تونس : أكثر من 140 ألف مترشح سيجتازون مناظرة باكالوريا 2024    وزير الدّاخليّة يتفقد الإدارة العامة للعمليات بمقر وزارة الداخلية    عاجل/ القيزاني يفجرها ويكشف: "اخلالات في هذه القطاعات وقرارات قريبا"..    الحكومة المصرية تقدم استقالتها للسيسي    المرصد التونسي للاقتصاد يدعو إلى إرساء سياسة فلاحية تكرّس مبدأ السيادة الغذائية    ر م ع شركة اللحوم ل"الشروق": نسعى لتوفير 4000 رأس من الأضاحي    المالديف تحظر دخول الإسرائيليين أراضيها    فظيع/ وفاة صحافية بلدغة ثعبان..    بطولة فرنسا: سانت إتيان ينتزع بطاقة الصعود لليغ 1    تفاصيل بيع تذاكر مواجهة المنتخب الوطني ومنتخب غينيا الإستوائية    مدرب الترجي غاضب ويلوح بالرحيل.    حوادث : مقتل 11 شخصا وإصابة 314 آخرين خلال ال24 ساعة الأخيرة    نابل: حجز أزياء عسكرية وايقاف صاحب شركة    عاجل/ وفاة 6 أشخاص حرقا في اصطدام شاحنة لنقل الوقود بسيارة..    فظيع/ حاول انقاذ ابنه فهلك: وفاة كهل غرقا بأحد شواطئ الحمامات..    تفاصيل إيقاف شخص ساعد أجانب على الإقامة غير القانونية..    اليوم: لجنة التشريع العام تنطلق اليوم في مناقشة تنقيح قانون الشيك دون رصيد    مدير عام المنافسة : وفرة مادتي الفارينة و السميد    وزيرة التربية : ''هناك عزوف على شعبة الرياضيات و السبب برامج الابتدائي''    عاجل : إيقاف ''يوتيوبر'' اشتهر بنشر فيديوهات مع العصابات حول العالم    إدارة الترجي الرياضي تحيل حارس مرمى على لجنة التأديب و الانضباط    اليوم: أعوان الصيدليات الخاصة يحملون الشارة الحمراء    19 مليار دينار استثمارات متوقعة.. الهيدروجين الأخضر طاقة تونس للمستقبل    سمها قاتل وانتشرت مؤخرا .. أخصائي يحذر من تناول هذا النوع من السمك    الرابطة المحترفة الثانية: برنامج مباريات الجولة الخامسة و العشرين    غرفة تجار المصوغ : البنك المركزي غير قادر على توفير الذهب لأصحاب المعامل    مستعمرون يقتحمون المسجد الأقصى..#خبر_عاجل    اليابان : زلزال قوي بلغت شدته 5,9 درجات يضرب وسط البلاد    مدرب الترجي معلقا : ''ما شاهدته في الدربي لم يكن كرة قدم، بل حرب وفوضى ''    خامنئي: عملية طوفان الأقصى أفشلت محاولات التطبيع مع الكيان الصهيوني    بداية من اليوم: رئيس الحكومة يؤدي زيارة عمل إلى كوريا الجنوبية    طقس الاثنين: الحرارة تصل الى 42 درجة بهذه المناطق    الفنانة إبتسام الرباعي ل«الشروق».. أتمنى تطهير الساحة الفنيّة من الدخلاء    القيروان: برمجة ثرية في مهرجان المشمش بحفوز (صور)    فيلم "المابين" لندى المازني حفيظ يتوج بجائزة أفضل فيلم في مهرجان الفيلم العربي بروتردام    عاجل - تونس : ارتفاع استهلاك السجائر لدى اليافعين والأطفال تزداد أكثر فأكثر    نقص أدوية وطول إجراءات...مرضى السرطان يعانون في صمت!    رغم نجاحات أطبائنا...مستشفياتنا تعاني... والصحة «مريضة»    تونس الأولى عربيا في التدخين والسيجارة الإلكترونية بديل قاتل    ردّا على حملة في «الفايسبوك»...وزارة التربية تمنع حمل الكوفية الفلسطينية خلال امتحانات الباكالوريا    الهند: موجة حر تخلف عشرات القتلى و25 ألف اصابة بضربة شمس    سريلانكا.. فيضانات وانهيارات طينية تخلف 10 قتلى ومفقودين    مع الشروق .. يرومون الدفء العائلي.. لكن !    لأول مرة في الكويت: نجوم مصريون يحيون 'ليلة النكد'    هذه أسعار الأضاحي بهذه الولاية..    الترجي يفوز على الافريقي 2-1 ويصبح على بعد نقطة من التتويج..    مكتب منظمة الصحة العالمية بتونس: معدّل عمر متعاطي أول سيجارة في تونس يناهز 7 سنوات    وفاة المخرج الشاب محمد أمين الزيادي    المخرج التونسي الشاب محمد أمين الزيادي في ذمة الله    إحالة اللاعب أصيل النملي على لجنة التأديب والانضباط    شركة اللحوم تشرع في بيع أضاحي العيد بداية من 8 جوان الجاري    متى تبدأ ليلة وقفة عرفة؟...وموعد صيام العشر الأوائل من ذي الحجة    عادل خضر نائب لأمين اتحاد الأدباء العرب    محرزية الطويل تكشف أسباب إعتزالها الفنّ    من الواقع .. حكاية زوجة عذراء !    الشايبي يُشرف على افتتاح موسم الأنشطة الدّينية بمقام سيدي بالحسن الشّاذلي    من أبرز سمات المجتمع المسلم .. التكافل الاجتماعي في الأعياد والمناسبات    مواطن التيسير في أداء مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مؤتمر "فتح" في المكان والزمان غير المناسبين :عبد الاله بلقزيز
نشر في الفجر نيوز يوم 23 - 07 - 2009

خلال الأسبوع الأول من شهر أغسطس/ آب ،2009 سيلتئم المؤتمر الحركي العام السادس لحركة “فتح” في الضفة الغربية. مر عقدان ويزيد على تنظيم آخر مؤتمر للحركة ولد أثناءهما جيل جديد ورحل إلى دار البقاء جيل الحركة الأول إلا قليلاً ممن بقي من رجاله على قيد الحياة.. بعيداً عن موقع القرار والإدارة في الحركة والسلطة التي تديرها منذ عقد ونصف العقد. وربما كانت الفترة الفاصلة بين المؤتمرين الأخيرين الأسوأ في تاريخ حركة “فتح” تنظيمياً وتمثيلياً، إن كان في امتداد حرب الخلافات داخلها على المواقع والمصالح (التي غذتها وأوقدتها تجربة السلطة)، أم في التراجع المروع الذي شهده دورها التمثيلي والتعبوي والقيادي في أوساط الشعب منذ النصف الأول من عقد التسعينات الماضي.
كان يمكننا في مثل هذه الحال من انحلال عقدة المؤتمر بعد طويل مراوحة في المتاهة أن نستبشر خيراً بقرار عقد المؤتمر لولا أننا نعرف أن قرار عقده مر بملابسات وأوضاع تفصح عن شمول، مفاعيل الأزمة الداخلية موضوع المؤتمر نفسه.
فقد أصبح في حكم المعروف والمسلم به أن إجراءات التحضير للمؤتمر لم تحظ باتفاق داخلي في “فتح”، وأن المزاجية والفردية والأوامرية تخطت حدودها وانتهكت القواعد التنظيمية، ففرضت الخريطة التي رامت والنسب التمثيلية التي شاءت، وأن ذلك أحدث موجة من الاعتراض الفتحاوي وصلت إلى داخل فريق السلطة نفسه، وليس من شك في أن ذلك سيلقي ذيوله على المؤتمر نفسه، تمثيلاً وقرارات وتشكيلات قادمة.
أمام وضع من هذا النوع، وحيث لا أفق يتبين أمام إعادة إنتاج أو تصنيع حالة فتحاوية، تنظيمية موحدة ومتماسكة، فإن المرء لا يتزيد أو يبالغ حين يقول إن قرار عقد المؤتمر الحركي العام لحركة “فتح” أتى في المكان والزمان غير المناسبين، وسيكون من المتعذر عليه حتى لا نقول من المستحيل أن يجترح حلاً سياسياً لأزمة “فتح” الداخلية حتى وإن صدقت نيات كثير ممن تحمسوا لعقده بأية شروط أملاً في الخروج من النفق التنظيمي المغلق. بل لعلنا نذهب إلى أبعد من ذلك، إلى القول إن عقده في المكان والزمان هذين وسنأتي على بيان وجوه الشبهة فيهما ما أتى صدفة واتفاقاً، وإنما قصد قصداً لغاية في نفس من اغتنم مناسبتهما غير المناسبة (من منظور وحدوي إيجابي).
فأما وجه الاشتباه في المكان، فيفسره أن اختيار الضفة الغربية لعقده ليس يعني في حساب الأشياء سوى انتاج مؤتمر فتحاوي غير تمثيلي، أو قل يمثل فريقاً من الحركة دون سواه. سيكون بالتأكيد مؤتمر فتحاوي الضفة مع بعض تمثيل ل “فتح” غزة لن يعكس حجمها وبعض تمثيل ل “فتح” الشتات جد رمزي. لن تشارك في هذا المؤتمر “فتح” التي قادت الثورة من مخيمات اللجوء، ولا “فتح” التي قادت الانتفاضة والمقاومة “ويقبع رموزها في السجون”، وانما ستشارك فيه “فتح” السلطة ورموزها من فرسان “أوسلو” و”الأمن الوقائي”. هؤلاء وحدهم ستسمح لهم “إسرائيل” بالوصول إلى قاعة المؤتمر. وهكذا، فالمكان ليس محايداً، بل رقم أساس في معادلة المؤتمر. ولو تقرر عقده في عمّان أو القاهرة أو بيروت أو دمشق، لاختلف الأمر تماماً ولأمكن حينها أن نقول إن اختيار المكان كان صائباً وعادلاً ووحدوياً.
وأما وجه الاشتباه في الزمان، ففي أن المؤتمر يعقد في سياق انقسام فتحاوي حاد سيزيده المؤتمر حدة وربما قاد الحركة إلى انشقاقات أو إلى انفراط تدريجي. في جميع الأحزاب والحركات الوطنية تنعقد المؤتمرات لتترجم اتفاقات وتوافقات سياسية داخلية في شكل توازنات في الموقف والتمثيل. من دون ذلك يذهب المؤتمر بحزب ممزق إلى حتفه. وبهذا المعنى ما كان الزمن مناسباً لعقد المؤتمر الحركي. كان الأجدر أن تفتح “فتح” ورشة حوار داخلي بين الجميع من أطرافها وتياراتها، بين الذين يمسكون زمامها اليوم في الضفة ومن يعارضونهم في الضفة والقطاع والسجون ومخيمات الشتات، بين الذين يؤمنون بالمقاومة والذين يدينون أعمال المقاومة، بين المتحمسين للمفاوضات والمشترطين لها شروطاً وطنية. وبين هؤلاء جميعاً خلافات لا تقبل حلاً من طريق الترحيل إلى المؤتمر (هذا إذا أمكن نقاشها في غياب فريق سياسي فتحاوي معارض ومغيب بقوة أحكام المكان ومنطق الحصص التمثيلية). إن الهروب إلى المؤتمر تهريب للأزمة الداخلية من أجل تجاوزها سلباً بإقصاء رأي وتيار وجمهور. ماذا سيبقى من “فتح” بعد ذلك إذاً؟ وما الثمن الفادح الذي ستدفعه القضية والحركة الوطنية والشعب إذا صيغت “فتح” جديدة على مقاس السلطة وسياساتها وخياراتها؟
أكثر ما أصبحت تخشاه “فتح” في السنين الخمس الأخيرة، هو حركة “حماس”. سيكون المؤتمر الحركي أقصر سبيل إلى تحول الخشية إلى رُهاب من “حماس” التي ستعرف كيف تستثمر إضعاف “فتح” لنفسها كما استثمرت بذكاء رحيل قائد الحركة والثورة (ياسر عرفات)، وحل محمود عباس ل “كتائب شهداء الأقصى” وأخطاء محمد دحلان في غزة.
الخليج:الخميس ,23/07/2009


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.