بدأت ملامح المعركة الانتخابية تظهر بقوّة قبيل الاستحقاق الرئاسي التونسي بعدما شنّ أقوى حزبين معارضين هجوما عنيفا على السلطة بشأن ما اعتبروه تعتيما على مرشحي حزبيهما في الانتخابات المقبلة، في وقت رفضت الحكومة هذه المزاعم. وتبرّر أحزاب يسارية هذه الاتهامات بقولها إن السلطة تحتكر كليا وسائل الإعلام خاصة التلفزيون، مشددة على أن صحفها تتعرض إلى شتى أنواع المضايقات على مستوى مسالك التوزيع للحؤول دون تعاطف المواطنين مع مرشحي المعارضة.
وبلغت الاتهامات ذروتها هذا الأسبوع بعد أن وجّهت حركة التجديد (الحزب الشيوعي التونسي سابقا) انتقادات حادة إلى الحزب الحاكم بعد أن اتهمته بمنع ظهور العدد 121 من صحيفتها "الطريق الجديد" من أجل التعتيم على مرشحها للانتخابات.
وسبق أن أعلنت السلطة عن حجزها العدد 113 من نفس الصحيفة لأنه خالف -حسب قولها- أحكام مجلة الصحافة المتعلقة بعدم نشر أحكام جزائية قبل تلاوتها في المحاكم، بينما فندت المعارضة ذلك بقولها إنها نشرت استنطاق أحد المتهمين في قضية الحوض المنجمي بعد محاكمته.
تعتيم إعلامي وقال الأمين الأول لحركة التجديد أحمد إبراهيم أمس في ندوة صحفية "نحن نعتقد دون أدنى شك أن شركة التوزيع الخاصة التي نتعاقد معها للقيام بتوزيع صحيفتنا الأسبوعية لم تقم بتوزيع العدد 121 تحت طائلة ضغوطات السلطة".
وأكد للجزيرة نت أن "هذا الإجراء التعسفي يأتي في وقت وقع فيه اختياري لأكون مرشحا للعديد من الأطياف اليسارية، وأعتقد أن السلطة قامت بمنع توزيع العدد الأخير لما تضمنه من إعلان رسمي لأكون منافسا ندّا للند للرئيس الحالي".
ويتابع إبراهيم "أظن أن هذا الاعتداء الصارخ يكشف أن السلطة ليست لديها رغبة في ترجمة أقوالها على أرض الواقع"، في إشارة منه إلى ما تعهّد به مؤخرا الرئيس زين العابدين بن علي بإجراء الانتخابات في كنف الشفافية.
وأحمد إبراهيم هو أستاذ جامعي نجح منذ ترأس حزبه عام 2007 في استقطاب مجموعة من التيارات اليسارية الصغيرة، التي رشحته منذ أيام ليكون مرشحها القوي لمنافسة مرشح الحزب الحاكم للانتخابات الرئاسية في أكتوبر/تشرين الأول 2009.
وهو يقود تحالفا يحمل اسم "المبادرة الوطنية من أجل الديمقراطية والتقدم" والذي يتألف من "حركة التجديد" (حزب معارض معترف به) وحزب العمل الوطني الديمقراطي والحزب الاشتراكي اليساري (حزبين معارضين غير معترف بهما) وعدد من المستقلين.
خندق واحد ومع أن الحزب الديمقراطي التقدمي (يساري معارض) لا ينتمي إلى هذا التحالف، فإنه يجد نفسه معه في خندق واحد. فطالما اشتكى الحزب من "حجز مقنع" لصحيفته الأسبوعية "الموقف".
ويؤكد مرشح الحزب للانتخابات أحمد نجيب الشابي أن "السلطة تسعى بشتى الطرق الملتوية إلى خنق مسالك التوزيع بالضغط على شركة التوزيع التي نتعاقد معها كي لا تسلم إلا نسخة أو نسختين على الأكثر لكل كشك داخل البلاد".
من جانبه يقول رئيس تحرير "الموقف" رشيد خشانة للجزيرة نت إن "الغاية من وراء هذا الحصار المفروض على صحيفتنا هو منع تسريب أي معلومة تحرج النظام السياسي فيما يتعلق بعدة ملفات كنزاهة الانتخابات أو ملف الحريات".
نفي قاطع في المقابل تنفي المصادر الرسمية بشكل قاطع أن تكون قد فرضت أي قيود على صحف المعارضة سواء على مستوى التوزيع أو على مستوى الرقابة المسبقة على المواضيع، مؤكدة توفر صحف المعارضة كغيرها من الصحف المستقلّة في الأكشاك.
ورفضت السلطات ذرائع المعارضة بأنها حجزت صحفها بصورة مقنعة لخنقها ماديا أو ممارسة تعتيم إعلامي على مرشحيها للانتخابات، مذكرة بأن أحزاب المعارضة تتمتع بعناوينها وتنشر مقالات النقدية دون أي تضييق.
وتصدر عن جميع أحزاب المعارضة في تونس صحف خاصة بها يتمتع أغلبها بالإعلانات العمومية والدعم عند الطبع. وتصدر بالبلاد سبع صحف معارضة وهي "الموقف" و"الطريق الجديد" و"الوحدة" و"مواطنون" و"المستقبل" و"الأفق" و"الوطن". خميس بن بريّك