– بتاريخ 19ماي2009 - ناشط نقابي وحقوقي عاش جمهور قفصة يوم 1 ماي 2009 يوما ليس كمثله من الأيام لأنه سيظل وصمة عار على جبين المشرفين على الثقافة في بلادنا . ففي اطارما سمته السلطة بالمهرجان الثقافي – ماي للفنون- وفي أول دورة له وقع استدعاء الفنان الكبير مارسال خليفة ليغني لجمهوره في قفصة الذي طالما تمنى أن يلتقي به . وحال ما أنتشر الخبر وعم بين المواطنين هب العديد من المحبين للقاء مع الفنان الذي أحبهم وأحبوه . لكن من يدري ما يخبؤه لهم القدر عفوا سيدي ما تخبه لهم السلط الجهوية المشرفة على الثقافة ودور الثقافة من حسن التصرف في الجمهور . فعوض أن يدخل المواطنون الحقيقيون للحفلة ويشاركون الفنان غنائه وموسيقاه التي تغني للوطن المسلوب والمنهوب من أهل الدار وتهتف للحرية المستباحة من السلطة والسلطان وتنشد العدل والحق والمساواة الممنوعين من النطق في الزمن الاصم يحرمون ويستبدلون ويعوضون بآخرين جيء بهم لاتمام المشهد وتنفيذ المسرحية الهزلية المعدة سلفا . فعوض أن يدخل المواطنون الحريصون على نشيد أغاني الحياة يزج بآخرين حريصون على تنفيذ التعليمات حتى الممات .فعوض أن يشارك المواطنون المعنيون مع الفنان الذين يتقاسمون معه الهموم والمعانات يعين آخرين من الموالاة .فعوض أن نسمع عن بيع آلاف التذاكر فاذا بها شحيحة لا تتجاوز الستة عشر بالرغم من المطالبة الشديدة من الجمهور وتعطشه لسماع من يغني لهم حقيقة عن خبزهم اليومي عن بؤسهم الاجتماعي عن الظلم والقهر . وهكذا يسدل الستار على حفل مارسال خليفة الذي اريد له أن يكون حفله بالرغم عنه . وتعيش جماهيرقفصة المتعطشة للكلمة الهادفة والموسيقى التي تطربها تحت الوصاية والرقابة والمنع والقمع حتى لا تلتقي بمن أحبتهم من الفنانين الملتزمين بقضاياهم .تلك الجماهير التي التقت مع الشيخ امام عيسى رحمه الله فأحبته في مناسبتين فتربت على الحس الموسيقي الاصيل وعلى المضمون والمحتوى الجاد الذي يرسخ فيها الشعور بالانتماء للأمة العربية وتبني قضية فلسطين المركزية كما يعمق فيها روح الثقافة الوطنية والابداع وينمي فيها ملكة النقد والتفكير العقلاني بعيدا عن التحجر والانغلاق .تلك الجماهير التي تعلمت أن تغني لشهداء الخبزة والتي عرفت معنى التغني بالحرية وتعلمت أن تغني للوطن لايليق بها أن تعامل معاملة القطيع وأن تستقطع كالأغنام . فهذه الجماهير قطعت مع الفن المبتذل والكلمة الهابطة ورفضت أن تكون ادات لترويج ثقافة التهريج . فهذه الجماهير بقيت وفية وأصيلة في مواقفها للدفاع عن آخر حصن وجدت فيه نفسها والذي يعبر عنها من خلال الكلمة الملتزمة والموسيقى الراقية . هذه الجماهير سمت بنفسها على ثقافة الكرة والمزود والتخدير لأنها آمنت بالمبادىء السامية قيم الحرية والعدل والخير والحق والتحررو الوحدة . فهل يحاصر الجمهور وذنبه في ذلك أنه أحب مارسال خليفة ومن قبله الشيخ امام ؟ فهل يحاصر الجمهور ويستبدل لأنه يدافع عن الفن الذي يحرك السواكن ويحرض على الثورة والتمرد . فالى متى تجفف منابع الثقافة الجادة الأصيلة التي تدعو الى النقد واستعمال العقل بعيدا عن تمجيبد الملك والملوك والسلطة والسلطان . والى متى ستظل اذن السامع للفن تستمع الى فن هابط لا ينمي في الانسان ملكة الذوق السليم والاحساس المرهف بالحب والأمل ؟ وفي الختام نقول : هاهو الفن المبدع والخلاق هو الآخر يتعرض للحصار ولم يسلم من الملاحقة الأمنية ؟ في تونسنا الحبيبة ؟