وزيرة الصناعة تشارك في فعاليات المنتدى الاقتصادي العالمي بالرياض    العاصمة: مئات الطلبة يتظاهرون نصرة لفلسطين    النجم الساحلي يتعاقد مع خالد بن ساسي خلفا لسيف غزال    دوز: حجز 10 صفائح من مخدر القنب الهندي وكمية من الأقراص المخدرة    درة زروق تهيمن بأناقتها على فندق ''ديزني لاند باريس''    هذه الدولة الافريقية تستبدل الفرنسية بالعربية كلغة رسمية    المجمع الكيميائي التونسي: توقيع مذكرة تفاهم لتصدير 150 ألف طن من الأسمدة إلى السوق البنغالية    نادي تشلسي الإنجليزي يعلن عن خبر غير سار لمحبيه    الجامعة التونسية المشتركة للسياحة : ضرورة الإهتمام بالسياحة البديلة    تعرّض سائق تاكسي إلى الاعتداء: معطيات جديدة تفنّد روايته    نائبة بالبرلمان: ''تمّ تحرير العمارة...شكرا للأمن''    التونسيون يستهلكون 30 ألف طن من هذا المنتوج شهريا..    الرابطة الأولى: تفاصيل بيع تذاكر مواجهة النادي الإفريقي والنادي الصفاقسي    بنزرت: النيابة العمومية تستأنف قرار الافراج عن المتّهمين في قضية مصنع الفولاذ    فيديو : المجر سترفع في منح طلبة تونس من 200 إلى 250 منحة    عاجل : وزير الخارجية المجري يطلب من الاتحاد الأوروبي عدم التدخل في السياسة الداخلية لتونس    رئيس الجمهورية يلتقي وزير الشؤون الخارجية والتجارة المجري    إنهيار سد يتسبب في موت 42 شخصا    مليار دينار من المبادلات سنويا ...تونس تدعم علاقاتها التجارية مع كندا    عاجل/ هذا ما تقرر بخصوص محاكمة رجل الأعمال رضا شرف الدين..    بنزرت: طلبة كلية العلوم ينفّذون وقفة مساندة للشعب الفلسطيني    إصابة عضو مجلس الحرب الصهيوني بيني غانتس بكسر    "بير عوين".. رواية في أدب الصحراء    بعد النجاح الذي حققه في مطماطة: 3 دورات أخرى منتظرة لمهرجان الموسيقى الإلكترونية Fenix Sound سنة 2024    سليانة: 4 إصابات في اصطدام بين سيارتين    17 قتيلا و295 مصابا في ال 24 ساعة الماضية    وزير الخارجية الأميركي يصل للسعودية اليوم    كأس الكونفدرالية الافريقية : نهضة بركان المغربي يستمر في استفزازاته واتحاد الجزائر ينسحب    نشرة متابعة: أمطار رعدية وغزيرة يوم الثلاثاء    قيس الشيخ نجيب ينعي والدته بكلمات مؤثرة    تصل إلى 2000 ملّيم: زيادة في أسعار هذه الادوية    ما حقيقة انتشار "الاسهال" في تونس..؟    تونس : ديون الصيدلية المركزية تبلغ 700 مليار    جائزة مهرجان ''مالمو'' للسينما العربية للفيلم المغربي كذب أبيض    بعد مظلمة فرنكفورت العنصرية: سمّامة يحتفي بالروائية الفسطينية عدنية شبلي    هام/ بشرى سارة للراغبين في السفر..    زلزال بقوة 4.6 درجات يضرب هذه المنطقة..    الرابطة الأولى: برنامج مباريات الجولة السادسة لمرحلة التتويج    زيارة ماسك تُعزز آمال طرح سيارات تسلا ذاتية القيادة في الصين    يوميا : التونسيون يهدرون 100 مليار سنويا    دكتور مختصّ: ربع التونسيين يُعانون من ''السمنة''    بطولة ايطاليا : رأسية أبراهام تمنح روما التعادل 2-2 مع نابولي    غوارديولا : سيتي لا يزال أمامه الكثير في سباق اللقب    العثور على شخص مشنوقا بمنزل والدته: وهذه التفاصيل..    عاجل/ تفكيك شبكة مُختصة في الإتجار بالبشر واصدار 9 بطاقات إيداع بالسجن في حق أعضائها    معز السوسي: "تونس ضمن القائمة السوداء لصندوق النقد الدولي.."    خط جديد يربط تونس البحرية بمطار تونس قرطاج    ثمن نهائي بطولة مدريد : أنس جابر تلعب اليوم ...مع من و متى ؟    طقس الاثنين: تقلبات جوية خلال الساعات القادمة    عملية تجميل تنتهي بكارثة.. وتتسبب بإصابة 3 سيدات بالإيدز    انطلاق فعاليات الدورة السادسة لمهرجان قابس سينما فن    وزير السياحة: عودة للسياحة البحرية وبرمجة 80 رحلة نحو تونس    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هذا هو الإسلام .. الاستعداد للحج
نشر في الفجر نيوز يوم 06 - 11 - 2009


الشيخ الدكتور تيسير رجب التميمي
ها قد انقضى عام ، وبدأ الحجيج وفد الرحمن شد الرحال إلى بيت الله الحرام ، إلى البقعة المقدسة التي مشت فوق ثراها خطا خير الورى ، ومن قبلُ وطئتها أقدام الخليل متردداً بينها وبين الأرض المباركة في بيت المقدس ، فرفع هو وابنه إسماعيل عليهما السلام أساسات البيت الحرام ، فلما أنهى مهمة بنائه شرع في مهمة البلاغ في الناس بفريضة الحج ، قال تعالى { وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ } الحج 27 .
الحج فريضة الدين وركن الإسلام ، ثبتت فرضيته في القرآن الكريم ، قال تعالى { وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ } آل عمران 97 ، وهذه صيغة إلزام ، وثبتت فرضيته في السنة النبوية ، فقد سئل صلى الله عليه وسلم عن الإسلام فقال { الإسلام أن تشهد ألاَّ إله إلا الله وأن محمداً رسول الله , وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان , وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً } رواه مسلم .
وهو من أعظم العبادات والقربات المأجورة عند الله عز وجل ، قال تعالى { وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ } الحج 27-28 ، وسئل صلى الله عليه وسلم عن أفضل الأعمال فقال { إيمان بالله ورسوله } , قيل ثم ماذا ؟ قال { جهاد في سبيل الله } , قيل ثم ماذا ؟ قال { حج مبرور } رواه البخاري .
الحج عبادة تتضمن أعمالاً تؤدى على وجه خاص بنص القرآن الكريم ، وعلمنا صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع كيفية أدائها وقال { لتأخذوا مناسككم فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه } رواه مسلم .
وتتنوع أعمال الحج من حيث الحكم ، فمنها الركن : وهو العمل الذي لا يصح الحج إلاَّ به ، ومنها الواجب : وهو العمل الذي لا يؤثر تركه في صحة الحج لكنه يوجب الفداء بذبح شاة مع الإثم على من تركه عمداً ، ومنها السنة : وهو العمل الذي لا يأثم الحاج بتركه ولا يجب عليه شيء لكن يفوته فضل السنة . وأول ما يبدأ الحاج من المناسك :
أولاً : الإحرام ، وهو نية الحج خالصاً لله تعالى ، وهو ركن في الحج والعمرة ، ويتحقق بتجرد الرجل من الملابس المخيطة ، واستبدالها بالإزار يلف به الجزء الأسفل من الجسم ، والرداء يلف به الجزء الأعلى منه ، ويسن لبسهما بعد الاغتسال والتطيب وبعد صلاة ركعتين ، يقرأ في الأولى بعد الفاتحة سورة الكافرون وفي الثانية سورة الإخلاص ، أما المرأة فإحرامها بكشف وجهها وكفيها فقط إذا أمنت الفتنة لقوله صلى الله عليه وسلم { ولا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين } رواه البخاري ، ثم يقول الحاج { لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك } رواه البخاري ، ويقطع هذه التلبية برمي جمرة العقبة يوم النحر بأول حصاة .
يحرم الحاج من الميقات ، والميقات هو المكان الذي لا يجوز للحاج أن يتجاوزه بغير إحرام ، وميقات أهل فلسطين رابغ أو آبار علي . وللإحرام ثلاثة أنواع يخير الحاج بينها :
الإفراد : بأن ينوي الحج فقط عند إحرامه فيقول لبيك اللهم بحج ، ويؤدي أعمال الحج وحده ، فإذا أنهى مناسك الحج يحرم للعمرة وحدها من جديد .
القِرَان : بأن ينوي الحج والعمرة جميعاً فيقول لبيك اللهم بحج وعمرة ، ويتداخلان بحيث يأتي بأعمالهما في نسك واحد
التمتع : ينوي العمرة فقط فيقول لبيك اللهم بعمرة ، ويؤدي مناسكها ويتحلل , ويحرم للحج في الثامن من ذي الحجة .
ويجب على القارن ذبح الهدي شكراً لله تعالى على أدائهما نُسُكَيْنِ في وقت واحد ، وكذلك على المتمتع لتحلله من الإحرام بين النُّسُكَيْن ، فمن لم يقدر وجب عليه الصوم ، قال تعالى { فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ } البقرة 196 ، فإذا ما أحرم الحاج أو المعتمر فيحظر عليه أمور منها :
1- المعاشرة الزوجية ، وارتكاب المعاصي والآثام ، والجدال والمخاصمة ، قال تعالى { الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ } البقرة 197 .
2- التطيب وإزالة الشعر وقص الأظافر ولبس المخيط من الثياب وتغطية الرأس .
3- التعرض لصيد البر ، قال تعالى { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا } المائدة 95 .
فمن ارتكب أياً من هذه المحظورات وجب عليه ذبح شاة أو إطعام ستة مساكين أو صوم ثلاثة أيام على التخيير ، إلاَّ المعاشرة الزوجية فهي تبطل الحج وتوجب إعادته ، قال تعالى { فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ } البقرة 196 . فلْيجتهد الحاج في الالتزام وليحرص على عدم بطلان حجه ، لأن إعادته غالباً غير متيسرة وبالأخص في هذا الزمان حيث إن إجراءات التسجيل وتحديد الأعداد لكل دولة قد تعيق ذلك .
ثانياً : الطواف ، فإذا دخل الحاج أو المعتمر مكة بادر إلى المسجد الحرام , متجهاً إلى الكعبة المعظمة ليطوف بها سبعة أشواط مع الانشغال بالذكر والدعاء وتلاوة القرآن , وهذا هو طواف القدوم أو التحية لكل من القارن والمفرد وهو من سنن الحج تحية للمسجد الحرام , لكنه طواف العمرة وركنها لمن أحرم متمتعاً ، والطواف هو مشي الحاج ودورانه حول الكعبة . ويسن للطائف أن يستلم الحجر الأسود مع بداية كل شوط أو يشير إليه في حالة الزحام مكبرأ بقوله { بسم الله والله أكبر ، اللهم إيماًنا بك وتصديقاً بكتبك ووفاء بعهدك واتباعاً لسنة نبيك ، بسم الله والله أكبر } ، ويسن له بعد إنهاء الطواف صلاة ركعتين عند مقام إبراهيم ، ثم الشرب من ماء زمزم .
ويشترط لصحة الطواف طهارة البدن والثوب ، والبدء بالحجر الأسود في كل شوط والانتهاء إليه ، وجعل الكعبة على يساره ، والموالاة بين الأشواط السبعة أي أداؤها متتالية .
ثالثاً : السعي بين الصفا والمروة ، يتجه الحاج بعد طواف القدوم إلى الصفا والمروة للسعي بينهما سبعة أشواط بدءاً بالصفا وانتهاء بالمروة منشغلاً بالذكر والدعاء ، ويعتبر سعيه من الصفا إلى المروة شوطاً ؛ ومن المروة إلى الصفا شوطاً آخر ، ويستحب الصعود إلى الصفا والمروة واستقبال الكعبة والدعاء ، فقد كان صلى الله عليه وسلم يدعو بقوله { رب اغفر وارحم واهدني السبيل الأقوم } رواه أحمد . وهذا السعي يقع عن الحج للمفرد , وعن العمرة للمتمتع , وعن الحج والعمرة للقارن ، وهو من أركان الحج والعمرة لا يصحان إلا به ، قال تعالى { إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوْ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ } البقرة 158 .
الحلق أو التقصير ، بعد الانتهاء من السعي يتحلل المتمتع فيحلق رأسه أو يقصر شعره , أما المفرد والقارن فهما على إحرامهما . وفي انتظار الثامن من ذي الحجة فليحرص الحاج على الإكثار من الطواف والصلاة في المسجد الحرام ، قال صلى الله عليه وسلم { صلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه } رواه ابن ماجه .
في اليوم الثامن من ذي الحجة وهو يوم التروية : يحرم فيه المتمتع من جديد ، أما المفرد والقارن فهما على إحرامهما أصلاً ، وينطلق الحجاج جميعاً إلى منى , ويصلون فيها الظهر والعصر والمغرب والعشاء ، ثم يبيتون فيها وهذا من سنن الحج ، روى مسلم أن الصحابة لما حجوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم { لما كان يوم التروية توجهوا إلى منى فأهلوا بالحج وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ثم مكث قليلاً حتى طلعت الشمس وأمر بقبة من شعر تضرب له بنمرة } .
ويوم التاسع من ذي الحجة هو يوم عرفة : يوم عظيم يكرم الله تعالى عباده فيه بالرحمة والمغفرة ، ويذكرهم بيوم الحساب ، قال تعالى { الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلامَ دِينًا } المائدة 3 :
1- وتبدأ الأعمال فيه بصلاة الفجر في منى وهي سنة .
2- صلاة الظهر والعصر قصراً وجمع تقديم في نمرة ، وهي قرب عرفات وليست منه ، وهي من سنن الحج .
3- الوقوف بعرفة أي الحضور والوجود فيه ، وهو أعظم ركن في الحج ، قال صلى الله عليه وسلم { الحج عرفة } رواه الترمذي ، ويتوقف على فواته بطلان الحج ، ويبدأ وقت الوقوف بعرفة من زوال شمس اليوم التاسع ويمتد إلى طلوع الفجر الصادق من اليوم التالي ، والأفضل أن يجمع بين جزء من الليل والنهار ، ولو وقف الحاج بعرفة في غير هذا الوقت كان وقوفه باطلاً ، قال صلى الله عليه وسلم { من جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر فقد أدرك الحج } رواه الترمذي ، ويسن للحاج أن يكون على طهارة ، وأن يشغل وقته بتلاوة القرآن والذكر والدعاء .
4- الإفاضة من عرفات والتوجه إلى مزدلفة ، وتبدأ بغروب الشمس ، قال تعالى { ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ } البقرة 199 ، ثم المبيت والحضور فيها ليلاً ، وهو من واجبات الحج ، وصلاة المغرب والعشاء قصراً للعشاء وجمع تأخير فيها ، وهو من واجبات الحج ، وتسمى ليلة جمع لأن المسلمين يجتمعون فيها ، ويستحب للحاج أن يلتقط منها الحصيات التي سيرمي بها الجمرات في أيام منى الثلاث وهي سبعون حصاة .
وفي اليوم العاشر من ذي الحجة ( يوم النحر ) وهو يوم الحج الأكبر ، فقد { وقف النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر بين الجمرات في الحجة التي حج بهذا وقال هذا يوم الحج الأكبر } رواه البخاري ، وفيه :
1- صلاة الفجر في مزدلفة ، وهي من سنن الحج .
2- الوقوف عند المشعر الحرام (في مزدلفة) لذكر الله ودعائه وهو من واجبات الحج ، قال تعالى { فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنْ الضَّالِّينَ } البقرة 198 .
3- التوجه إلى منى لرمي جمرة العقبة (الجمرة الكبرى) بسبع حصيات ، وهو من واجبات الحج ، وبرمي أول حصاة من السبعة يتوقف عن التلبية ، وللحلق أو التقصير ، ولذبح الهدي ، وهو من واجبات الحج على القارن والمتمتع .
وأقل الهدي شاة عن الحاج الواحد أو عن سبعة إذا كانت من البقر أو الإبل ، قال جابر رضي الله عنه { أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نشترك في الإبل والبقر كل سبعة منا في بَدَنَة } رواه مسلم ، قال تعالى { وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ كَذَلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرْ الْمُحْسِنِينَ } الحج 36-37 ، ويشترط في الهدي ما يشترط في الأضحية .
ولا يشترط الترتيب في أداء هذه المناسك الثلاثة فيبدأ بأيها شاء { فقد وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بمنى للناس يسألونه فجاءه رجل فقال لم أشعر فحلقت قبل أن أذبح فقال اذبح ولا حرج فجاء آخر فقال لم أشعر فنحرت قبل أن أرمي قال ارم ولا حرج فما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء قدم ولا أخر إلا قال افعل ولا حرج } رواه البخاري . ويتحلل الحاج بذلك من إحرامه ، فتحل له محظورات الإحرام إلاَّ المعاشرة الزوجية .
4- طواف الزيارة : فيطوف الحاج بالكعبة سبعة أشواط ، وهو ركن في الحج لا يصح بدونه . قال تعالى { ثُمَّ لِيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ } الحج 29 .
5- السعي بين الصفا والمروة للمتمتع ولمن لم يسع بعد طواف القدوم من القارن والمفرد ، وهو ركن في الحج ، وهنا يكون التحلل الأكبر الذي تحل به للحاج جميع محظورات الإحرام بما فيها المعاشرة الزوجية .
6- المبيت في منى ليلتين : وهو من واجبات الحج .
وفي اليومين الحادي عشر والثاني عشر من ذي الحجة يرمي الحاج الجمرات الثلاث على الترتيب كل واحدة بسبع حصيات : الجمرة الصغرى ثم الجمرة الوسطى ثم الجمرة الكبرى وهي جمرة العقبة . والرمي من واجبات الحج ، ويبدأ وقته من زوال الشمس ، وتجوز فيه الإنابة ، ثم يبيت في منى لرمي الجمرات الثلاثة في اليوم الثالث عشر ، وهو من واجبات الحج إلاَّ أن يتعجل ، قال تعالى { وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنْ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } البقرة 203 .
وإذا أراد المفرد أن يعتمر فيحرم من منطقة التنعيم ويؤدي مناسكها ، فهي مكروهة يوم عرفة وثلاثة أيام بعده .
ويختم الحاج شعائر فريضة الحج بطواف الوداع وهو من واجبات الحج ، قال صلى الله عليه وسلم { لا يَنْفِرَنَّ أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت } رواه مسلم ، والنفر مغادرة مكة ، ويستحب للحاج تعجيل العودة إلى أهله وبلده .
هذه خلاصة أعمال الحج ومناسكه ، ندعو الله سبحانه وتعالى لإخواننا الحجاج بلوغ مشاعره وأداء شعائره ، وأن يجعله عملاً متقبلاً صالحاً خالصاً لوجهه الكريم . ونذكرهم بأن من أعظم آداب السفر إلى الحج التوبة والاستغفار من الذنوب والمعاصي ، وقضاء الدين وإرضاء الوالدين وصلة الرحم ، وإعادة الحقوق والمظالم إلى أهلها .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.