مثل صباح امس امام الدائرة الجناحية بالمحكمة الابتدائىة بتونس شاب في الثلاثينات من العمر، اصيل احدى ولايات الجنوب، لاتهامه بالتحيل بعدما اوهم ثلاثة شبان بأنه يعمل بسفارة ايطاليا وانه بإمكانه مساعدتهم للحصول على تأشيرة سفر. وحسب ملفات القضية، فإن وقائعها تتمثل في تعرّف المشتبه به على الشبان الثلاثة المتضررين عندما ابلغوه برغبتهم في الحصول على تأشيرة للسفر الى ايطاليا رغم عدم استفائهم الاجراءات القانونية اللازمة فادعى المتهم امامهم بأنه يعمل بسفارة إيطاليا بتونس، وان له من «السلطات» والقدرات ما يخوّل له تمكينهم من مبتغاهم، شريطة ان يقدّم له كل منهم مبلغا ماليا ليكون المبلغ الجملي 3600 دينار تونسي وفعلا وفّر الشبان الثلاثة المبلغ المطلوب وسلّموه «لمنقذهم» الا انه استلم الاموال وتلاشى كالسراب. عندها ادرك المتضررون انهم تعرضوا لعملية تحيّل، فاتصلوا باعوان الامن وابلغوهم بما جرى طالبين تتبع المتهم قضائيا وأدلوا بأوصافه. قام المحققون بالتحريات والأبحاث اللازمة، الى ان عثروا على المشتبه به فألقوا عليه القبض، وقد تمكن المتضررون من التعرف عليه اثناء عرضه عليهم. وبالتحرير عليه حاول في البداية الانكار، الا انه امام تمسك المتضررين بأقوالهم وأمام محاصرته بالاسئلة لم يجد غير الاعتراف، فروى الى المحققين تفاصيل جريمته وسرد عليهم كامل مراحل ارتكابها. وبعد انهاء الابحاث في شأنه تمت احالته على ممثل النيابة العمومية بالمحكمة الابتدائىة بتونس حيث تراجع عن اقواله التي ادلى بها لدى باحث البداية وتمسك بالانكار، وأمام تضارب اقواله وتناقضها اصدرت النيابة العمومية ضده بطاقة ايداع بالسجن، وقررت احالته على احدى الدوائر الجناحية المختصة لمقاضاته من اجل ما نسب اليه. وقد مثل امس المشتبه به امام هيئة المحكمة حيث تراجع عن اعترافاته المسجلة عليه لدى باحث البداية وتمسك بالانكار اذ صرّح بانه كان يعرف الشبان الثلاثة منذ زمن وانه شاركهم العمل بحضائر البناء وان اشكالا طرأ بينهم في العلاقة التي انقطعت عندما اتهمه احدهم بسرقة اجرته الشهرية، واضاف المضنون فيه انه بعد مدة طويلة تعرّف على شخص ادعى بأنه يعمل بسفارة ايطاليا بتونس فعرّفه على الشبان الثلاثة المتضررين بقصد تقديم الخدمة، الا ان هذا الشخص استلم منهم اموالهم ولاذ بالفرار دون ان يكون عارفا بهويته، وقال ان المتضررين حمّلوه هو المسؤولية عما جرى لهم. لسان الدفاع ساند منوّبه عندما تمسك بأقواله امام هيئة المحكمة مؤكدا ان ملامح موكّله لا توحي بانه يعمل بسفارة ايطاليا كما افاد المحامي بأن المتضررين اتصلوا بمنوبه قبل ايقافه وطلبوا منه التوسط لهم من اجل ارجاع اموالهم التي تمّ الاستيلاء عليها من قبل شخص آخر، وعندما عجز عن العثور على المتحيل. تقدّم المتضررون بدعوى قضائية، كما شدد المحامي على وجود اغراض شخصية سابقة بين منوّبه والشبان الثلاثة واكد ان لاشيء في ملفات القضية يمكن ان يمثل دليلا قاطعا على ادانة موكله لذلك طلب من هيئة المحكمة القضاء بعدم سماع الدعوى في حق المتهم واحتياطيا اذا رأى القضاة وجها للإدانة والحكم في شأنه بأخف العقوبات الممكنة قانونا. ومن جهة أخرى تمسك ممثل النيابة العمومية بالمحاكمة حسب القانون ولوائح الاتهام، الا ان المجلس الجناحي قرر في الاخير ختم الترافع في القضية وحجزها للنظر في مآل الدعوى.