من المؤكد أن الإرهابي الحقير أليكس وهو أحد عناصر التطرف العنصري الألماني كان أداة التنفيذ المباشرة لاغتيال الشهيدة مروة الشربيني، لكن شركاء الجريمة السياسيين والإعلاميين ضالعون في العمل الإرهابي الذي ذهبت ضحيته مروة وأصيب زوجها علوي عكاز برصاص مباشر من ضابط الحماية المفترض في محكمة دريسدن الألمانية والذي أطلق النار على علوي بدلاً من الجاني ونُقل عن علوي أن الضابط المذكور كان يعرفه جيدا حين إطلاق النار في إشارة إلى احتمال تواطؤ الضابط مع الجاني ليس في التخطيط للجريمة ولكن في كونه قد بادر بإطلاق النار على علوي حماية للإرهابي أليكس حين بادر علوي لمصارعته في محاولة للدفاع عن الشهيدة وفي هذه اللحظة بادر الضابط بإطلاق النار على علوي. وبغض النظر عن ثبوت الشكوك حول دوافع الضابط فإن قضية شركاء الجريمة ليست مقترنة بفعل الحادثة ولكنها وبإجماع من الأطراف الرئيسة في الجالية العربية وبعض المنظمات الحقوقية هي نتيجة لحجم الحقن والتعصب الإعلامي والسياسي الموجَّه ضد العرب والمسلمين في الغرب، ومع إيماننا بحراك ووعي شريحة من أبناء المجتمع المدني الغربي تنبذ خطاب العنصرية وتتواصل مع الجالية المسلمة، إلا أن دورها محدود في مواجهة سيل خطاب الكراهية والتحريض الرسمي وغيره. ومن هنا فمن الطبيعي أن نلتفت إلى قائد تجديد الحملة العنصرية ضد المسلمين وتحديداً ضد الحجاب وهو هنا بلا تردد الرئيس الفرنسي ساركوزي، ولا يُعفي ذلك المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بحكم أنها هي ذاتها كانت ولا تزال محل تجاوب مع هذه الحملات وإن بوتيرة أقل من ساركوزي، وقد يستدرك البعض بأن عضو البرلمان الهولندي والرسام الدنماركي سيئي الذكر لهما الصدارة وبلا شك وأنهما شريكان في الجريمة سياسياً وأخلاقياً، لكن وضع الرئيس الفرنسي ساركوزي أهم وأكثر مركزية للحملة. إن المتابع لحديث الإعلام الفرنسي المتصل بباقي الإعلام الغربي بحيوية مباشرة يدرك سلسلة تحريضات الرئيس ساركوزي على الحجاب بشقيه: النقاب أو كشف الوجه ويستحضر هنا موقف الرجل منذ أن كان وزيراً للداخلية وتبنيه لقانون فرض نزع الحجاب كاملاً على المرأة المسلمة في المؤسسات التعليمية والرسمية. وعودة الرجل إلى الهجوم على النقاب إنما تؤكد أن هذه الشخصية تحمل من العقيدة الأيديولوجية المعادية للوجود العربي والثقافة الإسلامية ما يُحولها إلى حالة إدمان ومتابعة لا تهدأ تجاه أبناء الجالية، وهذا السُعار الدائم الذي يحركه ساركوزي يُنقل إلى أوروبا دورياً مع سيل من ثقافة الكراهية والعنصرية في المؤسسات الإعلامية التي تُرضِع تلك النماذج العنصرية وتُغذيها. من دون أن تصدر أي لغة ردع أو تحذير أو ضبط لمشروع ساركوزي الذي قاد ويقود حملة التطهير الوجودي للجالية العربية والإسلامية، وعليه فإن برنامج المواجهة والاحتجاج إنما يجب أن ينطلق للمصدر كما يُدين الآلة المنفذة ويجب أن يكون الخطاب واضحاً في تحميل المسؤولية السياسية والأخلاقية للزعماء الغربيين الذين يُسعرون خطاب الكراهية والتحريض، فهم المسؤولون عن دماء مروة وحقوق الجالية المنتهكة، وهم كذلك مسؤولون عن ثقافة العنف الأصلي والمضاد والتطرف لأنهم هم من صنعوا علته وأسبابه ولا يزالون يمارسون صراع الحضارات عملياً بأقذر وسيلة وبأقبح خطاب. العرب القطرية 2009-07-11