أثار شريط الكاسيت المروج الآن في الأسواق والذي يصف المعلم «بالشلاكة» سخط الكثير من التونسيين ولم يقتصر ذلك السخط على المعلمين فقط... وقد بلغ الأمر ببعض المواطنين إلى التعبير عن استعدادهم لرفع قضية بصفتهم أولياء تلاميذ ضد من يقف وراء هذا الشريط الذي انتهك كرامة المعلم... والحقيقة أن هذا التحرك وهذا التعاطف يكشف مدى تقدير التونسي بكل فئاته وشرائحه «للمعلم» وبالتالي للعلم والمعرفة وللمدرسة... فذاكرة المجتمع التونسي تحتفظ بالكثير من الصور والمواقف حول دور المعلم ليس فقط العلمي بل الاجتماعي أيضا.... ولا زلت أذكر كيف كنا ونحن تلاميذ نهرب ولا نمر من الشارع والنهج الذي يمر منه «المعلم» الذي لا زلنا نناديه اليوم «بسيدي» خوفا منه وتقديرا له في آن واحد... لقد نسي من كان وراء ترويج وتسجيل هذا الشريط أن المعلم ما زال «سيدا» في المجتمع التونسي حتى وإن تغيّر وجه المدرسة التونسية واختلفت وتطورت المنظومة التربوية نسي صاحب الشريط وغابت عنه على ما يبدو تلك الصور والمواقف التي كان فيها المعلم يعبر الهضاب والأودية والفيافي ليصل إلى المدرسة ويفتح الأقسام لأجيال تعاقبت وتتعاقب على هذا الوطن ونسي أنه كان يوما ينادي المعلم ب»سيدي»....