القوة الناعمة مصطلح أطلقه نائب وزير الدفاع الأسبق في حكومة بوش الأب على وسائل الغير قاتلة في الحروب حيث أنها تؤدي الى نفس الدور الذي تؤديه أدوات التسليح والتدمير ولكن بشكل ناعم قد لا يريق دماء . وقد صار المصطلح عنوانا على استغلال الدبلوماسية والتخابر والثقافة في غزو الآخر وتدميره دون نزيف ...ثم أتى الاعلام في قلب هذه القوة الناعمة والمدمرة . وسائل الاعلام في التجربة التونسية بعد الثورة وكذلك في الاستغلال الدولي القديم لوسائل الثقافة في التأثير على الهوية العربية الأسلامية لمجتمعنا . تحولت بالفعل الى وحش . واخشوشنت بشكل ينزف بها الدم تماما كما يفعل السلاح القاتل.. وقد تبدو مظاهر الخشونة في عدة أمور كل شيء صار مباحا للمناقشة والجدل على الملأ...لقد أستباحت خصوصيات الأفراد والجماعات والدول والثقافات . وصار الجنس يناقش دون حياء . والدين تطرح قضاياه من العامة والرعاع وأشباه المثقفين دون ضوابط . فطول عمر المؤسسات الاعلامية معروفة ومن يديرها ولأي هدف يسعى ...الآن المؤسسة الأعلامية فقدت هويتها الثقافية والسياسية واختفى من يديرها من وراء حجاب . وهذه الوضع الغريب وضع الاعلام في مأزقين خطيرين أولهما . فتح الباب للتمويل الخارجي أو الداخلي ممن في نفوسهم مرض حول الدين وهوية الوطن وثانيهما .غياب المحاسبة والمسائلة وبأي قانون سوف يسأل صناعة نجوم من ورق...فالاعلام لا يكتفي بصناعة قضايا تافهة بل الأخطر أنه يصنع نجوما أشد تفاهة...يجلس هذا النكرة أمام الكاميرا وتتفتح أوداجه وينشر أحقاده على الناس وهو لا يساوي شيئا من ميزان الدين لا الدنيا الصداع والتوهان الذي يقع فيه عامة الناس .فقد ثبت علميا أن التعرض الاعلام المرئي يسبب نحو 33في المائة من حالات الصداع النصفي . وأن القلق والأضطراب والشقاق الأجتماعي بين الأسرة يعود الى المضامين الاعلامية بنسبة نحو 42 في المائة فضلا من الشقاق السياسي والأخلاقي الذي يعانيه الناس من هذه الآلة الاعلامية الجهنمية . وفي الأحداث التي نعيشها اليوم فتش عن كل المصائب تجد سببها البارز هو الاعلام ولسائل أن يسأل وما العلاج ؟ العلاج يعود الى فعل واحد وهو عودة الضمير لكل صاحب رأي أو قول أو فعل . الضمير الذي يجعل الاعلامي يقدر خطورة الكلمة ومسؤولية الرأي وحرمة الكذب والمبالغة والتدليس . والتجريم والتآمر ويؤمن بأن مصلحة الجماعة مقدمة على مصلحة الفرد ومصلحة الوطن أو سع من مصلحة الأحزاب وأن اشاعة الفاحشة محرمة دينا ودنيا ومجرمة قانونا . وقول الصدق واجب وليس مصلحة والكلمة أمانة وحساب أهل الفتنة فريضة شرعية واستحقاق ثوري . ناشط سياسي ونقابي*