مع الشروق .. قمّة بكين ... وبداية تشكّل نظام دولي جديد    انطلاقا من غرة جوان: 43 د السعر الأقصى للكلغ الواحد من لحم الضأن    رئيس الحكومة يستقبل المدير العام للمجمع السعودي "أكوا باور"    توقيع مذكرة تفاهم تونسية سعودية لتطوير مشروع إنتاج الهيدروجين الأخضر في تونس    شهداء وجرحى في قصف لقوات الاحتلال على مدينة غزة..    بطاقتا إيداع بالسجن ضد أجنبيين تورّطا في تنظيم عمليات دخول أفارقة لتونس بطرق غير نظامية    بداية من اليوم: خدمة جديدة للمنخرطين بال'كنام' والحاصلين على الهوية الرقمية    صفاقس: إيقاف 21 افريقيا وصاحب منزل أثر معركة بالاسلحة البيضاء    جنيف: وزير الصحة يؤكد أهمية تعزيز قدرات الدول الإفريقية في مجال تصنيع اللّقاحات    عاجل/ هذا ما قرّرته 'الفيفا' بشأن المكتب الجامعي الحالي    وزارة الصناعة: توقيع اتفاقية تعاون بين أعضاء شبكة المؤسسات الأوروبية "EEN Tunisie"    مفقودة منذ سنتين: الصيادلة يدعون لتوفير أدوية الإقلاع عن التدخين    كلاسيكو شوط بشوط وهدف قاتل    أول تعليق من نيللي كريم بعد الانفصال عن هشام عاشور    بالفيديو: بطل عالم تونسي ''يحرق'' من اليونان الى إيطاليا    مراسم استقبال رسمية على شرف رئيس الجمهورية وحرمه بمناسبة زيارة الدولة التي يؤديها إلى الصين (فيديو)    عاجل/ فرنسا: إحباط مخطّط لمهاجمة فعاليات كرة قدم خلال الأولمبياد    وزارة المرأة تحذّر مؤسسات الطفولة من استغلال الأطفال في 'الشعوذة الثقافية'    بن عروس: حجز أجهزة اتصالات الكترونيّة تستعمل في الغشّ في الامتحانات    بطاقة إيداع بالسجن ضدّ منذر الونيسي    مجلس نواب الشعب: جلسة استماع حول مقترح قانون الفنان والمهن الفنية    رئيس لجنة الفلاحة يؤكد إمكانية زراعة 100 ألف هكتار في الجنوب التونسي    المنتخب الوطني يشرع اليوم في التحضيرات إستعدادا لتصفيات كأس العالم 2026    النادي الصفاقسي في ضيافة الاتحاد الرياضي المنستيري    الرئيس الصيني يقيم استقبالا خاصا للرئيس قيس سعيّد    قبلي : تنظيم اجتماع تشاوري حول مستجدات القطاع الثقافي وآفاق المرحلة القادمة    وزير التعليم العالي: نحو التقليص من الشعب ذات الآفاق التشغيلية المحدودة    عاجل/ حريق ثاني في حقل قمح بجندوبة    مستشفى الحبيب ثامر: لجنة مكافحة التدخين تنجح في مساعدة 70% من الوافدين عليها على الإقلاع عن التدخين    منظمة الصحة العالمية تمنح وزير التعليم العالي التونسي ميدالية جائزة مكافحة التدخين لسنة 2024    صفاقس: وفاة امرأتين وإصابة 11 راكبا في اصطدام حافلة ليبية بشاحنة    تطاوين: البنك التونسي للتضامن يقرّ جملة من التمويلات الخصوصية لفائدة فلاحي الجهة    بمشاركة اكثر من 300 مؤسسة:تونس وتركيا تنظمان بإسطنبول أول منتدى للتعاون.    رولان غاروس: إسكندر المنصوري يتأهل الى الدور الثاني لمسابقة الزوجي    الشايبي يُشرف على افتتاح موسم الأنشطة الدّينية بمقام سيدي بالحسن الشّاذلي    الدخول إلى المتاحف والمواقع الأثرية والتاريخية مجانا يوم الأحد 2 جوان    آخر مستجدات قضية عمر العبيدي..    الانتقال الطاقي: مشروع للضخ بقدرة 400 ميغاواط    انتخاب التونسي صالح الهمامي عضوا بلجنة المعايير الصحية لحيوانات اليابسة بالمنظمة العالمية للصحة الحيوانية    رولان غاروس: أنس جابر تواجه اليوم المصنفة 34 عالميا    حادث مروع بين حافلة ليبية وشاحنة في صفاقس..وهذه حصيلة الضحايا..#خبر_عاجل    بعد الظهر: أمطار ستشمل هذه المناطق    جبنيانة: الإطاحة بعصابة تساعد الأجانب على الإقامة غير الشرعية    الرابطة المحترفة الأولى: مرحلة تفادي النزول – الجولة 13: مباراة مصيرية لنجم المتلوي ومستقبل سليمان    الأوروغوياني كافاني يعلن اعتزاله اللعب دوليا    عاجل/بعد سوسة: رجة أرضية ثانية بهذه المنطقة..    إلغاء بقية برنامج زيارة الصحفي وائل الدحدوح إلى تونس    تونس والجزائر توقعان اتفاقية للتهيئة السياحية في ظلّ مشاركة تونسية هامّة في صالون السياحة والأسفار بالجزائر    بنزرت: الرواية الحقيقية لوفاة طبيب على يدي ابنه    الإعلان عن تنظيم الدورة 25 لأيام قرطاج المسرحية من 23 إلى 30 نوفمبر 2024    منبر الجمعة .. لا يدخل الجنة قاطع صلة الرحم !    مواطن التيسير في أداء مناسك الحج    من أبرز سمات المجتمع المسلم .. التكافل الاجتماعي في الأعياد والمناسبات    شقيقة كيم: "بالونات القمامة" هدايا صادقة للكوريين الجنوبيين    محكمة موسكو تصدر قرارا بشأن المتهمين بهجوم "كروكوس" الإرهابي    مدينة الثقافة.. بيت الرواية يحتفي ب "أحبها بلا ذاكرة"    الدورة السابعة للمهرجان الدولي لفن السيرك وفنون الشارع .. فنانون من 11 بلدا يجوبون 10 ولايات    عندك فكرة ...علاش سمي ''عيد الأضحى'' بهذا الاسم ؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأزمة في اليمن .. أسبابها وآفاق حلولها
نشر في الفجر نيوز يوم 25 - 08 - 2009

يشهد اليمن حالة غير مسبوقة من الاحتقان السياسي والأمني أفرزتها تداعيات لا تزال ماثلة بقوة على مفردات المشهد العام في البلاد جراء تصاعد الاضطرابات في المناطق الجنوبية والشرقية التي سرعان ما تحولت، وفي تطور دراماتيكي لافت، من مظاهر احتجاج سلمي ذات طابع مطلبي قبل عامين إلى عاصفة من “الحراك الانفصالي” المناهض لوحدة شطري
البلاد والمطالب “بفك الارتباط”، قبيل أن تظهر عناصر إضافية في مشهد الأزمة اليمنية تمثلت في اندلاع شرارة حرب صعدة السادسة بين القوات الحكومية والحوثيين، بصورة أكثر ضراوة عن الحروب الخمس السابقة، ما فرض بالضرورة تداعيات وانقسامات في أوساط القوى السياسية الفاعلة في الساحة بين اللجوء لخيارين لا ثالث لهما إما التسوية السلمية الجذرية أو الحسم العسكري الكامل .
الصراع يشتد والحلول تنتظر الحوار
الأخت نادية مرعي، ما رأيك فيما يحدث في الجنوب، هل يمكن ان يقود إلى تصدع في شكل الوحدة القائمة اليوم؟
نادية مرعي: الذي يقرأ الوضع الآن وينزل عدن ويشاهد الوضع الاجتماعي هناك سيجد ان هناك شروخاً اجتماعية جديدة بدأت تظهر، حتى الشخصية الاجتماعية ربما قبل فترة إذا كانت طرحت بشكل مزحة كلمة “دحباشي”، في إشارة إلى مواطني الشمال، فإنها لا تأخذ هذا المعنى الذي تأخذه اليوم، اليوم هناك عنف حقيقي في أوساط الناس، وهناك خلل في مفهوم الوحدة في الجهتين في الجنوب والشمال، حتى في الشمال كان الناس عندما تطرح فكرة الانفصال يقولون إن هذا لن يحدث ونحن ندافع عن الوحدة، هؤلاء حالمون وموتورون، الآن رئيس الدولة بنفسه يقول ان الانفصاليين في الشمال أكثر من الانفصاليين في الجنوب، هذا شيء مطروح اليوم .
لكن برأيك، ما الذي يعيق المواطن في الشمال عن التحرك بنفس اتجاه الحراك في الجنوب؟
نادية مرعي: في رأيي أن ذلك يعود إلى الثقافة مثلما قال الأخ محمد غالب، أعتقد أن وعي الناس في الشطر الجنوبي بالمظاهرات السلمية أوسع، في الشمال خرجنا إحدى المرات في مظاهرة عام ،90 وقعت أعمال شغب كبيرة ودمر الناس المحلات التجارية الخاصة بالمواطنين العاديين، سواء بقصد أو من دون قصد .
لهذا فإن وعي الشماليين بتفاصيل الحراك السلمي أقل، ونحن إذا ما خرجنا سنكون عنيفين أكثر، هذا الأمر يرجع للثقافة القبلية المسيطرة على الشمال، كما أن في الشمال من يتابع ما يحدث الآن في الجنوب، ولا احد في اعتقادي سيتحمل أن يقتل ابنه أو أخوه أو زوجته أثناء مظاهرة لأنها ستصبح مشكلة كبيرة وسنصبح صومالاً حقيقياً .
لماذا الخوف من النزول إلى الشارع؟
نادية مرعي: لا أعرف، ربما لا تزال فكرة الخوف من الممارسات الحزبية الحقيقية مسيطرة علينا، نعرف الانتخابات وصندوق الاقتراع، هذا أقصى شيء، أما الاعتصامات والاحتجاجات فأنا ألاحظ حتى المطالبات البسيطة التي ينظمها المعلمون للمطالبة بحقوقهم فإن السلطة تسارع إلى إيقاف رواتبهم وغيرها من الإجراءات التي تنفر الناس وتخيفهم من ممارسة الاحتجاجات .
مهددات الوحدة
هل هناك ما يهدد الوحدة السلمية الحقيقية التي توحد بها اليمنيون في 22 مايو ،1990 أم ان هناك ضرورة لإعادة صياغة أخرى لطبيعة العلاقة بين الشمال والجنوب؟
محمد علاو: ما يحدث لا يهدد الوحدة الجغرافية فقط، بل ينسف فكرة الوحدة ذاتها، الإشكالية أن الناس كانوا يتقاتلون في السابق، لكن من اجل الوحدة، فقد كانت الوحدة مقدسة عند الناس، وكان رمز الانفصال براميل التشطير، اليوم للأسف الشديد انتقل التشطير من البراميل إلى الأرض وإلى النفوس، وعندما كنت في أمريكا مؤخراً التقيت عدداً من المعارضين، وهم كما قال الأخ محمد غالب، فضلوا الهجرة بعد عام ،94 وكانوا قادة وحدات عسكرية، وقالوا استفيدوا من بقايا التربوية الوحدوية الموجودة فينا، أما جيل الوحدة الجديد فهو لايعرف من الوحدة إلا أقبح الممارسة التي مارستها إدارة الدولة، وبالتالي فإنه ليست لديهم هذه المسألة .
الانفصال اليوم اجتماعي، وأخطر ما يجري في التاريخ اليمني ان الإدارة الحاكمة اليوم نقلت الانفصال من براميل التشطير التي أزيلت في 22 مايو 1990 إلى نفوس الناس، ويجب أن نكون صادقين وألا نكذب على بعضنا .
وما دور المعارضة إذن في هذه المعادلة؟
محمد علاو: أحزاب اللقاء المشترك تضع حلولاً للقضايا وفق رؤية توافقيه تأخذ منا وقتاً طويلاً، أما إنكار أن هناك حكماً أسرياً قائماً، فهذا غير صحيح، لكنني أتفق مع الزميل نصر من أنه لو كان هذا الحكم الأسري بثقافة الحكم الملكي الذي يحرص أن يترك شيئاً للوطن كما يتركه للأولاد لقبلناه، لكن ما نعيشه هو حكم أسري عبثي بدليل أن الأطفال يولون الوحدات العسكرية في الوقت الذي أمامهم أقدمية في المراتب العسكرية، سواء من الشمال أو الجنوب .
كنت أتمنى لو كان هناك حكم اسري راشد عاقل، لأنه كان من الممكن أن ننتقل انتقالاً سلمياً مع المحافظة على وحدة البلاد، اليوم الأزمات القائمة تتطلب التسريع بحلول وطنية جامعة، أو أننا سنذهب إلى تمزق .
وأنا مع المتفائلين، والرئيس يقول في تصريحات علنية إنه سيكون هناك تفاوض مع كافة القوى الوطنية تحت خيمة واحدة، المشكلة لم تعد الأحزاب الممثلة في مجلس النواب قادرة على حمل هذه القضية بدليل أن أحزاب المشترك سعت لتوسيع رقعة الحوار ليشمل الجميع .
إذن هناك شلل وفوضي عارمة يسهم الحكم في صناعتها، والمشكلة أعمق من أن نرقعها بشيء من الكلمات الطيبة، نعم أنا أتمنى ان نصل إلى حلول من دون العنف وأنا ضد التغيير بالعنف ونسعى أن يزرع اللقاء المشترك في مشروعه الوطني القادم ثقافة الحوار السلمي على مستوى الساحة اليمنية من أجل أن نوقف صوت العنف للقضايا المطلبية سواء الموجودة في صعدة أو الجنوب .
تأخر الحلول
هل تشعرون بأن الوقت أصبح متأخرا للحل وأن الحزب الحاكم سيكون غير قادر على السيطرة على الأوضاع في ظل التوترات القائمة اليوم في أكثر من بؤرة؟
نصر طه: أنا يؤسفني أن كل يوم يمر دون أن يبدأ الحوار بين المؤتمر وأحزاب المعارضة، هذه خسارة بكل تأكيد، لكننا مازلنا في بر الأمان، وهناك إدراك حقيقي من القيادة من أن هناك مشكلة يجب التحرك لمعالجتها .
لكن في قضية الحوار تتحمل أحزاب المعارضة جزءاً من المسؤولية وبالذات حزب الإصلاح، أكبر أحزاب المعارضة، لهذا ربما أجد نفسي متفقاً كثيرا مع الأخ محمد غالب بشأن ما طرحه حول الحزب الاشتراكي، وأنا أرى أن أي إضعاف للحزب الاشتراكي هو خطأ جسيم في هذه المرحلة بالذات، لأن الحزب الاشتراكي هو احد صمامات الأمان للوحدة الوطنية بغض النظر عن خلافاتنا مع أية ممارسات سابقة أو أخطاء حالية للحزب .
كما أنني أعتقد أن الأخوان في حزب الإصلاح أصبحوا يعانون من كثير من التوتر ومن ضغط شديد من القواعد على القيادة تؤدي إلى الكثير من المواقف الغريبة التي لم نكن نعتادها منهم، فنحن نشعر بكثير من التناقضات في أطروحاتهم وأنا لا اقصد زميلي محمد ناجي علاو فهو معروف بكونه صاحب رأي مستقل حتى داخل الإصلاح، لكن عندما نتحدث عن حوار بين المؤتمر والأحزاب الممثلة في مجلس النواب هم يطرحون من أنه لابد من حوار مع الأحزاب (المتضامنة معهم في اللقاء المشترك) حتى أنهم يستبعدوا حزب الرابطة، وهو حزب صاحب تأريخ، فأنت إذا كنت تريد حواراً مفتوحاً مع الجميع فلماذا تستبعد الأحزاب الموالية للمؤتمر؟
في الأصل فإن فكرة الحوار بين الأحزاب الممثلة في مجلس النواب هو حل في حد ذاته للخروج من إشكالية، لكن اللقاء المشترك يريد أن يفرض عليك أن تتحاور مع أحزاب معينة ويرفض في الوقت ذاته أطرافاً أخرى، ولهذا فإما ان يكون الحوار مفتوحاً مع الجميع أو لا حوار، عندما نتحدث عن إشراك منظمات المجتمع المدني فعن أي من منظمات المجتمع المدني مطلوب الحوار معها؟
إذا كان المشترك يريد ان يشرك منظمات المجتمع المدني ومنظمات التنمية السياسية فستدخل البلد في متاهة، حيث ستتحاور الأحزاب المعنية والفاعلة سواء داخل مجلس النواب أو خارج مجلس النواب .
في رأيي فإن حزباً مثل حزب الرابطة حزب مؤثر ويجب أن يكون هناك خط للحوار معه، لأننا جميعا نعرف من هي الأحزاب الحقيقية في الساحة من دون أن نغالط أنفسنا، لأن المشترك يغطي على أحزاب يدركون جيداً أنها أصبحت وهماً وليست موجودة نهائيا، عندما يكون حزباً سياسياً غير قادر على ان يحصل في الانتخابات على عدد أصوات كالتي حصل بها على تصريح للتأسيس، والمقدرة ب 2500 صوت، فهل نستطيع أن نسمي هذا حزباً .
أحيانا بسبب هذه العدمية أقول إنه قد يكون الحوار مع الحوثيين والحراك أكثر فائدة من الحوار مع المشترك، لكن مع ذلك فإن المشترك يمثل المعارضة الحقيقية في البلد، وبالتالي لا يمكن تجاوزه، فهذه الروح العدمية وهذه الأطروحات الاستفزازية والحديث عن أسرة حاكمة كلها تضع حواجز بين الأحزاب السياسية .
على أحزاب اللقاء المشترك أن تحدد ماذا تريد، هل تريد حكومة إنقاذ وطني؟ أم تريد إصلاحاً شاملاً للأوضاع؟ والمؤتمر الشعبي سيرحب بأي شيء يخدم الصالح العام، قال لهم المؤتمر تعالوا شاركوا في الحكومة قالوا إنهم لن يشاركوا فيها، قلنا لهم عليكم أن تطرحوا رؤيتكم على الحزب الحاكم وحاولوا فرضها على الحزب الحاكم من خلال الحوار .
البعض يعلق كل شيء على موضوع القائمة النسبية في الانتخابات، لكن السؤال ما الذي ستأتي به القائمة النسبية للمعارضة؟ ربما ستجلب للاصلاح ثلاثين أو أربعين مقعداً فوق الموجود، كما ستجلب للحزب الاشتراكي عشرة أو عشرين مقعداً، لكن هل هذا سيحل مشاكل البلد؟ مشكلة البلد أعمق من هذه القصة .
على الجميع الانفتاح على الحوار، ونترك قليلا العدمية والمبالغة في تناول الأشياء ونجلس لنتحاور في جوهر القضايا وأنا متأكد أننا سنصل إلى حل .
الحوار مع الحوثيين
السلطة تطرح أنها لا يمكن أن ترضخ لابتزاز من قبل عصابات مسلحة والمعارضة تطالب بإشراك الحوثيين وقوى الحراك الجنوبي، هل أنتم مع هذا التوجه، وهل هذا الحوار يمكن أن ينفس حالة الاحتقان القائم في الساحة؟
محمد غالب: ما يحدث في الجنوب الآن هو نفس ما بدأ في صعدة عندما قيل لقيادة السلطة منذ وقت مبكر من قبل الشهيد جارالله عمر اتركوا الشباب المؤمن تحت إبط القاضي أحمد الشامي والعلامة محمد المنصور، فقالت السلطة لا، نريدهم أن يخرجوا من اجل أن يفعلوا لكم “قبصات” أو “قرصة أذن” أنتم وحزب الإصلاح، فقال لهم جارالله عمر إذا خرجوا فسوف يجيئون بعد ذلك على الحاكم الظالم في المذهب الزيدي، وهذا ما هو حاصل في صعدة اليوم .
اليوم لا توجد عصابات مسلحة في الجنوب، الذين قاموا بنهب المتاجر في الضالع والحبيلين في عام 2008 كانت الشرطة تتفرج عليهم، وهم ليسوا من أنصار الحل السلمي، ثم بعد ذلك جاء اعتقال كوادر الحزب الاشتراكي، وكأن السلطة تدفع الناس دفعاً إلى العنف .
السلطة لا تتحاور إلا مع قوة من صنعها لكي تصل لحلول معهم يكون امتداداً للحكم الحالي بصنعاء حيث تجمعهم مصالح مشتركة، وبالتالي حين نقول ليتحاوروا مع الحراك فإنهم يتحاورون عمليا مع الحراك التابع لهم، حراك السلطة هو الذي يدفع إلى العنف وإلى الهجوم على أصحاب البسطات الصغيرة، النزعة العنصرية هذه حق السلطة لكن الحراك السلمي حق الأكاديميين .
وسأعطيك مثالاً على ذلك، عندما توجه وزير الإدارة المحلية السابق عبدالقادر هلال إلى ردفان والأوضاع مشتعلة تحاور مع العسكريين وأعضاء المجالس المحلية ولم يكن هناك احد يحمل بندقية، واتفقوا خلال أربعة أيام بكل هدوء وبكل منطق على حل الإشكالات القائمة حينها .
السلطة لا تريد أن تتحاور إلا مع من هو مثلها، وليس مع من يحمل السلاح ويؤمن بالعنف، لأنها تريد ان تخلق محاورين لها كما تشاء، نحن نطالب أن تتحاور السلطة مع الحوثيين على أساس أن الحوثيين جزء من هذا النسيج في إطار الدولة الواحدة وفي إطار النظام الجمهوري، وفي إطار ما قاله حسين الحوثي في عام 2005 للجنة الوساطة التي ذهبت إلى صعدة وكنت أحد أعضائها، حيث قال لأعضاء اللجنة أنا حسين بدر الدين الحوثي، عضو المؤتمر الشعبي العام، ورئيسي علي عبدالله صالح، وهذا علم ودستور الجمهورية اليمنية لا أؤمن إلا بهما، ولو جاء سيدي زيد بن علي يريد السلطة لما وقفت معه إلا على بوابة مجلس النواب، فسأل أعضاء اللجنة الحوثي إذن ماذا تريد؟ فأجاب: أريد وقف إطلاق النار وسحب الجيش من القرى وخذوا ولدي إبراهيم معكم إلى عند الرئيس وقولوا له يرسل في طلبي في أي يوم ويأخذني إلى أي مكان وننهي الأمر .
وعندما كنا كأعضاء لجنة الوساطة ذاهبين بطائرة إلى مران من أجل لقاء حسين الحوثي وبدلا من أن تصل بنا الطائرة إلى مران ذهبت طائرة ثانية وضربت المستقبلين، هكذا كانت تسير الأمور، الآن وجدوا لهم من يتفاهم معهم، فالسلطة لا تريد أي عاقل من بيت الحوثي، تريد حوثياً مجنوناً ومتهوراً، يتحدث عن آل البيت كي تجد عذراً لقتاله .
هل أعاد دخول علي سالم البيض إلى الساحة الجنوبية خلط الأوراق؟
محمد غالب: لا أريد ان أتحدث عن البيض لأنه قال إنه لم يعد تابعا للحزب الاشتراكي اليمني، هو قال إن الحزب كان مخطئاً، ونحن لا علاقة لنا به، أنا مسؤول عما يقوله الدكتور ياسين سعيد نعمان وما تقوله منظماتنا في الحزب في الشمال والجنوب .
ما أريد قوله إن الحزب الاشتراكي الآن يستكمل دورته في الجنوب وفي الشمال بنجاح كامل، وسنأتي إلى المؤتمر العام السادس ونطير بجناحين شمالي وجنوبي .
جرح صعدة
كيف تقيم ما يجري اليوم في صعدة، يظهر في المشهد توجه لحسم الموقف في صعدة، هناك مشاركة لمروحيات وطائرات، هل حان الوقت للحسم في صعدة؟
نصر طه: اعتقد انه من حيث المبدأ حان الوقت لحسم الأمور في صعدة، يجب ألا تظل على ما هي عليه، ما يؤلمني ان تظل الدماء تسيل في صعدة . فالحوثيون هم في نهاية المطاف أبناء هذا الوطن وليسوا غريبين عنه، لكن هناك طيشاً في قياداتهم، وأعتقد أن أية مبادرات إن كانت ستأتي من الحكم يفترض أنهم كطرف معارض سأتحدث عنهم كطرف معارض يتلقفوها من أجل الخروج من دوامة الدماء التي تسيل بين فترة وأخرى .
إذا كانت لهم مصلحة في وقف الحرب فللدولة ألف مصلحة في وقفها بغض النظر عن أية تفسيرات أخرى عما يدور في صعدة سمعتها من الأخ محمد ناجي علاو وغيره، لا شك أن هناك أخطاء ارتكبت، حيث تم في البداية دعم مجموعة الشباب المؤمن بحسابات غير مفهومة وهي حسابات خاطئة وأثبتت الأيام خطأها، ونأمل ان تتعلم الدولة من مثل هذه الأخطاء وألا تتكرر مرة أخرى .
لماذا خمس حروب سابقة لم تنجح فيها جهود الوساطة مع الحوثيين، أين بالضبط تكمن المشكلة؟
نصر طه: صراحة هناك الغاز وأنا لا أريد أن أفسر تفسيرات، بل أقول مجرد استنتاجات، هذه مسائل تحتاج إلى الدخول في العمق، فهناك لغز وراء عدم الحسم حتى الآن، إذ كلما اقترب الجيش من الحسم توقفت الأمور وعادت من جديد، وازداد الحوثيون توسعا في صعدة بل وامتدوا إلى خارج المحافظة، وهذا يؤثر على هيبة الدولة ويدمر سمعتها .
وأنا أقول إنه إذا طالت الأمور ولم تحسم الأزمة في هذه الفترة فأعتقد ان هذا سيدخل البلد في دوامة خطيرة، بل وخطيرة جدا .
الحل بالحوار
هل أزمة صعدة بحاجة إلى حل وطني شامل أم يمكن ان تحسمها القوة؟
نادية مرعي: قضية صعدة هي جزء من إشكالية مكونات الوطن كله، فحل مسألة صعدة والجنوب والوطن كما نراه في حزب الرابطة عبر الحوار الوطني الشامل الذي لا يستثني أحدا، حوار يؤسس للسلام وعبر المبادرة التي طرحناها بكل تفاصيلها القابلة للنقاش والحوار .
لهذا نحن ندين أي استخدام للعنف سواء من المواطنين أو من الدولة، سواء من قبل الحراك في الجنوب أو الحوثيين في صعدة .
ونحن نرى في مبادرتنا حلاً وفي منتهى المنطقية، هكذا نزعم، فإذا ما وجد فيها الناس شيئاً يناقشونا فيها، لكن هناك رفضاً للفيدرالية بطريقة غريبة وتطرح مفاهيم تجهيلية غير صحيحة، فمن قال مثلاً إن الفيدرالية هي الوجه الثاني للانفصال؟ على العكس الفيدرالية هي أرقى أنظمة الاتحاد القائمة حتى الآن؟ من يستطيع أن يشكك في وحدوية الإمارات العربية المتحدة أو الولايات المتحدة الأمريكية أو ماليزيا أو الهند؟ كل هذه دول قائمة على الفيدرالية ولها رئيس واحد وعلم واحد ونشيد وطني واحد وسيادة واحدة، لماذا لا نجرب الفيدرالية كحل لكل المشاكل التي تواجهنا اليوم؟
محمد علاو: أزمة اليمن هي أزمة شاملة وكاملة ومترابطة، نحن لدينا أزمة وطنية في مختلف البني ونحن متفقون على هذا، وبالتالي ان تكون المشكلة في صعدة أو في الجنوب أو تهامة أو رداع جذر المشاكل كلها ليس فقط غياب البناء المؤسسي ولكن غياب مؤسسة الدولة بالمفهوم الذي يرعى مصالح الناس، ويكون عادلاً في هذه الرعاية، والناس تشعر وتطمئن لعدالة الدولة، وبالتالي فإن مشكلة صعدة مفردة من مفردات أزمة تراكمت نتيجة سياسة خاطئة والناس كلها تسلم بهذا الأمر بما في ذلك رئيس الدولة .
"الخليج":الثلاثاء ,25/08/2009
أدار الندوة: صادق ناشر - أعدها للنشر: عادل الصلوي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.