الشركة التونسية للبنك STB ...مؤشرات مرضية وآفاق واعدة    جندوبة: السيطرة على حريق أتى على حوالي 13.5 هك قمح صلب    مسؤول سعودي.. عقوبات ستسلط على كل فرد يتعمد الحج دون تصريح    يوميات المقاومة ...المقاومة تتحدّى الصهاينة بعد استعادتهم 4 محتجزين ....قادرون على زيادة الأسرى...ونحتفظ بالعدد الأكبر    حفوز.. إماطة اللثام عن عملية سرقة    بالأمس أطلق أول فيديو كليب في مشروعه الجديد ...وليد الصالحي يصوّر 15 أغنية وديو مع أرمستا و«بلينقوس»    وزير الشؤون الدينية: أكبر حاجة هذا الموسم عمرها 104 سنوات    رسميا.. شبيبة العمران يحقق الصعود للرابطة الأولى    مباحثات حول إعادة فتح المعبر    رئيس الجمهورية يثير مجددا ملف الشيك دون رصيد    وفاة عامل بناء إثر سقوطه من أعلى بناية في المنستير..    قيس سعيّد خلال لقائه برئيس هيئة الانتخابات ...يجب احترام كل أحكام العملية الانتخابية    الصحة العالمية تدعو للاستعداد لاحتمال تفشي وباء جديد    على متنها 261 حاجا: الوفد الرسمي للحجيج التونسيين يغادر في اتجاه البقاع المقدسة    القيروان: الاحتفاظ بعنصر إجرامي مفتش عنه    قفصة: مباشرة أبحاث مع أستاذ بشبهة تسريب امتحان باكلوريا إلى مترشحين    غدا ناميبيا تونس: المنتخب الوطني يختتم التحضيرات واللقاء دون حضور الجمهور    عاجل/ بطاقة ايداع بالسجن في حق رئيسة هذه البلدية..    أبو عبيدة: العدو أنقذ بعض أسراه وقتل آخرين والعملية ستشكل خطرا كبيرا على الأسرى وظروف حياتهم    ارتفاع إنتاج دجاج اللحم بنسبة 3,7 % خلال شهر ماي الفارط    وزارة الداخلية توفّر الحماية لمربي الماشية    عاجل/ نشوب حريقين بنفزة وباجة الشمالية وحالة تأهب بداية من اليوم..    نقطة بيع الأضاحي بالميزان في وادي الليل و هذه التفاصيل    يوم 10 جوان.. انطلاق موسم الحصاد بمعتمديتي بلطة بوعوان و فرنانة    عاجل/ هذا ما تقرر في قضية الحطاب بن عثمان..    عمليات التوجيه الجامعي : وزير التعليم العالي يقدم هذه التوصيات    تطاوين الديوانة تحبط محاولة تهريب كمية هامة من السجائر بقيمة تفوق ال1.2 مليون دينار.    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم السبت 8 جوان 2024    وزيرة الإقتصاد تتباحث مع وفد من الشركة السعودية الصينية SABATCO فرص الإستثمار والشراكة.    في هذه الجامعة : تؤدي مناسك الحج وتكلف زميلتها باجراء الامتحان بدلاً منها    كأس تونس للكرة الطائرة: الترجي الرياضي من أجل الفوز بالثائي .. والنجم الساحلي لإنقاذ موسمه    وفاة رائد الفضاء وليام أندرس في حادث تحطم طائرة    طقس: بعض الامطار المتفرقة بعد الظهر على المناطق الغربية بالشمال والوسط    بخلفية ثأرية: المنتخب الوطني في مواجهة قوية امام نظيره الناميبي    موعد جديد لنزال تايسون و'اليوتوبر' جيك بول    عاجل/انتشال 11 جثة مهاجر غير شرعي من البحر قبالة سواحل ليبيا    الفلبين: تحظر واردات الدواجن من أستراليا لهذه الأسباب    جندوبة تحتفل باليوم العالمي لسلامة الأغذية تحت شعار "تأهّب لغير المتوقع "    وزارة التربية توضّح مسألة تمتيع المتعاقدين بالتغطية الصحية    محمد كوكة أفضل ممثل في مسرحية كاليغولا بالمسرح البلدي بالعاصمة    الفنان والحرفي الطيب زيود ل«الشروق» منجزاتي الفنية... إحياء للهوية بروح التجديد    علي مرابط يشيد بدور الخبرات والكفاءات التونسية في مجال أمراض القلب والشرايين    مريم بن مامي: ''المهزلة الّي صارت في دبي اتكشفت''    يوم تحسيسي حول المستجدات الدولية والوطنية في مجال مكافحة المنشطات    مسؤول بال"شيمينو": هذا موعد عودة نقل المسافرين بالقطار بين تونس والجزائر    قبلي: انطلاق فعاليات المنتدى الاقليمي حول فقر الدم الوراثي بمناطق الجنوب التونسي    تشيلسي يتعاقد مع مدافع فولهام أدارابيويو    الإعلان عن موعد عيد الاضحى.. هذه الدول التي خالفت السعودية    مناسك الحج بالترتيب...من الإحرام حتى طواف الوداع    موعد صيام يوم عرفة...وفضله    تطاوين : بدء الاستعدادات لتنظيم الدورة السابعة للمهرجان الدولي للمونودراما وإسبانيا ضيف شرف    المنتخب الوطني التونسي يصل إلى جنوب إفريقيا    اكتشاف السبب الرئيسي لمرض مزمن يصيب الملايين حول العالم    هند صبري تلفت الأنظار في النسخة العربية لمسلسل عالمي    الإعلان عن الفائزين في المسابقة الوطنية لفن السيرك    مُفتي الجمهورية : عيد الإضحى يوم الأحد 16 جوان    عاجل/ قرار قضائي بمنع حفل "تذكّر ذكرى" المبرمج الليلة    اليوم رصد هلال شهر ذي الحجة 1445    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ظاهرة تفريِّخ الكيانات السياسية حاجة أم وسيلة ؟ : علاء الخطيب

منذ فترة وأنا أتابع عن كثب ما ينتجه العقل السياسي العراقي من فعل ورد فعل, وأرى المخاضات الفكرية و السياسية فينتابني الفزع من إعادة كتابة التاريخ بهذه الطريقة التقليدية واسمع بعض الطروحات لبعض المتسّيسين الذين لا يميزون بين السلطة كوسيلة والسلطة كغاية , بين أن تكون السلطة وسيلة لبناء الدولة وبين أو أن تكون اداة لقمع وإضطهاد الآخرين أو الوصول الى المطامع الشخصية, فتطل علينا هوايات جديدة لهؤلاء وهي تشكيل كيانات جديدة الاسماء, قديمة ُ الاستراتيجيات, والبعض منها فاقد لأية أديولوجيا إلا اللهم من الشعارات المتشابه بين الجميع والتي لا يكاد المرء يميزها عن بعضها البعض فهي كالأرانب لشدة تشابهها أو هي أقرب من ذلك , هذه الكيانات ذات الأسماء الجديدة والشخصيات القديمة التي على ما يبدو ألفت عملية التنقل من كيان الى كيان آخر, وكأن التاريخ يعيد نفسه في العراق , ففي عام 1908م شهد العراق ولادة أول حزب سياسي هو ( جمعية الإتحاد والترقي ) المستنسخ عن الاتحاد والترقي التركي , سارعَ آنذاك المتسيِّسين العراقيين للإنضواء تحت رايته و دون التعرف على الفكر الطوراني القومي له, لا لشئ إلا لأنه كان يحكم تركيا آنذاك ويوصل المنتمين له الى السلطة وعندما خسر هذا الحزب الانتخابات في عام 1912م وظهر حزب جديد هو ( الحر المعتدل ) رأينا أن المتسيسين العراقيين سرعان ما تركوا الاتحاد والترقي وتهافتوا على الحر المعتدل والسبب بالطبع أن الفائز سفينته أسرع للسلطة علما ً أن الحر المعتدل كان قومي التوجه والنزعة يدعو الى سيادة العنصر التركي , فكانت ردة فعل العقل السياسي العراقي بعد أن تنبه للتوجات القومية للأحزاب التركية هي تأسيس (جمعية المشور) التي تسابق المتسيَّسين للدخول بها وهكذا دواليك تمت التنقلات بعد بدأت مرحلة تأسيس الأحزاب والكيانات السياسية وأكثرها كان يحمل العنوان فقط , فقد أسهم هذا الوضع الى انتكاس العقل السياسي العراقي ومهَّد لظهور الدكتاتوريات التي أذاقت العراق الويلات فيما بعد , وما أشبه اليوم بالبارحة , حينما يطل علينا بين الحين والآخر نبأ تأسيس حزب أو كيان سياسي جديد وبأسماء قديمة و القسم الأكبر من هضه الأسماء فشل فشلا ً ذريعا في العمل السياسي ولكن يحاول اليوم ان يلقي باللائمة على رفاقه القدامى او المحاصصة اوالطائفية والذي كان هو أحد أبطالها وقادتها بالأمس , وليس العيب في تشكيل الأحزاب السياسية فهذا حراك فكري وسياسي كبير يساهم في عملية تطوير العقل السياسي والبنى الفكرية والاجتماعية والثقافية ككل, لكن المشكلة تكمن في غياب الرؤى الواضحة لمشرع بناء وطن فكل ما نراه هو سعي حثيث نحو السلطة , ألا يحق لنا كمواطنين أن نتسائل عن اسباب ودوافع ظاهرة التفريخ هذه؟ وسميتها ظاهرة تفريخ لأنها تحمل نفس الأجنة الوراثية السابقة دون تطوير , ثم هناك سؤال مهم هو ماهي البرامج السياسية الجديدة لهذه الكيانات وعلى أي ايدولوجيات تعتمد ؟ فقد سمعت من أحد قادة العملية السياسية الذي تحول الى معارضة بعد أن كان في السلطة وبعد أن ضمن الراتب التقاعدي الذي يبلغ العشرين الف دولاروميزات أخرى انه كان لا يستطيع الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو يدعي أنه داعية وناضل من أجل ذلك ( تصوَّر أنه أمام جامع) , وراح يدعو الى كيانه الجديد الذي أنشأه حديثا ً مع مجموعة أخرى مفلسة كما يقال في المثل العراقي ( طالعه كَسُر ) اشارة الى التاجر الذي يخسر أمواله, هذا السياسي الفلته لا يدري على من يعتمد أيدولوجيا ً في كيانه الجديد يدعو الى تطبيق الشريعة تارة وأخرى يدعو الى الديمقراطية ولا أظنه يفرق بين الديمقراطية كآلية حكم أو نظام حكم , على الرغم من أن كيانه الجديد الذي أسسه براتبه التقاعدي الكبير يضم علمانيين وغيرهم , ثم يتحدث هذا السياسي السابق عن أخطاء العملية السياسية في العراق بمجرد أن عُزل عن وظيفته وراح يرفع الشعارات الوطنية التي نسيَها أو تناساها حينما كان في السلطة,فهل مثل هؤلاء قادرون على الانتاج الفكري , فالعراق اليوم بحاجة الى مفكرين سياسيين وليس الى سياسيين مفكرين والفرق بين الأثنين كبير, وهناك أعتلج في قلبي سؤال مهم وهو : هل نحن بحاجة الى كيانات جديدة ؟ ولماذا هذا الكم الهائل من الكيانات والاحزاب ؟ وهل تأسيس الكيانات إقتضاء مرحلة سياسية أم ردات فعل عن ممارسات خاظئة أم خلافات حزبية وتقاطع للمصالح ؟ وهل تأسيس الأحزاب عملية تصحيحية ؟ و هل يشهد العراق صحوات سياسية جديدة على غرار صحوات المناطق الساخنة العسكرية ؟ يبقى هناك تساؤل يطرحه الشارع العراقي وأعتقده الأهم هو إذا كان الجميع يدعي الوطنية وتغليب مصلحة الوطن والمواطن فلماذا كل هذه الاختلافات ؟ ولماذا لا يتنازل السياسيون من أجل الوطن والمواطن؟ أم أن الوطن هو ملك السياسي وان المواطن هو وحده ؟ فالعراق ليس بحاجة الى تقاطعات وأحزاب تحمل بذور فنائها بل هو بحاجة الى فكر سياسي منتج محليا ً وعراقيا 100%, فأذا كانت عملية إطلاق الكيانات السياسية حاجة وضرورة تفرضها المرحلة فمرحبا ً بها من أجل التطوير والبناء وإذا كانت تكفِّير عن مرحلة خاطئة أو سياسات خاطئة فالاعتراف بالخطأ فضيلة,واما إذا كانت من أجل الولوج من الشباك بعد الخروج من الباب للحصول على السلطة فليتقوا الله في العراق؟ , وأما إذا كانت عملية التأسيس ردود أفعال فهم أعرف بالمصير؟ , فالفعل ورد الفعل لا يستويان وإن تساوا بالقوة, فليس بالسياسي وحده يبنى الوطن وليس الوطن هو حقٌ للسياسي فقط ,وليست العقول هي أدوات للعب بل هي مسؤولية كبيرة ووسيلة مهمة لتطوير البلدان ورقيها.
علاء الخطيب / كاتب وأكاديمي /لندن

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.