أ.د. محمد اسحق الريفي الفجرنيوز لا يحتاج العرب إلى سماع خطاب "بنيامين نتنياهو" الأخير حتى يتعرفوا على مواقف حكومته وتوجهاتها السياسية، فالوقائع على الأرض الفلسطينية المحتلة تعبر بوضوح عن توجهات العدو الصهيوني ومخططاته وممارساته العدوانية، وإنما هم بحاجة إلى اتخاذ مواقف حاسمة تؤدي إلى تبني سياسات داعمة للمقاومة الفلسطينية. لقد وضَّح "نتنياهو" في خطابه الأخير ما تجاهله الكثيرون من العرب والفلسطينيين المخدوعين بما يسمى "عملية السلام" عن المخططات الصهيونية وحقيقة المشروع الصهيوني، الذي يهدف إلى اجتثاث وجود الشعب الفلسطيني، خاصة أولئك الذين جعلوا التسوية السلمية خيارهم الوحيد في مواجهة الخطر الصهيوني، وأسقطوا كل ما لديهم من أوراق تمنحهم قوة في المواجهة مع العدو الصهيوني، وتآمروا على المقاومة، وقمعوا شعوبهم وحيدوها عن الصراع مع العدو الصهيوني، وهيئوا الأجواء للتطبيع معه، وتآمروا على حركة حماس والحكومة التي تتولاها، وحاصروا غزة، ومنحوا العدو الصهيوني موافقتهم على شن حرب عليها، وصمتوا على التهويد والاستيطان والعدوان الصهيوني، ودربوا كتائب دايتون في الضفة المحتلة لمحاربة المقاومة الفلسطينية، وأطلقوا العنان لفريق التسوية الاستسلامية للتنازل عن الحقوق والثوابت الفلسطينية والمتاجرة بالقضية الفلسطينية. أما آن الأوان للمخدوعين بسراب التسوية السلمية أن يكفوا عن الاستجداء والتوسل والتفاوض مع الصهاينة؟! وأما آن الأوان لشركاء الصهاينة والأمريكيين والأوروبيين في تصفية القضية الفلسطينية لصالح العدو الصهيوني أن يكفوا عن التآمر على المقاومة الفلسطينية؟!، فلا فرق بين حكومة صهيونية وأخرى، فكلهم عنصريون متطرفون، وكلهم يحاولون تحقيق أهداف المشروع الصهيوني، وكلهم يسيرون على خطة واحدة وينفذون المخططات الصهيونية ذاتها، وكلهم لا يقبل منح الفلسطينيين أكثر من حكماً ذاتي محدود بقيادة عملاء لهم. وبعد أن اتضحت مواقف حكومة "نتنياهو" العدوانية للجميع، ووصلت المعاناة الفلسطينية القاسية ذروتها، وضجت الأرض الفلسطينية المحتلة والمقدسات الإسلامية من صمت العرب والمسلمين على عمليات التهويد والتهجير والاستيطان، التي تأتي في إطار الجهود الصهيونية المحمومة لإقامة دولة يهودية، هل يملك العرب والفلسطينيون الوعي والإرادة والشجاعة للرد على خطاب "نتنياهو" بتبني سياسات داعمة للمقاومة الفلسطينية ومناوئة لفريق التسوية بزعامة محمود عبَّاس وسلام فيَّاض، ولكل المتاجرين بالقضية الفلسطينية ووكلاء الاحتلال؟!! لا شك أن مواقف بعض الأنظمة الرسمية العربية من خطاب "نتنياهو" يبعث على الأمل في صحوة رسمية عربية، وعودة إلى صف الأمة، وانحياز إلى المقاومة الفلسطينية. فالتعويل على ضغط المجتمع الدولي، وعلى الاستجداء والتوسل، في تغيير مواقف حكومة "نتنياهو" من التسوية السياسية للقضية الفلسطينية، إنما هو لهث وراء السراب، وتخدير للأمة، وإلهاء لها عن المواجهة الحقيقية مع العدو الصهيوني، ولا سيما أن خطاب "نتنياهو" قد نال مباركة الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدةالأمريكية. ولذلك يجب التعويل فقط على المقاومة الفلسطينية، وهذا يستوجب على العرب والمسلمين جميعاً دعم المقاومة الفلسطينية وكل الحركات التي تتبناها خياراً استراتيجياً في مواجهة العدو الصهيوني، خاصة حركة حماس، كونها حاضنة للمقاومة وحاملة للوائها، ولأنها الآن في موقع التمثيل الرسمي الحقيقي للشعب الفلسطيني، ولأن ذراعها العسكري، "كتائب الشهيد عز الدين القسَّام"، هو العمود الفقري للمقاومة ونواة للجيش العربي الإسلامي الذي نعول عليه في إفشال المشروع الصهيوني وإنهاء الهيمنة الغربية على منطقتنا العربية. ورداً على خطاب "نتنياهو"، المطلوب من الشارع العربي: الانتقال من رفض التطبيع مع الكيان الصهيوني إلى مقاومته بفعالية، زيادة الدعم للمقاومة الفلسطينية، نبذ فريق التسوية الاستسلامية، الضغط على الأنظمة الحاكمة المتخاذلة والمتواطئة ضد المقاومة، جعل كسر الحصار عن غزة أولوية شعبية عربية عظمى، ... والمطلوب من الفلسطينيين: التمسك بالإسلام والالتزام به، حماية المقاومة وسلاحها وثقافتها، عدم التعلق بأوهام السلام والوعود الأوروأمريكية، محاربة فريق التسوية الاستسلامية ، عدم التعويل على الجهود العربية في رفع المعاناة، التشبث بالأرض والثوابت والسلاح، ... والمطلوب من الفصائل الفلسطينية: تقويض عملية التسوية السياسية، انتزاع المواقع القيادية من فريق التسوية، عدم التعويل على الجهود العربية في تحقيق مصالحة، إقامة أطار عمل جامع لفصائل المقاومة الرافضة للتسوية الاستسلامية، الوقوف صفاً واحداً خلف المقاومة، إجبار حركة فتح على نبذ التعاون الأمني مع العدو الصهيوني وخطة خريطة الطريق والمفاوضات مع العدو الصهيوني، عدم ترك الساحة الفلسطينية مسرحاً للعابثين، ... هكذا يكون الرد على خطاب "نتنياهو" ونواياه العدوانية ومواقفه العنصرية المعبرة عن الغطرسة الصهيونية والاستخفاف بالعرب والمسلمين.