الرباط : دعا حزب يساري مغربي الى مقاطعة الانتخابات البلدية المقررة يوم الجمعة القادم وتركيز النضال من اجل دستور ديمقراطي وتفكيك ما وصفه بمافيات المخزن المسؤولة عن افساد الحياة والسياسة في البلاد.وقال حزب "النهج الديمقراطي" الماركسي اللينيني ان "تفاقم الاستبداد المخزني والحكم الفردي المطلق الذي يشرعنه دستور 1996 اللاديموقراطي والممنوح يكرسه استمرار هيمنة المافيا المخزنية والإفلات من العقاب في الجرائم السياسية والاقتصادية التي عرفتها بلادنا ويعمقه المزيد من إحكام النظام لسيطرته على مختلف المجالات". واكد الحزب في بلاغ لكتابته الوطنية ان المغرب يعرف "غياب أية إمكانية للتداول على السلطة الحقيقية (حيث البرلمان مجرد غرفة للتسجيل والحكومة مجموعة موظفين كبار) وللتأثير على القرارات المصيرية التي تظل في يد النظام والكتلة الطبقية السائدة والإمبريالية وأجهزتها السياسية والاقتصادية والمالية والتجارية" واستدل الحزب على موقفه بتجربة حكومة "التناوب" التي قادها الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. وقال ان الدولة تعمل على تفريخ الأحزاب وبلقنة الخريطة السياسية والسعي إلى تدجين الأحزاب وتحويلها إلى مجرد وسائط بين الدولة والمواطنين، وكان آخر ابداع في هذا المجال هو خلق حزب الأصالة والمعاصرة وتمكينه من كل الوسائل المادية والإعلامية، في الوقت الذي تسعى فيه الى محاصرة وقمع الأحزاب والقوى السياسية والحركات الإجتماعية واحتواء المجتمع المدني وتوظيفه لصالح اختيارات النظام والكتلة الطبقية السائدة والإمبريالية وتعرف البلاد "تراجعات خطيرة في ميدان حقوق الإنسان والحريات الديمقراطية تشرعنها قوانين رجعية (قانون مكافحة الإرهاب، قانون الصحافة، قانون الحريات العامة)". ولاحظ الحزب الذي يرفض المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية كون الانتخابات في البلاد لا تنتج الا مؤسسات فاسدة ولاديموقراطية وفاقدة للشرعية الشعبية ومكرسة للتخلف، تزيد احتكار الاقتصاد وتعمق طابعه الريعي والطفيلي والهش وتبعيته للإمبريالية (تحكم العائلة الملكية وبضع عائلات والإمبريالية، وخاصة الفرنسية، في مختلف الميادين الاقتصادية) ووصول ديمقراطية الواجهة إلى الحضيض حيث أصبحت منبوذة من طرف الأغلبية الساحقة من الشعب كما أظهرت ذلك نتائج انتخابات ايلول/سبتمبر 2007 التي قاطعها الشعب بشكل عار في اشارة الى وصول نسبة العزوف الى 36 بالمئة. من جهته قال الحزب الاشتراكي الموحد انه تمت تهيئة كافة الشروط لخوض الانتخابات البلدية بشكل جيد في إطار تحالف اليسار الديمقراطي (الحزب الاشتراكي الموحد، والمؤتمر الوطني الاتحادي، وحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي). وأوضح محمد مجاهد الامين العام للحزب أنه تم عقد اجتماعات منذ شهور وإعداد وثائق تهم الخطة الانتخابية ومعايير الترشح والميثاق الخاص بالمرشحين باسم التحالف الذين بلغ عددهم 5248 ترشيحا، مشيرا إلى أن هناك التزاما لتحالف اليسار الديمقراطي بتخصيص حصة هامة للنساء في الانتخابات المقبلة. وقال عبد الرحمن بن عمرو نائب الامين العام لحزب الطليعة الاشتراكي أن الانتخابات تعد جزءا من البرامج الواسعة للتحالف، والتي تشمل أيضا "العمل من أجل وحدة اليسار الحقيقي، الذي يؤمن بأن الشعارات والمبادئ والأهداف، تبقى دون قيمة إذا لم يكن هناك أشخاص متشبعون بها". وانتقد بن عمرو أداء المجالس المحلية، معتبرا أن "المواطنين لا يلمسون دور هذه المجالس على مستوى الاستجابة لطموحاتهم" ويرى أن "الذين منحهم المواطنون ثقتهم في الانتداب والانتخاب، لم يكونوا في مستوى التخليق والكفاءة والفعالية" و"المجالس المحلية لا تقوم بالواجب المترتب عليها". واعتبر محمد مجاهد أن "كل المؤشرات تبين أن الانتخابات المقبلة لن تختلف عن سابقاتها"، لا سيما وأن "الاختلالات التي عرفتها الانتخابات السابقة ما زالت مستمرة"، مشيرا إلى "عدم تكافؤ الفرص بين الأحزاب في استعمال الإعلام العمومي". ويقترح مجاهد أن ظاهرة العزوف عن المشاركة في الانتخابات تتجاوز الأحزاب، ويعتقد أن أسباب ظاهرة العزوف "مرتبطة بطريقة إدارة الشأن العام"، بحيث "لا تترجم أصوات وإرادة المواطنين على مستوى القرار السياسي، أي أن القرار السياسي لا يرتبط بصناديق الاقتراع"، كما أن هذه الظاهرة مرتبطة ب"خدمة المصالح الخاصة ومراكمة الثروات عن طريق ممارسة السياسة". وقال انه حتى تكون هناك مشاركة حقيقية "يتعين إعطاء منظور ومعنى جديدين للممارسة السياسية بحيث تكون المسؤوليات واضحة في إطار الخضوع للقانون"، مؤكدا ضرورة أن "تصبح السياسة خدمة عمومية". وفي ما يتعلق بالتحالفات، أكد أنها مسألة أساسية بالنسبة للحزب، مذكرا ب"إطلاق حزبه لمبادرة سياسية لإعادة بناء اليسار المغربي، انطلاقا من التحليل المشترك للوضع السياسي ومن التعاقد حول برنامج سياسي وصولا إلى صيغة متقدمة وهي فيدرالية لليسار بالمغرب". وقال "كان أملنا أن تكون هناك تحالفات قبل الانتخابات مع الأحزاب اليسارية سواء المشاركة في الحكومة أو التي توجد في المعارضة حاليا" وتقديم لوائح مشتركة بين "كل القوى اليسارية خصوصا في المدن الكبرى في إطار تحالف واسع". وأضاف "أما بالنسبة لما بعد الانتخابات فإن حلفاءنا معروفون ونحن لا نخرج عن التحالفات الطبيعية في نطاق القوى اليسارية والديمقراطية". ولدى تطرقه للرهانات المعقودة على الانتخابات المقبلة، قال مجاهد إن "رهاناتنا هي أن تعي القوى اليسارية والديمقراطية طبيعة المرحلة، وأن تتكتل في إطار صيغة تنظيمية متقدمة لإيقاف المنحى التراجعي"الذي اعتبر أنه "يميز المرحلة السياسية الحالية"، وأنه "تدشين دينامية نضالية جديدة تكون لها آثار على كافة مجالات النضال الجماهيري والشعبي والحقوقي". وانتقد محمد مجاهد "عدم تكافؤ الفرص بين الأحزاب في استعمال الإعلام العمومي" الا ان وزير الاتصال، الناطق الرسمي باسم الحكومة اكد أن وسائل الإعلام العمومية تراعي، خلال الحملة الانتخابية وفي الفترات العادية، القواعد المحددة قانونا. وقال خالد الناصري ان وسائل الإعلام العمومية تراعي القواعد المحددة، والواجب مراعاتها في مجال احترام التعددية، وتعمل جاهدة على احترام كل الضوابط المقررة قانونا، أو التي تحددها الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري التي تقوم في فترة خارج الحملة الانتخابية، على معايير شفافة تضمن حق كل من الحكومة والأغلبية والمعارضة والأحزاب غير الممثلة في البرلمان. واوضح أن استعمال وسائل الإعلام العمومية من قبل الأحزاب بفترة الحملة الانتخابية منظم بموجب قرار مشترك بين وزراء الداخلية والعدل والاتصال، تمت صياغته وتتم إجراءاته بتعاون وتنسيق مع ممثلي كل الأحزاب السياسية المعنية وأن الإسهام في خلق التعبئة والتحفيز على المشاركة والإخبار والتعريف بمختلف الأحزاب وبرامجها، يندرج في صميم الخدمة التي يعمل الإعلام العمومي على تأمينها. ويرى عبد الله ساعف رئيس مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية أن الرهانات الأساسية للانتخابات الجماعية المقبلة تتمثل، في هذه المرحلة من الحياة السياسية، في نسبة المشاركة وتحديد الخريطة السياسية. وأوضح ساعف، الذي استضافه برنامج "تيارات" الذي يقدمه عبد الصمد بن شريف في القناة التلفزيونية الثانية أن الرهان الكبير لانتخابات 12 حزيران/يونيو يتمثل بالأساس في معرفة نسبة مشاركة المواطنين، بالإضافة إلى معرفة من سيتحكم في تحديد الخريطة السياسية بالمغرب، هل الأحزاب أم الأعيان والشخصيات ذات المواقع الرمزية. و أكد صعوبة قراءة التطورات التي عرفتها الساحة السياسية مؤخرا، والمتمثلة على في إعلان حزب الاصالة والمعاصرة سحب مساندته للأغلبية الحكومية الحالية باعتبار أن الحدث ما زال يثير ردود أفعال متقابلة ولم تكتمل عناصره بعد. واعلن حزب الاصالة والمعاصرة الذي يتزعمه فؤاد عالي الهمة الوزير السابق في الداخلية وصديق الملك انسحابه من الاغلبية المساندة للحكومة احتجاجا على ما يتعرض له مرشحوه من مضايقات وايضا الحصار الذي تفرضه احزاب الاغلبية على الحزب الا ان الملك محمد السادس اتصل برئيس الحكومة عباس الفاسي وجدد به ثقته. وقال ساعف ان هذا الحدث يعكس جانبا من التحولات الجوهرية التي باتت تعرفها الساحة السياسية المغربية في السنوات الأخيرة، مشيرا إلى أن الحقل السياسي أضحى يشهد تفاعلات بين الأحزاب التاريخية التي تستند إلى رصيدها النضالي السابق والأحزاب الوظيفية التي جاءت نتيجية التغيرات المتعاقبة. وأشار ساعف إلى أن المشهد السياسي أخذ يطبعه تجاذب بين ما هو مؤسساتي وما هو توافقي، مشددا على أنه بات من المؤكد الآن أن الفاعلين السياسيين أصبح لديهم هامش من الحركة، ليخلص إلى القول إن "المرحلة الراهنة تتميز بالخروج من مرحلة كان يسود فيها توافق بدون تحفظ إلى مرحلة تسود فيها لغة المؤسساتي". القدس العربي محمود معروف