بعد قرار محكمة العدل الدولية: جيش الكيان الصهيوني يقصف رفح    غينيا الجديدة: انهيار أرضي يتسبب في دفن عشرات الأشخاص والمنازل    مجهول يلقي قنبلة يدوية على السفارة الإسرائيلية في بروكسل    بمناسبة انتهاء مهامه ببلادنا.. سعيد يستقبل سفير قطر بتونس    رئيس الجمهورية.. حرية التعبير مضمونة ونحن أكثر حماية لحقوق العمال ممن يدعون أنهم يحمونهم (فيديو)    نجاح طبّي جديد بالمستشفى الجامعي فطومة بورقيبة بالمنستير    قيس سعيد يشدد على ضرورة ترشيد النفقات العمومية وحسن التصرف في الموارد    رئيس الجمهورية يؤكد على ضرورة حسن التصرف في الأملاك المصادرة    بينها سما دبي: رئيس الجمهورية يدعو إلى إيجاد حلّ نهائي للمشاريع المعطّلة    مناطق صناعية ذكية وذات انبعاثات منخفضة للكربون    بلغت أكثر من 4700 مليون دينار إلى حدود 20 ماي عائدات تحويلات الجالية والسياحة تساهم في توازن احتياطي العملة الأجنبية    «هدية» ثمينة للمنتخب ..«الفيفا» تخصم 6 نقاط من رصيد غينيا الإستوائية    «لارتيستو»...الممثلة عزيزة بولبيار ل«الشروق» نصيحتي للجيل الجديد الغرور عدو النجاح    مهرجان «كنوز بلادي» بالكريب في دورته 2 ...لأول مرة حفلات فنية ومعرض للصناعات التقليدية... بالحديقة العمومية    في قضية رفعتها ضده هيئة الانتخابات.. 5 أشهر سجنا ضد جوهر بن مبارك    تأجيل إستنطاق رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة سهام بن سدرين    المعهد العربي لرؤساء المؤسسات يدعو إلى التسريع في تنفيذ الإصلاحات الهيكلية    مجلس وزاري للنظر في ملف توفير الدعم اللوجستي للتعداد العام الثالث عشر للسكان والسكنى    بعد تأجيل مواجهة الصفاقسي.. الإتحاد المنستيري يشكر وزير الرياضة    المرسى: 03 قصّر يعمدون إلى خلع مستودع والسرقة من داخله    طقس الليلة    سعر "الدوّارة" يصل 100 دينار بهذه الولاية!!    2500 تذكرة مقابل 8000 مشجّع: السلطات التونسية تعمل على ترفيع عدد تذاكر جمهور الترجي في مصر    مدرب الترجي قادرون على العودة باللقب    صفاقس: الكشف عن شبكة مختصة في تنظيم عمليات الإبحار خلسة.    الحرس الديواني : رفع 5474 محضر بقيمة 179 مليون دينار    رئيس قسم الأعصاب بمستشفى الرازي يوجّه هذه النصائح للتونسيين    سيدي بوزيد: 5450 مترشحا لامتحانات الباكالوريا بالولاية اغلبهم في شعبة الاداب    المنستير: انطلاق أوّل رحلة للحجيج من مطار المنستير الحبيب بورقيبة الدولي    نابل: يوم إعلامي حول التجربة المغربية في المقاومة البيولوجية للحشرة القرمزية بمزارع التين الشوكي    سجنان: حجز 5500 كغ من الحبوب وقرابة 1 طن من الفارينة    تسع مدراس ابتدائية تشارك في الملتقى الجهوي للكورال بسيدي بوزيد    باجة : حجز 6 أطنان من السميد    عاجل/ محكمة العدل الدولية تأمر الاحتلال بوقف هجومه على رفح    توافد 30 ألف سائح إلى تونس سنويا بهدف جراحة التجميل ..التفاصيل    سفارة تونس بفرنسا تفند ما أوردته القناة الفرنسية « ال سي إي » حول وجود عناصر من « فاغنر »    الحماية المدنيّة: 12 حالة وفاة و 409 مصاب خلال ال 24 ساعة الفارطة    جرحى في حادث اصطدام بين سيارة ودراجة نارية..    أبرز ما ورد في الصحف التونسية لليوم الجمعة 24 ماي 2024    مواقف مضيئة للصحابة ..في حبّ رسول الله صلى الله عليه وسلم    حُبّ أبي بكر للرّسول صلى الله عليه وسلم    دجوكوفيتش يتأهل لنصف نهائي بطولة جنيف للتنس    أبطال إفريقيا: الترجي الرياضي يلاحق أمام الأهلي المصري في القاهرة نجمته الخامسة    المديرة العامة للإذاعة الوطنية : 60 ألف دينار معلوم كراء إذاعة الزيتونة    الفنان محمد عبده في أحدث ظهور بعد إصابته بالسرطان: أنا طيب    اليوم : الترجي ينهي تحضيراته لمواجهة الأهلي    منبر الجمعة ..لا تقنطوا من رحمة الله    محمد الشاذلي النيفر نشأته ومؤلفاته    عاجل/ مقتل 100 شخص في انهيار أرضي بهذه المنطقة..    نتائج التحقيق الأولي في أسباب تحطم مروحي الرئيس الايراني الراحل ابراهيم رئيسي    المغرب: انهيار مبنى من 5 طوابق    انطلاق بث اذاعة الزيتونة من مقر الاذاعة الوطنية    جميلة غربال أرملة رشيد العيادي في ذمة الله    الاتحاد المنستيري يرفض اجراء مباراة النادي الصفاقسي قبل النظر في مطلب استئناف العقوبة    محمد رمضان يحيي حفل نهائي دوري أبطال أفريقيا بين الأهلي والترجي    تونس نحو إدراج تلقيح جديد للفتيات من سن 12    اتفاقية تمويل بين تونس و الصندوق العربي للانماء الإقتصادي والاجتماعي بقيمة 10 مليون دينار كويتي    4 ألوان "تجذب" البعوض.. لا ترتديها في الصيف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كتاب يرصد سنوات المنفى للزعيم المصري أحمد عرابي ورفاقه في "جنة آدم"
نشر في الفجر نيوز يوم 29 - 06 - 2009

القاهرة (رويترز)الفجرنيوز:ترصد مؤرخة مصرية جوانب من تفاصيل سنوات منفى الزعيم المصري أحمد عرابي (1841- 1911) ورفاقه في جزيرة سريلانكا التي كانت تسمى "جنة آدم" لكن الحياة فيها بالنسبة للثوار المصريين كانت صعبة نفسيا وبدنيا.فبعد فشل الثورة ومصادرة أملاك الثوار
ونفيهم الى الجزيرة الواقعة جنوبي شبه القارة الهندية تقرر منحهم 30 جنيها مصريا في الشهر وهو مبلغ لا يفي بأعبائهم من معيشة وعلاج ومصاريف أبنائهم في المدارس بعد الموافقة على اصطحاب ذويهم الى المنفى.
وتقول لطيفة محمد سالم ان ثورة عرابي التي بدأت أحداثها عام 1881 "أول ثورة دستورية في المنطقة بأكملها" تطالب بالتغيير بعد أن خضع الخديو توفيق الذي حكم بين عامي 1879 و1892 للتدخل الاجنبي وخاصة بريطانيا التي سارعت الى إجهاض الثورة واحتلال مصر عام 1882 بعد فشل الثورة لأسباب داخلية وخارجية اضافة الى صدور منشور من السلطان العثماني قال فيه ان عرابي مارق فانفض الناس من حوله.
وتضيف في كتابها (عرابي ورفاقه في جنة آدم) أن جزيرة سريلانكا التي كان اسمها سيلان آنذاك كان يطلق عليها "جنة آدم اذ ساد الاعتقاد أنها الارض التي وطئت عليها قدم آدم فور خروجه من الجنة وهو ما رددته بعض المصادر الاسلامية."
والكتاب دراسة وثائقية تشمل الفترة بين عامي 1883 و1901 ويقع في 157 صفحة كبيرة القطع وصدر في القاهرة عن دار الشروق.
ورفاق عرابي الستة في المنفى هم علي فهمي وعبد العال حلمي ومحمود سامي البارودي ويعقوب سامي ومحمود فهمي وطلبة عصمت.
ويتذكر كثير من المصريين بفخر كيف وقف عرابي والثوار أمام مقر الحكم (قصر عابدين) في التاسع من سبتمبر أيلول 1881 متحديا الخديو توفيق وأعلن مطالب الامة في نداء مأثور "لقد خلقنا الله أحرارا ولم يخلقنا تراثا ولا عقارا. فوالله الذي لا اله الا هو لا نُورث ولا نُستعبد بعد اليوم" لكن الامور سارت على عكس ما أراد عرابي الذي خذله السلطان العثماني وأعلن أنه عاص وهزم جيش عرابي.
وأصدر توفيق منشورا أعلن فيه "لجميع المصريين بأن الشقي العاصي أحمد عرابي قد ارتكب اثاما فظيعة جعلت دول أوروبا ناقمة على مصر وباتت الان تعتبر المصريين أمة غير متمدينة وهذه الجرائم والاثام منحصرة في عصيان عرابي المذكور وتحريضه لرعايانا على السير تحت لواء عصيانه لاوامر حضرتنا وهي الاوامر التي صدرت اليه بالانقطاع عن اغضاب الانجليز وعدم منعهم من نزول الاسكندرية التي أضرم فيها عرابي النار. كل شخص يعرف عنه أنه ميال أو ذو ضلع مع العاصي ابن العاصي والكافر ابن الكافر أحمد بن محمد عرابي عددناه عاصيا مستحقا لجزاء العصيان. وكل من يصر على عصيانه وانقياده للشقي المذكور أعلاه سيكون مذنبا أمام الله...العساكر الانجليزية يعتبرون نائبين عنا في قطع دابر عرابي ومن معه من المفسدين العصاة."
وأقام توفيق في سبتمبر أيلول 1882 الولائم لجيش الاحتلال البريطاني بمناسبة هزيمة عرابي ومنح القادة البريطانيين أوسمة ونياشين منها سيف مطعم بالعقيق وطبنجة مطعمة بالمزمرد والالماس.
وتقول لطيفة في كتابها ان الحكومة البريطانية كانت ترغب في اعدام عرابي على يد الخديو "بناء على محاكمة شكلية" وان الصحافة البريطانية أيدت هذا الامر لكن التقارير القادمة من الهند سجلت التفاعل الاسلامي تجاه المحاكمة كما لعبت المعارضة في البرلمان البريطاني دورا في التراجع عن توجيه المحكمة نحو اعدام عرابي الذي دافعت عنه صحافة حزب الاحرار "باعتباره من أبطال الحرية" وأدت الضغوط الى أن يطالب الرأي العام البريطاني بمحاكمة عادلة.
وبعد صدور حكم المحكمة في الثالث من ديسمبر كانون الاول 1882 بادانة عرابي ورفاقه بتهمة العصيان تذكر المؤلفة طرفة "أنه صدر الامر باقصائهم من الجيش الذي لم يكن له وجود بعد حله عقب دخول الجيش البريطاني القاهرة" كما صودرت أملاكهم. وقبيل المغادرة توالت الهدايا سرا على عرابي من "السيدات الارستقراطيات" وتنوعت بين سجادة للصلاة والمصحف وحقيبة سفر.
وترصد حرارة استقبال المسلمين من أهالي سريلانكا ومن مسلمي الهند والملايو اضافة الى بعض الطوائف البوذية لعرابي ورفاقه بمجرد الهبوط من السفينة حيث ارتفع الصياح والهتاف "وأسرع البعض ليقبل يده" باعتباره رمزا وطنيا وشخصية مدافعة عن الاسلام.
وتضيف أن عرابي ورفاقه أقروا بأنهم "أصبحوا أسرى حرب" في سريلانكا لكن لونجدن حاكم الجزيرة كان يستشعر أن في الهند وسريلانكا خطرا يتمثل "في امكانية قيام حركة اسلامية والخوف من النظرة للمنفيين على اعتبار أنهم أبطال ومخلصون لوطنهم وأن عرابي يعد قائدا من قواد المسلمين" الذين كان عددهم في الجزيرة انذاك 200 ألف شخص يتكلمون اللغة العربية "كما يتكلمها المصريون" ولهذا فرضت الرقابة على تحركاتهم ولم يسمح للجمهور بالاتصال بهم أو دخول منازلهم كما تلقوا تحذيرا ألا يغادروا الجزيرة الى الهند.
ومن التحذيرات التي تلقوها "ألا تكون لهم صلة بالسياسة أو الاتصال بمصر" حيث فرضت الرقابة على مراسلاتهم مع ذويهم في القاهرة وأبلغهم بذلك حاكم الجزيرة "بعد إرسال خطابات لمن كانوا يعملون معهم في الثورة" وكان وزير المستعمرات يشتبه أن تكون بين عرابي "وبين المهدي في السودان" خطابات متبادلة.
واعتبر رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل (1874-1965) في كتابه (حرب النهر) الزعيم محمد أحمد المهدي "أعظم أبطال عصره" ففي عام 1883 تجمع أكثر من 40 ألف مقاتل تحت علم المهدي الذي رفض الاستسلام للجنرال هيكس وبعد قتل الاخير تمت الاستعانة بالجنرال جوردون الذي وجد نفسه بعد وصوله الى الخرطوم عام 1884 "محاطا بحركة وطنية جبارة" وسجل جوردون أن "المرء يجد تسلية في تصور هذا المزيج العجيب من البشر الذي يرافق المهدي. أوروبيون قساوسة وراهبات. اغريق وضباط نمساويون." وقتل جوردون أيضا وأجليت القوات البريطانية وأصبح المهدي حاكم السودان ثم تعرض بعد أشهر لمرض أدى الى الوفاة.
وتقول لطيفة محمد سالم ان البريطانيين كانوا شغوفين بمعرفة إتصالات عرابي وعلاقاته السياسية "خاصة مع المهدي الذي حمل التقدير لقائد الثورة العرابية وكم تمنى أن يفتديه ويفك أسره" كما أرسلت بريطانيا الى عرابي اللورد روزنبري الذي حدثه عن " دعوة المهدي وخطورتها على مسلمي الهند" كما استشاره في كيفية إنهاء ثورة المهدي كما فكرت بريطانيا في الاستعانة به كمبعوث سلام في السوادن "لإنقاذ حياة جوردون".
وتضيف أن عرابي عبر عما اعتبره عدالة السماء حين هُزمت بريطانيا في السودان معتبرا السوادنيين "ينتقمون لاخوانهم المصريين" على حد قوله في بعض مراسلاته ومنها خطاب أرسله في فبراير شباط 1885 الى يعقوب صنوع الملقب برائد المسرح المصري.
وتذكر المؤلفة أن عرابي كان يتلقى بواسطة القناصل خطابات من حكام ممالك شرق آسيا وقادة أوروبيين اضافة الى وطنيين مصريين منهم "صديقه الحميم" عبد الله النديم (1842-1896) الذي كتب الى عرابي خلال سنوات اختفائه باعتباره مطلوبا للسلطات (1882-1891) بهدف رفع الروحه المعنوية لعرابي وذكر له "شوق المصريين اليه وأنه عندما يصل منه خطاب الى أحد يدور به على محبيه" كما يمجد رفاقه المنفيين.
وتقول المؤلفة انه بمرور الوقت كان صعبا منع الزيارة عن منزل عرابي الذي اتسعت دائرة صداقاته وكان مسلمو الهند يمرون عليه في الطريق الى الحج "ليعبروا عن تقديرهم للرجل الذي يعتبرونه بطل الوطنية المصرية."
وتسجل أن بريطانيين تعاطفوا مع عرابي ورفاقه ومنهم توماس ليبتون صاحب مزارع الشاي في سريلانكا وأثارت تلك العلاقة "بعض القلق" من جانب المسؤولين البريطانيين.
وتقول لطيفة ان "شخصيته الكاريزمية" لم تفارقه حتى آخر أيام المنفى في الجزيرة بعد 19 عاما حيث ودعه أهلها في سبتمبر أيلول 1901 وداعا حارا. أما في مصر فأحيطت عودته بتكتم شديد ورغم ذلك ودعه الناس في ميناء السويس واستقبلوه في محطتي الزقازيق وبنها وجندت صحف المعارضة لنشر "المقالات التي تتهمه بأنه جلب الاحتلال البريطاني لمصر" التي كانت قد تغيرت كثيرا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.