استاذ موارد مائية يحذر من زلزال إثيوبيا وتداعياته على ليبيا و السودان    الداخلية: "الإجراء" ضد أحد المحامين جاء بعد معاينة جريمة "هضم جانب موظف عمومي أثناء آدائه لمهامه"    مجلس وزاري مضيق حول مشروع قانون أساسي يتعلق بتنظيم الجمعيات    عاجل: الإذن بالاحتفاظ بالمحامي مهدي زقروبة    المعهد الوطني للاستهلاك: توجه الأسر 5 بالمائة من إنفاقها الشهري إلى أطعمة يقع هدرها    سيدي بوزيد: توقّعات بارتفاع صابة الحبوب بالجهة مقارنة بالموسم الماضي    اصدار بطاقة ايداع في حق سنية الدهماني    موقعا قتلى وجرحى.. "حزب الله" ينشر ملخص عملياته ضد الاحتلال يوم الاثنين    الصحة الفلسطينية: القصف الإسرائيلي على غزة يُخلّف 20 شهيدا    فرنسا.. 23 محاولة لتعطيل مسيرة الشعلة الأولمبية على مدى أربعة أيام    كاس تونس لكرة القدم : برنامج مباريات الدور ثمن النهائي    اتحاد تطاوين - سيف غزال مدربا جديدا    على خلفية حادثة حجب العلم الوطني بالمسبح الاولمبي برادس ... فتح بحث تحقيقي ضد 9 أشخاص    صفاقس: الإذن بفتح بحث تحقيقي في ملابسات وفاة شاب عُثر عليه ميّتا في منزله بطينة (الناطق باسم المحكمة الابتدائية صفاقس 2)    مصدر قضائي: الإذن بإيقاف شخصين من دول إفريقيا جنوب الصحراء من أجل شبهة القتل العمد مع سابقية القصد    مصالح الحرس الديواني تحجز خلال الأربعة أشهر الأولى من سنة 2024 كميات من البضائع المهربة ووسائل النقل قيمتها الجملية 179 مليون دينار    تشكيات من تردي الوضعية البيئية بالبرج الأثري بقليبية ودعوات إلى تدخل السلط لتنظيفه وحمايته من الاعتداءات المتكرّرة    القصرين : عروض الفروسية والرماية بمهرجان الحصان البربري وأيام الإستثمار والتنمية بتالة تستقطب جمهورا غفيرا    وزارة الشؤون الثقافية: الإعداد للدّورة الرّابعة للمجلس الأعلى للتعاون بين الجمهورية التونسية والجمهورية الفرنسية    جراحة التجميل في تونس تستقطب سنويا أكثر من 30 ألف زائر أجنبي    سليانة: تقدم عملية مسح المسالك الفلاحية بنسبة 16 بالمائة    جراحو القلب والشرايين يطلعون على كل التقنيات المبتكرة في مؤتمرهم الدولي بتونس    في معرض الكتاب بالرباط.. احبها بلا ذاكرة تحقق اكبر المبيعات    كرة اليد.. تحديد موعد مباراتي نصف نهائي كأس تونس    وزارة الصحة تنتدب 3000 خطة جديدة خلال السداسي الثاني من 2024    طقس الليلة.. امطار متفرقة ورعدية بعدد من الجهات    ''قطاع التأمين: ''ندعم قانون المسؤولية الطبية.. فلا بد من تأطير قانوني    سعيّد: "أكثر من 2700 شهادة مدلّسة.. ومن دلّسها يتظاهر اليوم بالعفّة"    وزير الفلاحة: مؤشرات إيجابية لتجربة الزراعات الكبرى في الصحراء    سوسة: سائق سيارة تاكسي يعتدي بالفاحشة على قاصر    بنزرت: ضبط ومتابعة الاستعدادات المستوجبة لإنجاح موسم الحصاد    البنك التونسي ينفذ استراتيجيته وينتقل الى السرعة القصوى في المردودية    المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات: الشركة التونسية للبنك تدعم مقاربة الدولة للأمن الغذائي الشامل    معين الشعباني: سنذهب للقاهرة .. كي ندافع عن حظوظنا مثلما يجب    من هو وزير الدفاع الجديد المقرب من فلاديمير بوتين؟    عاجل : الكشف عن وفاق اجرامي يساعد الأجانب دخول البلاد بطرق غير قانونية    الكرم: القبض على افريقي من جنوب الصحراء يدعو إلى اعتناق المسيحية..وهذه التفاصيل..    مغني الراب سنفارا يكشف الستار : ما وراء تراجع الراب التونسي عالميا    نور شيبة يهاجم برنامج عبد الرزاق الشابي: ''برنامج فاشل لن أحضر كضيف''    5 جامعات تونسية تقتحم تصنيفا عالميا    تفاصيل جديدة بخصوص الكشف عن شكبة إجرامية دولية للاتجار بالمخدرات..#خبر_عاجل    مسؤولة بالستاغ : فاتورة الكهرباء مدعمة بنسبة 60 بالمئة    وفاة أول متلقٍ لكلية خنزير بعد شهرين من الجراحة    نائبة بالبرلمان : '' سيقع قريبا الكشف عن الذراع الإعلامي الضالع في ملف التآمر..''    راس الجدير: ضبط 8 أفارقة بصدد التسلل إلى تونس بمساعدة شخص ليبي..    بطولة ايطاليا: تعادل جوفنتوس مع ساليرنيتانا وخسارة روما أمام أتلانتا    المالوف التونسي في قلب باريس    دربي العاصمة 1 جوان : كل ما تريد أن تعريفه عن التذاكر    مصر: انهيار عقار مأهول بالسكان في الإسكندرية وإنقاذ 9 أشخاص    نتنياهو: نناقش "نفي قادة حماس.."    بين الإلغاء والتأجيل ... هذه الأسباب الحقيقة وراء عدم تنظيم «24 ساعة مسرح دون انقطاع»    دراسة تربط الوزن الزائد لدى الأطفال بالهاتف والتلفزيون..كيف؟    مئات الحرائق بغابات كندا.. وإجلاء آلاف السكان    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    أولا وأخيرا: نطق بلسان الحذاء    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحرب علي أفغانستان : حرب حضارية في شكل عسكري : محمود طرشوبى
نشر في الفجر نيوز يوم 16 - 10 - 2009

لم يشهد التاريخ حرباً حضارية كتلك التي تدور رحاها في أفغانستان , إن الحرب في أفغانستان هي حربٌ علي الفكرة الإسلامية المتمثلة في قيام دولة للإسلام , أي كان شكل هذه الدولة و ممارساتها السياسية و العقائدية , فالحرب ليست علي النقاب و عدم تعليم المرأة و غيرها , فقد صرح وزير الخارجية الإيطالي ,في لقائه علي شاشة الجزيرة و الذي قتلت طالبان 6 من جنود دولته في الأيام الأخيرة ," إن الحرب التي نخوضها في أفغانستان هي حرباً حضارية , فأفكار طالبان هي أفكار من الماضي " هذا هو التبرير الذي تقدمة أمريكا و معها حلف الناتو في شن هذه الحرب الشرسة علي أفغانستان .
لقد كان التكتل الغربي في هذه الحرب عجيباً و يكاد حدوثه أمر نادر تاريخياً, أن تجتمع كل هذه الدول علي حرباً واحدة, إنها بحق حرب حضارية من الدرجة الأولي,
ها هي كل المؤشرات تدل علي إن طالبان هي سيدة موقف و هي شبه المنتصرة , و الأمريكان و حلف الناتو مع صباح كل يوم يدفنون قتلاهم و في كل مرة يختلف العدد بين الزيادة و النقصان .و رغم ذلك لم نسمع كلمة الانسحاب مثلما سمعناه في العراق والصومال من قبل. حتى إن لندن بالأمس أعلنت أنها علي استعداد لزيادة عدد جنودها لو طلب منها ذلك , و مكريستال يعلن أن الهزيمة قادمة لو طلبه رفض من قبل الإدارة الأمريكية بزيادة عدد القوات , من 10 ألاف إلي 40 ألف جندي حسب اختلاف المصادر , حتى إيطاليا الذي فقدت عدد من جنودها و كندا و غيرها من بلاد الغرب لا تفكر في الانسحاب .
إن التفكير في مجرد انتصار طالبان في هذه الحرب مرفوض من قبل الساسة الغربيون , إنهم يعتبرون الهزيمة هي ليست هزيمة عسكرية فقط , بل هزيمة للرجل الغربي و مشروعه الفكري المتمثل في تطبيق و نشر المذهب الرأسمالي من حيث الاقتصاد ( اقتصاد السوق ) و من حيث نظام الحكم ( الديمقراطية ) , و بناء علي هزيمة قوات الناتو سوف ينذر بسقوط الحلف أولاً و بانتصار الإسلام السياسي ثانياً . و سوف تصبح أفغانستان بحق (مقبرة الإمبراطوريات) و كما حدث من قبل مع الإتحاد السوفيتي و من قبلها بريطانيا سوف يحدث مع أمريكا و حلفاؤها .
هذه بعض تداعيات الهزيمة , و التي أصابت الغرب و قادته بهزة عنيفة تجدها في التصريحات الأخيرة لكل القادة الغربيين و علي مستوي كل العواصم من بون إلي لندن إلي روما و واشنطن . هزيمة كل هذه الجيوش الكبرى معناه انهيار النظام الدولي برمته , و صعود حركات أخري علي نهج طالبان في عديد من دول العالم الإسلامي , و قد تصل أو تقترب من الوصول إلي الحكم , و إن لم تصل إلي الحكم فقد تهمين بأفكارها علي الأنظمة الحاكمة في العالم الإسلامي مما يمهد لقيام حكومات إسلامية في المستقبل , تستطيع بعد ذلك من إيجاد نوع من التوحيد بينهما يتمثل في دولة الخلافة الإسلامية , و التي ينتظرها العالم الإسلامي و يتخوف منها الغرب , و هي الباعث الحقيقي وراء الهجمة الاستعمارية علي العالم الإسلامي في مطلع القرن العشرين , و امتداد للسيطرة الغربية في القرن الحادي و العشرون علي حكومات العالم الإسلامي خوفاً من عودة الخلافة مرة أخري .هذه هي احتمالات نهاية الحرب العسكرية الدائرة في أفغانستان .
و رغم ذلك فداخل الولايات المتحدة تياران رئيسان حول الإستراتيجية المثلى لتعامل الإدارة الأميركية مع الحرب الأميركية في أفغانستان. يدعو التيار الأول، والذي أضحى أكثر رواجًا في واشنطن، لسحب القوات الأميركية من هذا البلد وترك إدارة شئونه لأهله مستندين إلى الخبرة التاريخية في أنه عبر التاريخ لم تتمكن قوة من السيطرة على هذا البلد. ويرون أنَّ على واشنطن المساعدة في التوصل إلى تسوية سياسية تضم المعتدلين من حركة طالبان تضمن عدم استخدام الأراضي الأفغانية لشن هجمات إرهابية ضد حلفاء الولايات المتحدة. ولكن الانسحاب الأميركي من أفغانستان، حسب هذا التيار، لا يعني عدم السعي الأميركي لملاحقة تنظيم القاعدة ، في حين يدعو التيار الثاني لضرورة وجود القوات الأميركية في أفغانستان؛ لترابط الحرب الأميركية في أفغانستان وتشابكها بعديدٍ من القضايا المحورية والمهمة بالنسبة لواشنطن كالحرب على الإرهاب والصراع على الطاقة في آسيا الوسطى والملف النووي الإيراني ومواجهة المحور الصيني - الروسي، ولذا يدعون إلى زيادة القوات الأميركية والدولية في أفغانستان للسيطرة عليها وتخليصها من تنظيم القاعدة وحركة طالبان.
إن احتلال أفغانستان واستباحة أرضها واستعمار موانيها ومطاراتها وتحويلها لقواعد أطلسية ليس له أساس شرعي أو قانوني، غير حق القوة وشريعة القوي يستعبد الضعيف، ومن الغريب أن الرئيس اوباما المسكون بعقدة العرق والاستعباد لا ينتبه إلى أن ما يجري في أفغانستان طرف من أطراف هذه القضية بل ربما أبشع لأن الضحايا يموتون هنا تحت القصف الجوي والأرضي .
أما العالم الإسلامي، فهو موجود ويراقب والشعوب سيكون له حساب صعب مع المشروع الاستعماري ، صحيح أن النظام الرسمي الموجود متواطئ مع المشروع الاستعماري ولكن كذلك هناك صحوة ويقظة على امتداد العالم الإسلامي تطلب الخلاص والإنعتاق من السيطرة الاستعمارية ، كما أن المشهد الكائن يجعل الأعمى مبصراً ويستطيع قراءة تداعيات الأحداث ومسلسل العدوان وما فيه من استكبار وطغيان، سيُهزم الجمع الأطلسي / الأوروبي في أفغانستان كما هزم في العراق حتى ولو كان الثمن باهظاً وكبيراً وستؤدي هذه الولادة الصعبة إلى حركة وعي وصحوة سيكون لها أثر فيما بعد .. والله أعلم.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.