عاجل/ هذا ما كشفته ايران عن حادث سقوط طائرة "رئيسي"..    جندوبة: السيطرة على حريق أتى على 3 هكتارات من حقول القمح    سعيّد يدعو للاسراع في تسوية أوضاع عمال الحضائر والمتعاقدين والمتقاعدين    صفاقس.. إنهاء تكليف كاتب عام بلدية العين    مصر.. مصرع 9 وإصابة 9 آخرين في حادثة سقوط حافلة بنهر النيل    المحمدية: الكشف عن مستودع معد لإخفاء السيارات والاحتفاظ بنفرين    صفاقس : نقص كبير في أدوية العلاج الكيميائي فمن يرفع المُعاناة عن مرضى السرطان؟    تقليد السيّد منجي الباوندي المتحصّل على جائزة نوبل للكيمياء لسنة 2023.    صفاقس : كشك الموسيقى تحفة فنية في حاجة الى محيط جميل    دربي العاصمة يوم الأحد 2 جوان    التوقعات الجوية لهذه الليلة    التضامن: حجز 100 صفيحة من مخدر القنب الهندي    ارتفاع نسبة السيّاح البريطانيين الوافدين على المنطقة السياحية سوسة القنطاوي    سيدي بوزيد: جداريات تزين مدرسة الزهور بالمزونة (صور)    عاجل/ البرلمان يصادق على قرض جديد بقيمة 300 مليون دولار    يُخفي بضاعة مهربة داخل أكياس نفايات !!    20 مسماراً وأسلاك معدنية في بطن مريض    سيدي بوزيد: برمجة ثرية في الدورة 21 لملتقى عامر بوترعة للشعر العربي الحديث    سعاد الشهيبي تستعد لإصدار "امرأة الألوان"    في مهرجان "كان": كيت بلانشيت تتضامن مع فلسطين بطريقة فريدة    وزير الداخلية: 53 ألف شخص حاولوا اجتياز الحدود البحرية خلسة منذ بداية العام    البريد التونسي ونظيره الموريتاني يُوقّعان اتفاقية تعاون    بسبب مذكرة الاعتقال ضدّ نتنياهو: المدعي العام للجنائية الدولية يتلقى تهديدات    رئيس منظمة ارشاد المستهلك يدعو إلى التدخل السريع في تسعير اللحوم الحمراء    نبيل عمّار يتلقّى دعوة من نظيره القطري لزيارة الدّوحة    البطولة الانقليزية: نجوم مانشستر سيتي يسيطرون على التشكيلة المثالية لموسم 2023-2024    متعاملون: تونس تطرح مناقصة لشراء 100 ألف طن من قمح الطحين اللين    بطولة العالم لالعاب القوى لذوي الاعاقة : وليد كتيلة يهدي تونس ميدالية ذهبية ثالثة    الرابطة المحترفة الأولى (مرحلة تفادي النزول): حكام الجولة الحادية عشرة    النادي الصفاقسي: اليوم إنطلاق تربص سوسة .. إستعدادا لمواجهة الكلاسيكو    الاحتفاظ بتونسي وأجنبي يصنعان المشروبات الكحولية ويروّجانها    عاجل/ مدير بالرصد الجوي يحذر: الحرارة خلال الصيف قد تتجاوز المعدلات العادية وإمكانية نزول أمطار غزيرة..    ارتفاع أسعار الأضاحي بهذه الولاية..    إحداث خزان وتأهيل أخرين واقتناء 60 قاطرة لنقل الحبوب    وزير الفلاحة : أهمية تعزيز التعاون وتبادل الخبرات حول تداعيات تغيّر المناخ    الموت يفجع حمدي المدب رئيس الترجي الرياضي    كوبا أمريكا: ميسي يقود قائمة المدعوين لمنتخب الأرجنتين    موعد تحول وفد الترجي الرياضي الى القاهرة    السّواسي ..تركيز برنامج المدارس الرقميّة بالمدرسة الابتدائية الكساسبة    إختفاء مرض ألزهايمر من دماغ المريض بدون دواء ماالقصة ؟    اصابة 10 أشخاص في حادث انقلاب شاحنة خفيفة بمنطقة العوامرية ببرقو    بدأ مراسم تشييع الرئيس الإيراني ومرافقيه في تبريز    صلاح يُلمح إلى البقاء في ليفربول الموسم المقبل    الرئاسة السورية: تشخيص إصابة أسماء الأسد بسرطان الدم    عمرو دياب يضرب مهندس صوت في حفل زفاف.. سلوك غاضب يثير الجدل    الدورة 24 للمهرجان العربي للإذاعة والتلفزيون تحت شعار "نصرة فلسطين" و289 عملا في المسابقة    وزير الدفاع الأميركي: لا دور لواشنطن بحادثة تحطم طائرة رئيسي    سليانة: معاينة ميدانية للمحاصيل الزراعية و الأشجار المثمرة المتضرّرة جراء تساقط حجر البرد    عشرات الهزات الأرضية غير المسبوقة تثير الذعر في جنوب إيطاليا    قبلي: تخصيص 7 فرق بيطريّة لإتمام الحملة الجهوية لتلقيح قطعان الماشية    منوبة.. إيقاف شخص أوهم طالبين أجنبيين بتمكينهما من تأشيرتي سفر    هل فينا من يجزم بكيف سيكون الغد ...؟؟... عبد الكريم قطاطة    الشاعر مبروك السياري يتحصل على الجائزة الثانية في مسابقة أدبية بالسعودية    نحو الترفيع في حجم التمويلات الموجهة لإجراء البحوث السريرية    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الشيخ سلمان العودة: لابد أن نوجِد علاقة جميلة ما بين تعاقب الأجيال
نشر في الفجر نيوز يوم 16 - 08 - 2009


داعيًا إلى نبذ الصراع وتحقيق التعاون ..
الشيخ سلمان العودة: لابد أن نوجِد علاقة جميلة ما بين تعاقب الأجيال
دعا فضيلة الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة المشرف العام على مؤسسة "الإسلام اليوم" إلى نبذ الصراع وتحقيق التعاون بين الأجيال المتعاقبة، مؤكدًا على ضرورة أن تكون هناك مواكبة وتقارب ما بين حكمة الشيوخ واندفاع الشباب.
وقال الشيخ سلمان في حلقة أمس الجمعة من برنامج "الحياة كلمة"، والذي يُبث على فضائية mbc ، والتي جاءت تحت عنوان "كبار السنّ" : لابد من العمل على إيجاد علاقة حميمة جميلة ما بين تعاقب الأجيال، وألا تتحول العلاقة بين الأجيال المتعاقبة إلى صراعات، مثل الصراع بين الرجل والمرأة، أو الصراع بين مكونات المجتمع، بل يجب علينا العمل لتحويلها إلى نوع من التعاون بدلًا من التصارع.
صراع الأجيال
وأضاف فضيلته: إن كبار السن لديهم خبرة معرفية ونضج معرفي، حتى إن كثيرًا من الإنتاج المعرفي والنظريات والإبداعات الفكرية والأدبية ظهرت منهم في مرحلة متقدمة، كذلك نُضْجُ التجربة الحياتية ومعايشة الظروف والأحداث.. هذه أشياء تجعل كبير السن، في كثير من الأحيان، أقدر على إدراك الأمور المعرفية النظرية أكثر من الشابّ.
وتابع: لكن الشباب أكثر قدرة على العمل والتنفيذ والانشغال بشؤون الحياة؛ ولذلك ربما يكون أفضل الأوضاع هي تلك المجتمعات التي يكون فيها مواكبة وتقارب ما بين - كما يقال - حكمة الشيوخ واندفاع الشباب، بينما في معظم المجتمعات العالمية اليوم تجد هناك تباعدًا، بل نوعًا من الصراع، بين الشباب والشيوخ، وكأن كبار السن أحيانًا يريدون أن يتشبثوا بمواقعهم ويحرموا الشباب من خوض غمار الحياة؛ لأنهم يرون أن هؤلاء الشباب بلا خبرة، فهؤلاء الشباب سيظلون بلا خبرة إذا لم ينزلوا إلى الميدان.
وكذلك الكثير من الشباب ينظرون إلى كبار السن على أنهم لم يستوعبوا المتغيرات، وليس لديهم قدرة على مواكبة المستجدات، وعندهم جمود؛ ولذلك تجد أنهم أحيانًا يريدون أن يُزيحوهم بطريقة أو بأخرى، مما يؤكد ضرورة العمل على تحقيق التعاون ونبذ الصراع بين الأجيال المتعاقبة.
نسبة كبيرة
وأوضح الشيخ سلمان أنه مع تقدُّم الوسائل الطبيّة والاهتمام والبيئة المناسبة، أصبحت أعمار الناس بإذن الله تعالى في ازدياد، وكل شيء بقضاء وقدر، وأصبح عمر الإنسان يزيد بنسبة ثلاثين عامًا تقريبًا، ولذلك نجد أن كبار السن يمثلون نسبة كبيرة في هذا المجتمع، مشيرًا إلى أن هذا الأمر لا يقتصر على مجتمع بعينه، فهو في الشرق كما هو في الغرب، مع أن مجتمعاتنا العربية والإسلامية في الغالب هي مجتمعات شابَّة، وذلك على خلاف الغرب الذي توصف المجتمعات فيه بأنها مجتمعات "هَرِمَة"، حيث الأكثرية من كبار السن.
ولفت فضيلته إلى أن الحديث عن كبار السن لا يخص فئة معينة، بل يخص الشباب أنفسهم؛ لأن معظم الأشياء التي يواجهها الإنسان في الشيخوخة مرتبطة بحاله في الشباب، وبالعادات التي حصل عليها، فارتباط الشاب مثلًا بالتدخين أو السهر أو العادات الصحيّة أو عادات الغذاء.. كل ذلك يؤثر في هذا الشاب عند كبره، وكذلك العادات الإيجابية مثلًا كالإنجاز الذي يبدأ به الشاب صغيرًا ثم يرعاه في كبر سنّه، والقراءة، والقدرة على التكيُّف مع الجديد واستيعابه، والقدرة على التعامل مع التقنية، ولذلك فإن الحديث موجَّه إلى الشباب قبل أن يكون موجهًا إلى غيرهم.
طرفة.. وخبرة
وذكَّر فضيلته بطرفة تؤكد على العلاقة بين الشباب والشيخوخة، قائلًا: إن أحد الشباب كان عابثًا ورأى شيخًا كبير السن محدودب الظهر يمشي، فقال له: يا عم، تبيع القوس؟، في إشارة إلى أن ظهره يُشبه القوس. فقال له الشيخ: اصبر يا بني، فسوف يُعطَى لك مجانًا!.
وأردف فضيلته أن مثل هذه الطرفة تكشف كيف أنه يوجد عند الشباب الكثير من النزق والإقبال على الحياة والانشغال بالذات وبدوافعها ومغرياتها، وعدم الالتفات إلى الجوانب الأخرى التي هي بحاجة إلى أن يلتفت إليها، كما أنها تكشف عن كبار السن أحيانًا، وكيف يوجد عندهم - لاحظ الرد - الخبرة والحكمة وتجربة الزمان وسرعة الرد.
شعور بالفراغ
وتعقيبًا على مداخلة تقول: إن بعض الكبار يصرُّون على الإمساك بكافة التفاصيل في البيت، على اعتبار أنهم يشعرون أن البساط سُحب من تحتهم، قال الشيخ سلمان: إن كبير السن يشعر بنوع من الفراغ إذا كان عنده سلطان ثم شعر بأنه حُرم منه، سواء كان ذكرًا أو أنثى، فهذا يُشعره بأن الحياة انتهت؛ ولذلك نجد أن الأم مثلًا التي تعودت السيطرة على أولادها فإنهم إذا كبروا وتزوجوا واستقل كل واحد منهم في بيت، سرعان ما يجري عليها الخرف والمرض والقلق والاكتئاب وأمراض كثيرة.
طموح زائد!
وفيما يتعلق بوجود بعض "الطموح الزائد"، خاصة في علاقة كبير السن التاجر بأولاده، والتي تواجه في الغالب مشاكل ضخمة، قال الشيخ سلمان:
إن الشاب الذي يظن أنه رسول العناية الإلهية، وأنه هو منقذ البشرية، وأنه هو الذي سيُحدث التغييرات، سيواجه في كبر سنه مشكلة كبيرة جدًا؛ لأنه سيجد أن هذه الأحلام تبخرت، مما يؤكد أن الإنسان ينبغي أن يكون عنده اعتدال في طموحه، فضلًا عن قدر من التواضع في تقدير ذاته مع الإنجاز، لكن لا يظن أن إنجازه خارق، وأنه استثناء، أو أنه مبعوث عناية.
وأضاف فضيلته أن الناجحين في حياتهم العملية لا يُعانون في الشيخوخة مثلما يعاني غيرهم؛ لأن عندهم مشروعًا لا يزالون يرعونه، ولكن المشكلة هنا تأتي "من" الأولاد أو "مع" الأولاد بالأصح، فكبير السن في هذه الحالة، في الغالب، يكون عنده شيء من عدم الرضا عن أولاده وبناته، إما كلهم أو على الأقل بعضهم.
مسئولية مشتركة
وأوضح الدكتور العودة أن المسئولية هنا مشتركة، فبعض الأبناء لا يعرف كيف يتعامل مع الكبار، فتجد أنهم يتعاملون معهم بنوع من الصدام والعناد، وبدون لَباقة في الحديث؛ وهذه أمور توتِّر العلاقة مع كبير السن، الذي هو بحاجة إلى أن نقترب منه إذا أردنا أن نتحدث إليه، أوإذا أراد أن يتحدث هو بحيث نسمعه جيدًا، لافتًا إلى أن هناك أصولًا تقديرية مهمة جدًّا عند الكبار؛ كتقبيل الرأس واليد بالنسبة للأب أو من هو في مقامه، وأيضًا الاستماع لكبار السن، والاستفادة من تجاربهم.. فهذه كلها معانٍ تحافظ على العلاقة بين الكبار والشباب.
بينما بعض الشباب يرى أنه يعرف ما لا يعرفه الكبار؛ ولذلك يمشي في طريقه غير عابئ بمشاعر الأب، فيكون نتيجة ذلك صدمة كبيرة، فضلًا عن ذلك فإن الأولاد قد ينشغلون بأنفسهم، وإذا فُرض أنْ تزوج والدهم من امرأة أخرى وجدت جفوة وفاصلًا بين الأب والأبناء؛ ولذلك فإنه من المهم جدًا أن يكون هناك ضبط وإتقان، فبعض التجَّار حوَّلوا تجارتهم إلى عمل مؤسسي وإلى شركة رسمية منضبطة بِنُظُمِهَا واعتباراتها، ولا تتأثر بحياته أو موته أو حضوره أو غيابه، ويشترك فيها الجميع، ويكون فيها العدل والإنصاف مع الأولاد كلهم جميعًا، فضلًا عن التربية وبذل الجهد أيضًا.
وأردف فضيلته أن هذا قد يدعونا إلى أن نرسل رسالة إلى كل تاجر، مضمونها: عليك ألا تُنسيَك الدنيا أمرَ الآخرة، وأنت في صحتك وعافيتك.. اعمل لنفسك مشروعًا خيريًّا أو مكتبًا خيريًّا، وتصدَّق أو اجعل أوقافًا أو أعمالًا تقدمها بين يدي شَيْبَتِكَ وَهَرَمِك، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ تَخْشَى الْفَقْرَ وَتَأْمُلُ الْغِنَى».
"مت قاعد"!!
وتعقيبًا على مداخلة تقول: إن يوم 1/7 بالتاريخ الهجري يوم التقاعد الرسمي في السعودية يُعد بمثابة يوم موت كبير السن، قال الشيخ سلمان:
هذه الصورة السلبية أمر في غاية الخطورة، فبعض الناس يتقاعدون وهم في قمة عطائهم وأداءهم؛ ولذلك بعض المتشائمين يقسمها إلى قسمين "مت قاعد"، مشيرًا إلى أن هذا الشعور السلبي يجب معالجته ومحاربته.
وأضاف فضيلته أننا عندما نتحدث عن المتقاعدين، فنحن نتحدث عن قسم كبير جدًا من المجتمع، حصلوا على تجربة وخبرة وربما دورات حياتيه كثيرة جدًّا، وأصبحوا يملكون قدرًا كبيرًا من المعرفة والفهم، مشيرًا إلى أن بعضهم وإن كانوا غير راغبين كثيرًا في عمل ميداني أو عمل تدريبي مباشر أو تنفيذي، إلا أن لديهم كثيرًا من الخبرات والتجارب والاستشارات التي يمكن أن يعملوا فيها، بل هناك دول متخصصة ومتفوقة في توظيف هؤلاء الناس، وهناك نسب عالية جدًا في البحث عنهم وتوظيفهم كمستشارين أو قائمين على بعض الأعمال التي تتطلب إعمال العقل، والاستفادة من التجارب والخبرات.
سنَّة الله
وفيما يتعلق بتوارث الأجيال، قال الشيخ سلمان: إن الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- قدوة في هذا الجانب، فنجد في القرآن الكريم آيات كثيرةً جدًا فيما يتعلق بمراحل العمر: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً)(الروم: من الآية54)، فالضعف الأول ضعف الطفولة؛ واقتصر على قوله (ضَعْفٍ) لأن هذا الضعف ستتبعه قوة.
أما الضعف الأخير فقال عنه: (ضَعْفًا وَشَيْبَةً)، إشارة إلى أن هذا الضعف ليس بعده قوة أو ظهور مرة أخرى، وكذلك في سورة الحج يقول الله -سبحانه وتعالى-: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمّىً ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًا)(الحج: من الآية5) إلى آخر الآية الكريمة، وآيات عديدة تتكلم عن هذه المرحليات، في إشارة إلى أنها سُنة الله -سبحانه وتعالى-.
وأضاف فضيلته أن هذا المعنى البسيط هو معنًى شديد الأهمية لصناعة الوعي عند الكبير الذي يدري أن هذه مرحلة وأنها سنَّة الله سبحانه وتعالى. حتى أولئك الشباب الذين تراهم أمامك يتمتعون بالحيوية والقوة والاندفاع.. اصبر عليهم وسوف يصلون إلى هذا الوضع، فالشيخوخة ليست شيئًا سيئًا، فالبديل عنها هو الرحيل والموت.
الثقة بالله
وذكر الدكتور العودة قصة زكريا عليه السلام، وما فيها من ربط واضح بين الشيخوخة والإيمان، والركون إلى الله -سبحانه وتعالى- والمناداة والمناجاة والثقة فيما عند الله؛ لأن كبير السن يفقد الثقة بالناس لأي سبب من الأسباب، فهو يشعر أنه عالة، وأن تجاربه مع الناس محبطة، يقول تعالى في سورة مريم: (ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2) إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاءً خَفِيًّا (3) )، مشيرًا إلى أن كثيرًا من الناس يصلون إلى هذا، لكن "الثقة بالله -سبحانه وتعالى" هي السبيل والمنجى.
وقال فضيلته إن في الآية علامتين لكبر السن هما:
1 وهن العظام: يقول تعالى: (قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي)، ولذلك طبيًّا الآن يقولون: إن نقص الكالسيوم يوجِد وهنًا في العظم، والذي يكون سببًا غالبًا في مرض في العظام عند الكبر.. هذه علامة خفية، فالوهن يُستشعَر.
2 شيب الرأس: يقول تعالى: (وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا)، وهي علامة ظاهرة يراها الناس، وهذه أيضًا مرتبطة بالكبر والشيخوخة والهَرم، فذكر علامة باطنة وذكر علامة ظاهرة.
اللجوء إلى الله
ثم انتقل فضيلته إلى الحديث عن قوله تعالى: (وَلَمْ أَكُنْ بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا)، وهي إشارة إلى أن أعظم ما يعصم الإنسان من الإحباط واليأس والاكتئاب هو اللجوء إلى الله -سبحانه وتعالى- والشعور بأن العبد لا يكون شقيًا بدعاء الله سبحانه، "ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة"، ثم يقول: (وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا)، فهنا نلاحظ رجلًا مُسِنًّا يطلب من الله -سبحانه وتعالى- أن يهبه غلامًا مع كبر سنِّه، ومع أن زوجته عقيم إلا أن صِدق إيمانه بالله واللجوء إليه يجعله يعتقد أن هذا ليس بمستحيل ما دام أن المسؤول والمدعوّ هو الله -سبحانه وتعالى-.
(فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آَلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (6) )، فهذا هو توارث الأجيال، فهو يطلب الوليّ؛ الولد الصالح الذي يرثه، ليس فقط وراثة المال، وإنما وراثة العلم والهداية والإيمان، (وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا)، وقد أجاب الله -سبحانه وتعالى- دعاءه.
طول العمر وحسن العمل
وأكد الشيخ سلمان أن هناك أحاديث كثيرة جدًا في هذا الإطار، كما أن التراث والتاريخ الإسلامي حافل بهذا المعنى الذي ربما لم يتفطّن له الناس إلا في الفترة الأخيرة، ومثال ذلك قول النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما سئل: مَنْ خَيْرُ النَّاسِ ؟ قَالَ: «مَنْ طَالَ عُمُرُهُ وَحَسُنَ عَمَلُهُ»، وهذا حديث صحيح رواه أحمد وغيره، «لاَ يَزِيدُ الْمُؤْمِنَ عُمْرُهُ إِلاَّ خَيْرًا»، ففيه إشارة إلى أن طول العمر خير.
وكذلك هناك أحاديث أخرى من أمثلها إسنادًا قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيُوَقِّرْ كَبِيرَنَا»، فهذا أيضًا تربية للناس على رحمة الصغير، وأن الكبير يرحم الصغير، والصغير يُوقِّر الكبير، وهذا بخلاف ما نجده الآن في ميدان الحياة أو في مواقع الإنترنت أو في مجالات العمل، من وجود قسوة وتجاهل ونوع من الحرب الخفيَّة أو المعلَنة ما بين الصغار والشباب وما بين الكبار، فهذه قضية يجب أن نسترشد فيها بهدي النبي صلى الله عليه وسلم. كما أن هناك حديثًا يقول: «إِنَّ مِنْ إِجْلاَلِ اللَّهِ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ» وهو في البيهقي، ولا بأس بإسناده «إِنَّ مِنْ إِجْلاَلِ اللَّهِ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْغَالِي فِيهِ وَالْجَافِي عَنْهُ»، فإكرام الكبير من إجلال الله -سبحانه وتعالى- وإكرامه.
أمراض الشيخوخة
وفيما يتعلق بظهور بعض الأعراض المرتبطة بالشيخوخة، والتي تصيب كبار السن، مثل الزهايمر وغيرها، قال الشيخ سلمان: هي كثيرة منها:
1 الزهايمر: هو في الغالب مرتبط بالشيخوخة، وإن كان قد يصيب من هم دون ذلك، فمنظمة الصحة العالمية اعتبرت أن مرحلة الخمس والستين هي بداية مرحلة كبار السن، مشيرًا إلى أن كثيرًا من المشاهير مصابون بهذا المرض، مثل ريجان، الرئيس السابق للولايات المتحدة.
2 ضعف المناعة، ومقاومة الأمراض.
3 ضعف الذاكرة، هو مرتبط بموت الخلايا العصبية للمخ وضعف العلاقة أيضًا بين أجهزة المخ، ووجود تجاويف كثيرة داخل المخ تؤثر على النقص، وربما تتحول إلى نوع من المرض.
4 اضطرابات النوم، والإغفاءات القليلة؛ بسبب ما يسمونه نقص الساعة البيولوجية عند كبار السن، فتجده ينام مبكرًا ويقوم مبكرًا، وأيضًا يستيقظ ما بين وقت وآخر.
5 ضعف الإقبال على الغذاء.
6 ضعف القدرة على التعلُّم: خاصة فيما يتعلق بتعلُّم الأشياء الجديدة، وهو ما يدفعنا إلى التساؤل: هل إذا كبرنا سيصبح الواحد منَّا عاجزًا عن تعلُّم الجديد؟!!
7 الاكتئاب: وهو من أكثر الأشياء المرتبطة بالشيخوخة إيلامًا، وهو مرض ليس خاصًا بكبار السن فقط، لكنه في كبار السن أكثر منه في غيرهم؛ بسبب: كثرة العلاجات التي يتناولها كبار السن، وبعضها يضر ببعض، أو الشعور غالبًا بالإحباط واليأس وضياع الأهداف والطموحات والأحلام التي كان الإنسان في الشباب يتمناها ويُخطط لها، كما أن الوراثة لها علاقة بالقلق، كذلك قلة النوم والعزلة عن الأصدقاء والعلاقات الاجتماعية.
أمراض عضوية.. وجانب نفسي
وأردف فضيلته أن هناك بعض الأمراض العضوية المرتبطة بالشيخوخة، مثل: السكَّري والضغط والقولون والكوليسترول، وقائمة طويلة ومعروفة من الأمراض التي تصاحب الناس في هذه المرحلة.. كذلك على الجانب النفسي، حيث تجد أن كبير السن أحيانًا مثل الطفل الصغير، فالأطباء يقولون: كبير السن ينبغي ألا يتعرض للشمس كثيرًا إلا في آخر العصر حتى يأخذ منها طاقة، والطفل كذلك، لذا تجد أن كبير السن عنده عدم تحكُّم في عواطفه؛ فهو سريع الانفعال والغضب والتصلب والعناد والإصرار على الرأي، كذلك فهو سريع الرضا أيضًا.. كما تجد ذلك عند الطفل الصغير.
كما أن كبير السن يعاني من كثرة العتب، كما أن علاقته مع الآخرين قد تتعرض لامتحان أو اهتزاز، بشكل يشعر معه أنه عبء على الناس، أو أن الآخرين يتجاهلونه، وأن الزمان تعدَّاه، وأحيانًا ربما يكون عنده إفراط في الإحساس بأن أولاده عقُّوه، وهذا يؤثر في طبيعة العلاقة بين الأولاد، خاصة إذا كان الأولاد لا يوجد عندهم وعي بكيفية التعامل مع هذه المرحلة؛ لأنه دائمًا إذا عرفت الشخص الذي أمامك عرفت كيف تتعامل معه.. هذا يصدق على الكبار في كيفية تعاملهم مع الشباب، ويصدق على الشباب في كيفية تعاملهم مع الكبار.
مُسِنُّو المملكة
وفي مداخلة له مع البرنامج قال الدكتور راشد أبا الخيل (أول من رأس مركز الأمير سلمان لرعاية المسنين في الرياض، وصاحب كتاب "الشيخوخة ومراكز راعية المسنين في العالم": إن وضع المسنِّين عندنا في الحقيقة شبه مهمَل، مشيرًا إلى أن بعض الدراسات تؤكد أن العالم سيواجه تغيُّرًا ديموغرافيًّا غير مسبوق، وسيشهد تزايدًا كبيرًا في عدد المسنِّين، فالإحصاءات تشير إلى أنه في عام 2050 سيكون عدد المسنِّين في العالم 2 بليون.
كما أن عدد المسنِّين في المملكة سيتضاعف ثماني مرات في عام 2050؛ بسبب ارتفاع عدد المواليد وانخفاض عدد الوفيات، والذي يؤدي إلى زيادة الأعمار، فضلًا عن تحسن الخدمات الصحية وتحسن المستوى الاقتصادي والاجتماعي، وتحسن مستوى البيئة، وتقدم المستوى العلمي.
طب الشيخوخة!
ودعا أبا الخيل إلى ضرورة تطبيق الاتجاهات الثلاثة للإعلان السياسي والجمعية الثانية للشيخوخة، والذي انعقد في عام 2002 في مدريد، حيث ركز على ثلاثة أشياء هي:
1 كبار السن.. التنمية:
أي العمل على مشاركة المُسِنِّ في تنمية البلد، وفي هذه الحالة نكون قد استفدنا من خبرات هؤلاء الناس الذين خدموا الوطن كثيرًا، كذلك نولِّد بتدخلهم الشعور بالمشاركة في المجتمع، فضلًا عن رفع معنوياتهم وتقديرهم، وأيضًا نقلل من المشاكل النفسية عندهم، وبالتالي المشاكل الجسمية.
2 تعديل الصحة والرفاهية لكبار السن:
حيث ناشد معالي الدكتور عبد الله الربيعة، وزير الصحة السعودي، بضرورة العمل على إتاحة دراسة ما يسمى ب"طب الشيخوخة"، أو ابتعاث عدد من الشباب متخصصين في هذا الأمر، فبدلًا من أن يذهب المُسن اليوم إلى طبيب القلب، وغدًا إلى طبيب الصدر، يمكن أن يكون هناك أطباء متخصصون في أمراض الشيخوخة.
3 ضمان بيئة تمكِّن المسنين:
أي بيئة تحرص على كرامتهم وحمايتهم، خاصة في ظل انتشار ما يسمى ب"العنف الأسري" والعقوق، مما يدفعنا إلى مناشدة وزير الشئون الاجتماعية من أجل العمل على إيجاد دار حماية للمسنين.
حلول عملية
وتعقيبًا على هذه المداخلة، قال الشيخ سلمان: لابد من البحث عن مشاكل المُسنين، ومعالجة هذه الظاهرة التي أصبحت ظاهرة عالمية، مشيرًا إلى أن هناك بعض الحلول التي يمكن أن نخاطب بها المسنين أنفسهم، منها:
1 الاحتفاظ بعلاقات اجتماعية قوية:
ففي دراسة أجريت في الولايات المتحدة الأمريكية على عيِّنة من المسنين قدرُها تسعمائة مُسن ممن جاوزوا الثمانين من أعمارهم، ثبت فيها علميًّا أن هناك ثلاث قضايا مؤثرة في القدرة على التكيُّف مع هذه المرحلة؛ والقدرة على تنمية العلاقات الاجتماعية والاحتفاظ بعلاقات قوية لمواجهة العزلة والبعد عن الانفراد.
2 مواصلة الإنجاز:
وإلا فإن الإنسان يشعر بأنه انتهى، ولذا فيجب أن يحاول أن يواصل الإنجاز، وأن يقرأ ويكتب ويبحث.. إلى غير ذلك.
3 ممارسة الرياضة والحركة:
وأن يحاول الإنسان الاعتماد على نفسه بعد الله -سبحانه وتعالى-، فيقوم ويقعد ويتحرك ويمارس ألوانًا من الرياضة.
4 تعميق الصلة بالله عز وجل:
لأنه في هذه المرحلة أصبح أكثر نضجًا، كما أن دوافع الغريزة والشهوة قلَّت، والعقل أصبح أكثر تحكُّمًا في الإنسان، فضلًا عن خبرته في الحياة، وقربه من الآخرة الذي يوجب عليه أن يكون أكثر إقبالًا على الله -سبحانه وتعالى- ومحافظةً على الصلوات والأذكار في الصباح والمساء والاستغفار والدعاء والتزام الحكمة وضبط اللسان.. فهذه كلها معانٍ عظيمة جدًّا.
5 التوبة:
التوبة من ما ارتكبه الإنسان من المعاصي، فمن تاب تاب الله عليه. وهنا النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: «إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ»، وهي إشارة إلى أنه مادام الإنسان في حياته وعقله وفهمه وتاب فإن الله يتوب الله عليه، فمن فضل الله ورحمته أن أمهله حتى بلغ مثلًا سبعين سنة حتى تاب فتاب الله عليه وألهمه التوبة؛ ولذلك فإن من أعظم مقامات كبر السن التوبة إلى الله -سبحانه وتعالى-، فإن كان الإنسان أكل الربا أو ظلم أحدًا، فيجب أن يكون شديد الحرص على أن لا يغادر هذه الدنيا وأحد من الناس يطالبه بشيء، فهذا معنًى في غاية الأهمية.
الغرب.. والشرق؟!!
وفيما يتعلق بالفرق بين العالم الغربي والعالم الإسلامي في التعامل مع قضية المسنِّين، قال الشيخ سلمان: إنهم في الغرب يربون الصغار على الاعتماد على أنفسهم.
وضرب فضيلته مثالًا لذلك، قائلًا: عندما كنا في المالديف شاهدنا مُسِنًّا عمره ثمانون سنة يقول: إنه أتى ليقضي عيد ميلاده الثمانين، فهو مسافر هذه المسافات الطويلة ، ويضحك كأنه ابن عشرين سنة، حتى أن بعض الإخوة استغرب وقال: إن هؤلاء الناس غير مؤمنين.. فكيف يكون عندهم هذا المعنى؟ فقلت لهم: الله -سبحانه وتعالى- حتى في غير المؤمن قال: (إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا) (الانشقاق:13). ليس بغريب أن يوجد السرور وأن توجد السعادة إذا عرف الإنسان أصولها في هذه الحياة الدنيا.
وأضاف الدكتور العودة أنهم في الغرب وإن كان عندهم انفصال في الأسرة لكن في المقابل هناك اهتمام؛ فتجد في ألمانيا وكندا وأمريكا، بل حتى في الصين، أنظمة من آلاف السنين أحيانًا تتوارث في رعاية المسنِّين، وطبّ متخصص لهم، فضلًا عن عقد المؤتمرات والندوات التي تناقش رعاية المسنِّين، وهناك توصيات وجمعيات كثيرة.
أما فيما يتعلق بالعالم الإسلامي، فإنه يعاني فقرًا في هذا الجانب وخللًا في المعالجة، ولكن في مقابل ذلك هناك موضوع العلاقة الاجتماعية الجيدة؛ بمعنى أن العلاقة الأسرية تعوِّض عن هذا النقص.
"الحياة كلمة".. غرفة شات!!
وتعقيبًا على مداخلة من أحد المشاركين في البرنامج، يقول: إن له "تجربة خاصة"، مع برنامج "الحياة كلمة"، حيث انطلقت هذه التجربة عندما دخل على أحد المواقع المشهورة في الشاتات الصوتية على شبكة الإنترنت، فوجد أن لهذا الموقع أكثر من مائتي غرفة، لكن لا يحمل أي منها معنًى جميلاً، مشيرًا إلى أنه لا يتصور أن جميع زوَّار هذا الموقع سيئون جدًّا، بل لديه تأكُّد بأن فيهم الخير الكثير، ولكن لم يجدوا البيئة أو المكان المناسب، فانطلقت فكرة بإنشاء غرفة صوتية بين هذه الغرف الكثيرة وسماها (الحياة كلمة)، فلاقت المشاركات والترحيب، وقام بعقد بعض دورات في التربية والتنشئة الاجتماعية لإقامة محاضرات بالمشاركة مع مركز التنمية الأسري بالدمّام، وبعض المستشارين والمدرَّبين والمتخصصين في مجال الشريعة وعلم الاجتماع في جامعة الملك فيصل. وبفضل من الله والجهود المبذولة من الجميع، مع التخطيط والتنظيم الجيد.
وأنه بفضل الله كسبنا في خمسة أشهر مائة وخمسة وسبعين شخصًا من هذا الموقع، ومن مختلف الجنسيات ومن كل أنحاء العالم، حيث تغيرت حياتهم جذريًّا، قال الشيخ سلمان معلقاً:
هذا شيء إيجابي. نحن نؤيد وندعم دائمًا مثل هذه الأشياء، ونعتبر أن هذا رجْع الصدى للصوت الذي ننادي به، وإن شاء الله مثل الأخ القائم على هذا العمل كثيرون، وسيكونون مشاعل نور وهداية ودعوة للآخرين.
ابن جبرين و mbc
وتعقيبًا على مداخلة من أحد المشاركين في البرنامج تقول: إن كلًا من قناتيْ mbcالعربية عندما توفي مايكل جاكسون روجت له، وعرضت قصته منذ مولده، ولكن عندما توفي ابن جبرين، رحمة الله عليه، لم تفعل كذلك، قال الشيخ سلمان: هناك قنوات إسلامية كثيرة غطَّت وفاة الشيخ ابن جبرين رحمه الله ببرامج، وفي مؤسسة الإسلام اليوم أصدرنا "سي دي" خاص عن الشيخ ابن جبرين من ولادته إلى وفاته -رحمه الله –، فضلًا عن العديد من الندوات والبرامج التي تحدثت عن وفاة الشيخ ابن جبرين.
وأضاف فضيلته أن كثيرًا من القنوات أصبحت تعتبر الإعلام العالمي، مرتبطا بالغرب ، فإذا تكلمنا عن أدب عالمي فهو الأدب الغربي.. وإذا تكلمنا عن حرب عالمية فهي الحرب التي تدور في أوربا، بينما الآن العالم الإسلامي نفسه أصبح صانعًا للأحداث، وأصبح هناك حضور إعلامي حتى للشخصيات العلمية والأدبية والفقهية؛ ولذلك فإنه ينبغي على الإعلام لا أقول الإعلام الإسلامي أو الإعلام المحافظ، بل حتى الإعلام العربي بشكل عام أن يعترف بالأحداث والشخصيات والأعمال التي تتم داخل المجتمعات العربية، وأن نعيد فكرة العالمية، وأنه ليس كل ما هو غربي فهو عالمي وكل ما هو عربي أو إسلامي فهو محلي أو محدود.
قصيدة للأمهات
وختم الشيخ سلمان الحلقة بقصيدة أرسلتها إحدى الأخوات المتابعات للبرنامج تحكي عن الأمهات،وهي للشاعر تميم البرغوثي تقول:
بجداتنا سرٌ عجيبٌ كأنه
حجاب إلهي وحِرزٌ مُحرّزُ
يحيرني اطمئنانهن كأنما
لديهن حل اللغز والدهر يُلغزُ
توالى عليها الحاكمون كأنهم
هم الخرز المنظوم والعمر مِخرَزُ
تهز اعتبارات السياسة كلها
إذا ذهبت تحت القنابل تخبزُ
لها دولةٌ في باحة البيت شعبها
دخانٌ وجيرانٌ وبُنٌّ مُركّزُ
تعاريج كفّك مخطوطةٌ كُتبت كالوصيّةِ
فهي وثيقة ملكيّة للبلاد !
سلامٌ على طِبِّك المنزليّ إذا أنت دلّكت بالزيت صدر الزمان،
كما تفعلين مع الطفل حين يُحمّ
وعندك خُبثُ الطيور تحاول أن تتفادى الحبال
ولكنّ خُبثك خبثٌ بريءٌ على أيّ حال..

أيمن بريك
الإسلام اليوم
الاحد 25 شعبان 1430الموافق 16 أغسطس 2009


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.