اتصالات تونس تختار المشغل الايطالي 'سباركل' من اجل طريق جديدة للعبور الدولي لبروتوكول الانترنات IP نحو اوروبا    تونس وسويسرا في تعاون في مجال حماية المناخ.. التفاصيل    الليغا: إشبيلية يعلن رحيل لاعبه بنهاية الموسم الجاري    القيروان: الكشف عن شبكة مختصة في التنقيب عن الآثار    وفاة شاب بعد إصطدام بعمود كهربائي ..التفاصيل    تفاصيل غرق طفلين بقنال بحيرة تونس    مؤلف المسلسل الرمضاني ''الحشاشين'' يحصد جائزة الدولة للتفوق    الجمعة القادم: يوم مفتوح بعدد من الولايات للتحسيس بمضار التدخين    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم الاربعاء 29 ماي    الحماية المدنية: تسجيل 6 وفيات و411 إصابة في حوادث مختلفة    سفيرة فرنسا آن غيغان تشيد بجودة الموارد البشرية التونسية    تونس وسويسرا تطلقان التعاون في مجال حماية المناخ وآفاق واعدة للشراكة الجديدة في المجال    لأول مرة في العالم: شفاء مريض سكري باستخدام العلاج بالخلايا    بطولة رولان غاروس: أنس جابر تواجه اليوم المصنفة 77 عالميا في الدور الثاني    تونس: كراء سيارة يصل الى 150 دينارا لليوم الواحد    عاجل : صدمة بعالم كرة القدم    الفيفا تصدر بيانا فيما يخص قضية يوسف البلايلي ..التفاصيل    بداية من 1 جوان: تنظيم الدورة السابعة للمهرجان الدولي لفن السيرك وفنون الشارع بتونس    الحماية المدنية: 6 حالات وفاة خلال ال24 ساعة الأخيرة    وزير الفلاحة في جلسة عمل مع الوفد الايطالي    يهم التونسيين : الأسعار الحالية للأضحية تتراوح من 700 إلى 1500 دينار    مفزع/ حجز 188 كغ من الزطلة منذ بداية السنة إلى غاية الأسبوع الحالي..    رضا الشكندالي: البنك المركزي يهدف إلى الحدّ من التضخم عبر الترفيع في الفائدة المديرية    يوم مفتوح بعدد من الولايات للتحسيس بمضار التدخين    طقس الاربعاء: الحرارة تصل الى 39 درجة بهذه المناطق    المكلف بتسيير ولاية المهدية يُودّع الحجيج    وزارة التربية تكشف حقيقة عقد اتفاقية شراكة مع مؤسسة "سمارتيرا"..#خبر_عاجل    الجزائر تتقدم بمشروع قرار لمجلس الأمن الدولي "لوقف العدوان في رفح"..    تقرير: زيادة ب 26 يومًا إضافيا من الحر خلال عام    عاجل/ إخلاء مستشفى القدس الميداني في رفح بسبب تهديدات الاحتلال..    بطولة رولان غاروس : برنامج النقل التلفزي لمواجهة أنس جابر و الكولومبية كاميليا أوزوريو    وزير الصحة يوقع على مبادرة حول المشاركة المجتمعية في القطاع الصحي    اليوم: مجلس النواب يعقد جلسة عامة    بوتين محذرا الغرب: "يجب على دول الناتو أن تفهم بماذا تلعب"    نمت بأكثر من 3 %... الفلاحة تتحدى الصعاب    القانون الجديد... بين إلغاء العقوبة السجنية أو الابقاء عليها ...الشيك بلا رصيد... نهاية الجدل؟    للاستجابة للمعايير الدولية...الصناعة التونسية في مواجهة تحدي «الكربون»    بورصة تونس ..مؤشر «توننداكس» يبدأ الأسبوع على ارتفاع    رونالدو يشد عشاقه بموقفه الرائع من عمال الملعب عقب نهاية مباراة النصر والاتحاد (فيديو)    280 مؤسسة توفر 100 ألف موطن شغل تونس الثانية إفريقيا في تصدير مكونات السيارات    تحطم طائرة عسكرية من نوع "إف 35" في ولاية نيومكسيكو الأمريكية (فيديو)    الاحتلال يترقب قرارا من غوتيريش يصنفها "قاتلة أطفال"    تصفيات كاس العالم 2026:غدا الاعلان عن قائمة لاعبي المنتخب التونسي    تعظيم سلام يا ابن أرض الرباط ... وائل الدحدوح ضيفا على البلاد    قبل جولته الأدبية في تونس العاصمة وعدة جهات، الكاتب جلال برجس يصرح ل"وات" : "الفعل الثقافي ليس فقط في المركز"    افتتاح الدورة السادسة للمهرجان الدولي للموسيقيين والمبدعين من ذوي وذوات الإعاقة بعد أكثر من 4 سنوات من الغياب    وزير الصحة يشارك في مراسم الاعلان عن مجموعة أصدقاء اكاديمية منظمة الصحة العالمية    الليلة أمطار متفرقة والحرارة تتراوح بين 18 و28 درجة    فتح باب الترشح للدورة 36 لمهرجان المحرس الدولي للفنون التشكيلية    27 ألف مشجّع للنادي الافريقي في دربي العاصمة    عاجل/ اعتراف إيرلندا بدولة فلسطين يدخل حيّز التنفيذ    عاجل :عطلة بيومين في انتظار التونسيين    في الملتقى الوطني للتوعية والتحسين البيئي... ياسين الرقيق يحرز الجائزة الأولى وطنيا    في إطار تظاهرة الايام الوطنية للمطالعة بعين دراهم ...«الروبوتيك» بين حسن التوظيف والمخاطر !    أولا وأخيرا «عظمة بلا فص»    أليست الاختراعات التكنولوجية كشفٌ من الله لآياته في أنفس العلماء؟    معهد الفلك المصري يكشف عن موعد أول أيام عيد الأضحى    مواقف مضيئة للصحابة ..في حبّ رسول الله صلى الله عليه وسلم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



*التجويد*أول علم كَمُلَ في الإسلام : إعداد علجية عيش
نشر في الفجر نيوز يوم 03 - 09 - 2009

"مزالق" وقع فيها بعض "المقرئين" فأساءوا إلى "القرآن"
إعداد علجية عيش الفجرنيوز
يجمع الأئمة المقرئين على أن عدم المحافظة على نطق الأصوات القرآنية كما أنزلت أو عدم التقيد بقواعد التجويد قد توقع صاحبها في الأخطاء بسبب الفروق اللغوية و اللهجية و قد تؤدي به إلى المزالق وهذه الأخيرة قد تسيء إلى القرآن، و من أخطر هذه المزالق ما فعله " المرعشي" المعروف بساجقلي زادة من إعمال الذهن في الوصف المُدَوَّنِ للحروف

لقد عني النبي صلة الله عليه و سلم بالقرآن الكريم قراءة و تدبرا و حفظا و استماعا و تعاهدا و تعلما و عملا و صيانة و كان حريصا عليه لدرجة أنه حث الأمة الإسلامية على قراءته و رغّبها في ذلك و أرشدها إلى فضائل تلاوته و بين لها أفضل التلاوة و أحسنها، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ( ص) يؤتي الرجل في قبره، فإذا أتى من قبل رأسه دفعته تلاوة القرآن، و إذا أتى من قبل يديه دفته الصدقة، و إذا أتى من قبل رجليه دفعه مشيه إلى المسجد، و لعنايته بالقرآن أوصى النبي صلى الله عليه و سلم بالقرآن الكريم و الاعتصام به في حجة الوداع في عرفات، و بفضل القرآن حدثت النقلة النوعية في حياة العرب إذ نقلهم من التشتت و التفرق إلى التآلف و الوحدة ، و من الأمية و الجهل إلى العلم و المعرفة حتى غدوا كما قال الله تعالى" خير أمة أخرجت للناس" و لهذا نجد الرعيل الأول تفاعل مع القرآن و تركت آياته بصماتها عليهم و لهذا وجب الوقوف على منهج الرعيل الأول في تعامله مع القرآن و استثمار هذا المنهج لإدراك مقام كتاب الله في نفوس الصحابة الذين كانوا ملتزمين بآداب معينة عند تلاوة القرآن طبقا لقوله تعالى: " و رتل القرآن ترتيلا" الآية 04 من سورة المزمل، يقول أهل الاختصاص أن المقصود بالتلاوة الحضور و الفهم، فالذي يقبل على كتاب الله تلاوة و فهما بنية العمل به و ترجمته إلى سلوك و ممارسة هو الذي يستفيد منه و يحدث فيه أثره..
لقد كان السلف الصالح يحيون بكتاب الله و يطبقونه في واقعهم فكانوا قرآنا حيا يمشي في المجتمع، يقول الشيخ " الصابوني " في كتابه التبيان في علوم القرآن: " إن القلب هو المحل الذي ينعكس عليه كلام الله تعالى فإن كان طاهرا، صافيا، خاليا من المعاصي و السيئات خشع لسماع القرآن و خشعت جوارحه لطاعة الرحمن، و أما إن كان قد تنجس بالذنوب و المعاصي و سكن الشيطان قلبه و عشش فيه ، نجده معرض عن ذكر الله وعن ربه وويل لهذا القلب من عذاب القرآن، فحضور القلب حسب أهل الاختصاص يجعل قارئ القرآن مستأنسا به و يشعر أنه يجول في رياض كلام الله..
ويوضح الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله الفرق بين محبي القرآن و محبي الشيطان، فالفئة الأولى عند سماعها القرآن تشعر بنوع من اللذة و السرور و هم يتدبرون في معاني القرآن و يفهمونه، و يرى الدكتور المقرئ عبد المنعم الشالاتي مسؤول التعليم القرآني دمشق سوريا أنه بإمكان المقرئين و معلمي القرآن في منهاجهم أن يغرسوا في قلب الطالب و عقله من أبناء الجيل الجديد قبل البدء بحفظ كتاب الله، أنه مقبل على كتاب يهديه و يشفيه، يعطيه أكثر مما يطلبه بحكمة و سهولة بحيث لا تخلط عنده المفاهيم و الطرق، و يربيه تربية ربانية، و يدعمونه بأمثل تتناسب و أعمارهم..
و" التدبر" عند الدكتور الشالاتي هو تلك العملية الذهنية التي يبذلها من يريد أن يفهم أمرا ما و ينظر في عاقبته و يقارب مع واقعه، و التدبر في كلمات القرآن حسبه يوصل إلى التذكر، و التذكر يوصل إلى العمل، فهو الاهتمام بالجانب التربوي الذي يقوم به القرآن لمن أقبل عليه بقصد الهداية و تصحيح المسار و تلقيه تلقيا سليما، و في هذا الجانب يبين الدكتور أيمن رشدي سويد رئيس المجلس العلمي للهيئة العالمية لتحفيظ القرآن بجدة السعودية، أن القرآن الكريم خلال مسيرة طويلة قدرت ب: 15 قرنا من الزمان تداولته ألسنة شتى من شعوب الأرض كلها و بينهم من الفروق اللغوية و اللهجية الشيء الكثير، و تمت المحافظة على نطق الأصوات القرآنية كما أنزلت إلى عصرنا هذا دون أن يصيبها تغيير أو تبديل، يقول الدكتور سويد: ( إن أصغر وحدة بنائية في القرآن الكريم هي "الحرف") و هنا اتجهت عناية العلماء إلى دراسة الحروف التي تتألف منها لغة العرب من حيث أماكن خروجها و صفات كل حرف ، فذهبوا إلى أبعد من ذلك، بحيث ضبطوا "أزمنة" الحروف على الصفة من أجل المحافظة على أصوات القرآن الكريم و تدخل هذه الأصوات في فن " التجويد" ، و هو فن له قواعده الخاصة و بعيدا عن هذه القواعد حسب الدكتور سويد قد تطرأ على الأصوات بعض التغييرات، فترى الواحد منهم يَقْرَأُ و يُقْرِئُ بلهجته العامية، إن كان عربيا، أو بأصوات لغته المخالفة لنطق العرب، إن كان أعجميا، و يعطي الدكتور رشدي سويد أمثلة حية على ذلك، كما في حرف " الجيم" عند المصريين و أهل اليمن، و بالتحديد منطقة تعز وما جاورها، حيث تستبدل هذه الحروف بحرف ال: G أي ال: ﭭ ( قاف تضاف إليها نقطة)، كما يغير بعضهم صوت " الجيم" إلى "ياء" كما في منطقة الكويت فيقولون: " إن يايوي و مايوي" بدلا من " إن يأجوج و مأجوج"، و بعضهم يغيرون حرف " الغين" ب: "القاف" كما في بعض مناطق شرق الجزيرة العربية، فبدلا من قولهم " غير المغضوب" يقرأون " قير المقضوب" ، كما يغير صوت "القاف" بحرف " الكاف" كما هو الشأن عند بعض سكان فلسطين و بالضبط في منطقة صفد، فيقولون ( كال بدلا من قال)، و نشير هنا أن هذه الأصوات توجد كذلك في بعض المناطق الجزائرية و بالتحديد منطقة "جيجل" بالناحية الشرقية و قد تغير "القاف" بالألف كما هو معمول به في مدينة تلمسان فبدلا من قولهم "قال"، يقولون "آل"، وهنا قد يختلط الأمر في معاني كلمات القرآن بين قال و آل التي هي بمعنى أصبح و نفس الشيء في حرف " الضاد" أو " الذال" التي تبدل بحرف " الزاي" مثل كلمة الظالمين فهي تقرأ عند أهل الشام و مصر ب: " الزالمين"..
و تعتبر هذه الأخطاء من المزالق التي يقع فيها المرء بسبب استنطاق نصوص الأئمة بعيدا عن التلقي المنطوق الذي وصل من أفواه المشايخ و العارفين أصحاب الأسانيد المتصلة إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم، غير أن أخطرها ما فعله " المرعشي" المعروف بساجقلي زادة ( 1150 هجري) من إعمال الذهن في الوصف المدون للحروف فخرج بأمرين:
أولهما أن " الطاء" يجب أن تنطق كالضاد فبدلا من قول الشيطان يقولون الشيظان و بدلا من "أطيعوا الله و أطيعوا الرسول" يقولون : أضيعوا الله و أضيعوا الرسول و العياذ بالله، و الأمر الثاني هو قول فاسد أراد المرعشي إحياؤه يضيف الدكتور رشدي سويد بإعمال ذهنه في النصوص بعيدا عن التلقي المنطوق ذلك باستبدال "الضاد" ب: " الظاء".
لقد علم النبي صلى الله عليه و سلك الصحابة القرآن كما تلقاه من جبريل عليه السلام و لقنهم إياه بنفس الصفة و حثهم على تعلمها و القراءة بها، و صفة القرآن هي التي اصطلحوا على تسميتها ب: " التجويد" و اهتمت الأمة الإسلامية بهذا العلم الجليل و قام علماء السلف بخدمته و رعايته بالتصنيف و القراءة و الإقراء، و لعل أول من جمع هذا العلم في كتاب ( الإمام أبو عبيد القاسم بن سَلاّمْ ) في القرن الثالث الهجري حسب ما ذكره الدكتور مصطفى أكرور مختص في التفسير و علوم القرآن و أستاذ محاضر بكلية العلوم الإسلامية جامعة الجزائر، فقد ألف الإمام بن سلام حسبه كتاب " القراءات"، و اشتهر الأئمة بالقراءات عبر العصور و اجتهدوا في هذا الفن حتى قيض الله إمام المحققين و رئيس المقرئين محمد بن الجزري الشافعي و ألّف هو الآخر كتبا كثيرة أشهرها "النشر في القراءات العشر" فكان "التجويد" أوَّلُ علم كَمُلَ في الإسلام، و هو علم توقيفي أي نزل به الوحي الأمين كاملا دون زيادة أو نقصان، و لا يزال حفظ القرآن حلما يراود خاطر كل مسلك، و صدق قوله تعالى في سورة الحديد الآية 16 : " ألم يأْنِ للذين ءامنوآ أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحق و لا يكونوا كالذين أوتواْ الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم و كثيرٌ منهم فاسقون"..
وما اشد الأمة اليوم حاجة إلى أن تعيش في ظلال هذه الآية و أمثالها، يحكى أن عبد الله بن المبارك العارف بالله أراد يوما أن يتغنى بالشعر و يضرب على العود و لكنه ما إن سمع هاتفا يتلو هذه الآية حتى كَسَّرَ آلة العود و تاب و أصبح من أكثر الناس علما و زهدا وورعا، و الشيء نفسه ما فعله الفضيل بن عياض، و هذا لأن القرآن له تأثير نافع في الناس فيقلب حالهم من حال لآخر، و لهذا قال الإمام عبد الحميد ابن باديس: " القرآن كتاب الإنسانية العليا استشرفت إليه قبل 14 قرنا، فما أحوج الإنسانية إلى القرآن في هذا الظلام الحالك من الضلالة قد عجز العقل عن هدايتها"..، يقول الدكتور عبد العزيز ثابت أستاذ التفسير و علوم القرآن جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية قسنطينة، أن القرآن لا يؤتي ثمراته في إصلاح المنفوس إلا إذا تولته بالفهم عقول كعقول السلف و تولته التطبيق العملي نفوس سامية كنفوسهم، موضحا أن فهم القرآن يدخل في باب المعاملة الصحيحة مع القرآن أي توثيق العلاقة بكتاب الله، فعن ترجمان القرآن وحبر الأمة عبد الله بن عباس أن رحمة الله الإسلام و أن فضله القرآن.
·لموضوع هو مجموعة محاضرات ألقيت خلال الملتقى الدولي الأول حول القرآن الكريم منهج حياتنا و سبيل وحدتنا المنعقد بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية قسنطينة في سنة 2006 شاركت فيه مجموعة من الوجوه النيرة من علماء المسلمين و أئمة عرب منهم العلامة المقرئ الشيخ محمد كريم راجح، أيمن رشدي سويد، عبد المنعم شالاتي، وجمعت هذه المحاضرات في كتاب تحت إشراف الدكتور المقرئ محمد بوركاب، دار الرشاد للنشر و التوزيع..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.