بادر فرع جمعية أحباء الطيور بالوطن القبلي مؤخرا باستقبال عدد من الصحافيين في اطار يوم إعلامي بمناسبة إقامة المخيم العالمي لدراسة هجرة الطيور بالهوارية. وخصّص اليوم لزيارة مرصد الهجرة بقمة جبل الهوارية، والالتقاء بالمشاركين في المخيم العالمي لمراقبة، ورصد هجرة الطيور، كما زار المشاركون مركز التربية البيئية التابع لجمعية أحباء الطيور بالوطن القبلي ونادي البيازرة والمغاور البونيقية التي يعود تاريخها الى العهود القرطاجنية. 8 آلاف نوع وكان اللقاء الاعلامي مناسبة لاكتشاف خفايا هجرة الطيور، ورصد أنواعها، والطرق التي تستخدمها في سيرها نحو المناطق المناسبة لقضاء الشتاء أو للعبور. وتشير المعلومات التي وفرتها لنا جمعية أحباء الطيور بالوطن القبلي إلى أن الطيور من أوسع الكائنات الحية انتشارا إلا أنها ليست من أكثرها عددا حيث يفوق مجموع أنواعها في العالم 8 آلاف نوع. وقد ساعدتها قدرتها على الطيران في الانتشار فلا يعوقها جبل ولا بحر حتى أصغرها حجما يمكنه أن يقطع المحيط دون توقف، ثم ان فطرتها جعلتها ترسم لنفسها مسالك تتبعها أثناء ترحالها. هذه الظاهرة دفعت الكثيرين الى متابعة مسارات الطيور أثناء الهجرة منها تلك التي تمر عبر منطقة الهوارية المصنفة ضمن أهم المواقع الاستراتيجية لوجودها بين نقطتين جغرافيتين حيويتين هما قارتا أوروبا وإفريقيا. رحلة الشتاء والصيف ويستخدم تعبير الهجرة في عالم الطيور للاشارة الى الحركات الجماعية للطيور بين مكانين متباعدين. وتحدث هذه الظاهرة منذ القدم وهي مرتبطة بالمواسم المناخية حتى أن حركات القبائل في العصور القديمة كانت تتزامن مع رحلات هجرة الطيور ولهذا سميت الشهور في التقويم الفارسي وفقا لرحلات الهجرة السائدة للطيور في العام حيث تبدأ مع بداية فصل الخريف من أواخر شهر أوت الى أكتوبر في اتجاه الجنوب في رحلة الذهاب ثم تبدأ رحلة العودة في الربيع من شهر مارس الى ماي باتجاه الشمال. ويمكن رصد العملية بشكل دقيق عند زيارة مرصد هجرة الطيور بقمة جبل الهوارية ففي هذا الجبل يتجمع المختصون والمولعون بهجرة الطيور سنويا تحت اشراف جمعية أحباء الطيور وادارة الغابات للقيام بإحصاء ومراقبة النسور والصقور واللقالق (بيضاء وسوداء) وسائر الطيور والعصافير التي تعبر أجواء الهوارية من شهر مارس الى موفى شهر ماي. ويقوم هؤلاء بتعداد المجموعات المهاجرة وتحديد مساراتها والاجتهاد في مراقبتها بشكل مثير للاعجاب. وتدخل هذه العملية في اطار السياحة البيئية التي تعمل عدة دوائر على نشرها في بلادنا وخاصة كل من ديوان السياحة وجمعية أحباء الطيور. تفسيرات متعددة ولكن لماذا تهاجر الطيور؟ لا توجد اجابة محددة على هذا السؤال لكن الهجرة عند الطيور أمر فطري ومن العلماء من عزاه الى التغييرات الحرارية ونقص الغذاء بينما يعتقد آخرون أنه أمر غريزي حيث تعود الطيور الى أعشاشها القديمة في فصل الصيف بعد رحلة شتوية على أساس أن كل الطيور منشؤها الأصلي: المناطق الحارة، ويرى بعضهم أن الطيور تهاجر لسبب آخر ألا وهو البحث عن مناطق توجد بها مصادر أوفر للغذاء، وتهاجر بعض الطيور نهارا وتتميز بموهبة الطيران الانسيابي مثل الأوز، والصقور، والبط، وهناك طيور تهاجر ليلا وهذه الأنواع ذات قدرة ضعيفة على الطيران مثل طائر القمري والنحام الوردي ومالك الحزين. وهناك طيور تكتفي بالتجوال وذلك بالنزول من أعشاشها في أعالي الجبال الى المنحدرات السفلية والوديان عند حلول فصل الشتاء وهذه الانواع تقطع مسافات قصيرة. بعد بيئي ويختلف ارتفاع طيران الطيور حسب أنواعها ويرتبط بتغير العوامل الجوية حيث يتراوح بين 50 الى 200 متر بالنسبة للطيور الصغيرة وبين ألف وألفي متر بالنسبة لطائر الزرزور والحمام المهاجر ليتجاوز 8 آلاف متر لبعض أنواع الطيور المائية كطائر الأوز. أما سرعتها أثناء الطيران فإن معظم الطيور تطير بسرعة تتراوح بين 30 و60 كم في الساعة ويوجد الكثير من التفاوت بينها حيث تصل سرعة طيران الأوز الى 80 كلم في الساعة ويؤثر في ذلك عامل الجو والارتفاع وقليل من الطيور تتجاوز 160 كلم في الساعة وتكتسي هذه الهجرة أيضا بعدا جماليا حيث يمكن للمولعين بالبيئة الاستمتاع بمناظر المجموعات المهاجرة وهي تسير بشكل منتظم وفي مسارات محددة (ذهابا وإيابا) كأنها تحمل بداخلها وحدات متنقلة للارصاد والاستشعار عن بعد. * إعداد الهادي الجويني