القاهرة خاص الشروق محمد عبد الخالق ردود فعل غاضبة وعنيفة أثارتها جريمة حضانة في المعادي (القاهرة) التي اعتدى فيها صاحبها وأصدقاؤه على أطفال أبرياء وقد هزت أرجاء كل بيت مصري وأضفت حالة من الهلع بكل العائلات وتعالت الأصوات من أجل وقفة لتصحيح الأوضاع في هذا القطاع التربوي بالغ الأهمية والخطورة. وكانت القاهرة قد استيقظت صباح أحد الأيام على أخبار جريمة بشعة تعرض لها 35 طفلا مصريا حيث تم الاعتداء عليهم بهتك عرضهم داخل قبو حضانة بحي المعادي الراقي على يد صاحبها وعدد من المدرسين بالحضانة وقد فتحت هذه الجريمة الباب أمام العديد من التساؤلات عن شرعية الحضانات الخاصة بمصر وطرق العمل بها والجهة المسؤولة عن متابعتها والإشراف عليها خاصة بعد أن نفت وزارة التربية والتعليم المصرية مسؤولياتها عن الحضانات الخاصة وأكدت أن الجهة المنوطة بها هي وزارة الشؤون الاجتماعية. «الشروق» استطلعت آراء عدد من الخبراء وأساتذة الطب النفسي وكان هذا التحقيق. ** التقرير الطبي توالت الشكاوى للنيابة المصرية والتي بدأت بثلاث ووصلت إلى سبع حيث واصل وكلاء النيابة الاستماع لأقوال الأطفال المعتدى عليهم وثبتت صحة الاعتداءات بعد توقيع الكشف الطبي عليهم حيث أثبت التقرير وجود محاولة للاعتداء على الأطفال وهتك عرضهم. ** حقوق الإنسان وقد ظهر رد الفعل الغاضب من جانب رجال القانون الذين تطوع منهم 14 محاميا مطالبين بالقصاص من الذئاب البشرية المتهمين والمحبوسين على ذمة التحقيق. يذكر أن العديد من المنظمات الحقوقية أصدرت بيانات نددت فيها بهذه الواقعة وقد زارت وفود من منظمات حقوق الإنسان أسر الضحايا وأعلنوا تضامنهم معهم ونادوا بأن تكون هناك جهة رقابية حكومية منوطة بالتفتيش في هذه الحضانات وخاصة بعد أن وصل عدد دور الحضانات في مصر إلى 9800 دار حضانة مما يستوجب الرقابة عليها بشكل دوري. ** قوانين مبتورة من جهة أخرى فتحت هذه الجريمة الباب أمام المجتمع المصري والخبراء لمناقشة الأسلوب الذي يتم به تسيير هذه الحضانات خاصة أن دورها يعتبر أخطر من دور المدرسة والجامعة لأن طفل الحضانة لا يستطيع التعبير عن شكواه كما أن الحضانات لا توجد لها برامج منهجية ثابتة فكل صاحب حضانة يديرها بأسلوبه كما أن متابعة وزارة الشؤون الاجتماعية تتم بشكل صوري بالإضافة إلى أن اللائحة النموذجية لدور الحضانة رقم 151 لسنة 2000 تشترط مشاركة أولياء أمور الأطفال في لجنة الإشراف على دار الحضانة وهذا لا يحدث على أرض الواقع. وقد تعرضت صفحات الجرائد المصرية لهذه الجوانب القانونية والاجتماعية وطالبت بضرورة صحوة العائلات من جهة والمؤسسات الإشرافية على هذه الحضانات من جهة أخرى. ** وزير التعليم ينفي وكانت المفاجأة على لسان وزير التربية والتعليم المصري د حسين كامل بهاء الدين حيث كشف في تصريحات صحفية ان الوزارة غير مسؤولة عن حادث تعرض أطفال حضانة المعادي للاغتصاب لأن هذه الحضانة لا تتبع وزارته وإنما هي حضانة خاصة لا يتلقى الأطفال بها أية مناهج تعليمية عن طريق مدرسي الوزارة. ** أولياء الأمور السبب وفي نفس الإطار أكدت مفيدة إبراهيم مديرة الإدارة العامة للأسرة والطفولة المصرية التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية صعوبة اكتشاف ما يحدث داخل الحضانات قائلة «نحن نقوم بالتفتيش في سير العمل وسلامة المكان فقط» وألقت بالمسؤولية على كاهل أولياء الأطفال لعدم توعية أطفالهم ومتابعتهم. ** تداعيات الحادث ويضيف الدكتور محسن العرقان الأستاذ بمركز البحوث الجنائية والاجتماعية أن مرحلة رياض الأطفال من المراحل التربوية الخطيرة إذ تتشكل فيها شخصية الطفل وأكد أن الحادث خطير لأنها جريمة ستؤثر على تكوين وفكر وسيكولوجية هؤلاء الأطفال وبالطبع سوف يحتاج هذا لفترة علاج طويلة. وقد تناول الدكتور يسري عبد المحسن أستاذ الطب النفسي بالقصر العيني القضية من جانب آخر حيث أكد أنه يجب وضع ضوابط وشروط صارمة قبل ا لموافقة على إنشاء دار حضانة وان تكون هناك مواصفات دقيقة لصاحب الدار لأن الحضانات ليست كأي مشروع استثماري آخر بل هي مشروع تربوي بالمقام الأول. واندهش الدكتور يسري من ان القانون يضع شروطا لإدارة الحضانة فقط ولا يضع أي قوانين أو ضوابط على صاحب الدار نفسه. ** فتاة المعادي لقد جاءت قضية هذه الحضانة لتذكرنا بالقضية الشهيرة لفتاة المعادي التي تم هتك عرضها في وضح النهار وانها لمفارقة غريبة أن تشترك هاتان الحادثتان في مكان واحد وفعل الجرم أيضا واحد. ولكن اختلفت وتنوعت أعمار الضحايا لتطول هذه المرة أطفالا أبرياء تنبض عيونهم بالبراءة والوداعة يحملون في مخيلتهم أحلاما جميلة بتدلت بكابوس مخيف على يد شخصيات لا تحمل في قلوبها رحمة ولا إيمان خانت الأمانة والشرف.!