تلقت الفجرنيوز هذه الرواية لأحد المفرج عنهم من سجن الجنيد(أحد سجون الأجهزة الأمنية ) تنشرها كما وردت اليها :هناك داخل أقبية التحقيق بين عتمة الزنازين وظلمة السجان وحقد الجلادين من أبناء جلدتنا، تتكرر كل يوم مأساة جديدة ومعاناة تضاف إلى سلسلة من العذابات والمعانات لإخواننا المجاهدين هناك لا لذنب ولا لجرم سوى أنهم قد حملوا فكر ونهج المقاومة بين حناياهم ومضوا لأجلها وعملوا في سبيل دينهم ووطنهم ... ظلم وتعذيب يضاف إلى سجلها الأسود في حق أبناء شعبها المقاوم .. في هذه المرة يروي لنا أحد المفرج عنهم من سجون الأجهزة الأمنية وبالأخص سجن الجنيد بمدينة نابلس ما يراه الأخ المجاهد من عذاب وحقد ممنهج ضدهم ... قصص قد أوردها لا يصدق عقل بشري أنها تصدر من أناس في قلوبهم أدنى معاني الإنسانية... يقول : كنت قد اعتقلت لدى جهاز المخابرات العامة لمدة شهرين متتالين رأيت فيهم كل أصناف وألوان العذاب رأيت الموت بعيني .. قد سبق واعتقلت عندهم ولكن هذه المرة تختلف تماما فالتعذيب على أشده بحق المختطفين فعشرة أيام من الشبح والتعذيب بطرقهم المتوحشة قادرة على أن تنهي الأخ المختطف جسديا فحالات التعذيب تطول أكثر من مئة يوم يمضي كل يوم كألف سنة على المختطف من شدة ما يرى من التعذيب والضرب والشبح .. الشبح المتواصل وإنهاك المختطف جسديا ... صمت قليلا.. وفكره بإخوانه هناك داخل السجون... يقول: التعذيب الجسدي بأقبية التحقيق يوصل الأخ للموت ...يتفننون في تعذيبنا .. حقد قد كرس في قلوبهم يخرجونه بأسيطاهم على أجسادنا ...شبح متواصل ليل نهار وضرب يقابله .. قد أوقفوني على كرسي خشبي قيدوا يدي ورجلي " وللإمتهان بنا أكثر فالتقييد يكون بالعصبة الخضراء لاستفزاز مشاعرنا " وعلقوني بمواسير معلقّة بالسقف وبهذه الحالة يصبح جزء من جسد الأخ معلق والأخر بالهواء ... يقول أكثر من ربع ساعة على مثل هذه الطريقة لا يستطع الواحد منا أن يسيطر على أعصابه هدفهم هو أن يهلكونا جسديا فلا نعود بعدها قادرين.. فعلى مثل هذا اللون من الشبح يرافق الأخ منا ألام بالظهر والأرجل والأيدي ، يحاولون التركيز على مناطق الأعصاب بالتحديد ليفقدونا السيطرة على أنفسنا فيقول " هدفهم بهذا الشبح أن لا يعود أي أخ لأي عمل وبالتحديد العسكري لأنه حينها سيفقد القدرة على التركيز والسيطرة " . عاد لصمته مرة ثانية .. يقول قد سجنت لدى الاحتلال وربما قد يتعرض المعتقل عندهم للتعذيب لكن ليس كالذي نراه هنا ... هنا فقط تعذيب لأجل الموت .. تعذيب يرافقه عاهات ربما تكون دائمة في بعض الحالات ... يقول وبحرقة وألم على إخوانه الذين تركهم خلفه تحت أسياط التعذيب.. يوميا وعندما تدق الساعة السابعة صباحا يخرجون كل المختطفين إلى ساحات المعتقل ويشبحون الجميع وكل أخ يشبح بطريقة حسب تهمته و حسب وضعه ويبقى الأخ فينا مشبوحا لوقت الظهر لا يفك قيده إلا لعشر دقائق فقط منها للصلاة ومنها للأكل .. وتعاد الكرة مرة أخرى بعد صلاة العشاء ولكن في هذا الوقت أشد ..يخرج من أول ممر السجن ضابط منهم ومن آخره ضابط آخر والأخوة معلقون بمواسير بسقف الممر وهنا يبدءون بالضرب بعصي خشبية وأخرى "برابيش مياه سميكة " ويضربونا على مناطق حساسة وعلى مناطق الأعصاب وهنا لا تسمع إلا صراخ هذا وذاك .. يقول والله سمعنا أصواتا لم نسمعها من قبل صراخ وصياح وأنات تخرج من إخواننا لم نرها من قبل حتى في أفلام الرعب ... من شدة الضرب والتعذيب والشبح المتكرر تبقى يدا الأخ معلقتين بالسقف ورأس الأخ يصل أحيانا لركبته من شدة الألم "لأن جسده يصاب بالهزال الشديد" يكاد النفس ينقطع هنا عن الأخ ، فيأتي الجلاد وبعصاه التي يحملها يرفع رأس الأخ بقوة يشهق الأخ شهقات متكررة تظنه حينها أنه قد مات ... مع كل أساليب الشبح التي ذكرها ..رغم قسوتها وشدتها على الأخ المختطف إلا أنه يقول هذا كله يهون عن أسلوب شبح الطاولة فهذا أسلوب جديد لم أتعرض له في الاعتقال السابق ... شبح لو استمر لنصف ساعة فقط يفارق الأخ روحه لانقطاع التنفس عنه .. يتذكر حينما تعرض له بمرارة وبحزن شديد ويصف لنا الحالة ويقول : توضع طاولة ترتفع عن الأرض مقدار 40سم يخرجون الأخ منا من تحت الطاولة.. بأسفل الطاولة حلقة يربط فيه يديه وتشد للأعلى ورأسه من مقدمة الطاولة للأعلى ورجلاه ممدودتان على مستوى الطاولة ويتعمدون الشبح لفترات قصيرة ومحدودة جدا لأنها إن طالت تقتل ..
تعذيب فكري ممنهج .. ليسلخ الأخ عن عقيدته ودعوته ما رأيناه في أقبية التحقيق هو تحطيم ممنهج للإنسان فكريا ..دعويا .. دينيا .. تشوه كل الحقائق أمامنا ... ويستخدم هذا الأسلوب خاصة لدى الناشئين الجدد في الدعوة الذين لم يسبق لهم وأن خاضوا تجارب سابقة ... يعتمدون مع البعض أسلوب التحقيق المسجل والمصور..فتحت سياط التعذيب والضرب والشبح المتواصل يسحبون الاعترافات من الأخوة بالقوة ويقومون بعد ذلك بعرضها على إخوة مختطفين ويقولون لهم "انظروا قادتكم قد اعترفوا .. قادتكم بدها تورطكم.. قادتكم ينجون وأنتم تدفعون الثمن" أسلوب رخيص حقير ليفقدوا الثقة بين الأخوة المجاهدين .. يستخدمون زلات بعض القادة أمامهم كوسيلة ضغط عليهم..يلجئون للتخوين برموز وقادة الحركة ويطلعونهم على أوراق مزورة كاعترافات لبعض الأخوة المجاهدين وخاصة ممن كانوا في مواقع متقدمة بالحركة ... كل ذلك يؤثر على نفسية الأخ الناشئ ..يفقده الثقة بدعوته وبإخوانه أحيانا .. يقول وبألم يعتصر بداخله كل التعذيب قد يتحمله الأخ فينا ما دام يحمل الفكر والنهج .. لكن هنا يقتلون داخل إخواننا حبهم لدعوتهم يقتلون فيهم ثقتهم بحركتهم ..
والأمّر من ذلك يهدد الأخ بقطع علاقاته الأخوية بفلان أو علان من الأخوة ويهدد إن رأوه بمرافقة أحدهم فسيعتقل وسيعذب ولكن على أشد ... يهدد أن يقطع علاقته بالمسجد .. ومن شدة ما يرى الأخ من العذاب وبعد أن يخرج من عندهم يفضل أن لا يرى أحدا من إخوانه خوفا من التعرض للاعتقال مرة أخرى .. يحرم نفسه أحيانا كثيرة من الصلاة بالمسجد لخوفه من تكرار الاختطاف والتعذيب .. وطيلة فترة الاعتقال يهدد الأخ من التحدث عن التعذيب ولو بكلمة واحدة لذويه خلال الزيارة ..ولضمان ذلك يكون بكل غرفة أخ أثناء زيارة اهله له ضابط يجلس معهم ليرى ويسمع ما يدور ... في حالات كثيرة قد تظهر علامات التعذيب والضرب على الأخ ، لكنه خوفا ينكرها ولا يذكر أي منها ...
حقد بالتوارث ... يقول لنا الأخ " أغرب ما رأيناه أنه وفي أحد الأيام قد أحضر أحد الضباط اولاده في الوقت الذي يشبح فيه الأخوة المجاهدين وامسكه العصاة وقال له إضرب هكذا .. وبدأ يضرب بالأخوة المختطفين ومنهم من بلغ الأربعين والخمسين من العمر .. بكل فخر يعلم ابنه ويقول هكذا أريدك أن تكون غدا في المستقبل .. تعلم من الآن .. يعلمون أبناؤهم الحقد والكراهية .. يزرعون في قلوبهم الغل والحقد علينا "..