تونس - محمد الحمروني: شهدت الندوة الصحافية، التي عقدتها النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين أمس الاثنين، لتقديم تقريرها السّنوي حول أوضاع حرية التعبير في تونس، حالة من الهرج والمرج الشديدين والاعتداء بالألفاظ النابية وقلب للطاولات. وكادت تتحول الجلسة إلى عراك بالأيدي، لولا تدخل رئيس النقابة السيد ناجي البغوري ليعلن عن وقف الندوة الصحافية متهما أطرافا قال «إنها مقربة من السلطة» بالعمل على تخريب الندوة، تمهيدا لعقد ندوة صحافية موازية تقدم خلالها تقريرا موازيا لتقرير المكتب التنفيذي. وشدد البغوري على أنه سيعمل على أن تظل النقابة مستقلة عن أي طرف سياسي بما في ذلك الحزب الحاكم الذي يريد عبر بعض الصحافيين المعروفين وضع يده على النقابة. وكانت الندوة قد ابتدأت أشغالها بطريقة طبيعية وقدّم البغوري الذي افتتح الجلسة فكرة عن أهم ما جاء في التقرير، موضحا أن الصحافة التونسية تعيش اليوم أوضاعا صعبة وهو ما عكسته للأسف الشديد، كما قال، مضيفا أن التقارير الدولية الصادرة منذ أيام والتي صنفت بلادنا في ذيل قائمة الدول التي تحترم حرية الصحافة والتعبير في العالم خير دليل على ذلك. وقال البغوري ليس غريبا أن تثبت تلك التقارير أننا لم نتقدم في هذا المجال إلا على الصومال وبوتسوانا وغيرها من الدول الأكثر تخلفا في العالم، مبينا أن واقع الإعلام لا يعكس بالمرة المستوى الجيد للنخب التونسية الإعلامية وغيرها التي كانت سبّاقة إفريقيا وعربيا في مجالات حقوق الإنسان وحرية التعبير. وشدد على أن النقابة رصدت خلال الفترة الممتدة من 3 مايو 2008 إلى 3 مايو 2009 حالة من التضييق الشامل على حرية التعبير تمثلت خاصة في التضييق الأمني الذي تعرض له الصحافيون بدءا من حجزهم في مدنهم ومنازلهم إلى حجز وسائل عملهم وفرض التعتيم عليهم، وصولا إلى الاعتداء على مؤسسات إعلامية بكاملها، وذلك في مقابل «الجهد الحقيقي الذي يبذل من قبل بعض الصحافيين للتقدم نحو صحافة جديدة تليق بتونس». كما سجلت النقابة انتهاكا متواصلا لأخلاقية المهنة بدءا من سرقة المقالات وانتحالها، واعتماد بعض الصحف على المقص من أجل ملء صفحات بكاملها. وبيّن نقيب الصحافيين التونسيين تسجيل اعتداءات صارخة على الحقوق المادية والمهنية للصحافيين، خلال الفترة الماضية، وبين أن تلك الانتهاكات كانت محصورة في السابق في المؤسسات الإعلامية الخاصة، ولكن ما حصل مؤخرا هو امتداد هذه المظاهر إلى المؤسسات الإعلامية العامة مثل مؤسسة الإذاعة والتلفزة التونسية ومؤسسة «لابراس» أي «الصحافة» و «وكالة تونس إفريقيا للأنباء» وهي مؤسسات تمول من المال العام ولكنها لا تقدم في المقابل منتوجا إعلاميا جيدا يعكس حقيقة الإمكانات المادية الهائلة التي تتمتع بها. وخلاصة القول -كما قال البغوري- فإن وضع الصحافة اليوم في تونس مريض ويبعث على كثير من الانشغال. أما التقرير الصادر عن النقابة فسجل وجود صعوبات كبيرة في الوصول إلى مصادر الخبر وإلى المعلومة الصحيحة والحينية في تونس. ومما جاء في التقرير بهذا الخصوص «ففي الأحداث الكبرى كما في الأوقات العادية يواجه الصحافيون مصاعب كبرى للوصول إلى المعلومات فهي إما شحيحة أو تجانب الصواب بهدف خدمة الإدارة المعنية». وأوضح التقرير أن تونس متخلفة في هذا الجانب على عدد من الدول العربية مثل الجزائر والمغرب والأردن التي أكدت وبالنصوص القانونية حق الصحافي في الوصول إلى الخبر. يذكر أن عددا من التقارير الصادرة مؤخرا قد صنفت تونس ضمن الدول العشر الأكثر تضييقا على حرية الإعلام. العرب