اتهم وزير مغربي الحكومة الجزائرية بقيادة خطة تكتسي بعدا حقوقيا وسياسيا للهروب من الاستحقاقات السياسية المطلوبة منها لإنهاء خلافاتها مع المغرب وفتح الحدود البرية المغلقة بينهما منذ العام 1994.وأرجع وزير الدولة المكلف بالعلاقات مع البرلمان محمد سعد العلمي في تصريحات خاصة ل "قدس برس" التصعيد الجزائري ضد المغرب فيما يتصل بالموقف من مصير الصحراء الغربية، يعود إلى خيبة الجزائر بسبب القبول الواسع للمقترح المغربي لحل النزاع مع جبهة البوليساريو، وقال: "الالجزائر مع كامل الأسف تهرب دائما إلى الأمام بخلق أزمات جديدة، وذلك في إطار الهروب من العزلة التي أصبحت تشعر بها بسبب مواقفها من التوتر القائم في شمال إفريقيا، فالقوى الحية في العالم أصبحت مقتنعة بأنه ينبغي الوصول إلى حل توافقي بمساهمة كل الأطراف بما يؤدي إلى حل النزاع في المنطقة، حيث أن الأممالمتحدة ثمنت الأطروحة المغربية ووصفته بالمصداقية والجدية وأنه يمكن أن يكون أساسا لحل كامل، ومن هنا تعمل الجزائر على الهروب من هذه الضغوط السياسية، بالإضافة إلى الضغوط الإنسانية المتزايدة التي بدأت تظهر من خلال تظاهر عشرات الآلاف من العائلات المغربية التي طردتها الجزائر بسبب انتهاء النزاع بين المغرب وإسبانيا بشأن الصحراء، وبسبب استمرار إغلاق الحدود البرية الذي قطع الأرحام، وبالتالي هو هروب من هذا الاستحقاق الإنساني أيضا". واعتبر العلمي أن اتهام المغرب بانتهاك حقوق الإنسان الصحراوي ليست إلا محاولة للتعمية على أوضاع مئات الآلاف من اللاجئين في مخيمات تندوف الذي تتحمل الجزائر مسؤوليته، وقال: "ملف حقوق الإنسان هو الآخر تحاول الجزائر استخدامه للتعمية على أوضاع حقوق الإنسان في مخيمات مئات الآلاف من تندوف، حيث أن الجزائر إلى اليوم ترفض السماح للمندوبية السامية للاجئين من أجل الدخول إلى المخيمات من أجل إحصاء عدد اللاجئين والتعرف على حقيقة أعدادهم وأوضاعهم وهوياتهم، فالتقرير الأخير للمندوبية السامية للاجئين تحدث عن أن عدد اللاجئين لا يتجاوز90 ألف وأن أوضاعهم غير لائقة لكن ما هو مطلوب أن نعرف هوياتهم، هذا هو الجانب الإنساني الذي تحاول الجزائر التهرب من خلال التصعيد، فهو هروب إلى الأمام وخشية من بداية انكشاف حقائق الأوضاع الإنسانية". وأعرب العلمي عن أسفه لأن الجزائر بموقفها التصعيد تجهض أي محاولة لتشكيل جسم مغاربي قادر على التفاوض مع التجمعات الدولية لا سيما منها الاتحاد الأروبي، وقال: "التصعيد الجزائري ضد المغرب للأسف يؤكد أن الجزائر تعمل ضد التيار، لأنه على المستوى العربي والجهوي والدولي توجد دعوة للأطراف من أجل تشييد اتحاد المغرب العربي واندماجه اقتصاديا ليكون مفاوضا مؤهلا للحوار مع الاتحاد الأروبي، ولكن الجزائر لأسباب تعود إلى الماضي لا تزال تعارض هذه الجهود". وقلل الوزير المغربي من أهمية الحديث عن القوة الاقتصادية في الجزائر بسبب عائدات النفط، ونفى أن تكون مصدر خشية لدى المغرب، وقال: "المغرب له ثروة دائمة، ويتعلق الأمر بثروته البشرية، فالمغاربة واعون ومجندون في أوراش كبرى لتنمية بلادهم، صحيح امكانياتنا المالية ليست في مستوى ما تحصل عليه الجزائر من عائدات البترول، ولكننا نعتبر أن عدم توفرنا على البترول هو نعمة كذلك لأنه يحث الشعب المغربي على العمل لتنمية بلاده، والآن والحمد لله هناك تطور للمغرب بنسبة 6% كوتيرة للنمو سنويا ويشمل هذا النمو الصناعة والفلاحة والصناعات الجديدة، وهناك الآن مشروع المغرب الأخضر، هذه هي الثروة التي لا تنفد، وحسب دراسات أخيرة تم الإعلان عنها فإن احتياطات الجزائر من النفط قد لا تتجاوز ثلاثين سنة، وهذه مدة ليست كبيرة في عمر الشعوب، ومع ذلك كنا نتمنى لو أن الجهود تضافرت لتشكيل وحدة اقتصادية ينتفع منها الجميع، وأول خطوة لذلك هي أن تتجاوب الجزائر مع خطوة فتح الحدود بين البلدين". وأكد العلمي أن المغرب ليس في وارد التنازل عن حبة تراب واحدة، وحذر من مغبة الانزلاق مجددا إلى الحرب، وقال: "نحن نخشى شرور الحرب وجر المنطقة إلى حرب، لأن الحرب مدمرة للجميع، ولذلك نتمنى أن تتغلب الحكمة حتى يبقى بصيص من الأمل في غد أفضل، وأن نجنب المنطقة مخاطرها، ولكننا ان نتنازل عن ذرة تراب واحدة مهما كانت التكاليف"، على حد تعبيره.