أصبحت ظاهرة النصب والاحتيال من بين الظواهر، التي استفحلت خلال الأيام الأخيرة بمدينة مراكش، خاصة بعد أن أغلب الملفات المعروضة على أنظار المحكمة الابتدائية الاستئنافية تتعلق بجرائم النصب وذلك بعد لجوء مجموعة من الأشخاص، الذين يخدعون ضحاياهم بهيئاتهم ولباسهم الأنيق إلى مختلف الطرق الاحتيالية لكسب ثقة الضحايا من أجل الحصول على المال عن طريق الخدعة والمكر. من بين قضايا النصب والاحتيال، التي عاشت على إيقاعها مدينة مراكش، قضية المهاجر المغربي، المدعو خالد، الذي وقع ضحية نصب واحتيال من طرف شخصين أنيقين، متحدرين من مدينة الدارالبيضاء، أحدهما أستاذ جامعي، يدرس مادة علم الإجرام في كلية الحقوق، والثاني مدير شركة خاصة يقع مقرها بالمدينة نفسها، ويعملان ضمن شبكة منظمة متخصصة في النصب والاحتيال. وتعود بداية فصول القضية، التي أصبحت متداولة في أوساط المجتمع المراكشي، عندما حل المهاجر المغربي خالد، خلال شهر أكتوبر من السنة الماضية بمسقط رأسه بمدينة مراكش، قادما من إيطاليا رفقة ابنه، من أجل البحث عن بقعة أرضية بمنطقة سياحية بالمدينة الحمراء لاقتنائها وإنجاز مشروع سياحي استثماري عبارة عن فندق ومقهى ومطعم، للمساهمة في إيجاد فرص الشغل للمغاربة العاطلين عن العمل. خلال عملية البحث عن العقار، تقدم منه أحد السماسرة، الذي يعمل شرطيا بولاية أمن مراكش، بحكم الصداقة التي كانت تربطه بالمهاجر المغربي، ووجهه صوب المتهمين بالدارالبيضاء على اعتبار أنهما أصحاب عقار يوجد بالحي الشتوي (ليفيرناج) بالقرب من محكمة الاستئناف، ويمتد على مساحة 1300 متر مربع، وهو العقار الذي لقي قبولا وترحيبا من طرف المهاجر المغربي، رغم ارتفاع تكلفته، بعد أن طلب أصحابه مبلغ مليار و800 مليون سنتيم. اتفق المهاجر المغربي خالد، ذو العقد الثالث، على تفاصيل البيع والاقتناء، من خلال القبول بأداء مبلغ 800 مليون كدفعة أولى وتضمين الباقي بعقد البيع الذي جرى توثيقه لدى إحدى الموثقات التي تعمل بالمدينة بعد تتبع الإجراءات القانونية لتحويل الأموال من حسابه الشخصي الموجود في الخارج إلى المغرب، وأدائه الضرائب المستحقة في العملية. بعد عمليات التوثيق التي أجرتها الموثقة لعملية البيع، وتسليم كل واحد مستحقاته المالية، بدءا من الشرطي الذي لعب دور الوسيط الذي تسلم مبلغ 20 مليون سنتيم، انصرف كل واحد إلى حال سبيله، وشرع المهاجر المغربي رفقة شركائه في تهيئ الملف الاستثماري للمشروع السياحي، ومباشرة عملية البحث عن العمال، الذين سيجري الاعتماد عليهم في مشروعه الاستثماري، إلا أن مفاجأة المهاجر المغربي ستكون غير سارة بعد توصله بمكالمة هاتفية من الموثقة، تطلب منه الحضور على وجه السرعة إلى مكتبها لأنه كان ضحية نصب واحتيال من طرف المتهمين اللذين انتحلا صفة مالكي العقار، الذي تبين أنه يوجد في ملكية شخص آخر. سقط الخبر كالصاعقة على قلب خالد، الذي توجه إلى مكتب الموثقة لمعرفة حقيقة ما جرى، ليكتشف مجموعة من الحقائق المثيرة، التي جعلته يعيش في دوامة حقيقية منذ اكتشافه عملية النصب، التي لم يكن يخطر بباله في يوم من الأيام أن يكون ضحيتها، خصوصا بعد نجاح عناصر الشرطة القضائية بالمصلحة الولائية بمدينة الدارالبيضاء في اعتقال الجناة، ليجري الاتصال بالمهاجر المغربي، الذي أغمي عليه أثناء تعرفه على المتهمين، اللذين قاما بعملية البيع الوهمية، بمقر الشرطة القضائية، ومفاجأته بالتغيير الذي طرأ على هيئة أحد المتهمين، الذي يعمل أستاذا جامعيا عندما تحولت بشرته التي كانت لحظة إنجاز عملية البيع تميل للسواد، إلى بشرة بيضاء ليتأكد له أن المتهم تعمد طلاء جسمه بصباغة ينسجم لونها مع بشرة صاحب العقار الحقيقي، الذي تبين أنه أسمر البشرة. أخضع المتهمان للتحقيقات الأولية من طرف عناصر الشرطة القضائية التابعة لولاية أمن الدارالبيضاء حول ظروف وملابسات العملية، التي أقدما عليها واستفسارهما عن مآل الأموال التي أشاروا إليها في معرض تصريحاتهما الأولية بتخصيص نسبة 2 ونصف في المائة منها لصرفها في الزكاة، قبل أن يتصرفا في باقي المبلغ، وجرى الاستماع إلى جميع المتورطين في محاضر قانونية قبل أن يقرر وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بالدارالبيضاء، إحالة القضية على أنظار قاضي التحقيق لمباشرة التحقيقات التفصيلية والأولية مع المتهمين. 12.06.2009 مراكش: عبد الكريم ياسين | المغربية