مراسلون بلا حدود: تونس في المرتبة 118 في التصنيف العالمي لحرية الصحافة لسنة 2024    وزارة الإقتصاد الأفضل لتوجيه التمويل الخارجي.. رئيس جمعية المؤسسات الصغرى و المتوسطة يوضح    لقاء بين محمد المعز بلحسين و رئيس جامعة المطاعم السياحية ...تفاصيل    الرابطة الأولى: النادي البنزرتي يستضيف الأولمبي الباجي في حوار فض الشراكة في الصدارة    الرابطة الأولى: تعيينات حكام مقابلات الجولة الثانية إيابا لمرحلة تفادي النزول    كرة اليد: بن صالح لن يكون مع المنتخب والبوغانمي لن يعود    طبرقة: تفكيك شبكة مختصة في ترويج المواد المخدرة    بطولة افريقيا للسباحة : التونسية حبيبة بلغيث تحرز البرونزية سباق 100 سباحة على الصدر    هذه هي أسعار أضاحي العيد بالقصرين    أهم النقاط التي تم الاتفاق عليها بين جامعة التعليم الثانوي ووزارة التربية    مساندة متواصلة للفئات الضعيفة.. قريبا انطلاق معالجة مطالب التمويل    وفد من الحماية المدنية في الجزائر لمتابعة نتائج اجتماع اللجنة المشتركة التقنية المنعقد في جانفي الماضي    بعد ظهوره في حالة هستيرية: سائق حافلة سياحية يكشف..    منظمة إرشاد المستهلك:أبلغنا المفتي بجملة من الإستفسارات الشرعية لعيد الإضحى ومسألة التداين لإقتناء الأضحية.    188 قتيلا في فيضانات جراء الأمطار بكينيا..#خبر_عاجل    جندوبة: 6 سنوات سجنا وغرامة مالية لممثّل قانوني لجمعية تنموية    وزارة الفلاحة ونظيرتها العراقية توقعان مذكرة تفاهم في قطاع المياه.    الحمامات: اختتام فعاليّات الصالون المتوسّطي للتغذية الحيوانيّة وتربية الماشية    صندوق النقد الدولي يدعو سلطات هذه البلاد الى تسريع الاصلاحات المالية    قرعة كأس تونس 2024.    بورصة تونس: "توننداكس" يسجل ارتفاعا بنسبة 05ر2 بالمائة خلال شهر أفريل 2024    الكاف..سيارة تنهي حياة كهل..    مدنين: القبض على مُتحيّل ينشط عبر''الفايسبوك''    الحماية المدنية:15حالة وفاة و500إصابة خلال 24ساعة.    المدير العام لبيداغوجيا التربية:الوزارة قامت بتكوين لجان لتقييم النتائج المدرسية بداية من السنة الدراسية القادمة.    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    السعودية: انتخاب تونس رئيسا للمجلس التنفيذي للمركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة "أكساد"    التلقيح ضد الكوفيد يسبب النسيان ..دكتور دغفوس يوضح    أعمارهم بين 13 و16 سنة.. مشتبه بهم في تخريب مدرسة    فوز التونسي محمد خليل الجندوبي بجائزة افضل لاعب عربي    جدل حول آثار خطيرة للقاح أسترازينيكا مالقصة ؟    أبل.. الأذواق والذكاء الاصطناعي يهددان العملاق الأميركي    عاجل/ يرأسها تيك توكور مشهور: الاطاحة بعصابة تستدرج الأطفال عبر "التيكتوك" وتغتصبهم..    دراسة صادمة.. تربية القطط لها آثار ضارة على الصحة العقلية    عاجل/ اكتشاف أول بؤرة للحشرة القرمزية بهذه الولاية..    تشيلسي يفوز 2-صفر على توتنهام ليقلص آماله بالتأهل لرابطة الأبطال الاوروبية    حالة الطقس ليوم الجمعة 03 مارس 2024    البطولة الوطنية : تعيينات حُكّام مباريات الجولة الثانية إياب من مرحلة تفادي النزول    خطبة الجمعة ..وقفات إيمانية مع قصة لوط عليه السلام في مقاومة الفواحش    نبيل عمار يستقبل البروفيسور عبد الرزاق بن عبد الله، عميد كلية علوم الكمبيوتر والهندسة بجامعة آيزو اليابانية    خطير/ خبير في الأمن السيبراني يكشف: "هكذا تتجسس الهواتف الذكية علينا وعلى حياتنا اليومية"..    اليونسكو تمنح جائزة حرية الصحافة للصحافيين الفلسطينيين    المنظمة الدولية للهجرة: مهاجرون في صفاقس سجلوا للعودة طوعيا إلى بلدانهم    العمل شرف وعبادة    ملف الأسبوع .. النفاق في الإسلام ..أنواعه وعلاماته وعقابه في الآخرة !    "أنثى السنجاب".. أغنية أطفال مصرية تحصد مليار مشاهدة    إصابة 8 جنود سوريين في غارة صهيونية على مشارف دمشق    مجاز الباب.. تفكيك وفاق إجرامي مختص في الإتجار بالآثار    بايدن يتحدى احتجاجات الطلبة.. "لن أغير سياستي"    وزارة الشؤون الثقافية تنعى الفنان عبد الله الشاهد    وفاة الممثل عبد الله الشاهد‬    صفاقس : غياب برنامج تلفزي وحيد من الجهة فهل دخلت وحدة الانتاج التلفزي مرحلة الموت السريري؟    موعد عيد الإضحى لسنة 2024    هام/ الترفيع في أسعار 320 صنفا من الأدوية.. وهذه قيمة الزيادة    وفاة الروائي الأميركي بول أستر    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الخميس 2 ماي 2024    محمد بوحوش يكتب .. صرخة لأجل الكتاب وصرختان لأجل الكاتب    وفاة حسنة البشارية أيقونة الفن الصحراوي الجزائري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عودة مفهوم الدولة .. وإسترجاع الأموال المنهوبة للخروج من عنق الزجاجة
نشر في الفجر نيوز يوم 13 - 03 - 2012

ملف من إعداد عبد الوهاب بالحاج علي - أجراء... متقاعدون.. حرفيون.. يطالبون بتخفيف الآداءات التي أثقلت كاهلهم.. أزمة تشغيل تعمّقت بعد غلق عدد من المؤسسات وتوقف عجلة الاستثمار واكتشاف مساوئ، للنهج الليبرالي والتعرف على حجم
الفساد الذي أضرّ بالبلاد رغم أن نسبة النمو كانت في السابق 5 بالمائة..
ربع التونسيين فقراء.. أكثر من 700 ألف عاطل والآلاف ينضافون يوميا لهذا الرصيد المخيف... غلاء المعيشة مقابل ضعف المقدرة الشرائية وأسعار من نار فما الحل؟
هذا أقل ما يقال عن الوضع الاجتماعي والاقتصادي للبلاد فمن أين ستنطلق الحكومة الجديدة؟ وأية سياسة اجتماعية مستقبلية؟... أسئلة عديدة حول وضع خطير في مرحلة تحديد المصير فالحكومة الجديدة المنتظرة ستجد نفسها في أكثر من مأزق بعد ان اختار الشعب نوابه ومنحهم الشرعية للقيام بالاصلاحات الضرورية خاصة أن انتظار المناطق المحرومة قد طال فبالاضافة الى 50 سنة مضت من التهميش والنسيان كانت الاشهر العشرة ما بعد الثورة (التي انطلقت من هذه الربوع أساسا) شديدة الوطأة على أهالي المناطق الداخلية خاصة والناس عامة..وفي خضم هذا الوضع الاجتماعي الصعب باتت الحكومة الجديدة ومختلف مكونات المجتمع المدني مطالبة بأكثر من حل لكن هل ستواصل الحكومة (التي تشكل أغلبيتها النهضة) النهج الليبرالي الاقتصادي الذي يقوم على الربح وأثبت فشله في الاعوام الماضية ، وهل يمكن بعث صندوق بطالة في ظل هذا النظام الذي يرفض المساهمة فيه رغم تكديس أقطابه للثروات؟
مواصلة النهج الليبرالي هل يعني أن مسألة الخوصصة ما تزال مطروحة أم أنه لابد من اعادة الاعتبار لدور الدولة في التعديل والمراقبة والاستثمار في المناطق المحرومة التي لا يلتفت اليها أصحاب الاستثمارات الذين يستهويهم الشريط الساحلي.. ألسنا بحاجة أكيدة للدولة الراعية لضمان الحماية الاجتماعية والمساهمة الفاعلة في دفع عجلة الاقتصاد بنفس الكفاءة والجدارة التي يحظى بها القطاع الخاص.
وضع ضبابي.. وملبد بالغيوم، ولا أحد يعرف ماذا يخبئ له المستقبل خاصة أنه لا يلقى الا التطمينات منذ الحملات الانتخابية لكن ما المطلوب لمغادرة هذا الموقع؟ كل التطلعات والآفاق متوقفة عند حدود التساؤل والاستفهام لاننا لم نتبين بعد على أية سابق سنرقص، على اليمنى أم اليسرى أم على الاثنين معا حتى نحقق التوافق ونعيد لكل الاطراف أدوراها لأن الازمة قد ثقلت أوزارها.
بعيدا عن منطق الأغلبية والتغول والمتفرّد بالحلول بما يجعل التوافق بين مختلف الاطياف داخل وخارج المجلس التأسيسي متوافقة على نهج واحد لا يسير نحو اليمين ولا أيضا نحو اليسار بل يصب في مصلحة واحدة وهي البلاد...
شكري بلعيد (رئيس حركة الوطنيين الديموقراطيين):عودة الدولة الراعية إلى دورها التعديلي أصبح توجها عالميا
«.. رسميا ستنتهج الحكومة المنتظرة النهج الليبرالي والحال أنه من أوكد أولويات المجلس التأسيسي الاستحقاق الدستوري مع تركيز حكومة تصريف أعمال لإجراءات عاجلة واستثنائية..».
هذا الكلام للأستاذ شكري بلعيد رئيس حركة الوطنيين الديمقراطيين الذي يرى أن ثلاثة نقاط رئيسية تحتاج لاجراءات عاجلة وهي التشغيل من خلال الدخول في أشغال عامة بغاية امتصاص أكبر عدد ممكن من العاطلين في مثل هذا القطاع وإصلاح البنية التحتية المنهارة..
أما النقطة الثانية فهي اتخاذ اجراء استعجاليا في ما يتعلق بسن التقاعد في العديد من القطاعات والمهن المصنفة دوليا كمهن خطرة وشاقة مثل النزول بسن التقاعد في التعليم إلى 55 عاما وكذلك مهن الصحة والمناجم وغيرها... وأما النقطة الثالثة فهي التخفيض في ساعات العمل لامتصاص جزء من البطالة..
ويبدو أن الدولة التي تخلت عن دورها في العهد البائد قد أصبحت اليوم مطالبة حسب عديد الخبراء ورجال الاقتصاد والسياسة بتحمل الجزء الأكبر من المسؤولية لايجاد الحلول حيث يقول الأستاذ شكري بلعيد «.. لا بد من تركيز صندوق بطالة بمعنى عودة الدولة لتحمل مسؤولياتها باعتبارها المشغل الأول والمستثمر الأول والمستهلك الأول وبهذا ننشط الدورة الاقتصادية لأنه بالنسبة إلينا هناك توجه عالمي يقضي بعودة الدولة للعب دورها التعديلي».
وفي ما يتعلق أيضا بتدهور المقدرة الشرائية يقترح رئيس حركة الوطنيين الديمقراطيين الدخول في مفاوضات اجتماعية جديّة خلال هذا العام بالإضافة إلى منع تصدير المواد الغذائية التي تنتج في تونس إلى حين خلق توازن في السوق المحلي على غرار الدجاج والبيض والخضر والغلال... التي عرفت غلاء فاحشا إذ يقول محدثنا في هذا السياق «.. تحقق هذه النقطة لا يتم إلا عندما تشتري وزارة التجارة جزء هاما من المنتوج وتسعّره، كما أنه على الوزارة تقديم كشف دوري شهري لمخزوناتها من المواد الغذائية والأساسية وتحديد نقاط بيع جهوي حتى يقع التحكم في الأسعار وتخفيضها وضرب السماسرة والوسطاء...».
ويرى الأستاذ شكري بلعيد أن هذه الاجراءات المباشرة تتطلب حكومة تصريف أعمال مكونة من كفاءات وليس حكومة أحزاب لأن حكومة تصريف الأعمال المكونة من كفاءات بمقدورها اتخاذ الاجراءات في خطة سنوية لأن الميزانية العامة للدولة حددت وأعدتها حكومة الباجي قائد السبسي وكل ما تتطلبه هو بعض التعديلات التي تتعلق بأولوية التشغيل وتحسين المقدرة الشرائية للمواطن والتحكم في الأسعار ويقول أيضا الأستاذ شكري بلعيد في هذا الباب «.. مثل هذه الاجراءات تتطلب حكومة كفاءات وخبرات وليس حكومة حزبية تتعامل بمنطق المحاصصة والغنيمة..».
الجباية ظالمة للأجراء والفقراء .. 30 مليار دولار منهوبة لا بد من استعادتها...
من أين يمكن أن تتأتى موارد الدولة لتحقيق الأهداف وتوجيه الميزانية لايجاد الحلول للتشغيل ومساعدة الحكومة؟ هنا يقول الأستاذ الجامعي محسن حسن «.. الواقع يقول إن موارد الدولة في انخفاض مستمر فطبيعة أو وتيرة النشاط الاقتصادي بطيئة خلال 2011 ومن المتوقع أن تكون خلال 2012 على نفس الدرجة من الصعوبة كما أنه وراء تراجع موارد الدولة هو أن الوضعية الاقتصادية التي يعرفها شركاؤنا التجاريون التقليديون (بلدان الاتحاد الأوروبي وحتى ليبيا) فانتهاج دول الاتحاد الأوروبي لسياسة التقشف من شأنه أن يقلّص تحويلات هذه الدولة تجاه بلادنا وتحويلات عمالنا بالخارج وتحويلات النشاط السياسي والقطاعات التصديرية عموما..».
كما قدّم الأستاذ محسن حسن جملة من الحلول منها الحشد الفعّال للادخار على المستوى الوطني ولم لا إصدار قرض وطني مهمته التمويل الجزئي لمصاريف الدولة.. وكذلك اللجوء إلى دول الخليج التي تعرف فائضا في السيولة..
تحويل الموارد
بالنسبة إلى رضا بوزريبة يرى أن الموارد ستكون ذاتية وتقوم على مجموعة الاصلاحات، وهي الجباية والاقتراض كما أن الميزانية ستشتمل ماهو موجود وتحويل الموارد حيث يقول محدثنا «.. بالإضافة إلى ذلك هناك دفوعات الجباية التي تعتبر من أهم بنود الميزانية وهي جباية ظالمة للأجراء والفقراء الذين يدفعون أكثر ممن يحصلون على أكبر الأموال والمداخيل والذين يدفعون أقل من غيرهم حتى وإن كانوا البسطاء هذا إضافة إلى تهربهم الضريبي وفسادهم المالي».
الأموال المنهوبة والشركات والضيعات..
ولا يختلف الأستاذ شكري بلعيد عن باقي المتحدثين في تصوّره لمصدر الموارد عندما يقول «.. تعبئة الموارد الداخلية والاعتماد على الأموال المنهوبة التي تتجاوز 30 مليار دولار وكذلك الأموال داخل الشركات والأراضي والضيعات التي استولت عليها عائلات بن علي والطرابلسية والتي تشكل رصيدا جديا في يد الدولة، كما أنه يمكن اللجوء للاقتراض الداخلي بإحداث سندات خزينة، مع الدخول في شراكة جديدة بين القطاعين العام والخاص وفتح الباب أيضا أمام تحويلات عمالنا بالخارج واعتمادها في شكل سندات ديون بالخزينة العامة...».
محمد عبو (عضو المجلس التأسيسي): مطلوب مصارحة الجماهير بالوضع الخطير...!
بينما تطالب عديد الأطراف بأن تكون الحكومة المقبلة حكومة تصريف أعمال لا حكومة مقتسمة أغلب حقائبها بين أبرز حزبين فائزين في الانتخابات ترى أطراف أخرى أن الحكومة المستقيلة لا يمكنها أن تواصل باعتبارها قد تركت كل الملفات مفتوحة في انتظار تشكل حكومة التأسيسي واكتفت بتصريف الأعمال فقط، فالمطلوب إذن من الحكومة الجديدة لانقاذ ما يمكن انقاذه خاصة إذا قارنا ما أتى في برنامج حركة «النهضة» بما أصبح أعضاؤها يصرحون به حيث بدأ الحديث عن الظروف الصعبة والمسائل العالقة والاخرى الآجلة.. وعن أن سنة ونصفا لا تكفي لحل كل المشاكل..
الأولويات والإصلاحات الجدية
رغم ذلك لابد من طرح السؤال على أعضاء التأسيسي الذين يمثلون الاغلبية والأستاذ محمد عبو عضو المجلس عن المؤتمر من أجل الجمهورية والمرشح لاحدى الحقائب الوزارية له موقف مما يدور حاليا حول أولويات الحكومة الجديدة المنتظرة عندما يقول «نظريا لابد أن ندخل في اصلاحات جدية والمطلوب برنامج حكومي لمدة سنة أو أكثر بقليل لتحقيق هذه الإصلاحات التي حددتها لجنة ثلاثية تتركب من المؤتمر من أجل الجمهورية وحركة النهضة والتكتل وبالتالي نتصور أن تكون الحكومة المقبلة حكومة اصلاح ضرورية وليس لتصريف الاعمال حتى لا يزداد الوضع تأزما لأن الحكومة المؤقتة المستقيلة لم تتمكن من تحقيق عديد الاصلاحات والبرامج لأنها مؤقتة وارتبطت تدخلاتها بغياب جانب الشرعية فأجلت القيام بالاصلاحات وما على الحكومة الجديدة المنتظرة الا تحقيق هذه الإصلاحات حتى وإن كانت النتيجة ايجابية نسبيا..».
الحديث عن أرقام صعب
وبالنسبة الى ما هو عاجل يقول الاستاذ محمد عبو «المطلوب أولا اصلاحات اجتماعية واقتصادية بخلق مناخ سياسي وأمني يشجع على الاستثمار ففي تصورنا تبليغ الصورة التي أصبحت عليها البلاد في الخارج لنؤكد أننا تحسنا بالنهج الديمقراطي الجديد لجلب الاستثمارات لكن دون الحديث عن أرقام أو توقعات لأن الوضع الحالي هو تحدّ كبير للحكومة..».
وبينما لا يفضّل حزب المؤتمر من أجل الجمهورية الحديث عن أرقام ونسب نمو وتشغيل كانت النهضة قد حددتها في برنامجها ب 590 ألف موطن شغل خلال أربع سنوات أي أكثر من 147 ألفا سنويا، لكن هل بمقدورها اليوم تحقيق هذا الرقم خاصة أنها صاحبة الأغلبية ومستحوذة على أغلب الحقائب الوزارية؟... هذا السؤال بدت الاجابة عنه عند الأستاذ محمد عبو واقعية وبعيدة عن بهرج شعارات الحملة الانتخابية عندما يقول:« نحن ايضا كحزب المؤتمر كنّا ننادي بتطهير القضاء والأمن وغير ذلك من البرامج والمطالب لكننا اليوم موجودون ضمن لجنة ثلاثية للتفكير والبرمجة فتخلينا عن عديد المسائل بحثا عن الوفاق ففي السياسة الناس تتنازل ولا أعتقد أننا سنخرج بخطاب خاصة أن المؤشرات الاقتصادية غير جيدة لذلك علينا أن ننجح في الاتصال بالجماهير وتحسيسها بحقيقة الوضع والمصارحة والحديث بوضوح عن أزمة بطالة كبيرة..».
صندوق الدعم والمنافسة الحرّة
وإذ ترى عديد القوى السياسية والمنظمات أن النهج الليبرالي والذي كان معتمدا في العهد السابق لا يمكن له أن يكون الحل الأمثل بينما يرى الأستاذ محمد عبدو العكس إذ يقول:« النهج الليبرالي أو غيره تصور اقتصادي لا يمكن أن يلغي دور الدولة وهي موجودة لضمان مجانية التعليم والصحة والمحافظة على صندوق الدعم لكن في المقابل توجد المنافسة الحرّة ثم لا ننسى أن هذا الوضع الذي نعيشه لسنا المسؤولين عنه كتونسيين لكننا مطالبون بالقضاء على الفساد»..
بالإضافة الى كل التوضيحات التي قدمها الاستاذ محمد عبو والذي كما ذكرنا انه مرشح لاحدى الحقائب الوزارية فإنه عند الحديث عن موارد الدولة لتحقيق الاصلاحات العاجلة، وما إذا كانت هذه الموارد ستعتمد على الجباية التي أثقلت كاهل العديدين يعيد موضحا هذه النقطة :«قبل الحديث عن مسألة الموارد والجباية لابد من مراجعة عديد القوانين التي فيها حيف لبعض التجار والحرفيين..
ولابد من أن يكون كل شيء قائما على الشفافية ونعوّل على وعي المواطن اذ لا يعني أننا سنتخلى عن جزء من مداخيل الدولة الجبائية لكن دون الضغط على المستثمرين وإدارة الجباية وغيرها...».
ولا يخفي الأستاذ محمد عبو أن انطلاقة الحكومة الجديدة ستكون في خضم وضعية صعبة ومن سيحكم عليه تذليل الصعوبات..
الحفاظ على النهج الليبرالي، مواصلة لخيارات «المخلوع» المرفوضة...
لاشك أن استعادة الدولة لدورها من شأنه أن يحدّ من الطموح الليبرالي لأنها ستقف في موقع المراقب والمعدّل والمتدخل الرئيسي في الاستثمار للخروج من عنق الزجاجة، ولعل الاستاذ شكري بلعيد يؤكد هذا الطرح عندما يقول:« نحن ضد الخوصصة ومع دور مركزي للدولة ونحن مع الدور التدخلي للدولة ومع دورها التعديلي وهذا أثبتته أحداث العالم حيث رأينا جميعا ماذا حدث في اليونان لذلك فإن التمشي الليبرالي والخيارات الليبرالية هو مواصلة لخيارات بن علي وتكريس لمصالح المؤسسات المالية الدولية التي أدت الى كوارث في عديد البلدان منها اليونان..
ويفسر الأستاذ شكري بلعيد رفضه للنظام الليبرالي كتوجه اقتصادي لحل المشاكل بالقول «الشعب عندما ثار على بن علي كانت ثورة ضد خياراته الاقتصادية والاجتماعية وثورة ضد نمط تنموي مرفوض لذلك فلا يمكن تصوّر بناء تونس الجديدة بدون حقوق اقتصادية واجتماعية تضمن الكرامة لعموم الشعب»..
من جهته قال رضا بوزريبة «مسألة الخوصصة لا يمكن أن تكون مطروحة اذا ما تم اعادة الاعتبار لدور الدولة.. فالدولة فشلت في السابق بسبب التيار الليبرالي والاختيار الاقتصادي وليس الفساد فقط لأن الفساد في السابق قد يكون حرمنا من نقطتين على مستوى النمو بل النهج الليبرالي الذي يصب في إطار تكديس الثورة على حساب المكاسب الاجتماعية هو السبب الرئيسي في فشل الدولة سابقا.. من جهة ثانية نعتقد أن منوال التنمية إذا لم يعتمد بعث مؤسسات حسب خصوصيات كل منطقة أو كل جهة وايجاد حلول مرحلية بما يشجع على الاستثمار في هذه المناطق التي لا يجازف المستثمر بدخولها لكن لا يمكن بأية حال من الأحوال إيجاد حلول للفقر والتشغيل بمنوال ليبرالي.
خطة الحكومة الجديدة
استعدادا لتسلم الحكومة الجديدة التي ستتسلم مهامها من الحكومة المؤقتة المستقيلة تم تكوين لجنة ثلاثية صلب المجلس التأسيسي تضم حركة النهضة وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية والتكتل تجتمع منذ أيام بغاية اقرار مجموعة من الاصلاحات السياسية العاجلة في علاقة باصلاح المنظومتين الأمنية والقضائية وبلوغ توافق بين السلط المؤقتة وقوى المجتمع المدني في اطلاق مسار العدالة الانتقالية.
وحسب ما تسرّب من معلومات عن اللجنة الثلاثية فإنه من أبرز أولويات الحكومة الجديدة ما يتعلق بالمجال الاقتصادي والاجتماعي على أنه ستظهر ملامح ذلك خلال مناقشة الميزانية في المجلس التأسيسي ..
ومن خلال الميزانية الخاصة بالسنة المقبلة ستتحدد أيضا الأولويات والرهانات المتمثلة (حسب ما تسرب أيضا من مناقشات اللجنة الثلاثية) في اتخاذ اجراءات عاجلة في ما يخص البطالة.
ورغم أن هذه الاجراءات لن تحل معضلة البطالة بصفة جذرية فمن الضروري أن تعكس الاتجاه العام الذي يستوجب إعادة الاطمئنان والثقة لجميع مكونات المجتمع توقّيا حتى من «ديڤاج» وذلك من خلال اقترابات ملموسة كمسألة الجهات المحرومة التي يجب أن تبرز كأولوية في الميزانية مع معالجة ملف الديون والتداين..والثابت أيضا أنه ستقع معالجة وضعية المؤسسات الكبيرة الموضوعة تحت إدارة مؤتمنين عدليين بإحالة عدد منها على الدولة وانصاف الجزء الآخر على مستوى العملة والتسيير باعتبار أن بعضها خاضع لشراكة مع رؤوس أموال خارجية وجب طمأنتها..
بالإضافة الى كل ذلك سيوضع ملف الأموال المجمّدة على طاولة النقاش تماما مثل الأموال الموجودة بالخارج بغاية استثمارها في أشياء مرئية وفض مشكل المال العام المجمد باجراءات عاجلة ونافذة لجلبه مع حرص جميع الأطراف على فرض أسلوب حوكمة جديد لمقاومة الفساد والتجاوزات في الإدارة.
وحسب ما تسرّب عن المشاورات الثلاثية فإنه سيتم الشروع في استثمارات واسعة حول ملفات كبرى لم تجرؤ الحكومة المؤقتة المستقيلة على فتحها وتتعلق بالتربية والتعليم والتكوين والجباية والتأمين على المرض والتقاعد... وهي ملفات (حسب جل أعضاء المجلس التأسيسي شائكة وقنابل موقوتة قادرة على اسقاط 10 حكومات لذلك سيتم السعي الى معالجتها بصورة بيداغوجية تقوم على مصارحة الناس بحقيقة الأشياء وكشفها


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.