قضت خلال الايام القليلة الماضية احدى الدوائر الجنائية بابتدائية العاصمة بإدانة متهم في الستين من العمر، والقضاء في شأنه بالسجن مدة أربعة أعوام لثبوت ارتكابه جريمة السرقة الموصوفة باستعمال العنف الشديد. حسب وقائع القضية، فإن المتهم، وهو شيخ في الستين من العمر، عقد يوم الواقعة جلسة خمرية بساحة العملة بنهج الملاحة وسط العاصمة، حتى أخذت منه الخمور مأخذها، فبدأ بالعربدة، ثم تعمّد أثناء ذلك وفي ساعة من الليل، اعتراض سبيل شاب كان يمر من المكان ، وطلب منه أن يمكنه من مبلغ مالي لشراء قارورة خمر، إلا أن هذا الشاب نهاه عن عزمه وطلب منه ترك سبيله، غير أن الشيخ تمسك برغبته، ثم تولى تسديد لكمات للمتضرر ألحقها بإصابته بواسطة قارورة بلورية في مستوى رأسه حتى أسقطه أرضا، وتعمّد المتهم سلب ضحيته ليستولي منه على جهاز هاتف جوال ومبلغ مالي، وتركه مغميا عليه ولاذ بالفرار. بعد أن استفاق المتضرر توجه مباشرة الى أقرب مركز للأمن وأبلغ عما تعرض له، ساردا على المحققين تفاصيل ما لقيه على يد شيخ في الستين من العمر كما طلب المتضرر تتبع الجاني قضائيا، وبعد إسعافه أذنت النيابة العمومية بفتح محضر تحقيقي في الموضوع فانطلقت أبحاث المحققين الذين تمكنوا من إلقاء القبض على المتهم الذي اعترف بعد جلبه الى مركز الشرطة والتحرير عليه، بما اقترفه مصرحا بأن المتضرر استفزه وأنه لم يكن في كامل مداركه لتأثره بكمية الخمر التي احتساها. وبعد إنهاء الابحاث في شأنه، أحيل المتهم على أنظار أحد قضاة التحقيق بابتدائية تونس، حيث تراجع جزئيا عن أقواله المسجلة عليه لدى باحث البداية وصرح من جديد بأنه كان جالسا في أحد المواقع بنهج العملة وسط العاصمة، قبل أن يأتي الشاب المتضرر ويتعمّد افتكاك قارورة الخمر التي كانت بحوزته، مما أجبره على الدفاع عن نفسه. إثر ذلك أصدرت النيابة العمومية بطاقة إيداع بالسجن ضد المتهم بعد أن وجّهت له تهمة السرقة الموصوفة باستعمال العنف الشديد على من وقعت عليه السرقة، وهو ما أيدته دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بتونس التي قررت إحالته صحبة أوراق القضية على الدائرة الجنائية المختصة لمقاضاته من أجل ما نسب اليه. وبمثوله خلال الايام القليلة الماضية أمام هيئة المحكمة، تراجع المتهم مرة أخرى عن جميع أقواله التي أدلى بها سواء لدى باحث البداية أو أمام قلم التحقيق خلال استنطاقه، لينكر مجمل التهم المنسوبة اليه مصرحا من جديد بأنه لم يرتكب أي جريمة، وأن زاعم الضرر كان من معارفه وأن هناك مشاكل شخصية بينهما لذلك تعمّد توريطه في القضية، متمسكا بالطابع الكيدي لها. وقد سانده في ذلك محاميه الذي أكد على أن أقوال منوّبه أمام هيئة المحكمة هي أقوال حقيقية وأن تراجعه عما صرح به لدى باحث البداية وأمام قلم التحقيق له ما يبرره لوجود اضطرابات نفسية لدى منوّبه، وطعن المحامي في أقوال وتصريحات المتضرر كما طلب من الهيئة القضائية الحكم بعدم سماع الدعوى في شأن منوّبه واحتياطيا التخفيف في العقاب المستوجب قدر الامكان القانوني في صورة نظر المحكمة وجها للادانة، فيما تمسك ممثل النيابة العمومية بالمحاكمة وفقا لنصوص الاحالة وقوانينها مؤكدا على ثبوت الادانة، لتقرر الهيئة الجنائية في ختام الترافع حجز القضية للنظر في طلبات الدفاع والتصريح بالحكم بعد المفاوضة القانونية، لتقضي بإدانته وسجنه من أجل ما نسب اليه مدة أربع سنوات.