الصندوق التونسي للاستثمار: إنشاء خط تمويل لإعادة هيكلة الشركات الصغرى والمتوسطة    منتدى تونس للاستثمار: استثمارات مبرمجة ب 3 مليارات اورو    نبر: تهيئة "عين قريقيط" لتزويد 40 عائلة بالماء الصالح للشراب    عاجل/ بطاقات إيداع ضد رجل الأعمال حاتم الشعبوني وإطارين ببنك عمومي من أجل هذه التهم    1600 هو عدد الشركات الفرنسية في تونس    تجربة جديدة للقضاء على الحشرة القرمزية..التفاصيل    أكثر من 30% من التونسيين لا يستطيعون اقتناء الأضاحي هذا العام    للاجابة عن الاستفسارات المتعلقة بسلامة الأضاحي ..فريق من البياطرة على ذمة المواطنين    محمد بن سلمان يعتذر عن عدم حضور قمة مجموعة السبع    الرابطة المحترفة الاولى: الجولة الختامية لمرحلة تفادي النزول    باجة: تقدم موسم حصاد الحبوب بنسبة 30 بالمائة    البرلمان يصادق على اتفاقية قرض من الصندوق السعودي للتنمية: التفاصيل    عاجل/ الإحتفاظ بعضو في الحملة التونسية للمقاطعة    بدعوة من ميلوني: قيس سعيد يشارك في قمة مجموعة السبع بإيطاليا    لحماية الهواتف من السرقة.. غوغل تختبر خاصية جديدة    وزارة التربية : تم خلاص مستحقات أكثر من 7آلاف متعاقد    ميسي: إنتر ميامي سيكون فريقي الأخير قبل اعتزالي    البرازيل تتعادل مع أمريكا قبل كوبا أمريكا    عاجل: تفاصيل جديدة في حادثة وفاة أمنيّ اثناء مداهمة بناية تضمّ مهاجرين أفارقة    اليوم: طقس مغيم مع ظهور خلايا رعدية بعد الظهر والحرارة بين 25 و46 درجة    جريمة جندوبة الشنيعة: هذا ما تقرر في حق المتهمين الأربعة..#خبر_عاجل    هكذا سيكون الطقس في أول أيام عيد الأضحى    بعد استخدامها لإبر التنحيف.. إصابة أوبرا وينفري بمشكلة خطيرة    دواء لإعادة نمو أسنان الإنسان من جديد...و هذه التفاصيل    سليانة عملية بيضاء للحماية المدنية    120 مليونا: رقم قياسي للمهجرين قسراً حول العالم    صديق للإنسان.. جيل جديد من المضادات الحيوية يقتل البكتيريا الخارقة    هذا ما قرره القضاء في حق رئيس حركة النهضة بالنيابة منذر الونيسي..#خبر_عاجل    العدوان الصهيوني على غزة/ هذا ما طلبته حركة حماس من أمريكا..    قربة تحتضن الدورة التأسيسية لملتقى الأدب المعاصر    قصة..شذى/ ج1    زاخاروفا تعلق على العقوبات الأمريكية.. روسيا لن تترك الأعمال العدوانية دون رد    "اليويفا" يعلن عن قرار جديد بشأن استخدام تقنية "الفار" في كأس أوروبا    «غفلة ألوان» إصدار قصصي لمنجية حيزي    بهدوء ...أشرار ... ليس بطبعنا !    ''الكنام'' تشرع في صرف مبالغ استرجاع المصاريف لفائدة المضمونين    عاجل بصفاقس : معركة بين افارقة جنوب الصحراء تسفر عن وفاة عون امن وشخص افريقي اثر عملية مداهمة    بنزرت: اختتام اختبارات الدورة الرئيسية لامتحان البكالوريا دون إشكاليات تذكر    هبة أوروبية لتونس لإحداث 80 مؤسسة تربوية جديدة    كأس أوروبا 2024 : موعد المباراة الافتتاحية والقنوات الناقلة    بمناسبة عيد الأضحى: وزارة النقل تعلن عن برنامج إستثنائي (تفاصيل)    الرابطة الأولى: تفاصيل بيع تذاكر مواجهة الدربي    صابر الرباعي يُعلّق على حادثة صفع عمرو دياب لمعجب    الرابطة الثانية: برنامج مباريات الجولة الختامية    سوسة: الاحتفاظ ب 5 أشخاص من أجل تدليس العملة الورقية الرائجة قانونا    شيرين تصدم متابعيها بقصة حبّ جديدة    تونس: ''أمير'' الطفل المعجزة...خُلق ليتكلّم الإنقليزية    83% من التونسيين لديهم ''خمول بدني'' وهو رابع سبب للوفاة في العالم    بالفيديو: ذاكر لهذيب وسليم طمبورة يُقدّمان الحلول لمكافحة التدخين    طقس الاربعاء: خلايا رعدية محلية مصحوبة ببعض الأمطار    شيرين عبد الوهاب تعلن خطوبتها… و حسام حبيب على الخطّ    83 بالمائة من التونسيين لديهم خمول بدني    رئيس الجامعة التونسية للمطاعم السياحية...هذه مقترحاتنا لتطوير السياحة    وفاة الطفل ''يحيى'' أصغر حاجّ بالأراضي المقدّسة    ديوان الإفتاء: مواطنة أوروبية تُعلن إسلامها    دار الافتاء المصرية : رأس الأضحية لا تقسم ولا تباع    العاصمة: عرض للموسيقى الكلاسيكية بشارع الحبيب بورقيبة في هذا الموعد    موعد عيد الاضحى: 9 دول تخالف السعودية..!!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التغوّل البوليسي القادم د. محجوب احمد قاهري
نشر في الفجر نيوز يوم 01 - 11 - 2013

من بين أهداف ثورة تونس كان الثورة على التغوّل البوليسي الذي فتك بالناس وهتك أعراضهم، وجعل من حياتهم رعبا لا يطاق، فهم لا يعرفون متى يعتقلون ومتى تلفّق اليهم الف قضيّة، اذا أبدوا رأيهم في الحاكم، أو امتعضوا من واقعهم المرّ.
وتهيّأ لأغلب التونسيين بأنهم حطّموا هذه المنظومة "الإرهابية" بامتياز، وفعلا، فمباشرة بعد الثورة، وفي ليل يوم 10 جانفي 2011، اختفى كل رجال الأمن، ولم يعد يلاحظهم أحدا، بعد ان قتلوا ابناء وطنهم.
ولكن، بعد حكومتين متعاقبتين متواطئتين، حكومتي الغنوشي والسبسي، وحكومتين خائفتين مرتعشتين، حكومتي الجبالي والعريض، فقد عادت القوة الأمنية لتظهر من جديد، ولتضرب من جديد، وتريد اعادة الماضي بأيّة تكاليف، وبخطّة محبوكة، يبدو بأن وراءها اطراف سياسية نافذة في قلب الدولة العميقة. والخطّة مبنية على فكرة واحدة، ان تكون عودة رجال الامن مطلبا شعبيا، مع قبوله (الشعب) بان يضع رقبته "تحت احذية هؤلاء الرجال" مرّة اخرى (مثلما عبّر احد المواطنين على احد الفضائيات)، مقابل ضمان الحياة ومنع الموت عنهم.
الزيادة في الأجور وإنشاء نقابات متمرّدة، كانت بدايات خطة العودة.
ولخطورة هذه المؤسسة الأمنية ما بعد الثورة، فقد حابتها السلطة القائمة آنذاك بزيادات في الأجور لم يكونوا ليحلموا بها ابدا، وهذه الزيادة كان لها هدفان على الأقل ظهرا لاحقا، اوّلهما عودتهم الى عملهم وثانيهما خطب ودّهم لصالح حزب كان في طور الإنجاز وهو نداء تونس.
ولم يكتف الأمنيون بفرض نسق معيّن على الحياة السياسية، فقد حاصروا وزيرهم، الوزير اليساري الراجحي في مكتبه بوزراة الداخليّة، وعنّفوه ايضا، وهدّدوه، وذلك حسب اعترافه هو واعتراف رشيد عمّار، الذي احتلّ هو بدوره وزارة الداخلية لفترة تجاوزت الأربعين يوما، بعد ان قام بتهريب الوزير المحاصر والمعنّف من طرف اعوانه. ثمّ ترتب على ذلك كلّه انشاء نقابات أمنيّة احتلت المشهد العام بكل تفاصيله، وبدأ ظهورها محيّرا للكثير.
ظهورها المحيّر كان على الأقل من ثلاث زوايا، الظهور المفاجئ للإرهاب الدموي بقتل العسكر ثمّ تحوّله نحو قتل البوليس، الإصرار على عودة الأمنيين الفاسدين والمتهمين بقتل الشعب التونسي، وظهورها كطرف سياسي بامتياز.
من ناحية الزاوية الأولى، أي قتل العسكر بطريقة بشعة، من خلال ذبحهم، وهو ما لم يتعوّد عليه المواطن التونسي الذي بثّ في قلبه رعبا شديدا، ومع ان ذبح الجنود كان يشير الى تنظيم القاعدة، إلاّ ان ظروف ذبحهم وطريقتها قد أطلقت العنان لرحلة شكّ طويلة، عادت مجدّدا الى رجال الأمن، الذين هم على خبرة كبيرة بالجغرافيا التونسية، او على الأقل بتورّط بعضهم، بالتعاون مع اطراف اخرى في مستوى الدعم بالمعلومة، وهو ما حدث فعلا، وقد اتّهم بعض الأمنيين.
وفجأة تحوّل المشهد الدرامي للقتل، وبدل العسكر، يتمّ استهداف رجال الأمن، والملفت للنظر بأن الأمنيين الذين وقعت تصفيتهم يشتركون في العديد من الحيثيات، فهم ينتمون الى ولايات مهمّشة وتعتبر بؤر توتر على مسار تاريخ تونس، ثمّ انهم ينتمون الى عائلات فقيرة جدّا، وكذلك اشتركوا في الطريقة التي غدروا بها، التي لا يصدّق رواياتها الرسمية من احد، وكانها تعني ايقاظ الفتن النائمة، او التي تكاد ان تنام في هذه الجهات، ولا تعني رجال الأمن في حدّ ذاتهم.
وذهبت الكثير من التفسيرات والتحاليل والقناعات ايضا على لسان المواطنين، بان قتل الأمنيين، بعد العسكر الذين يعيشون هدنة مع القتلة، ليس سوى لعبة قذرة لدحر الشكّ من حول المؤسسة الأمنية ولتحويل الأنظار الى طرف آخر، الذي تمّ الاتفاق على انّه 'انصار الشريعة" دون تقديم أي دليل ضدّهم وهم لا يزالون يصرّون على التبرؤ من كلّ هذه العمليات.
وأمّا الزاوية الثانية، وهو ما لا تقف عنده وسائل الأعلام كثيرا أو ابدا، هو مطالبة نقابات الأمن بإرجاع الأمنيين المعزولين لاتهامهم بالمشاركة في قتل الشعب، وعدم محاسبة أي أحد من كلّ رجال الأمن، بمنطق انهم كانوا يطبّقون أوامر ليسوا مسئولين عنها، ثم الإبقاء على وزارة الداخلية كما كانت عليه ايام المخلوع. وتظهر هذه الطلبات بأكثر تهذيب في بيانات النقابات.
والزاوية الثالثة، وهي ظهور النقابات الامنية كأحزاب سياسية، وتجلّت مواقفهم السياسية، في الكثير من المناسبات وأبرزها المشاركة في طرد الرئاسات الثلاث يوم تأبين رجال الحرس المغدورين، وإعلانهم بأنهم انضموا الى مطالب الشعب في اسقاك الحكومة، اعلانهم كان صريحا، وهو ما دعى الكثير الى التفكير عن قياداتهم السياسية الحقيقيّة. وتحدّ الرئاسات الثلاث المنتخبة شعبيا، ليس عملا هيّنا بلا معنى، وانّما هو رسالة للشعب، بأن هذه المؤسسة (الأمنية) هي التي تقود المشهد بأكمله في تونس.
كل الأحداث تشير الى عودة التغوّل البوليسي، من خلال نقاباته والأطراف السياسية التي تقف وراءها، منذ بداية الثورة، يتمّ يوميا الاعتداء على السلفيين، وترويعهم ومنعهم من العمل، وإجبارهم على ردّات الفعل، نفس المؤسسة الأمنية، هي التي اوقعت علي العريض في فخين، فخّ السفارة الأمريكية، وفخ اطلاق الرش على اهالي سليانة.
نفس المؤسسة الأمنية هي التي تعتدي الآن على المنقبات في كل مكان، وأيضا على المحجبات، وأصحاب اللحي. وفي كلّ عمليّة ارهابية سيتم الاعتداء على المواطنين.
المواطن الآن اصبح خائفا، وانقلبت الصورة، بعد ان ثار على مؤسسة تقيحت وفاحت روائحها العفنة، فقد اصبح ينادي بعودتها، وعلى رقبته ايضا.
التغوّل البوليسي قادم لا محالة، فلم يتصدّى لها أحد، فقد كان الغنوشي متواطئا، وكان السبسي خائنا، وكان الجبالي جبانا، وجاء العريض ليلقى نفسه في آخر الطابور.
وعلى المؤسسات الحقوقية، المراقبة والحذر، فعودة الدولة البوليسية قاب قوسين أو أدنى.
د. محجوب احمد قاهري/ تونس
01/11/2013


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.