أعلن الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة الذي يملك حظوظا أكثر من وفيرة للفوز بولاية رئاسية ثالثة في أكثر من محطة ضمن حملته الانتخابية في أسبوعها الأول التي جاب فيها عدة ولايات في مناطق وجهات مختلفة للجزائر، الخطوط العريضة لسياسته الجديدة، القائمة على مغازلة وتقريب الإسلاميين المعتدلين وسكان منطقة القبائل، وبالمقابل إعلان الطلاق البائن مع الإسلاميين المتشددين والمسلحين التائبين، وحتى تيار السلفيين الذي تمتع ب «بغض طرف» رسمي في السنوات الماضية. وأكد بوتفليقة تمسكه بالمصالحة الوطنية في كافة تجمعاته الانتخابية وقال في منطقة تيارتالغربية «أبواب الأخوة والمصالحة الوطنية والحوار ما زالت مفتوحة.. وأنه لا يمكن ربطها بتاريخ محدد يبدأ وينتهي بمدة»، لكنه اشترط على الذين يتخلون عن السلاح أو الدعاية للمسلحين «إعلان التوبة» والإقرار «بخطئهم أمام الشعب, وإن لم يفعلوا فعليهم البقاء بعيدين عن ديارنا» في إشارة لقادة «الجبهة الإسلامية للإنقاذ» المتواجدين في أوروبا ممن اعتبر المراقبون أنها المرة الأولى التي يدعوهم فيها الرئيس المرشح علنا للاستفادة من قانون المصالحة الوطنية، مع الاحتفاظ بشرط عدم المطالبة بالعودة إلى الساحة السياسية، تماما مثلما وضع حدودا للمسلحين التائبين وعدد من قادة جبهة الإنقاذ بالداخل، الذين يطالبون بحقوقهم السياسية أيضا. حيث شن عليهم هجوما عنيفا في تجمع بولاية تلمسان السبت الماضي، قائلا: «هناك أصوات تقول لم يعطنا حقوقنا، اذهبوا إلى الشعب هو يعطيكم إياها.. لا أستطيع أن أفرض على الشعب أن يقبل بكم.. لقد أهلكتمونا أهلككم الله». ولم يتوقف بوتفليقة عند انتقاده للتائبين وقادة الإنقاذ الذين يمثلون الإسلام المتشدد بالجزائر وإنما فتح النار على تيار السلفية أيضا، في تجمع بولاية تيسمسيلت خلال اليوم الخامس من الحملة: «نحن لا نفقه شيئا بما جاء به السلفية الجدد، فنحن كلنا سلفيون لكن ليس بالمفهوم المطروح حاليا على الساحة الدولية أو على الساحة الجزائرية بصفة خاصة». وعرج المرشح بوتفليقة في فصل آخر، إلى مغازلة حركة مجتمع السلم «حمس» التي تمثل «الإخوان المسلمين» بالجزائر، والتي تشكل الحكومة ضمن التحالف الرئاسي المساند له إلى جانب حزبي «جبهة التحرير» و «التجمع الديمقراطي». حيث وصف حزب إخوان الجزائر «بأنه يمثل الإسلام الهادئ المبني على الحوار والمنطق». مؤكدا «أن الدولة الجزائرية الحالية، تترجم فعليا مبادئ بيان أول نوفمبر 54 وهي دولة تقوم على أسس على مبادئ إسلامية والدليل على ذلك -حسب بوتفليقة- هو تشكل الحكومة الحالية من حزبين وطنيين وحزب إسلامي مشارك في الحكومة منذ 1999». من جهته قال زعيم إخوان الجزائر أبو جرة سلطاني الذي يشارك في تنظيم تجمعات لصالح بوتفليقة، إن حركته ترى بوتفليقة «الرجل الكفيل بضمان استمرارية الدولة.. لأن الجزائر بحاجة اليوم إلى رجل ذي كفاءة وخبرة»... وأضاف سلطاني مادحا بوتفليقة: «عظمة الجزائر بتاريخها المجيد وشعبها المتأصل تستوجب قيادة رجل حكيم، له الخبرة والحنكة السياسية اللتان تمكنانه من النهوض بالبلاد والرقي بها ووضع مكانتها في أحسن المراتب». وفي آخر يوم من الأسبوع الأول لحملة انتخابات الرئاسة الجزائرية المزمع تنظيمها في التاسع من أبريل المقبل، تحول بوتفليقة إلى مغازلة منطقة القبائل ذات الغالبية الأمازيغية، وهي معقل أكبر حزبين معارضين «جبهة القوى الاشتراكية» و «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» العلماني، وكلاهما قررا مقاطعة انتخابات الرئاسة، حيث عرض «المصالحة» على سكان المنطقة، لدى تنشيطه الأربعاء تجمعا شعبيا في ولاية بجاية، من خلال اعترافه صراحة بالتقصير في حقهم، وهو الذي لم يخص المنطقة ولو لمرة واحدة منذ اعتلائه الحكم سنة 1999، وقال مخاطبا سكان بجاية، «هذه الجزائر تنتظركم لقد تغيبتم عليها قليلا وانتظرتكم طويلا مع أنني لمست انزعاجكم منا». وأضاف: «ليس هناك جزائر دون بجاية ولا بجاية من دون الجزائر».