لا فائدة من استئناف الحوار بين حركتي حماس وفتح وخصوصاً بعد فضيحة "غولدستون غيت" التي كشفت عن حقيقة محمود عباس وجماعته ودورهم في الدفاع عن الصهاينة والتآمر على شعبنا الفلسطيني والمتاجرة بدمائه، ولا فائدة من المصالحة مع تلك الفئة المتصهينة، ومن الخطأ أن تشترك حماس معها في أي سلطة وتحت أي مظلة سياسية. فاستئناف حماس للحوار مع تلك الفئة المنبوذة والخارجة عن الصف الوطني لا يعني سوى استعداد حماس لتقاسم السلطة معها، إذ لا يمكن أن تسمح لنا قيمنا ومبادئنا الوطنية والإنسانية والدينية العمل في إطار واحد وتحت مظلة سياسية واحدة بين من يخون الشعب والوطن ويعين الاحتلال على شعبنا، وبين من يتمسك بحقوق شعبنا وثوابته ويقاوم الاحتلال. كما أن استئناف حماس للحوار مع عباس وجماعته بعد الخيانة التي ارتكبوها، يمد لهم طوق النجاة، لينقذوا أنفسهم من عاقبة خيانتهم للشهداء والثكلى والمصابين والأسرى من أبناء شعبنا، ويمنح تلك الفئة فرصة لمواصلة تآمرها على المقاومة وخدمتها للعدو الصهيوني والأمريكي وحلفائه، ويكافئها على محاصرتها لغزة وضغطها على أبناء شعبنا في غزة والضفة بكافة الوسائل، ويفتح لعباس آفاقاً سياسية جديدة لتمرير الحلول الاستسلامية الصهيونية والغربية على شعبنا. والعلاقة مع هذه الفئة الخارجة عن الصف الوطني والمتآمرة مع الأعداء على شعبنا يجب أن تكون علاقة عداء وصراع، وليس علاقة مصالحة ومشاركة سياسية، ولهذا يجب أن تستمر حركة حماس في سعيها الدؤوب الذي بدأته منذ دخولها في المعترك السياسي لتنحية جماعة أوسلو عن مواقع قيادة شعبنا الفلسطيني وتحرير حق تمثيله من هيمنتها، ويجب أن تساهم جميع الفصائل الفلسطينية الحرة والشريفة في هذه المهمة الوطنية. ومن العيب أن تظل بعض الفصائل الفلسطينية تبرر سلبيتها القاتلة وتقاعسها عن مواجهة تلك الفئة المنبوذة بالحرص على إنهاء الانقسام، وكأن مواجهة تلك الفئة والصراع معها رجس من عمل الشيطان. أما بالنسبة لحركة فتح، فعليها أن تصحح نهجها وولاءها، وأن تحرر نفسها من تلك الفئة المتصهينة المسيطرة عليها قبل أن تكون طرفاً في الحوار مع حماس، وأن تختار قيادة جديدة ترفض رفضاً مطلقاً كل أشكال التعاون مع العدو الصهيوني، وأن تتخلى عن حمل الأجندة الصهيوأمريكية، وأن تكف عن شهر سيف شروط اللجنة الرباعية في وجه الحكومة الفلسطينية الشرعية، وأن تتخلص من سطوة المال الغربي المسيَّس. ولكن أنى لحركة فتح التي صفق قادتها وممثلوها في مؤتمر فتح السادس واقفين على أرجلهم للصنم عباس ونصبوه زعيماً لهم بلا منافس أن يحرروا أنفسهم وحركتهم من ذلك التيار المتصهين. لقد كان الحوار قبل فضيحة "غولدستون غيت" مضيعة للوقت ووسيلة لمراودة الغربيين لحركة حماس وشعبنا عن ثوابته ومساومتها على حقوق شعبنا وأرضه، ولكن حماس ظلت عصية على الخداع والاستدراج والترويض. أما الآن، فإن استئناف الحوار مع تلك الفئة المتصهينة لا يعني سوى شرعنة الخيانة واعتبارها وجهة نظر سياسية، وقناة يمرر عبرها الصهاينة والأمريكيون وحلفاؤهم الأوروبيون حلولهم الاستسلامية لقضية فلسطين، وذريعة تتخذها بعض الأنظمة العربية لمحاصرة غزة والتواطؤ مع العدو الصهيوني، ووسيلة لممارسة الضغوط على شعبنا ومقاومته. كما يمنح الحوار الجهات المحاصرة لشعبنا والداعمة للكيان الصهيوني فرصة لجني ثمار حصارها وضغوطها الوحشية على شعبنا والحرب الصهيونية على غزة. هل يجوز التوصل إلى مصالحة وطنية مع فئة غير وطنية؟ هل ستضع المصالحة حداً لمتاجرتها بدماء شعبنا وتعاونها مع الاحتلال؟ فإذا كانت أنهار الدماء التي سالت أثناء الحرب الصهيونية على غزة والخراب والدمار الهائل لم يردع تلك الفئة عن التعاون الأمني والعسكري مع الاحتلال والتغطية على جرائمه وتجميل وجهه القبيح لدى الرأي العام العالمي، ولم تمنعهم من سحب "تقرير غولدستون"، فهل نتوقع أن ينجم عن المصالحة معهم والمشاركة معهم في السلطة سوى استغلال السلطة والنفوذ في بيع ما تبقى من فلسطين والمتاجرة بدماء شعبنا ومعاناته؟ إن الصراع هو الطريق الوحيد للتعاطي مع تلك الفئة المتصهينة، وليس المصالحة، لأنها فئة مأجورة للصهاينة والأمريكيين وحلفائهم الأوروبيين وبعض الأنظمة العربية. ولذلك على حماس ألا تعتذر للراعي المصري عن تعليقها للحوار وتأجيل المصالحة مع فتح، بل عليها أن تبلغ الراعي المصري بشكل واضح رفضها للحوار والمصالحة قبل أن تتخلص فتح من هيمنة التيار المتصهين عليها. إن تهديد الوزير المصري عمر سليمان باتهام حماس عبر وسائل الإعلام بأنها هي التي رفضت الحوار مع فتح ليس فيه ما يضير حماس، بل هو عمل يشرفها ويخلصها من غضب شعبنا الذي لم يعد يطيق تلهيته بحوار باطل. 9/10/2009