طالبت أربع عشرة مؤسسة حقوقية تنشط في الأراضي الفلسطينية بملاحقة الرئيس الفلسطيني محمود عباس وكل المسؤولين عن قرار ارجاء البحث في تقرير «غولدستون» الذي يدين "إسرائيل" بإرتكاب جرائم حرب خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة، في حين عبرت 40 منظمة في أوروبا عن صدمتها الشديدة من موقف السلطة ورئيسها محمود عباس من تقرير لجنة تقصي الحقائق الأممي حول الحرب على قطاع غزة وطلبهم إرجاء بحث التقرير في مجلس حقوق الإنسان الدولي في جنيف ستة أشهر «رغم ضمان غالبية الأصوات المؤيدة للتقرير». وقد صب محللون سياسيون وخبراء قانونيون جام غضبهم على قرار مجلس حقوق الإنسان الأممي المتعلق بتأجيل مناقشة تقرير القاضي الجنوب أفريقي ريتشارد غولدستون إلى آذار 2010، الذي يدين "إسرائيل" في عدوانها الأخير على قطاع غزة كانون الأول من العام الماضي، وعبروا عن استيائهم من مشاركة السلطة الفلسطينية في عملية تبرئ الاحتلال من جرائم ارتكبت بحق الغزيين وكان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، تردد يوم الجمعة في إصدار توصية بإحالة ملف "الحرب الإسرائيلية على غزة" للمحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في ارتكاب "جرائم حرب" و"جرائم محتملة ضد الإنسانية"، مرجئا القرار ستة أشهر. واعتبر الباحث في الشأن الإسرائيلي نواف الزرو، أن ما جرى سطو صهيوني أمريكي على التقرير الدولي، الذي يجرم ساسة وجنرالات الاحتلال باقتراف جرائم حرب مفتوحة ضد الشعب الفلسطيني. ولفت الزرو إلى أن التواطؤ العربي الفلسطيني الذي تم تخريجه على شكل تأجيل إلى آذار 2010، من أجل بلورة المواقف، ما هو إلا تضليل وكذب لا يعني إلا التمويت ودفن التقرير. وعبر الزرو عن الاستيئاء والأسف من مشاركة السلطة الفلسطينية في عملية تبرئ الاحتلال من اقتراف جرائم حرب؛ فالتقرير الدولي بالمقاييس القانونية والأخلاقية والدولية بالغ الأهمية لصالح الشعب الفلسطيني وضد الاحتلال، وكان من الممكن أن يجلب جنرالات الاحتلال الى محكمة الجنايات الدولية لو تم تبني التقرير بصورة جدية ومسؤولة. ويتفق المحلل السياسي رشاد أبو شاور مع الزرو في الاستياء من مشاركة عناصر فلسطينية في تأجيل قرار المناقشة على التقرير الدولي، فيقول: إن السلطة تماهت تماما مع الرغبات الأمريكية، وهي تنسجم تماما مع ما يريده الكيان الصهيوني؛ إذ أنها استجابت لما أراده رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نيتنياهو في خطابه أمام الجمعية العامة في الأممالمتحدة، مفاده أنه إذا أقر التقرير ووصل إلى المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية القاضي "لويس أوكامبو"، فهذا يعني ملاحقة الجنرالات الذين شاركوا في عدوان غزة، ما يعني التأثير على عملية السلام، ويعلق أبو شاور: "وكأنه توجد عملية سلام". وتابع أبو شاور بالإشارة إلى حديث كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات، الذي أوضح فيه أن السلطة الفلسطينية لم تطلب عدم تقديم التقرير والتصويت عليه، ويعلق أبو شاور أنه بعد ساعات من حديثه تبين الكذب والتضليل؛ حيث إن سفير السلطة الفلسطينية اتصل بالسفير الإسرائيلي وأبلغه بموقف السلطة. ولفت أبو شاور إلى أن ما يحدث يعني أنهم يريدون الرضا على حساب الشعب الفلسطيني، ولا يستطيعون سوى الاستمرار في التفاوض. وشدد أبو شاور على أن السلطة الفلسطينية باتت في موقع الخيانة، حيث كشف وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان أن السلطة الفلسطينية كانت تطلب من الكيان الصهيوني مواصلة الحرب على غزة وعدم التوقف. وإعتبر خبير القانون الدولي د.أنيس القاسم أن المجلس الأممي ليس هو من أجل مناقشة التقرير، بل أعداء الشعب الفلسطيني المتمثل بالقيادة الفلسطينية الحالية التي تآمرت على الفلسطينيين لتحول دون الوصول إلى جبر الضرر الذي لحق بهم من أعنف عدوان وقع عليهم. وإستبعد القاسم القبول بالرأي الذي يقول بأن القيادة الفلسطينية تعرضت لضغوط دولية، متسائلا أن من يتعرض لضغط تترتب عليه عقوبة،؛ حيث ينبع من هنا خزي موقف القيادة الفلسطينية التي ليس لديها ما تدفعه لمقاومة الضغط.