ردود أفعال دولية على حادث تحطم طائرة الرئيس الإيراني..    ماذا يحدث في حال وفاة الرئيس الإيراني وشغور منصبه..؟    جبال وغابات.. ماذا نعرف عن موقع سقوط طائرة رئيسي؟    لَوَّحَ بيده مبتسماً.. آخر صور للرئيس الإيراني قبل سقوط مروحيته    بناء على طلب إيران.. الاتحاد الأوروبي يبحث عن مروحية رئيسي    الزمالك المصري يتوج بكأس "الكاف"    قفصة: مداهمة منزل يتم استغلاله لصنع مادة الڨرابة المسكرة    4 تتويجات تونسية ضمن جوائز النقاد للأفلام العربية 2024    الزارات -قابس: وفاة طفل غرقا بشاطئ المعمورة    جندوبة: تحت شعار "طفل ومتحف" أطفالنا بين روائع مدينة شمتو    البنين تعتزم إجلاء 165 من مواطنيها بصفة طوعية من تونس    تراجع توقعات الإنتاج العالمي من الحبوب مقابل ارتفاع في الاستهلاك العالمي    يوسف العوادني الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس يتعرّض الى وعكة صحية إستوجبت تدخل جراحي    أنصار قيس سعيد اليوم : ''تونس حرة حرة والعميل على برة''    القيروان: الملتقي الجهوي السادس للابداع الطفولي في الكورال والموسيقى ببوحجلة (فيديو)    هام: انخفاض أسعار هذه المنتوجات..    عاجل/ الرصد الجوي يحذر من حالة الطقس ليوم غد..    بعد "دخلة" جماهير الترجي…الهيئة العامة لاستاد القاهرة تفرض قرارات صارمة على مشجعي الأهلي و الزمالك في إياب نهائي رابطة الأبطال الإفريقية و كأس الكاف    الأهلي المصري يعامل الترجي بالمثل    عاجل : ايران تعلن عن تعرض مروحية تقل رئيسها الى حادث    سفيرة الامارات في زيارة لصالون الفلاحة والصناعات الغذائية بصفاقس    القنصل العام للجزائر في زيارة الجناح الجزائري بالصالون المتوسطي للفلاحة والصناعات الغذائية    اليوم : انقطاع التيار الكهربائي بهذه المناطق    السيارات الإدارية : ارتفاع في المخالفات و هذه التفاصيل    نابل: اختتام شهر التراث بقرية القرشين تحت شعار "القرشين تاريخ وهوية" (صور+فيديو)    هيئة الانتخابات تشرع غدا في تحيين السجل الانتخابي    نابل: تضرّر ما يقارب 1500 هكتار : «الترستيزا» مرض خفي يهدّد قطاع القوارص    طقس اليوم ...امطار مع تساقط البرد    بفضل صادرات زيت الزيتون والتّمور ومنتجات البحر; الميزان التجاري الغذائي يحقّق فائضا    أخبار النادي الإفريقي .. البنزرتي «يثور» على اللاعبين واتّهامات للتحكيم    الأونروا: 800 ألف فروا من رفح يعيشون بالطرقات.. والمناطق الآمنة "ادعاء كاذب"    إضراب بالمركب الفلاحي وضيعة رأس العين ومركب الدواجن    في عيده ال84.. صور عادل إمام تتصدر مواقع التواصل    اليوم العالمي لأطباء الطب العام والطب العائلي : طبيب الخط الأول يُعالج 80 بالمائة من مشاكل الصحة    قبل أسبوعين من مواجهة ريال مدريد.. ظهور صادم لمدافع دورتموند    بوسالم.. وفاة شاب غرقا في خزان مائي    المجلس المحلي بسكرة يحتجّ    منال عمارة: أمارس الفنّ من أجل المال    النجم الساحلي يمرّ بصعوبة الى الدور ربع النهائي    كأس تونس : النجم الساحلي يلتحق بركب المتأهلين للدور ربع النهائي    القصرين: القبض على شخص صادرة في حقه 10 مناشير تفتيش    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    في إطار تظاهرة ثقافية كبيرة .. «عاد الفينيقيون» فعادت الحياة للموقع الأثري بأوتيك    وزيرة الصناعة: مشروع الربط الكهربائي بين تونس وإيطاليا فريد من نوعه    نهائي دوري ابطال إفريقيا: التشكيلة المتوقعة للترجي والنادي الاهلي    5 أعشاب تعمل على تنشيط الدورة الدموية وتجنّب تجلّط الدم    وزير الصحة يؤكد على ضرورة تشجيع اللجوء الى الادوية الجنيسة لتمكين المرضى من النفاذ الى الادوية المبتكرة    دار الثقافة بمعتمدية الرقاب تحتفي بشهرث الثراث    بينهم طفلان..مقتل 5 أشخاص نتيجة قصف إسرائيلي على لبنان    داء الكلب في تونس بالأرقام    نحو 20 % من المصابين بارتفاع ضغط الدم يمكن علاجهم دون أدوية    تفكيك شبكة لترويج الأقراص المخدرة وحجز 900 قرص مخدر    جندوبة : يوم إعلامي حول تأثير التغيرات المناخية على غراسات القوارص    المنستير: القبض على 5 أشخاص اقتحموا متحف الحبيب بورقيبة بسقانص    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أفكار عن العودة والتسامح : عبد الحميد الحمدي
نشر في الفجر نيوز يوم 22 - 10 - 2009


- الدنمارك
بسم الله الرحمن الرحيم
شغلني في الأسابيع الماضية التي أعقبت عودتي من تونس خلال الصائفة المنصرمة, صوارف العمل وبعض الأنشطة الدعوية والاهتمامات الأسرية، عن التواصل مع الملاحظات التي أثارتها عودتي وانطباعاتي التي أدليت بها لبعض المواقع الإخبارية التونسية،في الداخل والخارج ولكني مع ذلك كنت أتابع الكتابات التي وإن تباينت , ,فإنها تلتقي جميعا في سياق إحياء سنة الحوار الذي لايفسد للود قضية , والذي يمثل المحرك الأساسي والجوهري لأي تغيير منشود
عندما زارني الأخ عبد الحميد العداسي واقترح علي بطلب من ادارة الحوار نت مشكورة اجراء حوار حول الرحلة التي قمت بها الى تونس، ترددت في بداية الأمر وخشيت من تأ ويلات قرأت بعض تفاصيلها في التعليقات المنشورة عقب الحوار, لكنني غلبت رأي التجاوب مع طلب اجراء الحوار ليس بهدف الاشادة بجهة ما, وإنما بغاية فتح نقاش جدي عن ايجابيات العودة إلى الوطن وإزالة ما علق بهذا الملف من أفكار تبين لي أن أغلبها محض تخيلات ونظريات أبدعها خيال بعضه غربي وبعضه الآخر مرضي أفرزته طموحات السياسيين التي لا يقدر على مجاراتها أمثالي من عامة الناس.
لقد راعني وأنا أخط أولى خطواتي على أرض مطار قرطاج الدولي وجوه لم أعرفها من قبل, مكتنزة بالنشاط والحيوية وتعلو شفاهها ابتسامات صادقة اشتقت اليها منذ سنوات طويلة, فلقد لفت انتباهي وأنا بصدد اتمام إجراءات الدخول الروتنية رجل يتوكأ على عصاه وهو يتجه نحوي بابتسامة عريضة مرددا عبارات الترحيب التقليدية التونسية، صافحني بحرارة، وكنت أجتهد في معرفة الصوت الذي طالما سمعته عبر الهاتف، إنه الدكتور الصحبي العمري الذي أراه لأول مرة, كانت مفاجأة سارة ومؤلمة, سارة لأني وجدت رجلا يحمل من قيم الرجولة والشهامة الكثير, ومؤلمة لأني ما كنت أعلم أنه سيأتيني متكئا على عصاه بعد أن فقد إحدى رجليه, عانقته بشوق كما لو أني أعرفه منذ سنوات طويلة, فقد جرت بيننا اتصالات هاتفية قبل العودة سهل لي فيها هذا اللقاء ,ثم ألتفت إلى أخي وصديقي الدكتور مختار زغدود الذي كان الى جانب الدكتور الصحبي بابتسامته المعهودة التي لم تغيبها المسافة التي قطعها من بنقردان بالطائرة إلى تونس لاستقبالي، فعانقته عناق المحب العائد الى وطنه بعد طول غياب
مرت إجراءات الدخول وخرجت بصحبة الأخوين لأجد نفسي ضمن حشد عائلي وأصدقاء واحباء لم أستفق من نشوته الا بعد أن عدت الى الدنمارك, ونقلت اليكم بعضا مما خالجني من مشاعر وأحاسيس وتصورات عن تلك الرحلة.
لقد فوجئت بكم التعليقات, والذي فاجأني أكثر أن جلها لم يبرح متردم الجدالات الكلاسيكية القديمة التي يفتش أغلبها في باطن القول دون ظاهره, عللت النفس بأن جزءا من أسباب تركيز بعض الأخوة على الخفي من القول دون ظاهره وتقديم سوء الظن على حسنه, يعود الى التربية القديمة, تربية السرية, وانتظرت لعلي أجد من القول ما يغري بالاستبشار, لكنني لم أجد ذلك الا لماما من بعض المنصفين, فأنا العبد الضعيف والفقير الى ربه لم أطلق على نفسي صفة الداعية ولا الشيخ ولم أطلب من أحد أن يمنحني هذا اللقب, ولذلك استأت لأن النقاش انحرف الى غير المأمول منه، وانصرف للتنقيب عن خصائص الشيخ وميزاته ومقارنة ذلك بما يعرفه البعض عني.
ولقد كفاني الأخوان الفاضلان محمد العماري وعبد الحميد العداسي شر الاستمرار في تبرئة نفسي من هذه الصفة, ولذلك سأركز بعد الشكر والتقدير والثناء على كل من تجشم متابعة الحوار على النقاط التالية
1- انني ممتن لكل من ساهم في تهيئة مناخ العودة لي ولأمثالي, وإني أدعو الله سبحانه وتعالى في السر والعلن
أن يرزق كل هؤلاء ما يستحقونه من المغفرة والثواب,كما أبتهل له عز وجل بأن يطال فتح باب العودة كل المغتربين من أبناء بلدي, أيا كانت أسباب غربتهم, فالغربة عن الأهل والأوطان نار لا يرضاها مسلم لمسلم
2 – ان شاء الله العهدة المقبلة لسيادة الرئيس زين العابدين بن علي ترسخ مفهوم فتح باب العودة للجميع لتحقق خطوة كهذه وحدة وطنية يعيش تحت ظلالها كل المواطنين بدون استثناء, وما ذلك على الله بعزيز
.
3- لقد سرني أن الانتماء العربي والاسلامي لتونس هو أبرز المظاهر التي تلفت انتباه الزائرين, فالحجاب الاسلامي في أزهى حلله يزين شوارع الخضراء, والمساجد ممتلئة بشباب لم تغره مظاهر الحداثة المزيفة ولادعوات نظريات المادية الملحدة بقدر ما استهوت فطرته آيات الذكر الحكيم, وظلاله الوارفة, فقد امتلأت المساجد بمرتاديها من كافة الاعمار, ثم ينشغلون بعد ذلك بتدبير شؤون حياتهم وتأمين لقة عيش كريمة بدأت تعز على القادرين من الناس في هذه السنوات العجاف من عمر الازمة المالية
ضمن هذه الاجواء المتناغمة -4
بدأت أصوات المعارضة لأي تسامح تخفت, فقد زارني ببيتي بمكثر رجال من كل طبقات المجتمع ولم ألحظ لدى أي منهم أي توجس أو خوف من الحديث الى رجل ذولحية ولايخشى من ارتياد المساجد, ولذلك راعني ما قرأته لإحدى دعاة الحداثة والتنوير والدمقرطة التونسيين في الغرب عندما أعلن صراحة وبدون خجل عن ضيقه بمساحة التسامح التي مضى فيها الرئيس بن علي وحذر من تحالف بينه وبعض الاسلاميين العائدين, أقول راعتني المخاوف التي أعرب عنها الناشط السياسي التونسي خميس الشماري في حوار له مع صحيفة اللموند الفرنسية لأنه نسي وهو يخاطب الغرب عن مخاوفه من ضياع الدولة الحديثة في تونس, أن التونسيين لم يعرفونه الا في وسائل إعلام امتلكها الإسلاميون أو أداروها، ولعلي هنا أذكر الشماري بفضل قناة المستقلة عليه يوم ان اوصد الغرب والحداثيون ابوابهم في وجهه ولذلك فنصيحتي الى الأستاذ خميس الشماري ومن هو على شاكلته في الخوف على تونس الدولة بأن يطمئن, لأن تونس للتونسيين جميعا لافرق بين جنوبي وشمالي ولاساحلي أو صحراوي الا بالمواطنة الصالحة والولاء لتونس وهويتها الوطنية العربية والاسلامية
5- لقد كنت حذرت في الحوار من أن نزعة حاقدة يعز عليها أن يعود كل أبناء تونس الى ربوع وطنهم الخضراء بعد أن كللت غربتهم بالنجاح فهم دكاترة وكتاب واعلاميون ناجحون وأساتذة جامعيون وخبراء في مراكز الأبحاث الدولية من خيرة ما أنجبت تونس, يساهمون في نقل ما ينفع الناس لإقرار السلم والتسامح والتعايش والحوار بين الحضارات والثقافات والأديان، وهذا ما أعلمه عمن عرفته من التونسيين الذين أعرفهم، وهو مستوى لا أعتقد أنه مدعاة للخوف لا من الأستاذ الشماري ولا ممن هم على منواله في التفكير والتخمين.
6- كلمتي الأخيرة أوجهها لأولئك الذين انبروا في انصافي والذود عن عرضي الأخوة رضا التونسي وعبد الحميد العداسي وسالم العرفاوي, وآخرين بأسماء مستعارة, ولا أنسى هنا كلمات أخي وصديقي محمد العماري الذي تربطني به علاقة أخوة ومحبة ومن حين لآخر أتواصل معه عبر الهاتف فأستمتع بكلامه الذي يدر من بين ثناياه فهما عميقا ورؤية ثاقبة تدل على ثقافة واسعة اكتسبها من تجارب الحياة, لهؤلاء جميعا أقول جزاكم الله خيرا وأكثر من أمثالكم, وأرجو أن ينسج الآخرون على منوالهم في فتح آفاق النقاش والحوار على ملفات أخرى بعيدا عن قراءة النوايا والسباحة في أوهام لا أعتقد أنها تفيد قضايا ابناء الجيل الثاني والثالث من التونسيين في الغرب, فتلك أولوية مطلقة في الحوار أولى من التشكيك في إرادة التسامح التي أبداها الرئيس بن علي منذ سنوات وصدقها
العمل، ولو كان في التسامح والعودة تحقيق مقصد واحد من مقاصد الشرع التي وردت في الحديث القدسي: "أنا الرحمن، خلقت الرحم , وشققت لها إسما من إسمي من يصلها أصله ومن يقطعها أقطعه فأبته"، لكفاني خيرا.
والله من وراء القصد
عبد الحميد الحمدي - الدنمارك


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.