرة وتغيير ذلك متعمد لو نطالب بتطبيق الميثاق سنرى ان وضعا معينا سيتغير.. وحتى لا نفتح الباب إلى ما يسمى بخطة دول ملاحظة.. لدول مسلمة ثم بعد ذلك دولة يهودية.. لمَ لا.. إذا قبلت ايران وتركيا ستصبح اسرائيل عضوا ملاحظا.
إذن نغيّر المادة الأولى من الميثاق، ففي مشروع الدستور العراقي ان تبتعد العراق عن الجامعة العربية.. أنا لست ضد تركيا أو إيران، ولكن فتح المجال لملاحظين ثم مراقبين ثم يتحول الملاحظ إلى صاحب حق.. وهكذا.. إذن على العرب أن ينتبهوا جيدا إلى أي تغيير في نصّ الميثاق.
حكوماتنا تمارس السياسة ولا تستشير المجتمع المدني أو العكس يحصل في أوروبا (الدستور الأوروبي والحوار متواصل والمجتمع المدني) في العالم العربي المجتمع المدني نجده مغيبا لأن أنظمتنا سلطوية. نحن مع تفعيل ميثاق الجامعة هذا ما نحن بحاجة إليه، أما الباقي فهو هذه المشاريع الشرق أوسطية.. التي نظر لها سابقا بيريز وغيره.. وهو مشروع يعمل على اقحام اسرائيل في المنطقة لا لتكون دولة مسالمة بل لتهيمن على المنطقة.
* الأستاذ عبد اللّه تركماني:
كل الأحاديث التي تمت تتجه لأن العامل الخارجي يزداد.
السؤال المطروح هو: كيف يمكن أن تمكّن الوضع الداخلي حتى يستوعب المتغيرات والتعاطي معها ايجابا من أجل مصالح الأمة. لنكن واقعيين الوضع الآن ليس وضع مجابهات. لأننا لا نستطيع أصلا هذه المجابهة.
المطروح الآن إلى أي حدّ يمكننا استغلال الوضع الدولي من أجل مزيد حماية أمننا القومي.
السؤال على حكوماتنا: كيف يمكن أن تفتح المجال لشعوبها ليكون لها دور في صناعة القرار بالاصلاح الحقيقي يجب أن يبدأ في الأقطار العربية. الشيء الثاني الذي أرجحه المشروع الأمريكي، وهي مبادرة مطروحة في جوان على قمة الثمانية الكبار. هناك مشروع دانماركي للإصلاح في المنطقة. هذه مبادرت ستقدم في إطار واحد، من أجل خلق منظمة السؤال على حكوماتنا: كيف يمكن أن تفتح المجال لشعوبها ليكون لها دور في صناعة القرار بالاصلاح الحقيقي يجب أن يبدأ في الأقطار العربية. الشيء الثاني الذي أرجحه المشروع الأمريكي، وهي مبادرة مطروحة في جوان على قمة الثمانية الكبار. هناك مشروع دانماركي للإصلاح في المنطقة. هذه مبادرت ستقدم في إطار واحد، من أجل خلق منظمة للتعاون الاقليمي في المنطقة.
ماذا سنفعل إذا جدّ واعتمد هذا السيناريو؟
أقول إنه بقدر ما نصلح بيتنا العربي، بقدر ما يمكن أن تحقق مصالحنا العربية. حتى وإن أجبرنا على الدخول في هذا الفضاء. يجب ان نسوي وضعنا الداخلي بحيث لا تذوب الروابط العربية في هذا الفضاء لا يمكن للعرب أن تذوّبهم تركيا أو اسرائيل، لكن المسألة مرهونة بالاصلاح الجدي وجدية الاصلاح.
بالنسبة لقمة تونس أقول بصراحة هي فرصة للعرب في تونس لما تميزت تونس به في اعتدال ومن حكمة في سياساتها. حسب ما أعرفه ان تونس لم تدخل في أية خلافات عربية. لم تلعب دور تقسيم بل كانت تعمل على رأب الصدع. على العرب أن يستفيدوا من الحكمة والمقاربة التونسية على الأقل في المجالين الاقتصادي والاجتماعي، حيث تشير الدوائر العالمية أن تونس مثال.
* الأستاذ عبد المجيد العبدلي:
كلّ من يقف ضدّ إصلاح جامعة الدول العربية هو غير منطقي مع نفسه. ما نتمناه هو أن لا يملى الاصلاح من الخارج. والظاهر ان هناك نماذج من الاصلاحات متأتية من أمريكا في دور صهيوني. لجعل الجامعة تفشل وتنحل وتتداعى إلى الضعف.
هذه القمة تعقد ودولة مؤسسة للجامعة هي تحت الاحتلال.
نقل الجامعة من تونس إلى القاهرة وقبلها من القاهرة إلى تونس لعب فيها العراق دورا أساسيا. أقول هذا حتى يعلم العرب وجمهور القراء، ان العراق الآن تحت الاحتلال.
الدولة التونسية لا امتياز لها.
حتى لا يخطئ القارئ ان الدولة التي تستضيف لها امتياز في اتخاذ القرار.
أتمنى ان لا يمسّ التعديل، العضوية، لأنه إذا فتحنا ذلك الباب، فإن باب جهنم فتح علينا الاصلاحات يجب أن تكون خارج المسّ من العضوية. البند الأول لا يجب أن يمس.
«الشروق»: مرة أخرى أؤكد على السؤال: هذا الاصلاح هل يجعل العرب يصيحون بصوت واحد موحد: «بيدي لا بيد الآخر؟» (أي سام؟)
فلا يمكن أن نتصور ان العرب وإلى الآن لم يفهموا ما يحيق بهم وما يحيط بهم وما يدور في خلدهم وفي داخلهم؟
الكلمة للأستاذ سيف الدريني تفضل:
* الأستاذ سيف الدريني:
لا شك ان هذه الآن فرصة مهمة جدا لا ينبغي أن تفوّت لأن الوضع استثنائي ولأن مكامن الضعف أصبحت واضحة ليس على مستوى المثقفين بل على المستوى الشعبي، فمكامن الخطر واضحة. في البداية هناك ميزة أنها (القمّة) تعقد في دولة، ليست رئيسية لا تؤثر على اتخاذ القرار أو لها طابع هيمنة على القرار. هي تونس التي نعرفها نحن الفلسطينيون، وهذا شيء مهم في فترة وجود الجامعة في تونس قطع العرب شوطا في الحوار العربي الأوروبي وحصل توجه جديد في الجامعة منذ انتقال الجامعة إلى القاهرة رجعنا بهموم المنطقة إلى التقوقع على المحلّي، فربما طبيعة المرحلة ووضوح الرؤية قد يساعدان على محاولة تجاوز الواقع بأقل قدر من المشاكل: على الرغم مما قلته من ضعف.
النظام العربي، وضرورة اجراء تغييرات جذرية فالجامعة تعني شيئا رمزيا هي أداة العمل العربي المشترك في المحصلة لا يمكن ولا يجوز أن نتجاهل أولا نعمل من أجل تعزيز الرمز والأداء، لأنها هي الصورة الرئيسية والأداة والتي يقوم عليها النظام العربي، فتهميشها فيه خطورة لأنه ليس هناك بديل للجامعة إذن بقدر الامكان لابد أن تستمر الجامعة حتى يتم بناء واقع أفضل هذا مهم جدّا لأننا الآن لا يوجد أمامنا بديل حتى يتكون بديل: نحن لسنا في ظروف طبيعية حتى نفكّر في البديل: نحن في حالة طوارئ قومية وعلينا التمسّك بالموجود إلى أن تأتي فرصة وتغير وهنا أنبه إلى أنه لابد من نميز بين قضايا الشرق أوسطية، ومشاركة العنصر غير العربي: قضية فيها اشكالية نحن في زمن تم فيه إنشاء الجامعة في فترة المدّ القومي لكن الآن لو استعرضنا المنطقة العربية سنجد العنصر العربي 40 أو يقل ففي بعض الدول العربية العنصر غير العربي هو أكثر: لابد أن نميّز في قضايا الصراع مع ايران وتركيا اليوم تتبدّل الأمور ثم اننا تشاركنا نحن وتركيا في الامبراطورية العثمانية وبالتالي فإنه علينا التمييز بين الحساسية المبنية على أساس استعماري أو نسيج المنطقة مثل ايران وتركيا فهي دول ضمن نسيج المنطقة أما اسرائيل فليست من نسيج المنطقة.
اسرائيل: صراعنا معها يختلف عن صراعنا مع أي دولة أخرى مثل تركيا أو إيران، مع اسرائيل الصراع ينتمي إلى المعادلة صفر.
ما هو لصالح اسرائيل ضدنا. الصراع ليس نزاعا يمكن تسويته هو صراع أضخم اسرائيل تدير الصراع على أساس ان العرب يشكلون خطرا.
لذلك نجد ان السلاح لها محلل وهو ممنوع على العرب اسرائيل تحسب حتى عدد خريجي الجامعات العربية فهم خطر محتمل عليها، هم ليسوا من نسيج المنطقة (الاسرائيليون) والنظام العربي من محيطه إلى خليجه، بعض دوله لها علاقات مع اسرائيل.. هل أسمح بوجود السفارة والعلاقة ولا أسمح لها «بالملاحظ»؟
المبدأ هو المبدأ: وجود اسرائيل وقبل ان نحل مشاكلنا معها علينا أن نقرر: لا سفارة ولا غيرها.. لكن ليس هذا هو الواقع.. سفارات فتحت وعلاقات أقيمت قبل تسوية الصراع.
الاختراق تم من 25 سنة وهو مستمر أنا لا أتحسس من التنوع الاثني هذا نسيج المنطقة لكن حتى هذا النسيج فيه مكون مقاربة دينية ثقافية مشتركة يمكن التأسيس عليها. لدينا فسيفساء اثنية.
الأستاذ عبد المجيد العبدلي تفضّل:
العنصر العربي هو احساس فإذا حدث وتشعر اسرائيل انها عربية يمكن أن نفهم صراعنا مع اسرائيل هو صراع وجود، فرنسا استعمرتنا لكنها تعرف ونعرف أنها ستعود إلى فرنسا طال الزمن أو قصر.. لكن اسرائيل ستخرج العرب لتحل محلّهم إذا يتماشى تعريف ما هو عربي مع ما حددته الجامعة سنة 1945: لو يشعر الاسرائيلي بالانتماء العربي فهذا جيّد.
الأستاذ سيف الدين الدريني لك ملاحظة؟
نعم، لن يقوم هناك نظام عربي ما لم تسترد مصر عافيتها، هذه ملاحظتي. فكلما تعافت مصر تعافت الأمة وعرفت طريقها


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.