قالوا وقلنا: بمعزل عن الجدل المصاحب لما يسمى "بتسريبات الفيديو" المتعلقة بتصريحات جنرال البيادة الإنقلابية عبد الفتاح السيسي؛ وبصرف النظر عن توقيتها والهدف السياسي المرحلي من إخراجها للعلن؛ أورد شذرات من آخر واحدة من هذه التسريبات: قالوا: جنرال العسكر عبد الفتاح السيسي يقول: لازم تحصين الجيش في الدستور؛ المؤسسة العسكرية هي العمود الحقيقي للدولة......مهما كان من يحكم مصر: تيار ديني؛ ليبرالي...... يمكن أن يهد هذه المؤسسة وما يقصدشي.....لازم تبقى مصانة....هذا علم....هذا فكر إستراتيجي....[طلب الجنرال أن تدوم مدة التحصين في نص الدستور بين 10 و 15 سنة] قلنا: بإختصار وحتى لا نرهق القارئ بزخات من الحبر المسال على الورق للتعليق على هذا التصريح.....أقول: ما يستشف [برفع الياء وفتح التاء والشين]من كلام الجنرال الدموي أنه لا بد من ضمان إستمرارية لسلطة الجيش وإستقلالية قراره عن الدولة وعن مسيريها من المنتخبين والمختارين من الشعب....بنص واضح من الدستور هذه المرة....دستور علي بابا والخمسين حرامي.... عقلية عاشت على إيقاعاتها مصر الحبيبة أكثر من ستين سنة وكان حصادها أن أرض الكنانة تخلفت وتقدم غيرها من دول كانت مصر أفضل حالا منها على جميع المستويات وأقصد دولة تركيا في أوروبا ودول ما يسمى بالنمور الآسيوية ودول الطفرة كما أسميها وأقصد دول أمريكا اللآتينية....البرازيل وغيرها. إستقلالية القرار هذه تتعدى شرط إختيار وزير الدفاع من قبل المجلس العسكر فقط؛ فلا دخل إذا لرئيس الدولة في ذلك وهو القائد الأعلى للقوات المسلحة في معظم دساتير دول العالم .... "إستخراع" جديد؛ من حمقري فذ؛ [نسبة إلى الحمار العبقري]...على مقاس مغتصبي الشرعية يعتمد كما "يعلمنا الجنرال الملهم" على"العلم" و على "الإستراتيجيا"؛ وهو ما يمكنه من تفادي المحاسبة من الشعب ومنتخبيه[بفتح حرف الخاء] ويجعل له وصاية لا حدود لها على إختياراته وعلى نمط الحكم القادم الذي ستفرزه الإنتخابات....دولة داخل دولة بسلطة مطلقة في التدخل في شؤونها كلما قدر "العسكر" ولا أقول الجيش.....مع إقرار هذا "العسكر" بهامش من الحرية لرئيس الدولة المنتخب وحكومته يتصرف فيها بخطوط حمر تحددها قيادته "الفذة" وعلى رأسها الجنرال السيسي بعد أن يكون قد فكر وقدر وكدت أقول "فقتل كيف قدر ثم قتل كيف قدر ثم نظر ثم عبس وبسر ثم أدبر واستكبر فقال............... بحسب المصطلح القرآني الكريم....أي بحسب تقديراته لملابسات المرحلة التي تمر بها البلاد. أحبتي الأعزاء....هذا "الإستخراع" السياسي المدعم "بالعلم" والإستراتيجيا" كما ورد في حديث "سيادته حمقري زمانه" لم يسبقه فيه أحد من حكام العصر ولا من منظري العلوم السياسية؛ وهو ما يجعلني "وأنا المبهور به...أي الإستخراع وليس سيسي البيادة" أشبهه بالمثل السويسر القائل: إن الجنرال يريد الزبدة ومال الزبدة. Le général exige ou demande le beurre et l'argent du beurre بلغة العرب؛ وما دمنا في الحليب ومشتقاته.....فالجنرال يريد من الشعب المصري أن يفعل فعل البقرة الحلوب تدر حليبا ولا دخل لها فيما عدا ذلك سوى أن تأكل ما"تيسر" وتنتج؛ أي على الشعب أن يكدح وينتج ويمول الجيش؛ ويمده بخيرة أبنائه.....ثم يصنع بهم الجنرال فيما بعد ما يشاء.....حتى ولو أدى الأمر بأن يصدر لهم أوامر بالقتل.....وهو ما حصل للأسف الشديد..... عقلية إجرامية تسلطية إستعلائية وصائية إستغلالية إستحمارية لشعب عظيم يستحق أفضل من ذلك؛ شعب وقع تعريف بلده بأم الدنيا وعمره سبعة آلآف سنة حضارة......شعب يستحق كل خير؛ شعب ساهم في الحضارة الإنسانية بفاعلية؛ فهو لا يستحق أن تستمر الأقزام ولا عباد البيادة في التحكم بإختياراته ولا بمصيره..... أما الجانب الثاني والأخير...وأحسبني لم أوف "بحكاية" الإختصار هذه التي ذكرتها في بداية كلامي بعد ما إنزلق قلمي في إستهلاك كمية أكبرمن زخات الحبر...على عكس المتوقع....وربما؛ عملا بالمثل القائل"الحديث ذو شجون" وفي مقامنا هذا"الكتابة ذو شجون"..... فصبرا وعذرا أيها القارئ العزيز.... قلت: أما الجانب الثاني وهو لا يقل خطورة عن المصير البقري الذي يريده "سيسي الحمير" للشعب المصري العظيم فهو الحفاظ على إستمرارية الدور المخزي للقيادة السياسية المباركية والعسكرية في لعب دور العسس وشرطي الحدود من أجل أمن الكيان الصهيوني وسلامته بعد أن عمل الصهاينة مع مبارك ثم المجلس العسكري "بطنطاويه وعنانه" [نسبة إلى طنطاوي وسامي عنان] وبموافقة إضطرارية من الدكتور مرسي من أجل أن ينتقل "الحمقري" سيسي العسكر من مدير المخابرات الحربية إلى وزير للدفاع برتبة فريق أول.....كيف لا يقع التخطيط لهذا الأمر من أشهر إن لم أقل من سنوات وهو الذي تربى في الأكاديميات العسكرية الأمريكية ولا يعرف عن العقيدة القتالية لأبطال عبور 1973شيئا....بل كيف لا يصل إلى ما وصل إليه وهو الذي تربطه صلة دم؛ من جهة الأم؛ باليهود الصهاينة أقول باليهود الصهاينة وله خال هو عضو في الكنيست....[لم يقع نفي هذا الكلام من السيسي إلى حد كتابة هذه السطور].... يا لحظك يا مصر الحبيبة....رجل تكتمل فيه كافة الشروط لكي يستمر في الحفاظ على مصر متخلفة تعيش على الصدقات والهبات وتقوم بدور غفير الحدود.....هل هذا هو المآل الذي ينتظر أم الدنيا وضحى من أجل نسفه ونسف آثاره المدمرة طيلة ستين سنة ثوار 25 جانفي؛يناير؟ شدي حيلك يا مصر ولك مني ومن كل مخلص كل الدعم والدعاء.... عبد الرحمان الحامدي