في هذه الجامعة : تؤدي مناسك الحج وتكلف زميلتها باجراء الامتحان بدلاً منها    العدوان الصهيوني على غزة : ارتفاع حصيلة الشهداء الى 36801..    نحو 11 ألف تونسي يستعدون للحج .. الثلاثاء آخر الرحلات باتجاه البقاع المقدسة    تطاوين الديوانة تحبط محاولة تهريب كمية هامة من السجائر بقيمة تفوق ال1.2 مليون دينار.    أبرز اهتمامات الصحف التونسية ليوم السبت 8 جوان 2024    عاجل/ وفاة حاج تونسي في مكة..    الجلسة العامة السنوية للشركة التونسية للبنك: مؤشرات مرضية و آفاق واعدة    كأس تونس للكرة الطائرة: الترجي الرياضي من أجل الفوز بالثائي .. والنجم الساحلي لإنقاذ موسمه    سعيّد والدبيبة يتباحثان إعادة فتح معبر رأس جدير    ذهبت للحج وكلّفت زميلتها باجتياز الامتحان بدلاً منها !!    موعد جديد لنزال تايسون و'اليوتوبر' جيك بول    قيس سعيد : يجب احترام كل أحكام العملية الانتخابية    وفاة رائد الفضاء وليام أندرس في حادث تحطم طائرة    رئيس الجمهورية يثير مجددا ملف الشيك دون رصيد    بخلفية ثأرية: المنتخب الوطني في مواجهة قوية امام نظيره الناميبي    طقس: بعض الامطار المتفرقة بعد الظهر على المناطق الغربية بالشمال والوسط    عاجل/انتشال 11 جثة مهاجر غير شرعي من البحر قبالة سواحل ليبيا    الفلبين: تحظر واردات الدواجن من أستراليا لهذه الأسباب    جندوبة تحتفل باليوم العالمي لسلامة الأغذية تحت شعار "تأهّب لغير المتوقع "    وزارة التربية توضّح مسألة تمتيع المتعاقدين بالتغطية الصحية    خلال لقائه بالحشاني..سعيّد يطلع على نتائج مشاركة تونس في القمة الكورية الإفريقية (فيديو)    جيش الإحتلال يبحث عن متطوعين للقتال معه في غزة    تداول صور فضائية لآثار قصف "انصار الله" لحاملة طائرات أمريكية    بداية من الإثنين.. المبلغون عن الفساد في اعتصام مفتوح    من أعلام تونس .. الشيخ إبراهيم بن الحاج معمر السلطاني ..أوّل إمام لأوّل جامع في غار الدماء سنة 1931    محمد كوكة أفضل ممثل في مسرحية كاليغولا بالمسرح البلدي بالعاصمة    الفنان والحرفي الطيب زيود ل«الشروق» منجزاتي الفنية... إحياء للهوية بروح التجديد    في صالون الرواق جوهرة سوسة .. معرض «مشاعر بالألوان» للفنان التشكيلي محمود عمامو    مدرب البرتغال يكشف للملأ انطباعه عن رونالدو    بعد 17 عاما في السجن.. رجل متهم بالاغتصاب يحصل على البراءة    الباكالوريا في يومها الثالث...الفرنسية والرياضيات في المتناول    علي مرابط يشيد بدور الخبرات والكفاءات التونسية في مجال أمراض القلب والشرايين    أول تعليق للرئاسة الفلسطينية على ادراج الكيان الصهيوني ضمن قائمة الدول التي تنتهك حقوق الطفل..#خبر_عاجل    خطير/ حجز كمية من التبغ غير صالح للإستهلاك    وزارة التربية: 159 حالة غش خلال اليومين الأولين لاختبارات الباكالوريا    مريم بن مامي: ''المهزلة الّي صارت في دبي اتكشفت''    يوم تحسيسي حول المستجدات الدولية والوطنية في مجال مكافحة المنشطات    بقيادة مدرّب تونسي: منتخب فلسطين يتأهل الى مونديال 2026    الحرارة تكون عند مستوى 31 درجة هذه الليلة بالجنوب    مسؤول بال"شيمينو": هذا موعد عودة نقل المسافرين بالقطار بين تونس والجزائر    قبلي: انطلاق فعاليات المنتدى الاقليمي حول فقر الدم الوراثي بمناطق الجنوب التونسي    تشيلسي يتعاقد مع مدافع فولهام أدارابيويو    نابل: اقتراح غلق 3 محلات بيع لحوم حمراء لهذا السبب    لرفع معدل الولادات في اليابان...طوكيو تطبق فكرة ''غريبة''    الرابحي: قانون 2019 للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية فرض عدة إجراءات والتزامات على مُسدي الخدمات    مديرة الخزينة بالبريد التونسي: عدم توفير خدمة القرض البريدي سيدفع حرفائنا بالتوجّه إلى مؤسسات مالية أخرى    الإعلان عن موعد عيد الاضحى.. هذه الدول التي خالفت السعودية    مناسك الحج بالترتيب...من الإحرام حتى طواف الوداع    نظّمه المستشفى المحلي بالكريب: يوم تكويني لفائدة أعوان وإطارات الدائرة الصحية بالمكان    موعد صيام يوم عرفة...وفضله    تطاوين : بدء الاستعدادات لتنظيم الدورة السابعة للمهرجان الدولي للمونودراما وإسبانيا ضيف شرف    المنتخب الوطني التونسي يصل إلى جنوب إفريقيا    اكتشاف السبب الرئيسي لمرض مزمن يصيب الملايين حول العالم    هند صبري تلفت الأنظار في النسخة العربية لمسلسل عالمي    الإعلان عن الفائزين في المسابقة الوطنية لفن السيرك    مُفتي الجمهورية : عيد الإضحى يوم الأحد 16 جوان    عاجل/ قرار قضائي بمنع حفل "تذكّر ذكرى" المبرمج الليلة    اليوم رصد هلال شهر ذي الحجة 1445    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



برلسكوني يشن حملة غير مسبوقة على المافيا بعد إغراقها نابولي بالقمامة
نشر في الفجر نيوز يوم 13 - 11 - 2009

روما: هل تفرق المافيا في إيطاليا بين الحكومة أو المعارضة وهل هناك تفريق بين قوى اليمين أو اليسار؟ حاولت الحكومات المتعاقبة من شتى الاتجاهات التصدي للمافيا ثم أهملتها، لكن المافيا لم تتحاش الحكومات وقوى الأمن بل حاولت التغلغل فيها وشراءها وتحييدها أو عقد «هدنة» معها لكي تغض السلطة بصرها عن تجارة المافيا الرابحة وهي المخدرات والسلاح والأشخاص من الهجرة غير الشرعية إلى
شبكات الدعارة، فكل ممنوع قانونا يدر الربح الخيالي ولا نستثني تجارة حرق النفايات.
تشجعت حكومة برلسكوني اليمينية الحالية بعد نجاحها في حل مشكلة جمع وإتلاف النفايات في نابولي خلال السنة الماضية مستخدمة الجيش الإيطالي وإدارة الطوارئ بالمضي قدما ومحاربة المافيا بالمواجهة المباشرة، وأعلن روبرتو ماروني وزير الداخلية (حزب رابطة الشمال) منذ أيام، الحرب على كافة عصابات الإجرام التي تشملها المافيا الإيطالية وهي: المافيا الصقلية ومركزها باليرمو ومافيا مدينة نابولي وريفها المسماة «كامورا» ومافيا مقاطعة كالابريا الجنوبية المسماة «ندراغيتا» وعصابات الإجرام في مدينة باري الساحلية الجنوبية ومقاطعة بوليا. وظهر أن هذه الحرب قد قامت فعلا منذ أوائل العام وكان سلاحها الأول مصادرة أموال المافيا التي تكسبها من عملياتها السرية غير القانونية والقبض على قادتها المختفين والهاربين من العدالة. وتوسع نشاط الحملة الحكومية ليشمل معاقبة من يشارك في أعمال عصابات الإجرام الخارجية وتعزيز موارد قوى الأمن الداخلي خاصة الاستخبارات المختصة بمكافحة المافيا المؤلفة من الشرطة والدرك والجيش المسماة «ديا» (أي إدارة التحقيقات ضد المافيا) Direzione Investigativa Antimafia ومهمتها القيام بالتحقيقات الاحترازية في حال الريبة والتحقيقات القضائية بعد الاعتقال والتعاون الدولي، وحسب ما صرح به ماروني مؤخرا «تم إنشاء صندوق موحد للعدالة وهي الأموال المودعة منذ سنوات في البنوك مما صودر من ممتلكات المافيا وتبلغ حاليا 650 مليون يورو (حوالي مليار دولار)». ويضيف ماروني «لم تكن الحملات الحكومية سابقا جادة في مكافحة المافيا لكننا اليوم حددنا 10 نقاط لتحقيق الانتصار ضد المافيا وأولها الاستيلاء على ثروة المافيا والحجز عليها ثم مصادرتها قانونيا وبهذا نجفف منبع قوتها وسطوتها وهو المال». ثم أردف قائلا بأسلوبه الحازم «الكامورا النابوليتانية تترنح الآن لأننا حجزنا 3.6 مليار يورو (حوالي 5 مليارات ونصف المليار دولار) من أموالها كما بلغ إجمالي الأموال المستولى عليها من كافة عصابات المافيا أكثر من 5.6 مليار يورو (حوالي 8.5 مليار دولار)». وفي تصريح خاص ل«الشرق الأوسط» قال ماروني ردا على سؤال حول علاقة المافيا بتسهيل الهجرة غير المشروعة إلى إيطاليا «هذا جزء من العمل الدولي لعصابات الإجرام المنظمة بالإضافة إلى تهريب المخدرات والسلاح، ونحن نعرف أن المهاجر السري من المغرب يدفع ألفي دولار للوصول إلى إيطاليا، وسأزور ليبيا، التي تربطنا بها علاقات جيدة، بعد أيام للبحث في أنجع السبل للحد من الهجرة السرية وتبادل المعلومات». ثم أضاف «أخطر العصابات الإيطالية حاليا هي ندراغيتا من كالابريا التي تعمل بنشاط في أوروبا وفي كولومبيا والمكسيك، وتكمن الصعوبة في اختراقها كون أعضائها ينتمون إلى عائلات واحدة فالرابط العائلي قوي بينهم ولا يخونون بعضهم إلا لماما لأنهم يحترمون قانونهم الخاص بالتماسك والتعصب لبني قومهم على عكس المافيا الصقلية التي تستأجر القتلة المحترفين لتنفيذ أعمالها فحين نقبض على أحدهم يتحول إلى معتقل نادم يتعاون مع العدالة كي نخفف من مدة قصاصه».
وسيعقد في الأسبوع الأخير من الشهر الحالي (نوفمبر/تشرين الثاني) مؤتمر لوزراء الداخلية في الضفة الأوروبية من البحر الأبيض المتوسط ونظرائهم الوزراء العرب من الضفة الجنوبية من موريتانيا والمغرب والجزائر وتونس وليبيا في مدينة فينيسيا (البندقية) لبحث آفاق التعاون بين الطرفين وتضييق الخناق على «ندراغيتا» التي تحاول نقل قسم من عملياتها من إيطاليا إلى إسبانيا بحيث يتم خلق نظام جديد لا يسمح لتلك المافيا الاستثمار في إسبانيا. الإجراءات الجديدة التي أقرتها إيطاليا مؤخرا لا مثيل لها في أوروبا حتى الآن ويطمح ماروني إلى جعلها مثالا رائدا لكل الدول الأوروبية، فقد أصدرت حكومة برلسكوني قرارا يعاقب الابتزاز والتهديد بالدفع لضمان الحماية وكذلك التغلغل الإجرامي المنظم في الشركات الحكومية أو المختلطة مع القطاع الخاص وتعاون المافيا مع المرشحين في الانتخابات البلدية أو المحلية والتأثير على السياسة أو الأحزاب بالإضافة إلى محاولة كسب المناقصات الحكومية بوسائل تبدو وكأنها مشروعة مثل الدخول في المشاريع الجديدة لبناء معرض ميلانو الدولي الذي سيشكل حدثا هاما عام 2015. بال ماروني مشغول أيضا بالخلايا الإرهابية الناشطة في تعبئة الموارد والتجنيد التي لم تصل إلى حد الإرهاب المحلي بين المجتمعات الإسلامية الوافدة إلى إيطاليا مثلما حدث في بريطانيا أو إسبانيا لكنه قلق بعد حادثة اعتداء على ثكنة عسكرية في ميلانو قام بها إيطالي من أصل ليبي في الشهر الماضي لأنه يخشى أن يقوم تنظيم القاعدة بالاتفاق مع «مقاولين فرعيين» يقومون بالأعمال الإرهابية بأنفسهم مقابل تمويلهم، كما أنه تعامل بصرامة مع تدفق المهاجرين غير الشرعيين على جزيرة لامبيدوسا القريبة من تونس والقادمين من أفريقيا أو المغرب العربي وتمكن من خفض أعدادهم من 19000 سنويا في العام الفائت إلى ما يقرب من ألفين حاليا، إنما حربه الرئيسية حاليا تتركز على المافيا دون أن يفقد اليقظة والتأهب ضد الإرهاب أو طرد المهاجرين غير الشرعيين.
تأخذ المافيا كلام ماروني وتعليماته على محمل الجد فقد أنجز في السنة ونصف المنصرمة اعتقال 3630 متهما بالعمل مع المافيا كما تمكنت قوى الأمن من اعتقال 282 هاربا من العدالة من بينهم 37 من أخطر المجرمين كما قامت ب377 عملية من بينها: 80 عملية ضد المافيا الصقلية و90 عملية ضد ندراغيتا و148 ضد الكامورا و59 عملية ضد العصابات من بوليا. المعركة ما زالت مستمرة، وإن كانت الحكومات السابقة تتسامح أو كما يقول البعض «تتعايش» مع المافيا فإن الحكومة الحالية وضعت السيطرة على الأمن في مرتبة الأولوية القصوى منذ أن وعدت الناخبين بذلك، لكن عصابات المافيا لم تدخر وسعا في التوسع داخليا وخارجيا خلال السنوات الماضية حتى ضج الشركاء الأوروبيون بما اعتبروه تقاعسا في الحرب على الإجرام المنظم القادم من إيطاليا وشبكات التعاون بين الإجرام العالمي، فالمافيا أصبحت تبيض أموالها وتستثمر في مشاريع اقتصادية وتجارية قانونية كما أنها ركزت أنظارها على كافة التنظيمات الحزبية والبلدية من اليمين إلى اليسار وصارت تدعم المرشحين الموالين وتشتري لهم السيارات الفخمة فربع سكان إيطاليا في الجنوب يعيشون في أقاليم تتميز بنفوذ المافيا منذ توحيد إيطاليا قبل حوالي 150 سنة وسيطرة الشمال على الجنوب بل إن المافيا كانت نشيطة منذ القرن السابع عشر والحكم الإسباني ثم الفرنسي للأقاليم الجنوبية.
فضائح نابولي تزكم الأنوف وآخرها كانت أزمة تجميع القمامة وحرق النفايات منذ عامين، وحين عينت حكومة برودي السابقة غيدو بارتولاسو ثم ثبتته حكومة برلسكوني الحالية مكلفا بمهمة طوارئ لحل مشكلة النفايات بمساعدة الجيش الإيطالي فهمت الكامورا أنها ستواجه مصاعب جمة مع الدولة فهو موظف حكومي سامٍ وطبيب كفؤ وابن قائد سلاح الطيران السابق وكان مديرا للحماية المدنية بعد أن عمل في القوات المسلحة ووزارة الخارجية ومنظمة اليونيسيف الدولية ولا تهمه سوى سمعة بلده وحل المشكلات فيها. يعترف الجميع الآن بأنه نجح في حل أزمة النفايات وأقام مصنع حرقها الذي تأخر عشرات السنين بسبب الفساد والمماحكة السياسية كما تمكن من كشف خيوط المنتفعين من التعاون مع الكامورا، وسلم الأمور في الشهر الماضي إلى السلطات المحلية والصليب الأحمر الإيطالي بعد انتهاء الأزمة كما أنه كان قديرا في تنفيذ برنامج الحكومة ووعودها لإعادة الإعمار بعد الهزة الأرضية في مدينة لا كويلا. الفضيحة الجديدة في نابولي انفجرت منذ أيام حين بدأت الشبهات تحوم حول نائب وزير الاقتصاد المرشح اليميني نيقولا كوزانتينو كحاكم لمقاطعة كامبانيا (وعاصمتها نابولي) وعلاقاته الخفية مع الكامورا وزعمائها المحليين إذ ظهر أن عصابات الإجرام المنظمة تريد خلق نموذج يجمع بين السياسة والأعمال والتساهل معها لتتمكن من زيادة أرباحها وأنها ربما تسعى لتقديم نفس العرض للمرشحين الآخرين فهي منتصرة أيا من فاز منهم، والإشاعات المتداولة تتهم كوزانتينو بتلقي الرشوة من الكامورا لغض النظر عن طمرها للنفايات في أماكن ممنوعة قرب نابولي. يقول الكاتب روبرتو سافيانو مؤلف الكتاب الشهير عن الكامورا الذي تحول إلى فيلم سينمائي في مقال كتبه قبل أيام «أستغرب وضع كوزانتينو الآن تحت التحقيق الاحترازي لأنه معروف بصلاته المشبوهة منذ زمن بعيد فهو مولود في منطقة موبوءة بالعصابات ولأقربائه علاقات غير خفية مع زعماء الكامورا المحليين وصعوده السياسي منذ سنوات لم يكن ممكنا في ذلك الجو دون تلك الصلات فلست أدري من أفاق اليوم من نومه وسمع عن ترشحه لمنصب الحاكم ليسأل: من هو كوزانتينو ؟ فالكل يعلم أن أي شركة تريد أن تبني مصنعا أو متجرا حتى شركة ايكيا السويدية للمفروشات في أرض تسيطر عليها الكامورا عليه أن يدفع لها حصتها وأن يحصل على مباركتها».
بعض الساسة من قوى اليسار يشكون من أن حكومة برلسكوني ستضع تحت تصرف ماروني الموارد المالية اللازمة لخطته الطموحة لرفع مستوى رواتب رجال الأمن المتدنية وتبديل معداتهم غير الملائمة للتقنية الحديثة حتى أن البعض منهم يستعملون السيارات المصادرة من المافيا بعد طلائها بشعار الشرطة لتنفيذ اعتقال الهاربين من العدالة. البعض يهزأ من جدية الحملة لأن برلسكوني يريد الحصول على أصوات الناخبين في المناطق التي تسيطر عليها المافيات وليس من مصلحته المواجهة الفعالة ضدها وركوب رأسه إلى آخر مدى لأنها ستخذله في أي انتخابات قادمة كما يخشون أيضا من عنف ندراغيتا الذي لا يرحم حتى رجال الشرطة الذين تتم تصفيتهم إذا حاولوا التصدي لرجالها فهي أشرس منظمات الجريمة المنظمة وتسيطر على السوق السوداء في أوروبا وعلى قسم كبير من تجارة المخدرات القادمة من أميركا اللاتينية أو أفغانستان فهي تبيع الغرام الواحد من الكوكاين بمائة يورو (150 دولارا) رغم أن أصل تسميتها مشتق من الكلمة اليونانية التي تعني البطولة والفضيلة. تقدر بعض الجهات موارد ندراغيتا بحوالي 40 مليار يورو (60 مليار دولار) ونقطة الضعف في مواجهتها نجدها في تنظيمها العشائري المتين منذ انطلاقها بشكلها الحديث في السبعينات وقتلها لثلاثمائة شخص في شهر واحد آنذاك وخوف القضاة ورجال الأمن من الذهاب بعيدا في المواجهة لأن الرواية تقول إن تلك العصابة كانت تملك غواصة عام 2006 لتهريب المخدرات من كولومبيا إلى إيطاليا وأن سرية عملها وتنظيمها تشبه الحركة الماسونية. يقول المشككون إن الحكومة ستستمر في الصراع مع المافيا إذا ارتكبت مزيدا من الجرائم عن الحد المعقول أو حاولت تحدي سلطة الدولة وأجهزة الأمن أكثر من اللازم. تذكر المعلومات غير الرسمية لإدارة التحقيقات الحكومية (ديا) أن 80 في المائة من الكوكايين المنتشر في أوروبا يمر عبر ميناء جويا تاورو بمقاطعة كالابريا وأنها تقوم أحيانا بعمليات مشتركة مع المافيا الصقلية كما أنها تستثمر أرباحها في العقارات في مختلف البلاد الأوروبية، وعملياتها الدولية تشمل الأرجنتين واستراليا وكندا والولايات المتحدة بالإضافة إلى المكسيك وكولومبيا.
اغتالت المافيا الصقلية الجنرال كارلو ألبرتو ديلا كييزا قبل سبعة وعشرين عاما حين حاول تفكيكها جديا وألحقت نفس المصير بالقضاة الذين تابعوا التحقيق، فهناك شبه تفاهم بين الخائفين من انتقام المافيا حتى اليوم يقضي بالصمت والتظاهر بالغباء، ففي إحدى محاكمات أحد قادة المافيا قبل أشهر في جزيرة صقلية سأله المحقق العدلي أثناء استنطاقه: هل سمعت بالمافيا؟ فأجاب بهدوء وجدية: ماهي المافيا ؟ هل هي نوع جديد من الجبن؟!
* حملة الاعتقالات خلال الأشهر ال18 الأخيرة مجموع الاعتقالات: 3630 معتقلا من تنظيمات المافيا منهم: 916 من المافيا الصقلية (كوزا نوسترا) 751 من ندراغيتا 1465 من الكامورا 498 من عصابات بوليا (أي بزيادة 22%) الثروة المصادرة خلال الأشهر ال18 الماضية المجموع العام: 10.089 (أو 5.629 قيمة فعلية بمليارات اليوروات) منها: 2.910 من المافيا الصقلية، 1889 من ندراغيتا، 3676 من الكامورا 332 من العصابات في بوليا، 1282 من عصابات أخرى (أي بزيادة 56%) المصدر: الإحصاءات الرسمية لوزارة الداخلية الإيطالية (أكتوبر/تشرين الأول 2009)
عبد الرحمن البيطار


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.