بدأ العد التنازلي لامتحانات آخر السنة وأوشك العام الدراسي الحالي على الانتهاء وتتجه الانظار ككل سنة بالاساس الى تلامذة السنوات النهائىة (باكالوريا) على اعتبار اهمية «الامتحان» بوصفه نقلة نوعية وأساسية في حياة الفرد للدخول في مرحلة جديدة متصفة بتعاظم المسؤولية وانفتاح الآفاق في آن، بالاضافة الى العدد الضخم للمؤهلين سنويا لاجتياز اختبارات الباكالوريا والذي يتجاوز عددهم هذه السنة ال 117 الف تلميذ. «الشروق» اتصلت بعدد من تلاميذ السنوات النهائية وسألتهم عن سير الدروس واستعداداتهم ل «ماراطون الامتحانات» الذي ستكون فاتحته «الرسمية» يوم 7 ماي القادم بالشروع في اختبارات ال (Bac blanc) في اطار اسبوع مغلق سيهيئ التلاميذ لملامسة اجواء شبيهة باجواء الامتحانات النهائىة التي ستمتد في الفترة من 4 الى 10 جوان القادم لحساب الدورة الرئيسية ومن الفترة من 15 الى 17 من نفس الشهر لدورة المراقبة. كما بحثت «الشروق» مع مختصين في علمي الاجتماع والنفس امكانيات التدارك الممكنة لتوفير افضل الظروف لمراجعة ذات جدوى للتلاميذ واستعداد متميز للامتحانات. إعداد: خالد الحداد ثمّن كل التلاميذ الذين اتصلت بهم «الشروق» الاجراء الذي نفذته وزارة التربية والتكوين هذه السنة بتوزيعها لأزيد من 170 الف صحيفة تتضمن اختبارات لدورات سابقة مرفوقة بالحلول اللازمة بالنسبة للشعب الدراسية الخمس (رياضيات، تقنية، علوم فيزيائية، اقتصاد، آداب) يقول التلميذ سليم حشيشة استبشرنا كثيرا بهذه المبادرة وقد نالت الصحف الدراسية اعجاب كل التلاميذ الذين عدّوها فرصة ثمينة ستعينهم في فترة المراجعة على ربح الكثير من الوقت والاستفادة القصوى عبر الاطلاع على اختبارات السنوات الفارطة ومعرفة اغلب الاشكاليات التي قد تواجهنا هذه السنة وذلك بحكم وجود الحلول داخل نفس الصحيفة. وألمح التلميذ وائل العويديدي الى السير العادي للدروس وعن المرحلة المتقدمة التي بلغتها خاصة المواد الاساسية (رياضيات وفيزياء) وقال ان حصصا قليلة تفصلنا عن اتمام كل البرامج وهو امر جيّد. وتساءل التلميذ رياض الماجولي عن عامل الوقت وقال: هناك ضغط في الوقت الى درجة كبيرة جدا، فقد تتالت علينا الدروس، ودروس التدارك ثم ترابطت الفروض العادية وتشابكت مع موعد «الأسبوع المغلق» المرتقب وقال «من غير المعقول ان يفرض علينا هذا النسق خاصة وانه كان بالامكان منحنا راحة اضافية كافية قبل «الاسبوع المغلق» حتى تحصل الفائدة منه... اما بهذا الشكل فنحن في غاية الارهاق والارباك.. وتحدّثت التلميذة نادية بن سعد (باكالوريا آداب) عن حالة التخوف التي يعيشها عدد كبير من زملائها على الرغم من انها شخصيا قد بدت واثقة من نفسها وعلى غاية من الحضور الذهني والعلمي للمرور الى مرحلة الاختبار والامتحان واشارت نادية الى ان بعض الاساتذة في مواد رئيسية لم يقدّموا لهم الدروس بصفة متكاملة وظلت معارفنا في نقص واضح على الرغم من ان الحصص الدراسية قد اوشكت على الانتهاء. وتوقف التلميذ محمد علي الناصري (باكالوريا علوم) عند اهمية العمل الجماعي استعدادا للامتحانات وقال: على هذا النحو يمكن ان نستفيد من بعضنا البعض وان يكمل احدنا الأخر حتى نستعد كما يجب للاختبارات. واستغرب التلميذ سامي المولهي من عدم التوازن الموجود في توزيع التوقيت المدرسي وخاصة في حصص التدارك واللخبطة الموجودة على مستوى ترتيب نوعية الفروض والاختبارات فمن غير المعقول مثلا حسب رأيه ان تتم برمجة فرض جغرافيا قبل اختبار رئيسي في مادة الرياضيات كما انه من غير المجدي ان تقع برمجة امتحان منفرد في آخر ساعات النهار معزولا لوحده...». وأجمع التلاميذ الذين اتصلت بهم «الشروق» على ان «الماراطون» طويل وشاق خاصة لمن لم ينضبط طوال السنة ولم يواكب سير الدروس بصفة منتظمة ودورية يقول التلميذ وائل «ليست لنا راحة عملنا يومي ومكثف ونشعر حقا بالارهاق والتعب... واجمالا ناشد «التلاميذ» القادمون على اجتياز اختبارات الباكالوريا ضرورة منحهم المزيد من الوقت للمراوحة بين الراحة النفسية والجسدية والمراجعة المركزة... وهوما يعطي اشارة هامة خاصة للاولياء من اجل اعانة ابنائهم على تحصيل قدر من الراحة والتركيز وللاساتذة من اجل حسن توجيه تلامذتهم بيداغوجيا ومنهجية حتى يتجنبوا قدر المستطاع الوقوع في الزلات والهنات. **رأي علم الاجتماع وعلم النفس: رفع الضغط وتنويع طرق المراجعة لضمان تحقق النكهة الخاصة للامتحانات تونس الشروق : أشار السيد الحبيب النهدي الباحث في علم الاجتماع الى أن «المراجعة» والامتحانات الخاصة بالسنوات النهائية (باكالوريا) تتضمّن نكهة خاصة تبقى في ذاكرة الانسان لفترة طويلة. وعبرها تتدعّم العلاقات بين التلميذ ومحيطه وبخاصة مع زملائه أثناء المراجعة ومع أساتذته من خلال الاسئلة الملحّة عن كيفيات الاعداد والطرق المنهجية الصحيحة لاستيعاب الدروس والتنبّه الى كل الصعاب التي قد تتواجد في الاختبارات (الفخاخ) ويؤكّد الباحث عن عدد كبير من الاساتذة يُحققون «مكاسب اعلامية باهرة» في الوسط التربوي من خلال حسن توجيههم واهتمامهم بمشاغل التلاميذ في مثل هذه الفترات «الصعبة» والعصيبة وألمح الدكتور النهدي الى أهمية ان تقترن فترات المراجعة والتحضير بثنائية التعامل المرح والاجتهاد المنظّم خاصة في اطار تبادل المعلومات عبر ما يوفّره العمل الجماعي من فرص ثمينة لذلك. ونوّه الباحث بايجابية اختبارات الاسبوع المغلق على اعتبارها محاولةج بسيكودرامية لوضع التلميذ في وضعية مشابهة لحالة الامتحان النهائي والحاسم وذلك بهدف ازالة حالة التخوف ورفع الضغط النفسي الذي يقع على التلميذ مع اقتراب مواعيد الامتحانات وتمكينه من ملامسة اجواء طيّبة ومرحة تيسر عليه الاقدام بثقة عالية على اختبارات الباكالوريا النهائية. وقال الباحث: «الاسبوع المغلق نقطة ارتكاز مهمّة لتعويد التلميذ على ان يعتمد على نفسه واكتساب ممهدات نفسية للنجاح...». وتوقّف الدكتور النهدي عن أهمية تنويع طرق المراجعة وفضاءاتها عبر عدم توخي الطريقة الوحيدة المعتادة للمراجعة عبر توخّي التسجيلات الصوتية والسماع وكذلك على الصور والوثائق والكتابة بالاضافة الى ايجابية الالتجاء الى الفضاءات الخضراء والحدائق والمنتزهات بما يُساهم في احداث نوع من الاريحية في نفوس التلاميذ. من جهته أشار الدكتور عماد الرقيق المختص في علم النفس الى أنه يجب على الاولياء أن يرفعوا ضغطهم عن التلاميذ من خلال الكف عن الحديث المطوّل والمتتالي عن الامتحانات ومساعدتهم على توفّر أجواء الهدوء والسكينة المساعدة على المراجعة واستيعاب الدروس. وتوقّف الدكتور الرقيق عند التأكيد على أهمية تواجد العناصر المساهمة في تحقيق التركيز الكافي لدى التلميذ حتى يكون في وضعية مريحة من ذلك أنه ألحّ على خطورة تناقص فترات النوم على ذهنية التلميذ وقال «فترة النوم اليومية يجب أن لا تقل عن الست ساعات كاملة...» ونبّه المختص النفسي الى التأثيرات السلبية المحتملة للمنبهات وخاصة «القهوة» و»السجائر» ونصح بضرورة الابتعاد قدر المستطاع عن جهاز التلفزة وعن السهر لفترات طويلة من الليل وضرورة وجود الأكلة المتوازنة التي تتوفّر على عناصر متنوعة على رأسها الغلال والعصير. وأشار الدكتور الرقيق الى أن الاولياء انفسهم يجب ان يبتعدوا عن «الاضطراب» وأن يكون هم الآخرون هادئين وعلى قدر من الاتزان لانهم دوما بمثابة القدوة لأبنائهم.