ردّ السيّد المنصف ساسي اليوم الأربعاء 12 أغسطس 2009 على مقالتي التي كانت بعنوان "تبرئة ذمّة أم إعدام ذمّة" والتي نبّهت فيها إلى عدم وجاهة الطريقة التي ذبح بها أصدقاء الأمس (إذ الأخوّة لا تسمح أبدا بما نشهده هذه الأيّام)، فأشار إلى شبهات أثرتها دون أن يتوقّف عندها لأنّه – كما أفاد - ليس من هواة المجادلة أو النّقاش على النات!... فما علاقته به (النّات) إلاّ ثواني معدودة يبرّئ فيها ذمّته ويمضي!... وقد أشعرني بردّه على "شبهاتي"، بخطإٍ جسيم ارتكبته، فالرّجل ينادي ب: "ذلك الشخص" ويزيد من "تدليلي وتدليعي" فيناديني ب"يا هذا"، فكيف – والأمر كذلك - لا يرمز إلى الحركة ب"ما يسمّى"؟!... اسمع يا أخي (وإن شردت) سأكلّمك بوضوح كي لا يشتبه عليك كلامي: ليس من الإسلام أن تظلم أخاك أو تخذله أو تسلمه، وبالطريقة التي كتبت بها ما كتبت (بخصوص الحركة وليس بخصوصي) قد فعلت ذلك كلّه، وإن وقر في قلبك أنّك تفعل ذلك نقدا تخدم به بلدك الواقع تحت قيادة مَن لا يخدم مصلحة بلدك!... وليس من الإسلام أن تحدّث بكلّ ما تعرف وتسمع بمناسبة حضور مجالس خوّلك انتماؤك أو تعاطفك حضورها، فقد سمّاه الرّسول صلّى الله عليه وسلّم كذبا (والمؤمن يفعل كلّ شيء إلاّ الكذب)، ولست هنا بمانعك من ترديد ما يردّده أعداء هذه الحركة ولكنّي ضدّ أن تجعل كلّ ذلك حقائق لا يرتقي إليها الشكّ، فتوظّفه لخدمة مآرب نفسك (أو أطماعها) دون ضبط من نفسك!... وليس من الرّجولة أن تصاحب قويّا متغافلا عن هناته الأمد الطويل ثمّ تتخلّى عنه ساعة ضعفه بالطعن الجزيل!... وأعود الآن إلى نصّ ردّك لأتوقّف عند بعض ما جاء فيه: - تقول: [... لهذا السبب ادّعى السيّد الكريم (أكرمك الله) أنّه لا يعرفني وأظنّه العكس نظرا لمحتوى وسرعة ردّه...]، وفيها ثلاثة أمور: (ادّعى)، فأنا لم أدّع لأنّني - والله العظيم - لا أعرف هذا الاسم أبدا، وقد حدّثت أحد الإخوة ممّن زارني بُعَيد كتابة ردّي فأشار إلى اسم آخر غير الذي كتب، فإن كان الذي قاله أخي الزائر دقيقا فإنّي قد قابلت ذلك الشخص ذات يوم بالسودان وتكون المصيبة بالنسبة لي أثقل وحسبي الله ونعم الوكيل! ويا مقلّب القلوب ثبّت قلوبنا على دينك! فمن أنت؟!... (وأظنّه العكس)، هذا اتّهام صريح لا يقوى عليه إلاّ من تجاسر على الباطل، فمن أنت؟! (نظرا لمحتوى وسرعة ردّه)، أهُو اتهام لي بالتهجّم على خلق الله أم هو اعتراف منك بأنّك محلّ كلّ كلمة قيلت في ردّي؟!... - قلت: [...ليعلم السيد الكريم (أكرمك الله) انه غير معصوم وغيره عما يثيره حول الاخرين بمجرد ابداء راي يخالفه وفريقه]، أشكرك على تنبيهي لعدم العصمة، والله سبحانه وتعالى يعلم منّي – وربّما قد ساعدتني ذنوبي على ذلك – أنّني ما جلست مع مجموعة من الصادقين إلاّ وجعلت نفسي أقلّهم عند الله شأنا! ولكن مَا أو مَنْ "فريقه"؟!... فقد اتّهمني النّظام التونسي أكثر من مرّة بالانتماء إلى "مجموعة مفسدين"!... - تقول: [...انك لم تحاول معالجة او مناقشة ما طرحته بقدر ما حاولت اثارة الشبهة حول شخصى]، لا تحاول تعظيم ما طرحت! فقد طرحت تبرئة ذمّتك من حركة تبيّن لك أنّها لا تعتبر من الدروس حسب رأيك، وقد اتخذت لذلك وسيلة غير نظيفة تمثّلت في إطراء أفعال الظالم بالبلاد (وأحسب أنّك تعلم أنّه ظالم)! وأمّا عن إثارة الشبهة فهي غير متوفّرة! هي حقائق وليست شبهة وتتمثّل الحقيقة في أنّ الكثير من أتباع الحركة السابقين (لست أنت وحدك) اختاروا المصلحة الواقعة في قطاع نظرهم دون الاكتراث بما سوف يلحق ما يسمّى (كما قلت) بحركة النهضة!... - تقول: [...ام هى طبيعة اعضاء هذا الجهاز الذى تتحدث عنه و رفضهم الراى المخالف الى حد الادعاء الباطل والتهجم على من لا يشاطركم الرؤية ,انه الجبن بعينه]، ففي هذه الجملة تكسب واحدة من أربع، فتتهم إخوتك – لأنّهم لم يرضوا لك أن تكون من الغنم القاصية – فتتّهمهم بالادّعاء الباطل والتهجّم على الغير لتكلّل ذلك كلّه بصفة الجُبن!.. وسبحان الله كيف يكون المسلم جبانا حتّى يمرّغ عِرض أخيه في الوحل لينال رضاء مَن منعه زيارة الأهل دون شتم الأهل وذبحهم وبيعهم في سوق النّخاسة؟!...ولقد وددت أن أعلم منك ممّن وممّا وأمام ماذا جبنت حتّى أتدارك نفسي! فقد جاء في القرآن الكريم الأمر بالقوّة والشجاعة بعيدا عن التهوّر كما جاء النهي عن الجبن وذمّ الجبناء وأهل الخور وضعفاء النّفوس، وفي الدّعاء: (... اللهمّ إنّي أعوذ بك من الهمّ والحزن وأعوذ بك من العجز والكسل وأعوذ بك من الجُبن والبخل وأعوذ بك من غلبة الدّين وقهر الرّجال)!... - قلت في خاتمة ردّك: [...و تعلم ان التعبير عن الراي حق مشروع و ليس جرما يا هذا فتعقلوا ياهؤلاء واعتبروا من تلكم المحن لعلكم تفلحون]، أحسب أنّي قد تعلّمت ولكنّي سأزداد بنصيحتك تعلّما يا أخي، وأشكرك على هذا التوقير الذي ختمت به لإخوانك (وإن أبيت) "هذا" و"هؤلاء"! وأنا معك في أنّ المحن والأيّام وسلوك الأصحاب والغنى والفقر والإقامة والترحال والضيق والسعة والشدّة واليسر والكرب والفرج والحزن والفرح كلّها دافعة المؤمنَ وغيره من الحكماء إلى الاعتبار... ولكنّي قد حزنت لشأن قوم يرون انصرافهم عن جادّة الطريق ضربا من الاعتبار!... أيكون الاعتبار بعدم أخذ العبرة؟! إنّها معظلة "مشروعية الرّأي" التي قد تكثّر من حولك في تونس أعدادَ المخلوقات التي تناديك بما ناديتني به "يا هذا"!...
ختاما أسأل الله مثبّت القلوب أن يثبّت قلوبنا على دينه، ولأن يردّنا إليه غير فاتنين ولا مفتونين!... عبدالحميد العدّاسي (الدّانمارك)