احتضنتها القرية السياحية بالشفار ... «دورة أوكسيجين» تصنع الحدث    قبلي: «نفزاوة سيتي» في المعهد العالي للدراسات التكنولوجية    بدعم من البنك الألماني للتنمية...تجهيز كلية العلوم بقفصة بالطاقة الشمسية    فرنسا تعزز الإجراءات الأمنية أمام أماكن العبادة المسيحية    «شروق» على الجهات رابطة الهواة 1 (الجولة العاشرة إيابا) ..مقرين ومنزل بورقيبة يتعادلان والقصرين تضرب بقوة    أخبار الملعب التونسي ...استياء من التحكيم وانتقادات لاذعة للجويني    في «الباك سبور» بمعهد أوتيك: أجواء احتفالية بحضور وجوه تربوية وإعلامية    الخليدية .. أيام ثقافية بالمدارس الريفية    توزر...الملتقى الجهوي للمسرح بالمدارس الاعدادية والمعاهد    محاكمة ممثل فرنسي مشهور بتهمة الاعتداء الجنسي خلال تصوير فيلم    المهدية.. إنتشال 9 جثث لفظها البحر    وزير خارجية نيوزيلندا.. لا سلام في فلسطين دون إنهاء الاحتلال    مبابي يصمد أمام "ابتزاز" ومضايقات إدارة باريس    القصرين.. رعاة وفنانو ومبدعو سمامة يكرمون الكاتبة الفلسطينية عدنية شبلي    أخبار باختصار    الاحتفاظ بالمهاجرة غير النظامية كلارا فووي    صفاقس الإحتفاظ بالكاميرونية "كلارا فووي" واحالتها للتحقيق    تونس تشارك في الدورة الأولى من الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي حول التعاون الشامل والنمو والطاقة بالرياض    وزارة التجارة تنفي توريد البطاطا    عاجل/ سعيّد: الدولة لن تبقى مكتوفة الأيدي أمام من يحاول المساس بأمنها    دامت 7 ساعات: تفاصيل عملية إخلاء عمارة تأوي قرابة 500 مهاجر غير نظامي    النادي الافريقي: 25 ألف مشجّع في الكلاسيكو ضد النادي الصفاقسي    خالد بن ساسي مدربا جديدا للنجم الساحلي؟    العاصمة: مئات الطلبة يتظاهرون نصرة لفلسطين    درة زروق تهيمن بأناقتها على فندق ''ديزني لاند باريس''    بن عروس : تفكيك وفاق إجرامي مختص في سرقة المواشي    تونس تعتزم تصدير 150 ألف طن من هذه المادة إلى بنغلاديش    الجامعة التونسية المشتركة للسياحة : ضرورة الإهتمام بالسياحة البديلة    نائبة بالبرلمان: ''تمّ تحرير العمارة...شكرا للأمن''    تعرّض سائق تاكسي إلى الاعتداء: معطيات جديدة تفنّد روايته    السنغال تعتمد العربية لغة رسمية بدل الفرنسية    المجر ترفع في المنح الدراسية لطلبة تونس إلى 250 منحة    إنهيار سد يتسبب في موت 42 شخصا    بطولة الرابطة المحترفة الاولة (مرحلة تفادي النزول): برنامج مباريات الجولة التاسعة    كأس الكونفدرالية الافريقية : نهضة بركان المغربي يستمر في استفزازاته واتحاد الجزائر ينسحب    سليانة: 4 إصابات في اصطدام بين سيارتين    نقطة ساخنة لاستقبال المهاجرين في تونس ؟ : إيطاليا توضح    قيس الشيخ نجيب ينعي والدته بكلمات مؤثرة    تصل إلى 2000 ملّيم: زيادة في أسعار هذه الادوية    ما حقيقة انتشار "الاسهال" في تونس..؟    تونس : ديون الصيدلية المركزية تبلغ 700 مليار    جائزة مهرجان ''مالمو'' للسينما العربية للفيلم المغربي كذب أبيض    زلزال بقوة 4.6 درجات يضرب هذه المنطقة..    يوميا : التونسيون يهدرون 100 مليار سنويا    عاجل : بشرى للتونسيين المقيمين بالخارج    دكتور مختصّ: ربع التونسيين يُعانون من ''السمنة''    ثمن نهائي بطولة مدريد : أنس جابر تلعب اليوم ...مع من و متى ؟    معز السوسي: "تونس ضمن القائمة السوداء لصندوق النقد الدولي.."    خط جديد يربط تونس البحرية بمطار تونس قرطاج    طقس الاثنين: تقلبات جوية خلال الساعات القادمة    عملية تجميل تنتهي بكارثة.. وتتسبب بإصابة 3 سيدات بالإيدز    انطلاق فعاليات الدورة السادسة لمهرجان قابس سينما فن    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في غزة مقبرة الغزاة: يا للعار.. يا للعار..:عبد السلام بوشداخ
نشر في الفجر نيوز يوم 16 - 01 - 2009


بسم الله الرحمان الرحيم
في غزة مقبرة الغزاة: يا للعار.. يا للعار..
الرئيس الفلسطيني المنتهية ولايته يدعو المقاومين للإستسلام
لبيك غزة ... لبيك فلسطين... حي على الجهاد
قال الله تعالى " ولا تحسبنّ الله غافلا عما يعمل الظالمون"
تمكن حماس من تحقيق مطالبها وشروطها لوقف النار:
فتح المعابر وإنهاء الحصار الاقتصادي على غزة،
يعني انتصارها في الحرب
محمد دحلان، مسئول الأجهزة الأمنية السابق عن حركة فتح بقطاع غزة قال بالحرف الواحد
"أنا سعيد جدا بهذه الضربة العسكرية الاسرائيلية ضد حماس".
مصر تقف من غزة الآن موقف أمريكا منها في 67 ..
غزة ليست آخر منطقة في أطماع إسرائيل .. وهآرتس تتوقع انتصار حماس ..
عبد السلام بوشداخ
أحد مؤسسي الحركة الاسلامية بتونس
16 جانفي 2009
بعد ثلاثة أسابيع من العدوان الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة لم يحقق جيش الاحتلال أيا من الأهداف الميدانية التي حددها لحربه على غزة، واكتفت وحداته البرية بالتمركز بالدبابات والآليات على تخوم مدن القطاع وتدمير منازل الفلسطينيين على تخوم المدن، ما يراه محللون عسكريون "عجزا عن الحسم العسكري"؛ بسبب صمود المقاومة الفلسطينية. نقول لأهل غزة ما قاله جل وعلى في سورة البقرة {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ } (البقرة) وان سنة الله في خلقه ماضية في الأولين والآخرين الى يوم القيامة ، وناطقة بالحق المبين، وهادية إلى الصراط المستقيم،اذ يقول تعالى في سورة آل عمران {إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ } (آل عمران)
هناك على خط النار في غزة، وفي كل فلسطين، رجال صدقوا فيما عاهدوا الله وامتهم وتصدوا بصدور عارية وامكانيات هزيلة لأقوى الجيوش عتادا وحقدا. والشعب العربي الاصيل يعطي كل ما عنده كلما صدقت القيادة واتضحت الاهداف فما هي الاهداف الواقعية والمشروعة لنحدد على ضوءها مهامنا . وارتفع عدد الشهداء منذ بدء العدوان إلى 1105 شهيدا من بينهم 335 طفلا و نحو 80 إمرأة، و5130 مصابا نصفهم من الاطفال والنساء و بينهم 450 إصابة خطرة .
نحن نواجه اغتصابا لارضنا المقدسة في فلسطين ومن حقنا الطبيعي مقاومة الاحتلال بكل الوسائل المتاحة ورفض كل دعاوي الاستسلام والتفريط في الحقوق. وللتذكير ان حركة حماس رفضت ومازالت اتفاقات اسلو لانها تفرط في الحقوق واختارت منذ انطلاقتها الالتزام بخط المقاومة حتى تحرير كامل فلسطين، وما اضطرارها لدخول الانتخابات التشريعية وتسلم السلطة المنبثقة عن اسلو الا دفاعا عن البندقية المقاومة ليبقي حقها في الوجود ومواصلة النضال.
فمن وقعوا اوسلو تدعمهم ارادوا تصفية القضية، فساوموا على كل شيء حتى البندقية وكالوا نعوت الارهاب والعبثية على كل فعل مقاوم. لذا فقضية حماس وقضيتنا لا تقف بفتح المعابر ورفع الحصار، فهذا حق يكفله لشعبنا القانون الدولي لو طبق بانصاف.
ان قضيتنا هي تحرير فلسطين وعودة كل اللاجئين ومهمتنا مواصلة الدعم والمساندة لقوى المقاومة ورفضنا لما يسوق له النظام الرسمي العربي من وقف لاطلاق النار وفتح المعابروالاتيان بقوات دولية لتكون درعا واقيا ومثبتا لامر الاحتلال.
غزة ليست آخر منطقة في أطماع إسرائيل : لم يعد الإجرام الصهيوني البشع ، ورفضه واستنكاره في حاجة إلى إقامة أي دليل ، ولا بد من توثيق هذه المحرقة الصهيونية دوليا مهما كان الثمن خاصة بعدما خرجت الجماهير في العالم بمختلف أجناسها وأديانها ومذاهبها السياسية والفكرية، في مسيرات حاشدة تندد بهذا الإجرام ، لما تعرض إليه الشعب الفلسطيني الأعزل من تجويع وتشريد وتقتيل، بمباركة ومساندة فعّالة من كل قوى الإستعمار و الاستكبار في العالم .
إن الحرب في غزة، الأيام، هي حرب إبادة جماعية يقوم بها الجيش الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، ومن حق جميع الشعوب المحبة للسلام والعدل والحرية أن يُدينوها ويستنكروها، ولا يمكن النظر إليها من زوايا قومية، أو دينية ولا حصرها في تسميات عنصرية مُضلّلة مثل الصراع العربي الإسرائيلي، أو الصراع بين المسلمين واليهود، أو بين حماس وإسرائيل لأنها أشمل و أعمق من ذلك بكثير، مما جعل البغض من اليهود التقدميين يناصرون نضالات المقاومة الفلسطينية ويدعمونها بمسيراته.
حصيلة أولية لجريمة المحرقة الصهيونية بعد 20 يوما من الحرب العسكرية المفتوحة جوا وبرا وبحرا على غزة. خمسة آلاف ضحية ( خمسهم شهداء ونصف الشهداء نساء وأطفال وأربعة أخماس جرحى نصفهم كذلك من النساء والأطفال ).
إن ما تفعله إسرائيل اليوم من تقتيل للأطفال والنساء وإبادة عائلات بأكملها وهدم البيوت على رأس أصحابها وقصف المدارس وضرب سيارات الإسعاف لا علاقة له أصلا لا بحماس ولا بغيرها.
وحتى لو سلمنا جدلا بالمنطق الإسرائيلي القاضي بالقضاء على حماس أو تأديبها فإن كل ما يجري لا علاقة له أبدا بذلك لأن المستهدف كما بات واضحا هو الفلسطيني فقط، لأنه فلسطيني مهما كانت قناعاته وانتماءاته.
ولقد سبق لإسرائيل أن فعلت بعضا مما تفعله اليوم وحماس كانت لا تطلق الصواريخ والرئيس الراحل ياسر عرفات كان شريكها في المفاوضات.
أن ما ترتكبه إسرائيل سيقوي، بشهادة بعض الأقلام الإسرائيلية نفسها، شوكة 'حماس' وبقية فصائل المقاومة لأن حماس هي التي تقف في وجه العدوان رغم كل الخلل في موازين القوى بين الطرفين.الإعتداءات الحاصلة في غزة تشكل مادة جنائية لجريمة الحرب في القانون الدولي : بإعتراف العدو بقصف مدرسة الفاخورة بعدما لجأ إليها المدنيون من النساء والأطفال وقتل اكثر من ألف شهيدا والآف من الجرحى. إعتراف وإعتذار.
القتل المتعمّد لحوالي 30 شهيدا من طواقم الإسعاف الدولية التابعة للصليب الأحمر فضلا عن الجرحى في صفوفهم مع إستخدام الفوسفور الأبيض وهو سلاح محرم دوليا في الحروب و في المناطق الآهلة بالمدنيين. استنكرت حركة المقاومة الإسلامية حماس رفض محمود عباس أبو مازن التصديق على رفع دعاوى جرائم حرب ضد الاحتلال الصهيوني على الرغم من أنه المخوَّل الأوَّل برفع القضية حسب لوائح محكمة الجنايات الدولية التي لن تنظر في القضية دون موافقته واعتبرت موقف عبَّاس سلبيًّا يُثير علامات استفهام كبيرة حول حقيقة موقف السلطة الفلسطينية من جرائم الحرب التي يرتكبها جيش الاحتلال بحقِّ سكان قطاع غزة.
إن عدم إحترام العدو الصهيوني لقرارات الأمم المتحدة بوقف إطلاق النار ومواصلة العدوان بل إستهداف مقرات أممية دولية تابعة لأعلى منظمة دولية أي الأمم المتحدة ( الأنوروا والصليب الأحمر وغيرهما ). وقتل من فيها بعدما تبين أنهم أطفال ونساء ورجال إسعاف مما أجبر تلك المؤسسات الدولية على غلق أبوابها وتعريض المدنيين في غزة لمزيد من الجوع والعطش والعري.
غزة تحولت إلى مختبر للأسلحة المحرمة :
ففي حوار مع مجلة "دير شبيجل" الألمانية: اتهم محمد دحلان، مسؤول الأجهزة الأمنية السابق عن حركة فتح بقطاع غزة، حركة المقاومة الإسلامية "حماس" بإعطاء الذريعة لإسرائيل لاجتياح غزة عبر إطلاق الصواريخ، واصفًا الحركة بأنها واحدة من أسوأ المنظمات على الاطلاق بمنطقة الشرق الأوسط
" الناس خائفون من الاسلاميين ولا أحد يجرؤ على انتقادهم في قطاع غزة، فكل من يفعل ذلك يواجه السجن أو الموت، تمامًا مثل إسرائيل فهما لا تعيران أي اهتمام للناس العاديين البسطاء. ان مقاتلي حماس يطلقون الصواريخ من قلب المناطق الآهلة بالسكان".
وتابع محمد دحلان:" قادة حركة حماس لا يعانون جراء الهجمات العسكرية الاسرائيلية، فهم متحصنون في مخابئهم ويتابعون ما يجري من الخارج فيما يموت الفلسطينيون..إن الشعب الفلسطيني هو الذي يدفع الثمن مرة أخرى. لقد ظل هذا الشعب على مدى تاريخه ألعوبة للمصالح المختلفة وخاصة منها الاسرائيلية منذ سنة 1967.
وزعم محمد دحلان بأن " إسرائيل لا تنوي القضاء على حركة حماس لأنها في حاجة الى منظمة مثل حماس حتى تحول دون قيام دولة فلسطينية، فإسرائيل تريد الحصول على شروط أفضل للهدنة", قائلاً للصحيفة بالحرف الواحد "أما إذا سألتني عن موقفي الشخصي فأنا سعيد جدا بهذه الضربة العسكرية الاسرائيلية ضد حماس".
كما نقلت صحيفتان فرنسيتان شهادة لطبيبين نرويجيين يؤكدان استخدام أسلحة محظورة ضد سكان غزة, والثانية لنائبة أوروبية تخص الوضع الكارثي في قطاع غزة.
مصر تقف من غزة الآن موقف أمريكا منها في 67 : و كذلك آخرين من العرب يسكتون عن هذه المجازر وربما يستنكرون على المجاهدين ايماتتهم من اجل الدفاع عن الارض والاهل باعتبارها عندهم مغامرة من مثل الرئيس الفلسطيني الذي فقد شرعيته منذ 9 جانفي 2009 و الذي يستنجد بالرئيس مبارك للتمديد له. و لا نتحدث عمن غلقوا المعابر لزيادة المضايقة و المعانات من الاخوة العرب.
وربما يقومون بإلجام شعوبهم وقمعها وصدها عن التعبير عن موقف المساندة لتلك المقاومة، التي تشرّعها جميع الأعراف والشرائع والقوانين الدولية..
النظام المصري، الذي عجز عن إقناع الرأي العام العربي بأن عليه أن يحترم الاتفاقيات الثنائية التي بينه وبين إسرائيل، وأن مصلحة بلاده تقتضي الالتزام حرفيا بتعهداته الدولية.
هذه الحجة، رغم أنها تبدو وجيهة من الجانب الإجرائي والشكلي، إلا أنها سياسيا يصعب الدفاع عنها وتبريرها، وذلك لاعتبارات كثيرة منها أن إسرائيل لم تحترم أي التزام قامت به إذا تعارض ذلك مع مصلحتها. كما أن حجم العدوانية التي تعاملت بها مع عموم سكان غزة قد تجاوز كل الحدود الأخلاقية والأعراف الدولية بما في ذلك اتفاقيات جينيف.
لم يكن المطلوب من النظام المصري إعلان الحرب، أو حتى قطع العلاقات مع الدولة العبرية، وإنما كان المطلوب منه القيام بعملية رمزية تتمثل في فتح معبر رفح أمام المساعدات الإنسانية والطبية لشعب يتعرض للتجويع والقتل. وهو أبسط ما تمليه الاعتبارات الإنسانية والعربية والقوانين الدولية وهو ما يفسر حجم ردود الفعل الغاضبة على الأداء المصري في هذه الأحداث المؤلمة والخطيرة.
إن مصر دولة ذات قيمة محورية في المنطقة، وسياستها المتأرجحة والضبابية هي التي سمحت لدول إقليمية كبرى بأن تكتسح بدبلوماسيتها المجال الحيوي العربي.
أما السلطة الوطنية الفلسطينية، التي أوصلت نفسها إلى مأزق حاد هذه السلطة، لم تكن في مستوى الحرب الدائرة على الشعب الفلسطيني في غزة. لقد بدأ دورها باهتا لصيقا جدا بالسياسة المصرية. وهذه أول معركة من نوعها تندلع وتنتهي في غياب حركة فتح.
إن تردد السلطة، وضعف أدائها أفقدها الكثير من وزنها في أوساط الشارع الفلسطيني على الصعيد العربي والدولي. والمؤكد أنه لو كان عرفات حيا، لكان المشهد مختلف تماما.
أما الرئيس الأميركي أوباما، الذي فاجأته الأحداث وكاد أن يخسر أول وأهم قضية انفجرت قبل فترة وجيزة من بداية توليه الرئاسة، وقبل أن يباشر معالجتها بنفسه. إذ أن سكوته كان غريبا، واختفاءه وراء الرئيس بوش لم يكن عملا حكيما أو مقنعا وقد عرّض صورته البراقة للاهتزاز والشكوك على الصعيدين العربي والإسلامي على الأقل.
لا يوجد أي مبرر سياسي مهما كان حجمه لملازمة الصمت تجاه قتل الأطفال والنساء. وهو ما حاول أن يتداركه في النهاية، عندما أعلن بأنه قلق من قتل المدنيين، وأنه ملتزم بتحقيق السلام في فلسطين. فهذه القضية بالذات، إلى جانب العراق، هي التي ستميز سياسته وتجعلها مختلفة عن سياسة بوش الذي حافظ على استهتاره بكل الأخلاق السياسية إلى آخر لحظة من رئاسته.
أن الشعب الفلسطيني شعب حافظ على هويته بالبعد الإسلامي الذي يرفده ويدعمه من غانا إلى فرغانة ، تجلى ذلك بوضوح في الوقفة و الهبّة الشعبية الجماهيرية الإسلامية تأييداً للمقاومة في مقارعة العدو الصهيوني في غزة ..
الشعب الفلسطيني الذي يسعى الكيان الصهيوني بدعم أميركي وأوربي إلى شطبه بطريقة أخرى ، شعب مثقف ومتحضر ومتمدن ، وشعب له حضور ووجود في العالم كله ، وربما هجرته وشتاته هذه وفّرت له فرصة للمحافظة على هويته من خلال تعريف العالم والشعوب الأخرى بعدالة قضيته ، تجلى ذلك بوضوح في قدرته على تنظيم المظاهرات والمسيرات في الأماكن التي انتشر فيها .... وأن الإعلام الأمريكي يعتمد على ظاهرة "التسريب" بمعنى أن القيادة السياسية تسرب معلومات معينة للصحافة وتنفي مسئوليتها عنها فتكسب دعم جماهير وإعلامي بذات الوقت.
منذ انعقاد مؤتمر أنابوليس في نهاية نوفمبر 2007، ظلت الولايات المتحدة الأميركية تقدم للرئيس الفلسطيني محمود عباس ولباقي الدول العربية الأوهام حول الدولة الفلسطينية المؤقتة، التي كان من المفترض أن ترى النور في نهاية سنة 2008.
كما أن إسرائيل ربطت موافقتها بإنشاء دولة فلسطينية بالتزام فلسطيني موثق دوليا على إنهاء الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، بما يعني ذلك التخلي النهائي عن المطالب السابقة واللاحقة للشعب الفلسطيني تجاه إسرائيل، مثل تطبيق القرار 181 الخاص بتقسيم فلسطين (1947)، والقرار 194 لعام 1948 الخاص بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين أو العودة لخطوط الهدنة لعام 1949.
وجاء العدوان الصهيوني على قطاع غزة بالصواريخ والقذائف والقنابل منذ ثلاثة ومن دون توقف، ليؤكد أن إسرائيل ليست ماضية قدما في تصفية آخر جيوب المقاومة الفلسطينية فحسب، وإنما القضاء على الحلم الفلسطيني لإقامة دولة فلسطينية مستقلة ضمن حدود الرابع من يونيو 1967، وعاصمتها القدس، ومن دون مستوطنات ومع البحث بموضوع العودة.
العدوان الصهيوني على غزة له تداعيات إقليمية كبيرة، و أخطرها هو إلغاء «خيار الدولتين» الإسرائيلية والفلسطينية حسب تأكيد مسؤولين أردنيين.
فقد أكد أحد هؤلاء المسؤولين الأردنيين «إن شبح ضم جزء من أراضي الضفة الغربية إلى الأردن مع مخاطر أن تصبح المملكة وطنا بديلا للفلسطينيين بدأت تلوح في الأفق من جديد». وقال آخر إن «العمليات العسكرية ضد حماس ممكن أن تخلق فراغا في غزة التي قد تؤدي حينها إلى عملية ضمها إلى مصر».
وهذا السيناريو سيفتح الطريق أمام عملية ضم جزء من أراضي الضفة الغربية، التي كانت تابعة للمملكة الهاشمية حتى احتلالها من قبل إسرائيل في عام 1967، إلى الأردن، في انتظار القيام بالنقلاب عسكري ضد المملكة الهاشمية لتحويلها الى جمهورية فلسطينية برئاسة محمد دحلان وجماعته وأن هذا السيناريو «تروج له مجموعات سياسية إسرائيلية وأميركية تعارض قيام دولة فلسطينية مستقلة».
ورأى السفير الأميركي السابق لدى الأمم المتحدة جون بولتون في مقال له تحت عنوان «حل الدول الثلاث بديل من حل الدولتين» نشرته صحيفة «واشنطن بوست» أنه« عوضا عن ذلك ينبغي التفكير في مقاربة على أساس ثلاث دول توضع بموجبها غزة مجددا تحت سيطرة مصر فيما تعود الضفة الغربية وفق صيغة معينة تحت السيادة الأردنية».
يجري المسؤولون الأردنيون حاليا اتصالات لتجاوز هذا المأزق الخطر ويعملون لإقناع إدارة الامريكي المنتخب وحكومات أوروبية وبعض الجهات العربية بتبني الصيغة الآتية لتحريك عملية السلام وصولاً إلى إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة والاستمرار.
فلم يعد كافيا أن تطلب الدول الكبرى من «حماس» الاعتراف بوجود إسرائيل، ونبذ العنف والإرهاب وقبول الاتفاقات الموقعة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بل يجب أن يتم التوصل إلى تفاهم بين عدد من الدول العربية الرئيسية والمقاومة الفلسطينية من أجل تأمين مظلة عربية لعملية تفاوض جديدة تشارك فيها المقاومة وأبومازن وتعتمد على مبادرة السلام العربية التي تبنتها قمة بيروت عام 2002، بحيث تهدف عملية التفاوض هذه إلى تنفيذ «خريطة الطريق» وتطبيقها وهي الخطة الدولية الوحيدة التي تتضمن إقامة دولة فلسطينية في نهاية المفاوضات.
أما وجهة النظر الأردنية، التي تعتبرهذه المؤامرة إذا لم تنطلق عملية تفاوض جدية فلسطينية إسرائيلية بإشراف دولي ملائم وعملت حكومة أولمرت على تنفيذ مخططها التوسعي بقرارات أحادية الجانب، فلن تقوم دولة فلسطينية حقيقية متكاملة في الضفة الغربية وغزة بل سيكون هناك «كيان فلسطيني غير قابل للحياة» .
وسيجد الفلسطينيون أنفسهم أمام أحد خيارين: إما الخضوع و الاستسلام ، ولفترة طويلة غير محددة للهيمنة الإسرائيلية المباشرة وغير المباشرة عليهم، وإما الهجرة إلى الأردن و الى مصر، إذا ما اعتمد الكيان الصهيوني هذا الخيار لضم أراضٍ واسعة من الضفة الغربية إلى الدولة اليهودية، وإذا ما تساهلت الدول الكبرى مع هذا المخطط الجهنمي.
غزّة حرّرت الأمّة : فالذي حصل نتيجة هذه المحنة أنّ غزّة حرّرت الأمّة من أنظمتها الفاشلة، وبأنّ "زيف الأنظمة" ما هي إلاّ سجون تحتجز شعوبها وتحاصرها بين الرغيف والكسوة والجنس. وغزّة كشفت سوءات من في جنوب لبنان الذي يدعي بأنّ سلاحه موجّه إلى العدوّ المحتلّ. وغزّة كشفت سوءة من خان المقاومة في فلسطين،في بلاد العالم العربي والإسلامي وباّن كذبه ونفاقه.
وغزّة كشفت أنّ النّظام العالمي ما هو إلاّ زيف وأنّ حضارة حقوق الإنسان بالمفهوم الغربي ما هي إلاّ أكبر كذبة. وإنّها لفضيحة إنسانيّة ومعرّة لن تمحى على جبين الغرب. وغزّة كشفت أنّ الخير أصيل في هذه الأمّة مهما عملت فيه آلة الهدم والتّخريب والفسخ والمسخ .
إنّ الذي يحصل من عدوان وحشيّ شرس من طرف أقوى جيش في المنطقة الشرق أوسطية على شعب غزّة المحاصر الأعزل الذي لا يجد الخبز فضلا عن السّلاح، لعار في جبين هذه الحضارة الجبانة، ولأنّ الجميع مشارك في المجزرة: هذا بالقتل، وهذا بمدّ السّلاح، وذاك بالسّكوت، وآخر بالموافقة، وهذا بالفيتو في ما يسمّى بمجلس الأمن ليعدّ من أخطر أنواع الجرائم الحربية لأنّها جرائم جنائيّة وجرائم الإبادة الجماعية والجرائم العنصريّة والتطهير العرقيّ .
إنّ الحرب العنصريّة الحاقدة التي يقودها العالم باليد الإسرائيليةّ لتضاف إلى الكأس الذي تكاثرت قطراته لتحرّر الأمّة وتعيد نخبتها الشّاردة إلى منهج ربّها الكامل فهو الملاذ الوحيد والحصن الفريد والعزّة والشهامة و الكرامة حتّى لو كان فيه استشهاد ودماء. الرابح من معركة غزة هو حركة حماس، التي اتخذت قرارا خطيرا فيما يتعلق بالهدنة، و تمكنت من أن تصمد مع بقية فصائل المقاومة ثلاثة أسابيع، دون أن ينكسر ظهرها أو تمنى بخسائر ثقيلة، فإنها بالتأكيد تفرض نفسها كطرف سياسي رئيسي في المعادلات الفلسطينية، يصعب بعد ذلك شطبه أو تجاوزه في المرحلة القادمة.
وهذا الأمر من شأنه أن يضع عليها الكثير من المسؤولية ويدفعها إلى مراجعة بعض الأخطاء الكبرى التي تورطت فيها خلال السنوات الثلاث الأخيرة. كما أن انتصارها سيزيد من تعقيد الساحة الفلسطينية والإقليمية، ويجعل المشهد العسكري والسياسي مختلف عما كان عليه، خاصة إذا استحضرنا النتائج التي أسفرت عنها حرب تموز لصيف 2006 مع حزب الله.
لهذا أن معركة غزة ستكون لها تداعيات استراتيجية ليست هينة، إذا وجدت من يحسن استثمارها في هذا الاتجاه أو ذاك.
الرابح الثاني من معركة غزة هي تركيا بكل تأكيد، والتي نجحت قيادتها في خطف الأضواء، وأحسنت الاستماع لنداءات الشارع العربي والتركي والعالمي. وتمكنت من حشر إسرائيل في الزاوية بتحميلها مسؤولية ما حدث. وبدا أردوغان مطمئنا وهو يدافع عن حركة حماس بعد أن أدانتها أطراف عربية رسمية عديدة.
كما أنه بدا جريئا وهو يعبر عن اعتزازه بأجداده في الدولة العثمانية، الذين وفروا الحماية لليهود من اضطهاد الأوروبيين. إنها لحظة تاريخية ونوعية في السياسة التركية المعاصرة.
إلى مزيد من الصّمود السّياسي و العسكريّ : أن الإحباط الجماعي يفتح المجال واسعا أمام كل أشكال العنف و تبدو النتائج الأولية لهذه الحرب غير المتكافئة وأن الحقد الأعمى الذي ادار به الإسرائيليون الحرب على سكان غزة، وعجز الأنظمة العربية حتى عن صياغة بيان إدانة في قمة عربية شكلية، والغليان الذي أصاب الملايين من العرب والمسلمين، كل ذلك يشكل مناخا ملائما يساعد تنظيم القاعدة على استقطاب مغامرين جدد، لا يقل اندفاعهم عمن سبقوهم في هذه الطريق؟
إن التّحدّي الأكبر الذي ينتظر المقاومة في فلسطين المحتلة حتّى تنتصر على العدوان العسكريّ ولو بقدر في حربها المفروضة عليها ليس بعيد المنال، إلاّ أنّه لا بدّ لها أن تحقّق انتصارا أكبر وثباتا أعظم على العدوان السّياسي العالمي الذي يحاك حولها بعد 21 يوما من حرب قذرة لم تحقّق أهدافها، فالصّمود الصّمود الصّمود، وإنّكم على ذلك بعون الله تعالى وبعونه لقادرون. نسأل الله لنا ولهم الثّبات و التمكين.
باريس في 16 جانفي 2009
عبد السلام بوشداخ - أحد مؤسسي الحركة الاسلامية بتونس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.