عام 1955م سافرت الى اثيوبيا ملتحقا بأبي للعمل هناك وكان مقر عملي بأديس أبابا. وكنت شغوفا بالكتب وبالقراءة والمطالعة... ومن اول ما وقع عليه نظري واستهواني وجذبني اليه عام 1958م مجلة العالم العربي (للاستاذ اسعد حسني) وكنت حريصا على قراءتها ومنها تعرفت مبكرا على استاذنا الجليل (وديع فلسطين) وظللت متابعا لما يكتب واحيانا ادوّن بعض ما يكتب في اوراقي... وقد تأثرتُ باسلوبه في الكتابة وبالوفاء لمعارفه من الادباء والشعراء. ومن كتاباته تعرفت على الكثير منهم... ولاازال على تقادم الزمان اذكر كتابه المتميز في بابه (صناعة الزيت في الشوط الأوسط) الذي صدر عام 1957م ومما اذكره عنه كلمة زاخرة بالوفاء والود والمحبة قالها في حفل (رابطة الادب الحديث) احتفاء باعضاء الوفود في مؤتمر الادباء العرب القاهرة عام 1958م وعندما اعود اليها اجد ان استاذنا (وديع فلسطين) رسم له فيها طريقا لم يحد عنه طيلة هذه السنين الطوال. فنجده وهو اليوم في العام الثمانين من عمره المديد ان شاء الله لايزال في ما يكتب اليوم يسير على نفس المنوال الذي رسمه واختطفه لنفسه في تلك الكلمة الرائعة الخالدة عام 1958م حقا ان هذا الاستاذ عظيم عظيم تعجز الكلمات عن اعطائه بعض ما يستحقه من عبارات التقدير والثناء والإعجاب فقد ظل ملتزما كتاباته عن الشعراء والأدباء الراحلين الذين طواهم النسيان.. في مجلة الهلال الرائدة. ان كتابات هذا العملاق العظيم عن هؤلاء الذين ضربت عليهم استار النسيان تلامس الوجدان، وتذكي الاحساس وتصوّر مدى ما يحمله هذا القلب الكبير من الود والوفاء ورقة الشعور. وإنني لأذكر الاستاذ (علي احمد باكثير) عندما كان بيننا عام1968م في مدينة سيئون عندما سألته عن ذكرياته مع بعض الادباء بمصر، فذكر لي عن صديقه (وديع فلسطين) ما زادني محبة فيه وما لايزال صداه في اعماقي. ومن وحي كل ذلك كتبت قصيدتي (قلم منصف لكل أديب) وانني بمناسبة بلوغ استاذنا (وديع فلسطين) الثمانين من عمره المديد ان شاء الله اقدم اليه اسمى عبارات التهاني معبّرا عما اكنه له من الحبة والودّ والتقدير والاحترام ويشرفني ان ارفع له قصيدتي.