تسويق فحيح الدانتيلا هي و»الايس كريم» جنديّ المارينز وحكايته مع «مريمة الصحراء» نساء في الجهة الأخرى يقتلن الليل بكامله في بوغوتا وعلى ايقاع الرّمبا يرقصن ويعشن اللحظة دون رجال أو قيد * يوسف رزوقة إن وقائع اليوم هي وقائع ذبح الإنسان من الوريد إلى الوريد وهي أفعال الأقوى التي تخلدها كتب التاريخ فتسجل حالات اعتداء الانسان على الانسان في أبشع صور حضورها فكانت حكايات عن احتلال جيش لشعب أو جيوش لشعوب وتعدّي قيم على قيم أو ابتلاع حضارة لأخرى وجعلها مغلوبة ذليلة ليس لها من وجود بغير اقتفاء لخطوات الغالب. لقد سادت هذه السياسة منذ القدم وخلّدت للإنسانية بطولات في الدفاع عن الذات والثقافة تجاه الآخر فكانت الملحمة والأهازيج الشعبية والقصائد الوطنية خير شهادات عن رفض كلّ أشكال الهيمنة على الكائن باسم مقاصد وشعارات لا تخدم غير الأقوى مما أثار حماسة الشرعية في ذاك الانسان فأقامها حربا يدافع بها عن ذاك الوجود: الرأي قبل شجاعة الشجعان هو أوّل وهي المحلّ الثاني فإذا هما اجتمعا لنفس حرّة بلغت من العلياء كلّ مكان ولربما طعن الفتى أقرانه بالرأي قبل تطاعن الأقران ... في جحفل ستر العيون غباره فكأنما يبصرن بالآذان يرمي بها البلد البعيد مظفّر كل البعيد له قريب دان * المتنبّي إنه الشعر أو هو لغة العرب الأولى التي قادتهم في يوم من ذاك التاريخ إلى إسماع أصوات حضارة نراها اليوم تستفهم عن وجودها وكيانها أو هي موجودة قد لا يجد لذاته مرفأ بغير ذاك الكلام الرائع. فهل بذاك الشعر يستقيم حال هذه الأمة؟ وأي نصيب للشعر التونسي في تلك «المعركة الجديدة» معركة اثبات الوجود زمن محاربة كلّ صوت يختلف عن تلك القوة الرعناء في «عولمتها» الكافرة بالعاطفة؟ لقد استطاع الشعراء العرب الكبار كأدونيس أو البياتي أو قبّاني أن يدركوا عمق جرح العروبة وتداعيات سقوط حضارتها فكتبوا لنا روائع تعرّف بقدرات هذه الأمة على رسم الكلمات وحمل قضاياها إلى أبعد الجزر فترجمت أعمالهم إلى لغات عدة ودرست قصائدهم في أشهر الجامعات ومكّنت «الآخر» من هضم آلام إنساننا والتعرف على قدراته الحقة في رسم وجوده وكتابة عالمه بلغة اختلافية تبيّن انتماءاته الحضارية العميقة المقدسة للعاطفة الانسانية كجوهر لا تستطيع حضارة «العقل» وأدواته وتطبيقاته التقنية الهائلة أن تطفئ جذوتها: «بلاد على أهبة الفجر صرنا أقل ذكاء لأننا نحملق في ساعة النصر لا ليل في ليلنا المتلألئ بالمدفعية أعداؤنا يسهرون وأعداؤنا يشعلون لنا النّور في حلكة الأقبية هنا بعد أشعار «أيوب» لم ننتظر أحدا هنا لا «أنا» هنا يتذكر «آدم» صلصاله سيمتدّ هذا الحصار إلى أن نعلّم أعداءنا نماذج من شعرنا الجاهلي» * محمود درويش إننا اليوم في عصر جديد وجب علينا أن ندرك عمقه وأن نسارع بإبلاغ مكامننا وأعماقنا وهو ما يفترضه منطق زمننا المسيّج بمجال سمعيّ ومرئيّ لا يدخل فيه غير الساعين إليه إذ هو سحر هذا الوقت ومجال حداثته كائنة في انخراط ثقافتنا فيه. إننا أصبحنا اليوم نتعامل مع ثقافة جديدة «سمعية بصرية» تمكننا من التعريف بذواتنا إنها الكتاب الجديد أو هي: «الكتاب سليل الثقافة الرقمية» أو هي «المواقع الالكترونية» أو هي «ثقافة الأنترنات» تلك التي وجدنا فيها محمود درويش وسميح القاسم ومظفّر النواب وغيرهم من الشعراء العرب. إنها ثقافة تدعونا إلى الكيان وإن الشعر التونسي ذاك الذي لا يستطيع أن ينفصل عن طموحات حضارة تريد أن تكون هو ذاته شدّ الرحال إلى تلك الفضاءات رغبة في تسجيل نفسه ضمن الوجود الفاعل المواكب لايقاعات العصر فظهرت قدراته التنافسية الحقيقية فيما يقول وفيما يكتب وفيما يسوّق عبر تلك الشبكات الالكترونية السمعية البصرية. لقد استطاع الشاعر التونسي «يوسف رزوقة» أن ينقلنا إلى ثقافة العولمة: وأن يدعونا إليها من خلال ذاك الموقع الذي فتحه لنفسه «يواتري» فقدّم نفسه ومختارات من قصائده وسمّى دواوينه ونشر صورا ووثائق تنير سبل التعرف إلى شعره إضافة لشهادات نقدية متنوعة ساهمت في توضيح معالم الكتابة عنده. إن «يوسف رزوقة» وهو يختار لنفسه هذا المنحى في التعريف بنفسه يدعو الشعراء التونسيين إلى ضرورة التفكير في مغادرة وعيهم الكلاسيكي للحضور انتقالا إلى ذاك الفضاء الجديد الذي يجعل من إنساننا صاحب فعل في الإنسان عبر كتابة اختار لها صاحبها أن تكون بلغات ثلاث العربية والفرنسية والانقليزية وكأنه بتقديم ذاته ومختاراته يجعل من شعره صوت اقتحام لعالم رحب يرتاده عشاق الابحار في فضاءات ثقافات التقاء الانسان بالإنسان خارج كلّ عقدة تفوّق أو نقصان إنه عالم ندخله بغير جواز سفر لأنه مفتوح لكلّ قول علنيّ حيث يكون الشاعر هو ذاته مسافرا بلا رقيب أو هو الحرية تختار لنفسها أن تعلن عن ضرورة وجودها بما لها من «نصيّة» جادة تتوجه إلى قارئ آخر. إن الشعر التونسي اليوم أصبح يتوق لعالمية الحضور إذ يتأكد فيها امتياز نصّه وثراء مداليله وجدية ما يطرحه على «الآخر». ولعلّ ما تشهده السّاحة الشعرية لدينا من «كمّ نصي» يؤهلها أن تؤسس نضج حضورها في إطلالاتها على القارئ و»الآخر» ذاك الذي يتعطش إلى سماع كلماتنا حتى يحدّد لنفسه موقفا منها إذ في التلاقح الفكري يبلغ ثراء النص أوجه حضوره فتتحقّق أسئلة الفعل الثقافي المريد من جهة إتقانه لفنون التخيّل والتذوق واللعب بالكلمات. لقد اختار «يوسف رزوقة» أن يكون رمز قيادة «الكمّ الشعري» في ساحتنا لعالم جديد يكون فيه القارئ مفترضا مثلما يكون النص فيه تأويلا يدعو الجماعة إلى إعادة قراءته فتتحقق متعة تقبّل «الآخر» لذائقتنا ولذة مشاركته في تعرفه عنا بما يؤسسه من نقد جدّي يربو عن كل «اخوانية» ومحاباة. إننا مع «جنة جديدة» لا بدّ لنا جميعا أن ننخرط في الابحار فيها فلا عالمية للثقافة خارج دخولها لهذه المواقع «الأنترناتية» ولعلّ الشعر التونسي لن ولن يتخلف عن هذه الثورة الفكرية التي هي وجهة كلّ شاعر يؤمن بنص يؤسس أبجدية في فضاء معلوماتي سمعي وبصري يجاهد الإنسان ذاته لكي لا يتخلف عن صوته وصورته. طوبى للشاعر وقد أبحر.. طوبى للشاعر وقد أشعل أنوار كيانه خارج خيمة بليت بفعل ضربات شمس قرون خلت. طوبى له مرتحلا من كرسيه إلى عوالم مفترضة المتلقي ثرية المعاني مدهشة الأبعاد. «كلّ ما حولي غلط هبط الليل على القلب وماءت في دجى العقل... القطط كشف الشاعر عن غربته فاختفت الحالة في آلاته.. وانحلّ حزام الكلمات الراقصة كل ما حولي وجود ناقص خلف وجوه ناقصة».