أثار قرار نقابة المحامين التونسيين الأخير بمنع المحامين من الإدلاء بتصريحات دون ترخيص، حفيظة الصحفيين الذين اعتبروا أن هذه الخطوة تزيد من تضييق حرية التعبير وتكرس الجهل بالقانون.وأصدرت نقابة الصحفيين الأربعاء الماضي بيانا احتجت فيه على ما وصفته بالتضييق على طرائق الوصول إلى المعلومة، معتبرة أنّ آراء المحامين جزء لا يتجزأ في الدفاع عن حرية التعبير. وجاء قرار نقابة المحامين العاملين بعد أن اتّهمت امرأة موكلها بالتحايل في إحدى الحلقات التلفزيونية المعروفة بإثارة القضايا الساخنة زاعمة أنه رفض تسليمها تعويضا قدره 190 ألف دينار (حوالي 135 ألف دولار أميركي) حصلت عليه بعد وفاة زوجها في حادث سير. وأثار هذا الاتهام استياء عارما من قبل أغلب المحامين التونسيين الذين أبدوا امتعاضا شديدا من وسائل الإعلام على ما اعتبروه تشهيرا بالمحامين ونيلا من سمعة المحاماة ومصداقيتها. دفاع المحامين ويقول نقيب المحامين البشير الصيد للجزيرة نت إن "قرار نقابة المحامين لا يسعى إلى التضييق على حريّة الرأي والتعبير، لكنه يأتي في سياق الدفاع عن سمعة المحامي وهيبته". واعتبر أن المذيع -الذي أدار برنامج "الحق معاك" في التلفزيون الرسمي- لم يتقيد بأخلاقيات المهنة، وأساء إلى المحاماة بأسلوبه المنحاز وطريقة تعاطيه غير الموضوعية، بحسب قوله. ويقول الصيد إن "ما جاء في بعض الحلقات التلفزيونية يعتبر تشهيرا مجانيا لحرمة المحاماة وتعديا صارخا على حقوق الدفاع ومساسا مباشرا بسمعة المحامي ونيلا من مصداقيته". ودافع الصيد بقوة عن المحامين، قائلا إنّ "قطاع المحاماة ليس بؤرة للفساد حتى وإن كانت هناك بعض الحالات المعزولة والاستثنائية"، مضيفا أن "الشكاوى بحق المحامين قليلة جدا وليست مرتبطة بتهم متعلقة بالفساد". استغلال دعائي بيد أن هذا الجدل لا يقف عند المساس من هيبة المحامين فحسب، بل يتعلق-بحسب الصيد- باستغلال بعض المحامين حضورهم في بعض البرامج للترويج لأسمائهم وهو مخالف للقانون. وقد خلف تكرار ظهور بعض المحامين على شاشات التلفزيون الرسمية والخاصة استياء داخل أوساط المحامين أنفسهم، الذين اتهموا زملاءهم باستغلال وسائل الإعلام على سبيل الدعاية. وكانت نقابة المحامين قد اشترطت على منتسبيها -بعد جلسة طارئة- الحصول على إذن مسبق من قبل نقيب المحامين قبل الإدلاء بتصريحات، كما قررت أن يكون حضورهم الإعلامي بصفة دورية ومتعاقبة، تحت طائلة التعرض لإجراءات ردعية من قبل مجلس التأديب قد تصل إلى حد تجميد نشاطهم".
كما وجهت الهيئة تنبيها لوسائل الإعلام يحذرها من التعرض للمحامي إلا بعد أخذ رأي نقيب المحامين، مهددة برفع قضايا مستعجلة لمنع بث حلقات تلفزيونية أخرى مسجلة يبدو أنها ستعرض مداخلات لبعض المحامين. وبعد قرار التنظيم النقابي توقفت مشاركة المحامين في بعض البرامج ذات الشعبية الواسعة، مما أصبح يهدّد بقاءها على اعتبار أنها تقوم أساسا على حلّ المشاكل الاجتماعية للمواطنين الذين لجؤوا إليها للاستعانة بآراء المحامين. استياء إعلامي وفي هذا الاتجاه شجبت نقابة الصحفيين قرار نقابة المحامين بمنع حضور أعضائها في البرامج التلفزيونية إلا بترخيص باعتباره تضييقا لحرية الصحافة والنفاذ إلى المعلومة وبسط القوانين والدفاع عن الحريات بصفة عامّة، حسب قولها. واستنكر الصحفي صالح عطية قرار نقابة المحامين قائلا إن "هناك نية لتكريس الجهل بالقانون داخل الأوساط الاجتماعية". من جهته قال الحبيب الشابي عضو نقابة الصحفيين للجزيرة نت إن "القرار بإلزامية الحصول على ترخيص للإدلاء بتصريحات يأتي في إطار التضييق على الصحفيين وعلى مصادر المعلومة الضيقة أصلا".