انهت احدى الدوائر الجنائية بقفصة مؤخرا النظر في جريمة القتل التي أودت بحياة موظف سام بوزارة الخارجية فقررت سجن الشقيقتين المتهمتين بقية عمرهما وسجن شاب (ابن عدل اشهاد) مدة 3 سنوات وعدم سماع الدعوى في حق والده. وقد أمضت هيئة المحكمة خلال جلستها الاخيرة حوالي 10 ساعات في الاستجوابات والتحري قبل ان تصدر حكمها في ساعة متأخرة من الليل. وكانت «الشروق» تابعت هذه الجريمة مرحلة بعد أخرى منذ تاريخ وقوعها. وقد تورط فيها أربعة أطراف وهم الشقيقتان المتهمتان بالقتل العمد المسبوق بجريمة والمتبوع بجريمة أخرى. وعدل الاشهاد وابنه المتهمان بالتدليس والمشاركة في ذلك. كما تم اتهام احدى الشقيقتين (المتهمة الرئيسية) بالاضافة الى التهمة السابقة بتهم أخرى تتعلق بالسرقة وتدليس صكوك. كانت المتهمة الرئيسية (39 سنة) تعرف الهالك حسب تصريحاتها السابقة منذ فترة الطفولة وقد اتسمت تصريحاتها الاخيرة امام هيئة المحكمة بالاضطراب والمراوحة بين الاعتراف والانكار لنية القتل. واجتهد رئيس هيئة المحكمة كثيرا حتى يفوز منها بالرواية التالية التي قدمتها بأسلوب يجمع بين الدارجة والفصحى (كانت تشتغل معلمة تطبيق) وكان ذلك ليلة 15 ديسمبر 2001 (الذي وافق ليلة عيد الفطر المبارك) عندما التقت شقيقتها (37 سنة) والهالك في ساحة عمومية كائنة بقفصة. وقد توجهوا الى منزل الشقيقة حيث قدمت الكبرى حسب أقوالها للهالك كأسا من العصير الممزوج بنبتة «الكوخرة» المخدرة فلم يكد يفرغ من احتسائه حتى احمرت بشرته وبدت عليه علامات الانتشاء قبل ان يشرع في الهذيان. وعندها اتصلت المتهمة الرئيسية حسب روايتها بابن عدل الاشهاد وطلبت حضوره ثم أجلسته في قاعة الجلوس وطلبت منه ان يحرر توكيلا يسمح لشقيقتها بالتصرف المطلق في ممتلكات الهالك ومكنته في الآن ذاته من بطاقة تعريف شقيقتها وبطاقة تعريف الهالك. وعندما فرغ من التحرير طلبت منه ان يسلمها التوكيل وان يمهلها بعض الوقت حتى يتمكن الهالك من الامضاء عليه في غرفته فهو حسب ما ذكرته لابن عدل الاشهاد شخصية هامة لا يقابل عامة الشعب! وقد التحقت بالغرفة حيث تركت الهالك فدلست امضاءه ورفعت بصمته ثم أرجعت التوكيل الى ابن عدل الاشهاد ومكنته من مبلغ 25 دينارا وانصرف في حال سبيله قصد انهاء الاجراءات لاحقا. واصلت المتهمة الرئيسية روايتها قائلة : «توجهت نحو (الهالك) لتفقده فوجدته يغط في نوم عميق فتوليتُ ادخال كانون يشتعل بالفحم حذوه لأن تناول مادة «الكوخرة» يجب ان يكون مصحوبا بالدفء ثم غلقت باب الغرفة». وأضافت انها تولت نقله الى غرفة مجاورة بعد ان اشتكى لها من صداع برأسه فناولته كأسا من المشروبات الكحولية مخلوطا ب»الكوخرة». وفي صبيحة اليوم الموالي (يوم عيد الفطر) وبتفقدها للهالك وجدت تنفسه منقطعا فقامت بعملية التنفس الاصطناعي وحاولت انقاذه دون جدوى وتأكدت انه فارق الحياة عندها أعلمت شقيقتها بوفاته وطلبت منها البقاء بحالة طبيعية وكتم السر وفي فجر اليوم الموالي شرعت في حفر حفرة في حديقة المنزل ثم جرّت اليها الجثة ودفنتها. وقد اتفقت مع شقيقتها بعد حوالي 10 أيام على التحول الى مسكن الهالك بتونس العاصمة والاستيلاء على محتوياته وبتاريخ 2001/02/27 نفذا مهمتهما بعد ان قامتا باستئجار شاحنة للغرض وكان القصد من ذلك الانتقام من الهالك على حد تأكيدها وقد تطاولت المظنون فيها على هيئة المحكمة وأحدثت الهرج في عديد المناسبات مما أوجب اخراجها من قاعة الجلسة. الشقيقة الشريكة وقد صرحت الشقيقة (المظنون فيها الثانية) والمستفيدة الوحيدة من التوكيل انها لم تعد تتذكر اي شيء وأكدت علاقتها مع الهالك منذ أيام الصغر ثم أعادت سرد بعض تفاصيل الجريمة مثلما سبق بسطها متضاربة أحيانا في أقوالها. أما ابن عدل الاشهاد فقد صرح انه وقع التغرير به وأنكر معرفته السابقة بالشقيقتين رغم مجابهته بتصريحات المتهمة الرئيسية التي أكدت معرفتها له وعلاقتها معه واتفاقهم على عديد المشاريع. وأفاد أن المظنون فيها الرئيسية اتصلت به بمكتب والده وأعلمته برغبتها في اجراء توكيل بين شقيقتها وخطيبها وان شقيقتها مريضة ولا تقوى على القدوم الى مكتبه علاوة على ان الخطيب (الهالك) شخصية بارزة ولا يمكنه الظهور الى العموم وتوصلت الى اقناعه رغم انه ليست له الصفة او الصلوحية للقيام بذلك. وقد استجاب لطلبها وتم ضرب موعد في المساء تحولا على اثره الى منزل الشقيقه أين وقعت بقية الأحداث مثلما تم بسطها وأكد ان والده (العدل) لم يكن يعلم بالموضوع بل جرت العادة على انه يحرر بعض الكتائب وذلك مساعدة منه لوالده المسن وعلى اثر ذلك يتم المصادقة عليها من طرف والده العدل وجليسه. وقد أنكر والده (العدل) اثناء المحاكمة علمه بالموضوع مفيدا انه ولكبر سنه فقد دأب على الاستعانة بابنه في تحرير بعض الكتائب ثم يصادق عليها بنفسه لاحقا. وبعد تدخل عديد المحامين نيابة عن المتهمين من جهة وورثة الهالك من جهة أخرى تم احضار المظنون فيهم فطلبت المتهمة الرئيسية في البداية الاعدام ثم طلبت الانصاف وطلبت شقيقتها وابن العدل ووالده البراءة ثم على اثر ذلك حجز القضية للمفاوضة والتصريح بالحكم. وقد تم التصريح في ساعة متأخرة من الليل بالاحكام المذكورة وقضت بسجن الشقيقتين مدى الحياة وسجن ابن العدل مدة 3 سنوات وعدم سماع الدعوى في حق والده.