في سابقة يبدو أنها الأولى في تاريخ القضاء التونسي، قضت احدى الدوائر الجناحية بالمحكمة الابتدائية بتوزر بإدانة متهم، وهو طبيب وتغريمه للصالح العام ولفائدة المتضرر وهو قيّم عام بمعهد ثانوي بالجهة في قضية متعلقة بارساليات الهاتف الجوال. وحسب ملفات القضية فإن المتهم والبالغ من العمر خمسين عاما تعمّد في البداية النيل من المتضرر البالغ من العمر 53 سنة، بمكالمته عبر هاتفه الجوال والتلفظ تجاهه بما ينافي الأخلاق، إلا أن الأمر تطوّر وأصبح يرسل له ارساليات (messages) عبر الهاتف، فسجل المتضرر الكلمات والجمل عن طريق عدل منفذ في معاينة حرّرت بتاريخها ورفع الأمر للقضاء فأنصفه، إلا أنه طعن في الحكم القاضي بأدانة المتهم وتغريمه بالاستئناف وساندته في ذلك النيابة العمومية. وحسب الوقائع، فإن المتهم والمتضرر كانا صديقين قبل أن تنقطع العلاقة بينهما منذ سنة 1993، وبدأت الحكاية بعد ستة أعوام من الانفصال عندما أعلن المتهم (وهو طبيب) عن مسابقة أثناء شهر رمضان، تتألف من عشرين سؤالا كلها تمس من كرامة وشرف المتضرر الذي رفع الأمر للقضاء وقتها، ثم تنازل عن دعواه لاحقا، غير أن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد بل واصل الطبيب «استفزازاته» للقيّم العام، وكان يستخدم في كل مرة رقما لجهاز هاتف نقال ويتعمد الثلب والاعتداء بالكلام الفاحش على خصمه، وحسب كلام المتضرر فإن المتهم استعان ببعض أصدقائه في القيام بهذا الجرم دون أن يتمكن من اثبات ذلك. في موفى سنة 2003، بدأت ارساليات الهاتف الجوال تتساقط على هاتف المتضرر وتتضمن جملا وكلمات تنعته بأوصاف مشينة وبكلام مخلّ بالأخلاق والشرف. وبلغت 17 ارسالية (messages) وكان المتضرر قد توجه إلى وكيل الجمهورية بابتدائية توزر ورفع دعواه القضائية ثم كلف عدل منفذ للتحرير وتسجيل ما تضمن بهاتفه واجراء معاينة على الارساليات المعنية. أعلنت النيابة العمومية فتح محضر تحقيقي في الغرض ودعي المتضرر الذي أدلى لدى باحث البداية بأنه تعرض بصفة مستمرة للقلق والاعتداء بالكلام البذيء من طرف أصحاب أرقام مجهولة لهواتف جوالة تحتوي ارساليات فاحشة وألفاظا منافية للحياء، وتبين له أن صاحب الارساليات الرقمية هو صديقه الطبيب. كما دعا باحث البداية المتهم وحرّر عليه ليعترف ببعض الارساليات وينفي الأخرى وصرّح بأنه فعلا قام بارسال جمل وكلمات عبر الهاتف الجوال للمدّعي وذلك كردّ فعل منه على اعتداءات سابقة من المتضرر تجاهه وتجاه زوجته، وأنكر المتهم ملكيته لبعض الأرقام المدّعى بها باستثناء رقم وحيد لهاتف ابنه البالغ من العمر 12 سنة، إذ استعمله لمراسلة صديقه السابق والتعدّي عليه. وبعد التحرير على كافة أطراف القضية تمت احالتها على أنظار القضاء، وقد تعهدت احدى الدوائر الجناحية بابتدائية توزر بالموضوع، إذ حضر المتضرر ولم يحضر المتهم، وتمسك المدّعي بكافة أقواله وبحقه في تتبع خصمه كما طالب ممثل النيابة العمومية بالمحاكمة حسب التهم المنسوبة إلى المدّعى عليه وهي تعمّد الاساءة إلى الغير وازعاج راحتهم عبر الشبكات العمومية للاتصالات حسب منطوق الفصل 86 من مجلة الاتصال، الذي يعاقب مرتكب هذه الجريمة بالسجن لمدة تتراوح بين العام والعامين وبخطية مالية من مائة إلى ألف دينار. في الختام قررت المحكمة يوم 6 أفريل الماضي إدانة المتهم والقضاء في شأنه بخطية قدرها 200 دينارا وتغريمه لفائدة القائم بالحق الشخصي بمبلغ 300 دينار إلا أن المتضرر والنيابة العمومية طعنا في هذا الحكم بالاستئناف ومن المنتظر أن تحال القضية أمام محكمة الاستئناف بقفصة خلال الأيام القليلة المقبلة.