نظرت الدائرة الجنائية بالمحكمة الابتدائية بالعاصمة صباح أمس في قضية تورط فيها شخص في الأربعينات من العمر لاتهامه بقتل نفس بشرية عن غير عمد اثر ارتكابه حادث مرور والفرار مع الامتناع عن الابلاغ. وقد ورد في ملفات القضية ما مفاد أن المتهم وهو متزوج وأب لابنين كان يقود شاحنة يوم الواقعة وكانت الساعة ليلا عندما مر باحدى المناطق الريفية المتاخمة للعاصمة وقد احتجبت أمامه الرؤية وفوجىء أثناء مروره بشخص يقطع الطريق فصدمه صدمة عنيفة وتبين له أنه ارتكب جريمة قتل فتردد في التوقف إلا أن فزع بعض المارة وأبناء القرية دفعه للفرار والزيادة في سرعة الشاحنة بعدما قام باطفاء أنوار الاضاءة وحاول بعض الشهود اللحاق به، لكنه تمكن من الفرار دون أن يكون على علم بأن مطارديه تمكنوا من تسجيل الرقم المنجمي للشاحنة. اثر ذلك بلغ المتهم مكانا اعتقد أنه آمن فقام باخفاء الشاحنة في ضيعة قرب منزله وعاد الى أهله ، كأن شيئا لم يحدث بل وتعمد أيضا عدم الابلاغ عن ارتكابه حادث مرور قاتل. أثناء ذلك، حاول بعض المواطنين اسعاف المصاب ونقله الى أحد المستشفيات القريبة ورغم ايداعه تحت العناية الطبية المركزة ومحاولات انقاذه إلا أنه فارق الحياة متأثرا بجراحه واصاباته البليغة جراء الصدمة القوية مع الشاحنة. توجه الشهود إلى مركز الأمن وأبلغوا بصورة الواقعة وقدموا شهادتهم كما أدلوا بهوية الشاحنة ورقمها المنجمي. أبلغت النيابة العمومية، فأذنت بفتح محضر تحقيقي وتوجه المحققون نحو عنوان المتهم بعد ان استدلوا برقم الشاحنة ومعرفة مالكها، وتمكنوا من القاء القبض عليه وتم جلبه الى مركز الأمن والتحرير عليه، اذ حاول في البداية الانكار، إلا أنه أمام شهادة الشهود تراجع عن ذلك واعترف جزئيا بما قام به مؤكدا أنه لم ير الهالك ساعة قطعه الطريق وأنه لم يكن على علم بأنه بشر بل اعتقد أنه شيء صلب قد اصطدم به خاصة وأن الرؤية كانت شبه منعدمة وبمزيد التحرير عليه تراجع مرة أخرى واعترف بكل ما نسب إليه وصرح بأنه كان يمر من مكان الواقعة ثم فوجىء بشخص يقطع الطريق فاصطدم به دون أن يتمكن من تدارك الأمر ومنع الاصطدام، وأضاف بأنه عندما حاول التوقف لاحظ قدوم عدد كبير من المارة وأهالي القرية فخشي من ردة فعلهم على حياته ولم يجد من حيلة غير الفرار وتمكن من الهروب رغم مطاردتهم له وقال بأنه كان متخوفا من تسليم نفسه أو الابلاغ عن الحادث. أنهى المحققون الأبحاث في شأنه وقرروا احالته على أحد قضاة التحقيق بالمحكمة الابتدائية بتونس حيث أعاد المتهم تراجعه وصرح أمام القاضي أنه فعلا لم يكن على علم بأن ما اصطدم به هو بشر بل اعتقد أن الاصطدام كان مع جسم صلب جامد وليس انسانا. وجهت النيابة العمومية اثر ذلك تهمة قتل نفس بشرية عن غير عمد بارتكاب حادث مرور مع الفرار وقررت اصدار بطاقة ايداع بالسجن ضده وهو ما أيدته دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بتونس التي قررت بدورها احالة المتهم صحبة أوراق القضية على الدائرة الجنائية المختصة لمقاضاته من أجل ما نسب إليه . وقد مثل أمس أمام المجلس الجنائي حيث تمسك بنفس أقواله التي كان قد أدلى بها لدى سماعه من قبل قلم التحقيق متراجعا بذلك عما سجل عليه أمام باحث البداية. وتمسك بالانكار وأنه لم يكن على علم بأن ما اصطدم به هو الهالك، وقال ان انعدام الرؤية لم تمكنه من تمييز طبيعة الجسم الذي اصطدم به وعن الفرار أجاب بأن هروع عدد من المارة وأبناء القرية جعله يصاب بالفزع والخوف وهذا ما أجبره على الهرب. وقد عاضده في ذلك محاميه الذي تمسك بأقوال منوبه وطلب من هيئة المحكمة أصليا القضاء بعدم سماع الدعوى واحتياطيا التخفيف قدر الامكان القانوني، فيما تمسك ممثل النيابة العمومية بالمحاكمة طبق النصوص القانونية والتهم الموجهة الى المتهم فقررت هيئة المحكمة في الختام حجز القضية بعد ختم الترافع فيها للنظر في مآلها والقضاء في شأن المتهم.