أنهت ألمانيا ترددا طال بشكل غير مألوف بشأن مشاركتها في مؤتمر الأممالمتحدة الثاني لمكافحة العنصرية، وقررت مساء الأحد الانضمام إلى المقاطعين للمؤتمر المعروف باسم "ديربان 2" الذي بدأ أعماله اليوم في مدينة جنيف السويسرية.وأعلن وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير -عقب انتهائه من مؤتمر هاتفي مع نظرائه في دول الاتحاد الأوروبي- أن بلاده تتخوف مثلها مثل دول غربية أخرى، من احتمال استغلال الدول الإسلامية للمؤتمر الأممي، في الترويج لدعايات معادية لإسرائيل. وقال شتاينماير إن" قرار المقاطعة لم يكن بالأمر السهل على الحكومة الألمانية، التي تخشى من تحول مؤتمر جنيف مثلما حدث في مؤتمر ديربان الأول بجنوب أفريقيا إلى منتدى لاهتمامات تختلف عن الأغراض التي تأسس المؤتمر لأجلها". وحث الوزير الألماني المشاركين في المؤتمر على التركيز على المشاركة الفعالة في مكافحة العنصرية والتمييز العنصري، والحيلولة دون ما سماه استغلال المؤتمر في أغراض خاصة، وأشار إلى عزم برلين على مراقبة فعاليات المؤتمر بدقة. وشهدت ألمانيا جدلا واسعا قبيل إعلان الحكومة قرارها المقاطعة. وسبق إعلان المقاطعة توجيه مؤسسات وأحزاب وشخصيات عامة مؤيدة ومعارضة للمؤتمر الأممي، مناشدات تدعو حكومة المستشارة أنجيلا ميركل لتأييد وجهة نظرها تجاه المؤتمر. كما استمر الجدل حتى بعد إعلان الحكومة الألمانية قرار المقاطعة. وشهدت الساعات السابقة لتحديد برلين موقفها توجيه مدير المعهد الألماني لحقوق الإنسان هاينر بيلفيلدت مناشدة للحكومة الألمانية ونظيراتها الأوروبيات للمشاركة بفاعلية في المؤتمر. واعتبر بيلفيلدت في تصريح للإذاعة الألمانية أن مقاطعة مؤتمر جنيف ستضعف مصداقية سياسة الأممالمتحدة في مجال حقوق الإنسان، وتتيح الفرصة للرئيس الإيراني أحمدي نجاد للترويج لآرائه ضد إسرائيل. كما دعا حزب الخضر المعارض الحكومة الألمانية إلى عدم مقاطعة مؤتمر جنيف والمشاركة فيه بفاعلية.
شتاينماير عبر عن تخوفه من توجيه أنتقادات للمواقف الغربية تجاه العالم الإسلامي (الجزيرة نت-أرشيف) الجالية اليهودية وكانت الجالية اليهودية في ألمانيا قد دخلت طرفا في الجدل الدائر. وطالبت رئيسة المجلس المركزي لليهود شارلوتا كنوبلوخ برلين بالنأي بنفسها عن هذا المؤتمر، معتبرة أن مشاركتها فيه سترسل "إشارة في الاتجاه الخطأ". ووصفت كنوبلوخ المؤتمر الأممي بأنه خدعة ويمثل أداة في حملة كراهية موجهة ضد إسرائيل، وقالت إن التشكيلة الحالية لمجلس حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة تضم ليبيا والسعودية وإيران وكوبا والصين وهي دول ديكتاتورية تهدف "لاستغلال المؤتمر في التحريض ضد الدولة اليهودية". وطالب مفوض حقوق الإنسان بالحكومة الألمانية غونتر نوكيه مؤتمر الأممالمتحدة بعدم تجاوز الخطوط الحمراء في إشارة إلى توجيه إدانة لإسرائيل.
كما دعا كل من كريستينا كوهللر النائبة في البرلمان الألماني عن الحزب المسيحي الديمقراطي الحاكم، وألكسندر غراف لامبسدورف القيادي بالحزب الديمقراطي الحر المعارض، المستشارة ميركل إلى مقاطعة مؤتمر الأممالمتحدة لمناهضة العنصرية. وأطلق 1300 من السياسيين السابقين والصحفيين والمنظمات غير الحكومية حملة حملت عنوان "قاطعوا ديربان2. لا حوار مع المعادين للسامية" لمطالبة الحكومة الألمانية بمقاطعة مؤتمر الأممالمتحدة لمناهضة العنصرية. من جهة أخرى وجدت مقاطعة الحكومة الألمانية رفضا عن بعض الجهات السياسية، فقد عبر د. نورمان بيش -النائب وممثل حزب اليسار المعارض في لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الألماني- عن أسفه لقرار الحكومة الألمانية بمقاطعة المؤتمر، وقال إن قرار مقاطعة المؤتمر غير مجد ويعد ترفا لدولة كألمانيا لديها مشكلة كبيرة من العنصرية والتمييز ضد الأجانب والمهاجرين. وأشار بيش في تصريح للجزيرة نت إلى تأكيد دراسة ميدانية صدرت مؤخرا على وجود تصورات معادية للأجانب بين واحد من كل أربعة من الشبيبة الألمانيين، ورأى أن تطلع ألمانيا للقيام بدور في مكافحة العنصرية قد تضرر بسبب مقاطعتها المؤتمر. خالد شمت -برلين