ماء الصوناد صالح للشرب لكن التونسي تعود على شرب المياه المعلبة... مدير عام الصوناد يوضح    وزارة التشغيل : '' الشركات الأهلية ليست جمعيات خيرية وعلينا ضمان ديمومتها ''    عقوبات سجنية وخطايا مالية للاجانب والاشخاص المخالفين ، ابرز التنقيحات المقترحة في القانون المتعلق بحالة الاجانب بالبلاد التونسية    البنك المركزي التركي يتوقع بلوغ التضخم نسبة %76    قفصة: تأثيرات إيجابية لتهاطل الأمطار على مواسم الزراعات الكبرى والغراسات المثمرة والخضروات والأعلاف    القطاع الغابي في تونس: القيمة الاقتصادية وبيانات الحرائق    جندوبة: حريقان والحماية المدنية تمنع الكارثة    السلاطة المشوية وأمّك حورية ضمن أفضل السلطات حول العالم    الكاف: عروض مسرحية متنوعة وقرابة 600 مشاركا في الملتقى الوطني للمسرح المدرسي    بطاقة جلب في حق سنية الدهماني    قليبية: الكشف عن مقترفي سلسلة سرقات دراجات نارية    بطاقة جلب في حق سنية الدهماني    رادس: إيقاف شخصين يروجان المخدرات بالوسط المدرسي    اليوم: فتح باب التسجيل عن بعد بالسنة الأولى من التعليم الأساسي    عميد المحامين: نتعرّض للتحريض من قبل هؤلاء ما أدى لمحاولة قتل محام    رئيس منظمة إرشاد المستهلك: أسعار لحوم الضأن لدى القصابين خيالية    بقيمة 7 ملايين دينار: شركة النقل بصفاقس تتسلم 10 حافلات جديدة    بلطة بوعوان: العثور على طفل ال 17 سنة مشنوقا    عاجل/ غلاء أسعار الأضاحي: مفتي الجمهورية يحسمها    كأس تونس: تغيير موعد مواجهة مباراة نادي محيط قرقنة ومستقبل المرسى    الأمطار الأخيرة أثرها ضعيف على السدود ..رئيس قسم المياه يوضح    مقتل 10 أشخاص وإصابة 396 آخرين خلال ال24 ساعة الماضية    بطولة روما للتنس: أنس جابر تستهل اليوم المشوار بمواجهة المصنفة 58 عالميا    الرابطة الأولى: برنامج مواجهات اليوم لمرحلتي التتويج وتفادي النزول    عاجل/حادثة اعتداء أم على طفليها وإحالتهما على الانعاش: معطيات جديدة وصادمة..    وزير السياحة يؤكد أهمية إعادة هيكلة مدارس التكوين في تطوير تنافسية تونس وتحسين الخدمات السياحية    نرمين صفر تتّهم هيفاء وهبي بتقليدها    لهذه الأسباب تم سحب لقاح أسترازينيكا.. التفاصيل    دائرة الاتهام ترفض الإفراج عن محمد بوغلاب    بسبب خلاف مع زوجته.. فرنسي يصيب شرطيين بجروح خطيرة    نادي ليفربول ينظم حفل وداع للمدرب الألماني يورغن كلوب    الكشف عن توقيت مباراة أنس جابر و صوفيا كينين…برنامج النّقل التلفزي    منبر الجمعة .. الفرق بين الفجور والفسق والمعصية    خطبة الجمعة .. لعن الله الراشي والمرتشي والرائش بينهما... الرشوة وأضرارها الاقتصادية والاجتماعية !    اسألوني ..يجيب عنها الأستاذ الشيخ: أحمد الغربي    إتحاد الفلاحة : '' ندعو إلى عدم توريد الأضاحي و هكذا سيكون سعرها ..''    بلا كهرباء ولا ماء، ديون متراكمة وتشريعات مفقودة .. مراكز الفنون الدرامية والركحية تستغيث    أحمد العوضي عن عودته لياسمين عبدالعزيز: "رجوعنا أمر خاص جداً"    مدنين.. مشاريع لانتاج الطاقة    قوات الاحتلال تمنع دخول 400 شاحنة مساعدات إلى قطاع غزة..#خبر_عاجل    عاجل/ هجوم جديد للحوثيين على سفينة في خليج عدن عبر زورق مسلحين    عاجل/ مفتي الجمهورية يحسم الجدل بخصوص شراء أضحية العيد في ظل ارتفاع الأسعار..    أضحية العيد: مُفتي الجمهورية يحسم الجدل    بلاغ هام للنادي الافريقي..#خبر_عاجل    المغرب: رجل يستيقظ ويخرج من التابوت قبل دفنه    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    اليوم: تصويت مرتقب في الأمم المتحدة بشأن عضوية فلسطين    ممثلة الافلام الاباحية ستورمي دانيلز تتحدث عن علاقتها بترامب    دراسة: المبالغة بتناول الملح يزيد خطر الإصابة بسرطان المعدة    بنزرت.. الاحتفاظ بثلاثة اشخاص وإحالة طفلين بتهمة التدليس    نبات الخزامى فوائده وأضراره    كاس تونس لكرة القدم - تعيين مقابلات الدور ثمن النهائي    اللغة العربية معرضة للانقراض….    تظاهرة ثقافية في جبنيانة تحت عنوان "تراثنا رؤية تتطور...تشريعات تواكب"    قابس : الملتقى الدولي موسى الجمني للتراث الجبلي يومي 11 و12 ماي بالمركب الشبابي بشنني    سلالة "كوفيد" جديدة "يصعب إيقافها" تثير المخاوف    سابقة.. محكمة مغربية تقضي بتعويض سيدة في قضية "مضاعفات لقاح كورونا"    سليانة: تنظيم الملتقى الجهوي للسينما والصورة والفنون التشكيلية بمشاركة 200 تلميذ وتلميذة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار مكشوف مع وليد البناني نائب رئيس حركة النهضة التونسية
نشر في الفجر نيوز يوم 28 - 12 - 2008


حاوره من باريس / الطاهر العبيدي
*..قتل متعمد لمليون ونصف المليون من شعبنا الفلسطيني المجاهد...
* صمت هذه الشعوب العربية هو صمت العاصفة..
...لم نتوقع أن يقع إطلاق سراح كل المساجين...
*..الشيخ راشد الغنوشي، لم يطلب العفو أو الاعتذار لا في عهد بورقيبة ولا في عهد بن علي...
*ستعمل الحركة في المرحلة المقبلة على جعل ملف العودة مطلبا وطنيا...
*الإفراج خاليا من أي دلالة سياسية أو مبادرة في اتجاه معالجة قضية...
*...في ظل هذه الهيمنة تموت السياسة وتؤد المبادرات...
*العلاقة بين الحركة والسلطة لن تتغير في المدى المنظور...
تريد السلطة إرهاب كل من يفكر في الاحتجاج على منوال أهالي الحوض المنجمي...
*التجربة أثبتت أن السلطة تتراجع إذا تكثفت عليها الضغوط...
غزّة - منتظر الزيدي - إعادة الدكتور صادق شورو إلى السجن- محاكمات قادة الاحتجاج الاجتماعي لما يعرف بالحوض المنجمي - القلق السياسي عند بعض القواعد - واقع المنفيين - ملف العودة - المصالحة - العلاقة مع النظام - ماذا بقي لحركة النهضة التونسية...؟؟؟ هذه بعض عناوين أسئلة طرحناها على الأستاذ وليد البناني- نائب رئيس حركة النهضة التونسية - الذي أجابنا مشكورا برحابة صدر، وتحمّل أسئلتنا المستقاة من المحيط، ومن الخط الدائري للحركة، ومن خلال ما يطرح في الأحاديث الصامتة والناطقة، داخل وخارج الفضاء السياسي التونسي. فكان هذا الحوار.
ما هو تعليقكم على حادثة ضرب بوش بالحذاء من طرف الصحفي العراقي منتظر الزيدي؟
- بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
هذا موقف بطولي سيسجله التاريخ، أثلج هذا الحدث صدور مئات الملايين من المسلمين المقهورين تحت نير الاحتلال وظلم الأنظمة العربية المتواطئة، وأكد أن منتظر الزيدي العربي الأعزل، حر في إرادته رغم احتلال بلده، شجاع لا يهاب رئيس أقوى دولة بجيوشه وحرسه، ولا يقرأ حسابا لما سيلحقه من تنكيل وعقاب. هذه الحادثة تعبير واضح جليّ على أن الشرفاء في الأمة العربية لن يقبلوا أبدا احتلال بلدانهم، سواء كان ذلك في العراق أو فلسطين أو أفغانستان، وأن صمت هذه الشعوب العربية هو صمت العاصفة التي ستثور لتقتلع جذور الاحتلال وعملائه، ولن يكون ذلك بعيدا بإذن الله " يومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو القوي العزيز".
غزة تقاسي من بشاعة الحصار الإسرائيلي، وتعاني من الصمت العربي الرسمي الآثم، فماذا قدمت لها الحركات الإسلامية وتحديدا مساهمة حركة النهضة التونسية، للتخفيف من هذا الحصار الظالم؟
- تتابع الحركة العدوان الصهيوني على شعبنا الفلسطيني بغزة، وحصاره المتواصل للقطاع والذي شمل إغلاق كل المعابر، وأوقف إمدادات الوقود
والغاز والدواء بشكل تام، فأحكم بذلك الحصار الشامل على القطاع، ممّا يعني توقف الحياة و القتل المتعمد لمليون ونصف المليون من شعبنا الفلسطيني المجاهد على مرأى ومسمع من العالم، وبمباركة من الإدارة الأمريكية وعجز عربي رسمي متخاذل، وصمت دولي متواطئ، وقد أدانت الحركة بشدة الجرائم البشعة التي يقترفها الكيان الصهيوني في حق شعبنا الفلسطيني الأعزل من تقتيل وحصار وتجويع.
وعبّرت عن تضامنها مع إخواننا في غزة، الذين يتعرّضون لحرب إبادة، وحيّت صبرهم وصمودهم . الشعوب العربية و الإسلامية واقفة مع إخواننا في فلسطين تسندهم ولن تتخلى عن فلسطين رغم المكائد و المظالم، ولكنها لا تستطيع أن تفعل شيئا ملموسا مادام النظام الرسمي العربي يغلق كل المنافذ مع فلسطين،
والحركة تدعو كل الفصائل الفلسطينية لتوحيد الصف و تنسيق المواقف و تجاوز الانقسام داخل الساحة الفلسطينية لمواجهة العدوان الصهيوني، وإحباط كل مخططاته الإجرامية.
صدرت أخيرا في تونس يوم 12 كانون الأول 2008 أحكاما بالسجن وصلت إلى عشر سنوات، ضدّ العديد من الموقوفين من الحركة الاحتجاجية ذات الطابع الاجتماعي، لما يعرف بالحوض المنجمي ( التي تضم مدن الرديف، قفصة، وأم العرايس)، تلتها أحكاما أخرى انضافت لعدد من الشباب الذين تظاهروا في الشارع، احتجاجا على هذه الأحكام، فما هو رأي حركة النهضة في هذه القضية؟
- من خلال هذه الأحكام القاسية، التي أدانتها الحركة بشدة، تريد السلطة إرهاب كل من يفكر في الاحتجاج على منوال أهالي الحوض المنجمي، فهي لا تحتمل أن تتسع مثل هذه الاحتجاجات الشعبية المشروعة. السلطة تخاف نزول المواطنين إلى الشارع، ولذلك فهي تستنفر كل قواتها القمعية للتصّدي لأي تحرّك مهما كان شعاره أو لافتته. إن التجربة أثبتت أن السلطة تتراجع إذا تكثفت عليها الضغوط حتى وإن اقتضى ذلك مزيدا من التضحيات. ولابدّ أن يشارك في هذه الضغوط القطاع الواسع من فعاليات المجتمع المدني، والأحزاب السياسية، والقطاعات المهنية والطلابية، حينها لا تتفرّد السلطة بطرف واحد فيسهل تصفيته. وقد دعت الحركة منذ سنوات إلى تكثيف وتنسيق الجهود ضمن جبهة وطنية ،لحمل السلطة على تحقيق المطالب الوطنية المشروعة. إذا لابد من مزيد الضغط على السلطة، فإذا أبدت هذه الأخيرة استعدادا لفتح ملفات الإصلاح يكون التفاعل بحسب جدية السلطة، أما انتظار منّة السلطة وتكرّمها تلقائيا فهذا وهم أو أماني لا تزيد إلا في معاناة شعبنا.
ما هي قراءتكم حول الإفراج عن آخر مجموعة من مساجين حركتكم وماذا بقي لحركة النهضة بعد خروج كل المساجين؟
- جاء هذا الإفراج خاليا من أي دلالة سياسية أو مبادرة في اتجاه معالجة قضية حركة النهضة، فالظاهر أن السلطة اعتبرت هذا الإفراج مندرجا ضمن ما تسميه بالتسوية الإنسانية الفردية بعد تكاثر ضغوط المنظمات الحقوقية، وبعدما أصبح بقاء قيادات وكوادر النهضة في السجن عبئا ثقيلا على السلطة، خاصّة وهي مقبلة على سنة انتخابية، تريد أن تستغلها لتلميع صورتها التي شوهها قمعها للحريات. رغم ذلك فنحن مبتهجون بخروج ما تبقى من قيادات وكوادر الحركة، ونعتبر هذا الإفراج خطوة ايجابية وإن جاءت متأخرة جدا ومنقوصة، خاصّة إذا ما نظرنا لمعاناة الإخوة المسّرحين المحرومين من أبسط حقوق المواطنة ( تنقل تداوي شغل...)
ولم يدم خلو سجن السلطة من مساجين النهضة سوى 3 أسابيع، فكما تتابعون فقد وقع اعتقال الشيخ صادق شورو الرئيس السابق للحركة يوم 03 ديسمبر 2008، ولم يمض على خروجه 3 أسابيع، لم ينعم فيها بالحرية والأمن، ثم ها هي السلطة تحاكمه من جديد ظلما وعدوانا بسنة سجن نافذة، وهي لعمري رسالة واضحة الدلالة لمن توهّم أن هذه السلطة لا تناصب العداء لهذه الحركة، أو هي مستعدة للسماح لها بالتواجد القانوني الذي يكفله لها الدستور، أو أنها قد تغض الطرف عن رموزها ليعبروا عن آرائهم وأفكارهم خارج الدائرة والمساحة التي حددتها السلطة سلفا لكل معارضيها. إن سجن الدكتور صادق شورو يجب أن يزيل وهم من ظن أن هذه السلطة تقدّر حسن نوايا معارضيها أو أنها تستجيب من تلقاء نفسها للمطالب الشعبية المشروعة. ليس لحركة النهضة مطالب حزبية بحتة، فعندما تطالب الحركة بإطلاق المساجين فهي تطالب بذلك لمساجينها ولبقية المساجين الآخرين، سواء كانوا الشباب الذين سجنوا بموجب " قانون الإرهاب " أو النقابين أو مساجين الحوض المنجمي، وعندما تطالب الحركة بحرية التنظّم أو حرية التعبير أو حرية التنقل وعودة المغتربين فهي تطالب بذلك للجميع، معتبرة هذه المطالب مطالب وطنية، ذلك أن حركة النهضة لا تنظر لقضايا البلاد من زاوية حزبية ضيقة، سواء في علاقتها مع السلطة أو مع بقية الأطراف السياسية الأخرى، فغاية وجودها هو خدمة أبناء شعبها وبلدها، من منطلق فهمها لدينها ولعقيدتها، وهي حركة إسلامية إصلاحية ذات أبعاد تربوية واجتماعية وثقافية وسياسية، لا يتنهي دورها بخروج آخر سجين من سجنائها. فواجب الحركة تجاه شعبها وبلدها لن ينته فهو ممتد مع الزمن أجيال بعد أجيال. إذا ما بقي للحركة بعد خروج كل المساجين إذا تم فعلا هو الجهد الدءوب مع بقية الأطراف الوطنية للمساهمة في تعديل موازين القوى المختلة بين السلطة والشعب، هو العمل المتواصل من أجل مزيد من الحرية في كل الميادين، فمعركة البلاد والحركة جزء منها هي معركة الحرية، ذلك الشعار الذي رفعناه في مطلع التسعينات من القرن الماضي ودفعنا من أجله الشهداء والسجناء والمنفيين، ذلك الشعار لم يتحقق حتى الآن، فإذا توفرت الحرية للجميع ستتمكن الحركة من الإسهام في كل المجالات التربوية والثقافية والاجتماعية والسياسية، وسيكون المستفيد الأول هو شعبنا وبلادنا.
الملاحظ أن إطلاق سراح آخر دفعة من القيادات المسجونة باغتكم، فهل من توضيح في هذا الشأن، وما هو برأيكم الحصاد السياسي للحركة طيلة سنوات المنفى؟
- لا يستطيع أحد أن يقرأ مسبقا تصرّف السلطة. فعلا لم نتوقع أن يقع إطلاق سراح كل المساجين، كنا نتوقع أن تنهج السلطة نفس النهج فتبقي مجموعة من المساجين رهائن، فلا أحد يعرف المعايير التي اعتمدتها السلطة في إطلاق كل الدفعات السابقة، خاصّة وأن الجميع حوكموا في نفس القضية وأمام نفس المحكمة. كما أن جميع الملاحظين لم يتوقعوا إعادة رموز الحركة إلى السجن بتهمة سخيفة مثل الاحتفاظ بجمعية غير مرخص فيها. إذا مع هذه السلطة يمكن أن تتوقع الشيء ونقيضه وللأسف، أما الحصاد السياسي للحركة طيلة سنوات المنفى؟ " : فقد امتد قرابة عقدين كاملين، ولم يبدأ بالفعل السياسي بما هو علاقة مع السلطة والأطراف الأخرى، أو بما هو حضور سياسي متعارف عليه على الساحة الوطنية أو الدولية، بل كان قبل كل شيء معركة وجود وبقاء. فكما يعلم الجميع فقد استهدفت الحركة استهدافا استئصاليا ضمن ما سمي "بخطة تجفيف الينابيع"، فضربت مؤسسات وقيادات وأعضاء الحركة، فشملت الإيقافات أكثر من 30 ألف عضو في سنوات التسعينات من القرن الماضي، فتعطلت المؤسسات واعتقلت القيادات والكوادر ومن أفلت من مخالب البوليس السياسي توزع على قرابة 50 دولة شملت القارات الخمس، فتابعتهم السلطة بآلتها الإعلامية الضخمة، وبطاقمها الدبلوماسي الممتد في العالم، يشوّهون صورة الحركة المعتدلة، ويزيفون الملفات الأمنية، ليلصقوا بالحركة تهمة الإرهاب، فأصبحت من مهام السفارات ملاحقة طالبي اللجوء السياسي من أبناء الحركة. فكانت أول مهمة لقيادة الحركة وكل أبنائها هو دحض تهمة الإرهاب عن هذه الحركة، وهي مهمة لم تكن سهلة خاصة في الغرب المتوجس من الحركات الإسلامية. فعوض أن تلصق تهمة الإرهاب بالحركة فقد تكشف الوجه الحقيقي للسلطة المستبدة، التي حاولت جاهدة أن تتاجر بمحاربة الأصولية والإرهاب. وقد ساعد على ذلك التقارير السنوية التي كانت تصدرها المنظمات الحقوقية الدولية والتي تعري فاضحة ممارسات السلطة مع معارضيها الإسلاميين وغيرهم، فكان أول كسب بفضل الله إذا هو تسوية وضعيات أكثر من ألفين من أبناء الحركة الذين طلبوا اللجوء السياسي، ثم بعد ذلك جمع شملهم وربط العلاقة بينهم، ثم بعد ذلك النضال من أجل استجلاب عائلاتهم، والتحرك للتعريف بمظلمة الحركة من أجل إطلاق سراح المساجين، وأثناء ذلك أعيد بناء مؤسسات الحركة الدستورية، فتم عقد ثلاث مؤتمرات في المهجر حفظت وحدة الحركة أعني : - وحدتها التنظيمية والفكرية وهو أكبر كسب نحمد الله عليه بكرة وعشيا " واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون" فالحمد لله على كل ذلك. أما الكسب الأخر فهو
- كسب التحصيل العلمي والمعرفي - فقد مّن الله على المئات من إخواننا الطلبة بإتمام دراستهم وتخرجهم إطارات وكفاءات غير متنكرين لحركتهم قلوبهم معلقة ببلادهم، سيخدمون إن شاء الله المشروع الإسلامي وسيفيدون بلدنا تونس الحبيبة. والعديد منهم انتدب في مراكز دراسات وحتى للتدريس في الجامعات الأوربية.
وهناك كسب آخر وهو - نجاح عدد من المشاريع التربوية التي يقوم عليها أبناء النهضة والتي تخدم أبناء الجالية في المهجر، علاوة على نجاح معظم أبناء النهضة في حياتهم الاجتماعية. حصائل هذا الكسب هو الاستقرار والأمن والتفرغ لاستئناف مسيرة الحركة، فاتسمت سنوات 92 95 بحملة واسعة دءوبة للتعريف بالحركة لدى المنتظم الدولي، تكللت هذه الحملة بنجاحات باهرة، عززت صورة الحركة كحركة إسلامية معتدلة، وهذا كسب سياسي لا يستهان به. ولابد من التنويه في هذا المقام بتضحية إخواننا في السجون وثباتهم على مبادئ الحركة رغم تنكيل السلطة بهم، مما أدّى إلى استشهاد العديد منهم في السجن، ورغم المكابدة والمعاناة والقهر فلم يسجل عنهم ضعف ولا استسلام ولا مساومة في حق الحركة السياسي، وهذا كسب أعاننا كثيرا في المهجر في تعبئة أبناء الحركة للنضال من أجل إطلاق سراح المساجين. وقد شكل مؤتمر 1995 نقلة نوعية في وعي ومسؤولية الحركة، فقد قامت الحركة بإصدار كتيب عنونته ب: دروس الماضي وإشكالات الحاضر وتطلعات المستقبل، تضمن استخلاصات تقويمية: - في الثقافة والسياسة - وفي المنهج التغييري - وفي العلاقة مع السلطة - وفي العلاقة بالمعارضة - وفي التفاعل مع الأحداث الإقليمية والدولية. ولكل من يريد الاطلاع على هذا الكتيب أن يتصفح موقع النهضة انفو الالكتروني. إن حصيلة حصاد العشرتين السابقتين لا يقتصر فقط عما حققته الحركة في تسوية العلاقة بالسلطة، فهذه علاقة بين طرفين لا تسوى إلا بالتجاوب الايجابي بين الطرفين، فالطرف الآخر هو الذي رفض التسوية والمصالحة مع كل مكونات المجتمع وليس الحركة فقط .
بعد خروج كل القيادات التاريخية من السجن في تونس، فكيف سيكون الدور المستقبلي للعمل الحركي بالمهجر، الذي استهلكه كثيرا ولعدة سنوات ملف المساجين؟
- سيواصل أبناء الحركة في المهجر مساهمتهم في مشروع الحركة الإسلامي الإصلاحي، وبناء أرصدته العلمية والتربوية والدعوية والإعلامية، والاهتمام بالجالية المسلمة الكبيرة، والمساهمة في توطين الإسلام في المجتمعات الغربية.
المواجهات بينكم وبين السلطة هل كانت اختيارا أم اضطرارا، وكيف تقيمون شكل العلاقة مستقبليا بينكم وبينها، وما هي أهم الاستخلاصات ؟
- السمة العامة التي اتسمت بها علاقة السلطة بمعارضيها هي المواجهة، حدث ذلك مع اليوسفين واليساريين والنقابيين والطلبة ومع الحركة الإسلامية. لم تختر الحركة منذ الإعلان عن نفسها سنة 1981 مواجهة السلطة ولا سعت إلى ذلك، بل لقد طالبت الحركة تأشيرة العمل القانوني منذ 1981 ثم بعد ذلك سنة 1988 مرتين ومازلت تطالب بتسوية وضعيتها القانونية. ورغم التنازلات الأساسية التي أقدمت عليها الحركة، من امتناع عن أي إحراج أو ضغط تجاه السلطة، وقبول الدخول في الميثاق الوطني بغير صفتها الرسمية ورغم ما تضمنه من بنود إقصائية، وتغيير اسمها استجابة للشروط الغير ديمقراطية التي فرضها النظام في قانون الأحزاب، رغم كل ذلك، لم ترفع المظالم القديمة عن الحركة إلاّ جزئيا، وامتنعت السلطة بوضوح وإصرار عن الاعتراف بحق الحركة الإسلامية في العمل الثقافي والسياسي والاجتماعي القانوني.
ولقد ساهم في تبلور القطيعة المعلنة بين الحركة الإسلامية والحكم، مشاركة الحركة في جلّ دوائر الانتخابات التشريعية لسنة 1989 عبر قوائم مستقلة، بسبب حرمانها من حقوقها المدنية والسياسية، وحصولها على نتائج مبهرة فاجأت الحركة نفسها وسائر القوى الأخرى، حيث كشفت عن التعاطف الشعبي الكبير الذي تتمتع به الحركة الإسلامية، ورغبة الشعب الجامحة في التغيير. وما كان للسلطة أن تقبل بهذا المعطى الجديد الذي اعتبرته تهديدا حقيقيا لها، فقرّرت استهداف الحركة فكانت الحملة الأمنية الشرسة سنوات 1990 1992 حيث توجت بالمحاكمة العسكرية لقيادات وكوادر الحركة . أقدر أن العلاقة بين الحركة والسلطة لن تتغير في المدى المنظور، فالسلطة مازالت مصمّمة على حرمان الحركة من حقها في التواجد السياسي. قد تغض السلطة الطرف على رموز الحركة في الداخل ولكن حسب ضوابط تضعها لهم. ومع ذلك ستتعامل الحركة بجدية مع كل مبادرة جادة من السلطة ولو كانت بتدرج.
انخرطتم بقوة في حركة 18 أكتوبر ونلاحظ نوعا من الخيبة، حيث لم تحقق هذه الحركة أيّا من الأهداف المرسومة؟
- نذكر بأنّ حركتنا الإسلامية لها ثلاثة أبعاد كبرى : "بعد ثقافي"، هو دفاعها عن الهوية العربية الإسلامية واحتفاؤها بها، وبعد سياسي هو دفاعها عن الحرّيات وحقوق الإنسان والدّيمقراطية، وبعد اجتماعي هو دفاعها عن العدالة الاجتماعية وعن العمّال والفقراء وعن الإنصاف بين الجهات وبين الفئات وبين الأجيال وعن تنمية عادلة. هذه الأركان الثلاثة التي تتبنّاها الحركة وتدافع عنها تجعل حركتنا في لقاء مع الأطراف السياسية أو الاجتماعية التّي تتبناها أو تتبنّى بعضها، وبالتالي توفّر للحركة فرصة وترشّحها للتعاون والتّنسيق مع هذه الدّوائر الثلاث. إنّنا حريصون على التّعاون مع كلّ دائرة من هذه الدوائر. وإذا كان الالتقاء ضدّ القمع قد سبق غيره فقرّب وما زال- بين عدّة أطراف، فإنّ نموّنا وإن كان بطيئا- فتح، وسيفتح، مزيدا من الفرص للالتقاء والتّعاون مع أطراف على أساس الهوية أو على أساس النّضال الاجتماعي، وسنجتهد في التّوفيق عند حالات التّعارض رغم أسبقية وإلحاحية الاعتبار السياسي واتّصاف المرحلة به إلى حدّ ما.
ومن أهداف تعاوننا مع أطراف المعارضة، زيادة على إرساء تجارب عمل مشترك وتأسيس تقليد الحوار والاحترام والقدرة على التعايش بين الأطراف وتلك كلّها مكاسب وطنية- من أهداف ذلك التعاون أيضا مزيد إفشال سياسة العزلة التّي حاول النظام وما زال يحاول إتباعها ضدّ الحركة للإيهام بأنّها مرفوضة من الجميع وغير قادرة على التّعايش مع أيّ طرف ومحاولة تبرير ما يتّهمها به من خطورة على تقسيم المجتمع وزرع تصدّعات فيه. وفي تعاوننا مع المعارضة تدريب وخبرة واكتساب لبعض النّصرة السياسية والإعلامية في الدّاخل وحتّى في الخارج.
في هذا الإطار يندرج انخراطنا في تجمع 18 أكتوبر للحقوق والحريّات وسعينا إلى التّعاون والتّنسيق مع أطراف أخرى على أساس الهويّة أو العدالة الاجتماعية. إنّنا حريصون على الحفاظ على هيئة 18 أكتوبر والعمل على تطويرها رغم كلّ العراقيل التّي تجعل نجاح الهيئة في البقاء خلال هذه السّنة الانتخابية يكاد يكون إنجازا في حدّ ذاته. كما نحرص على أن تقوم الهيئة هذا العام بتحرّكات في إطار النّضال من أجل شروط انتخابات حرّة ونزيهة ومن أجل القضايا الاجتماعية العادلة، فضلا عن أرضيتها التّحررية (حرية المساجين، حرية الإعلام وحرية التّنظم).
في الآونة الأخيرة تقدّمت مجموعة من كوادر حركتكم في المهجر بورقة، توزّعت بين النقد والتقييم والإصلاح للأسلوب والمنهج والأداء، فكيف تقبلت قيادة الحركة هذا المقترح؟
- إن التناصح قيمة عظيمة من قيم الدين، والنصيحة المخلصة حق وواجب كل غيور على هذه الدعوة في أي موقع كان، والقيادة تضع نفسها في موضع الإنصات والاستفادة من آراء كل أبناء الحركة، ولن يكون منا استعلاء على الحق بأي وجه كان بإذن الله تعالى. وقد كان ذلك سمتا ثابتا في سلوك القيادات المتعاقبة منذ تأسيس الحركة. كما أن حرية الرأي وحق التعبير عنه قيمة أساسية في حركتنا حافظت عليها طيلة مسيرتها بما في ذلك في فترات المحن الكثيرة التي تعرضت لها، وهذه القيمة تنطلق من موقع الحرية الذي تعتبره الحركة أساس التكليف من جهة، ولأنه من خلال التعبير عن تعدد الآراء ووجهات النظر تنموا الحركة ويتطور أداءها وتصوّب مسيرتها من جهة أخرى. كما أن حركتنا تقوم على المؤسسات المنبثقة عن أبنائها في دورات انتخابية منتظمة، وتدير الشورى والحوار على دورات وكلما تطلب الأمر ذلك، فتقيم كسبها. ولحسن إدارة الحوار والشورى اتخذت الحركة لها نظاما داخليا بما يضمن تساوي الجميع أمام قوانينها، وحتى لا يكون الحوار على حساب ما تحدده لنفسها من مهام وواجبات، والقيادة لا تنازع أحدا حقه في التعبير والاختلاف
وتقدر حرص الجميع على تحقيق المصلحة العامة والاهتمام بواقع ومستقبل مشروعنا الإسلامي .
بلغنا أن الشيخ راشد الغنوشي صحبة أحد معاونيه تقابل أخيرا مع - الدكتور الهاشمي الحامدي - وقد سلمه رسالة سيوصلها إلى مدير الحزب الحاكم السيد – الغرياني - والذي بدوره سينقلها إلى رئيس الدولة، مفادها أن الشيخ راشد الغنوشي يطلب الاعتذار من الرئيس بن علي عن كل ما فات، ويلحّ عليه في فتح قنوات للمصالحة، وحسب مصادر هذا الخبر، فإن هذه المقابلة وموضوع الرسالة بقي طي الكتمان والسرّية المطلقة، وضمن دائرة ضيقة جدّا؟
- رفع مؤتمر 1995 "خيار المصالحة الوطنية الشاملة"وتعهدت القيادة ببحث سبل إنفاذ هذا الخيار، غير أنها اصطدمت دائما بتعنت السلطة وإعراضها، بل والسعي لمزيد تعميق القطيعة بينها وبين بقية مكونات المجتمع، فلم يسلم من قمعها إلا المتواطئ أو المتخاذل، فأحصت على الناس أنفاسهم وكمّمت أفواههم، واستباح البوليس السياسي الأعراض والأموال دون ردع ولا عقاب، ووظفت السلطة كل إمكانات الدولة لمزيد قهر الشعب، فكانت حقا عشرية التسعينات عشرية سنوات الجمر، لم يسلم فيها الإسلامي ولا التقدمي ولا النقابي ولا الطلابي. ورغم تمادي السلطة في استبدادها وإعراضها عن كل دعوة للرشد والتعقل، فقد سعت الحركة خلال السنوات التي تلت مؤتمر 1995 للبحث عن كل فرصة تبلغ من خلالها استعدادها للتعامل ايجابيا مع كل مبادرة جادة من السلطة ولو كان ذلك بتدرج وعلى مراحل، وقد عرض بعض الأشقاء مفاتحة رأس السلطة في ملف الحركة فوجدوا منه رفضا قاطعا للحديث عن الحركة، واستمر هذا الموقف مع كل من حاول الحديث عن موضوع الحركة، وأبلغت السلطة كل من فاتحها في موضوع النهضة بقولها أن " النهضة انتهت ومن يريد من أعضائها الرجوع إلى البلاد فليفعل ذلك فرديا، ويسوّي وضعه القانوني مع المحكمة".
قامت القيادة بجملة مبادرات تجاه السلطة بحثا عن حل سياسي جاد يخرج البلاد من أزمتها، ويحقق إصلاحات سياسية جوهرية تدفع العملية الديمقراطية على أسس ثابتة دون إقصاء ولا تهميش، غير أن السلطة لم تستجب لهذه المبادرات. لم يطلب أي رمز أو أي قيادي فضلا عن الشيخ راشد الغنوشي، منذ سجنا سنة 1981 لا في عهد بورقيبة ولا في عهد بن علي لم يطلب العفو أو الاعتذار لا شخصيا ولا جماعيا. وقد حاولت السلطة في العهدين ابتزاز الحركة، لكن صمود وصبر أعضائها وقيادتها حالا دون ذلك. أما ما ينقله المغرضون أو ضعاف النفوس من أراجيف وأباطيل فلا يستحق الالتفات إليه.
بدت قسمات القلق السياسي تخيّم على بعض قواعدكم، التي تؤاخذكم على غياب المبادرة وضبابية الأفاق، والفشل في الخيارات وتأبيد الصراع؟
- هيمنة السلطة على مقاليد كل الأمور وقمعها لكل صوت حر مستقل يريد أن يطرح مبادرة أو مشروع أو برنامج إصلاح تجهض كل مبادرة مهما كان مصدرها، السلطة مازالت معادية للحركة الإسلامية متبرّمة من كلّ طرح يخالف طرحها. فالسلطة تقدّم استقرارها وتتمسك به وبإنفاذ مشاريعها ورؤاها، وتحاصر وتقمع كل ما من شأنه أن يربكها أو يفسد عنها مشروعها. ففي ظل هذه الهيمنة تموت السياسة وتؤد المبادرات ولا يبقى مجال للحديث عن الفشل، ذلك أن الفرصة لم توفر أصلا حتى نحكم لها أو عليها، ومع ذلك على الحركة أن تمارس قدرا أكبر من الضغط لصالح الإصلاح السياسي والاجتماعي.
الولاءات قبل الكفاءات، ذاك هو العنوان الذي يطلقه بعض أنصاركم المعترضون على الأسلوب من وجهة نظرهم، حيث يرون أن حركة النهضة توظف المنتمين على أساس الولاء وليس الكفاءة، بل وتفتح لهم آفاقا في مواقع مهمة في الخليج وفي بعض البلدان العربية بحكم علاقاتها مع بعض المؤسسات، وهي منفتحة على المعارضة أكثر من انفتاحها على قواعدها، ومنهم من يقول أن الحركة أصبحت نادي للمستثمرين، بدل أن تكون حركة تعبير عن طموحات الجماهير؟
- هذا الادعاء لا يقوله أبناء الحركة ولا العارفون بما يدور داخلها، بل هو قول أعدائها والمغرضين، وتاريخ الحركة يفند ذلك بل المنصفون من الباحثين يعدون الحركة من أكبر الحركات الإسلامية التي تدار فيها الشورى ويحترم فيها قرار المؤسسات، فالحركة تتسع للآراء كل أبنائها، وآليات إفراز القيادة والمؤسسات مقننة ويلتزم بها الجميع منذ أول مؤتمر تأسيسي سنة 1979 إلى آخر مؤتمر سنة 2007، وللتذكير المجمل والسريع فإن أعلى مؤسسة دستورية في الحركة هي المؤتمر المنتخب أعضاؤه انتخابا مباشرا من كل أبناء الحركة، ثم مؤسسة الشورى أعلى مؤسسة بين مؤتمرين المنتخبة من المؤتمرين بالاقتراع السري المباشر، وكذلك رئيس الحركة منتخب من المؤتمر انتخابا سريا مباشرا على دورات ثلاث. وقد تداول على هذه المؤسسات المئات من كوادر الحركة الذين أفرزوا شوريا وبالانتخاب. حركة النهضة تسعى لإقامة علاقات طيبة مع كل مكونات المجتمع التونسي أحزابا أو جمعيات أو هيئات أو نقابات أو جامعين وغيرهم، اقتناعا منها بحاجة تونس لكل أبنائها وسعيا للعمل المشترك، الذي يقوي المجتمع المدني في وجه تغوّل السلطة، وليس هذا على حساب العناية بأعضائها، كما أن الحركة تسعى لتطوير علاقاتها مع محيطها المغاربي والعربي والإسلامي والدولي، وعلاقاتها مبنية على الاحترام والاستقلالية والتعاون. ولله الحمد فإن صورة الحركة لدى نظيراتها من الحركات الإسلامية وعلى الساحة العربية هي صورة مشرقة، وهي مضرب الأمثال في تنور فكرها وتجدد رؤاها في العديد من القضايا التي تشغل العمل الإسلامي.
بعض رفقاءكم في النضال سواء من هم استقالوا من الحركة وبقوا على علاقة بالمشروع في أوسع تجلياته، أو المجمّدين، أو الذين عادوا بعد سنوات المنفى بطريقة فردية، مستاءون من موقعكم الالكتروني الرسمي ومن بعض المواقع القريبة منكم التي تتيح للبعض التهجم كتابيا على أعراض المخالفين لأدائكم ويعتبرون ذلك بإيعاز من القيادة والموافقة ضمنيا على هذا " النهح " بل ويذهبون للقول أن من يعارض توجهات النهضة من الداخل تكون له بالمرصاد مجموعة من الموالين الذين يرموه بالخيانة والعمالة والضعف وشتى النعوت التي من شأنها أن تزرع العداوة والفتنة والأحقاد؟

- كلام ملقى على عواهنه من جهات دأبت على مهاجمة الحركة، ولا أرى الانسياق وراء ترهاتهم.
العودة إلى البلاد بعد سنوات المنفى، ملف مطروح بقوة في المدة الأخيرة، فلماذا تأخر كل هذه السنوات وغاب من اهتماماتكم وما هو موقفكم الرسمي بخصوص هذا الإشكال، وما هو الخيار البديل عن العودة المنفردة والتسويات الشخصية؟
- لا بد لنا أن نسجل أولا أن العودة إلى الوطن حق وليس منة تمن بها السلطة. وأن لا نختلف أبدا على أنّ التهجير بسبب حرية الرأي وما يصاحبه من عدوان على أموال الناس وأعراضهم وأنفسهم جريمة تتطلب طي آثارها في أول فرصة سانحة، غير أن الموازنة في حالة حركتنا هي بين عودة لمهجّر محاكم بسبب انتمائه لها بقرار فردي وبين عودة ذاك المهجّر بوفاق جماعي لتحقيق مصلحة جزئية أو عامة.
تعتبر الحركة أن موضوع عودة هي مسالة سياسيّة لا يمكن أن تتم إلا في ظل حلّ شامل وموقف جماعي تتخذه مؤسسات الحركة. وستعمل الحركة في المرحلة المقبلة على جعل ملف العودة مطلبا وطنيا نحشّد الطاقات لتسويته تسوية سياسة مشرفة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.