يهم التونسيين : الانطلاق في عملية تحيين السجل الانتخابي غدا    ارتفاع طفيف في عدد مخالفات السيارات الإدارية خلال الثلاثي الأول من 2024    المرصد الوطني للفلاحة: انخفاض أسعار الدجاج والبيض    ماجول في صالون الفلاحة والصناعات الغذائية بصفاقس    محلل مالي : البنوك اصبحت تفرض شروطا صعبة في اسناد مختلف أنواع القروض    طقس الاحد: امطار غزيرة وتساقط البرد بهذه المناطق    غدا.. هبوب رياح قوية وانخفاض مدى الرؤية الأفقية بالجنوب    عاجل : انقطاع التيار الكهربائي بهذه المناطق    روعة التليلي تحصد الذهب في اليابان    الأونروا: 800 ألف فروا من رفح يعيشون بالطرقات.. والمناطق الآمنة "ادعاء كاذب"    إطلاق نار واشتباكات قرب القصر الرئاسي في كينشاسا    صيف 2024: 50 درجة منتظرة و شبح الحرائق حاضر    علماء يكشفون : العالم مهدد بموجة أعاصير وكوارث طبيعية    اليوم : وقفة احتجاجية للتنديد بالتدخل الاجنبي و بتوطين أفارقة جنوب الصحراء    أخبار النادي الإفريقي .. البنزرتي «يثور» على اللاعبين واتّهامات للتحكيم    إضراب بالمركب الفلاحي وضيعة رأس العين ومركب الدواجن    نابل: تضرّر ما يقارب 1500 هكتار : «الترستيزا» مرض خفي يهدّد قطاع القوارص    طقس اليوم ...امطار مع تساقط البرد    في عيده ال84.. صور عادل إمام تتصدر مواقع التواصل    بغداد بونجاح يحسم وجهته المقبلة    الجمعية التونسية "المعالم والمواقع" تختتم تظاهرة شهر التراث الفلسطيني    اليوم العالمي لأطباء الطب العام والطب العائلي : طبيب الخط الأول يُعالج 80 بالمائة من مشاكل الصحة    بوسالم.. وفاة شاب غرقا في خزان مائي    قبل أسبوعين من مواجهة ريال مدريد.. ظهور صادم لمدافع دورتموند    المجلس المحلي بسكرة يحتجّ    منال عمارة: أمارس الفنّ من أجل المال    النجم الساحلي يمرّ بصعوبة الى الدور ربع النهائي    تمدد "إنتفاضة" إفريقيا ضد فرنسا..السينغال تُلّوح بإغلاق قواعد باريس العسكرية    اتحاد الفلاحين: ''أسعار أضاحي العيد تُعتبر معقولة''    كأس تونس : النجم الساحلي يلتحق بركب المتأهلين للدور ربع النهائي    القصرين: القبض على شخص صادرة في حقه 10 مناشير تفتيش    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    بقلم مرشد السماوي: كفى إهدارا للمال العام بالعملة الصعبة على مغنيين عرب صنعهم إعلامنا ومهرجاناتنا!    في إطار تظاهرة ثقافية كبيرة .. «عاد الفينيقيون» فعادت الحياة للموقع الأثري بأوتيك    المهرجان الدولي للمشمش بحاجب العيون في دورته الثانية ...مسابقات وندوات وعروض فروسية وفنون شعبية    الحشاني يُشرف على اجتماع لجنة القيادة الاستراتيجية بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي    القيمة التسويقية للترجي و الأهلي قبل موقعة رادس    وزيرة الصناعة: مشروع الربط الكهربائي بين تونس وإيطاليا فريد من نوعه    أبو عبيدة: استهدفنا 100 آلية عسكرية للاحتلال في 10 أيام    نهائي دوري ابطال إفريقيا: التشكيلة المتوقعة للترجي والنادي الاهلي    طقس اليوم: أمطار بالمناطق الغربية والشرقية وحرارة أربعينية بالجنوب    العثور على كلاشينكوف في غابة زيتون بهذه الجهة    5 أعشاب تعمل على تنشيط الدورة الدموية وتجنّب تجلّط الدم    وزير الصحة يؤكد على ضرورة تشجيع اللجوء الى الادوية الجنيسة لتمكين المرضى من النفاذ الى الادوية المبتكرة    السبت..ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة    ابرام اتفاق شراكة بين كونكت والجمعية التونسيّة لخرّيجي المدارس العليا الفرنسيّة    دار الثقافة بمعتمدية الرقاب تحتفي بشهرث الثراث    داء الكلب في تونس بالأرقام    بينهم طفلان..مقتل 5 أشخاص نتيجة قصف إسرائيلي على لبنان    حلوى مجهولة المصدر تتسبب في تسمم 11 تلميذا بالجديدة    كمال الفقي يستقبل رئيس منظمة الدفاع عن المستهلك    نحو 20 % من المصابين بارتفاع ضغط الدم يمكن علاجهم دون أدوية    جندوبة : يوم إعلامي حول تأثير التغيرات المناخية على غراسات القوارص    الصادرات نحو ليبيا تبلغ 2.6 مليار دينار : مساع لدعم المبادلات البينية    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إلى روح والدة الشهيد الزعيم الطلابي المهندس عثمان بن محمود : رافع القارصي

إلى روح والدة الشهيد الزعيم الطلابي المهندس عثمان بن محمود

صبرا آل عثمان فإن موعدكم الجنة بإذن الله .
ملف من إعداد رافع القارصي الفجرنيوز
حقوقي
أخي عثمان اليوم إنتقلت الوالدة الفاضلة إلى جوارك الكريم:في ظل عدالة قدسية الميزان و الأحكام ، إنتقلت إلى جوارك بعدما إحترقت ألما و حزنا على فراقك فجفت منها الدموع ووهن منها العظم و إشتعل الرأس شيبا فحنت إلى لقياك لتجديد العهد مع حظنك الدافئ و جبينك الطاهر .
اليوم يا عثمان يا أنت يا عريس الجامعة يا أنت يا شهيد الشهداء ستلتحق أمك الفاضلة بك حيث أنت ، حيث لاظلم لاحزن لاألم و لا دموع بعد اليوم .
اليوم يا عثمان يا أنت يا أول شهيد يا أنت يا أول شاهد على
دموية الجنرال سيجتمع شملك بالوالدة الحنون لتقص عليك آلامها و أحزانها الماضية منذ إستقرت رصاصات الجبناء في صدرك الضعيف يومها قال عنك زبانية السلطة بأنك لص كنت بصدد تسور أحد المنازل حيث تصادف ذلك مرور دورية للأمن تشابكت أنت معها فانطلقت رصاصة طائشة أصابتك و لم تفلح محاولاتهم في إسعافك حتى أدركك الموت الذي كان أسرع من الجميع هكذا إذا تجرأ القتلة على دمك الطاهر و على عرضك الشريف بما يؤشر على طبيعة الجريمة النوفمبرية في بداية تشكلها و من خلال إرهاصاتها الأولى في أواسط ثمانينات القرن الماضي .
اليوم يا عثمان يا أنت يا سيد الشهداء يا أنت يا سيد شباب الجامعة و البلاد ستعلمك الوالدة الحنون بأن مهندس جريمة إغتيالك إرتقى في سلم الوظيفة حتى تسلق أعلى درجاته فطل برأسه الإصطناعي على مملكة قرطاج فدخلها بعدما ألحق بجمجمتك جماجم العديد من الشرفاء من إخوانك في الجامعة و شركائك في الوطن أبناء شعبك الطيب .
اليوم يا عثمان يا أنت يا زينة شباب حي التضامن ستعلمك الوالدة المجاهدة بأن دمك مازال يبحث عن العدالة و الإنصاف و بأن القتلة الذين إغتالوك مازالوا يزرعون الموت في أرجاء الوطن فصوت الرصاص الذى لعلع في سماء حي الزهور الرابع يوم رحيلك في 18 أفريل 86 هو نفسه الذي لعلع أخيرا في الرديف وإن القاتل الذي أراق دمك يومها هو نفسه الذي خطط و قتل الفقراء و الشرفاء في الحوض المنجمي حيث تتواصل الجريمة و يتعمق الألم ...
اليوم يا عثمان يا أنت يا ضمير الشعب فينا يا أنت يا صوت الزيتونة القادم بإذن الله، يا أنت يا غضبة الفقراء و المهمشين ، يا أنت يا جرحنا النازف ستغمس اليوم رأسك المخضب بالدماء بين أحضان الوالدة العظيمة لن تخشى الفراق بعد اليوم ، لن تتقطع أرحامك بعد اليوم ، إنه يوم لا فراق بعده ، إنه يوم لا قطيعة بعده ، إنه يوم لا حزن بعده ، إنه الخلود في دار الخلود في جنة أعدت للشهداء و الأحرار و المتقين و المجاهدين و حسن أولائك رفيقا .
أما أنت يا أم الشهيد ، يا أيتها الوالدة العظيمة ترحلين عنا اليوم بعدما رحل عنا بالأمس القريب شهيدك عثمان ، ترحلين و في صدرك غصة و زفرة و نحيب و ألم يلفك و حرقة في القلب كبيرة
حرقة على دم إبنك الطاهر الذي لم نقتص من عصابة اليد الحمراء في نسختها الجديدة التى أراقته ، و لم ننجح في جر القتلة إلى ساحات المحاكم و القضاء ،و لم ننجح في القصاص العادل من زبانية النمور السود الذين سرقوا منك و منا ومن شعبنا عثمان .

معذرة أمي الفاضلة يا أنت يا أمنا جميعا :اليوم و أنت تودعيننا إلى جنات الخلد بإذنه تعالى نخجل نحن إخوان عثمان و رفقائه من جسدك الطاهر المسجى بين المشيعين ، نخجل من دموعك التى لم تتوقف منذ لحظة الإغتيال الآثمة ، نخجل من أنفسنا جميعا أفرادا و أحزابا و حركات على ضعفنا و على عجزنا عن كفكفة دموعك و الثأر من قتلة فلذة كبدك عثمان و لكن ليكن عزاؤك أن ربك ليس بغافل عما يعمل الظالمون ، وأن ربك ليس بغافل عن جرائم الجنرال و أزلامه ،و أن ربك منتقم منهم جميعا و لو بعد حين
عزاؤك يا أنت يا أمنا الكبيرة ، يا أنت يا أم الشهيد عزاؤك إن خانتك عدالة الأرض و غلقت الأبواب في وجهك الكريم فإن أبواب السماء إزدادت إتساعا لدعوتك منذ أن فارقت اليوم روحك الطاهرة عالمنا الآسن و الفاني و إلتحقت بربها شاكية له ظلم الجنرال و أعوانه .
يا أم الشهيد يا أنت يا خنساء تونس ويا تاج على رؤوس أمهات حي التضامن الأكيد أنك تنتظرين بفارغ الصبر بداية أشغال ومداولات محكمة العدل الإلهية يومها سيرتفع صوت الحق مدويا لمن الملك اليوم ؟؟؟ يومها ستخر كل الأصنام ستسقط كل الأوثان
سيغرق طغاة سبعة نوفمبر في بحار من دماء الشهداء ، الأكيد أنك في هذا اليوم العظيم ستبحثين عن قاتل عثمان بين صفوف عتاة الظلمة و الجبابرة ستجدينه حتما مقيدا في الأصفاد حيث لاحراسة و لا صبغة تغطي شعره ولا بدلة مستوردة تستر عورته عندها ستمسكين به و تصرخين بأعلى صوتك يا ربي هذا قاتل إبني عثمان سله لما قتل نور بصري و فلذة كبدي ؟؟؟.
في هذا اليوم الذى لا مفر منه سيثأر رب العزة لدم عثمان و لدماء كل الشهداء و المظلومين عندها سترتاحين يا أمنا العظيمة وستتمتعين برائحة عثمان اللون لون دم والرائحة رائحة مسك
يومها سترددين مع إبنك البار و مع بقية الشهداء أن العاقبة للمتقين و أن النصر للمستضعفين وأن الخزي للطغاة و المستكبرين و لو بعد حين .
ملاحق هامة حول جريمة الإغتيال الآثمة :
يعتبرالشهيد عثمان بن محمود " نحسبه كذلك و لا نزكي على الله أحد " من رموز طلبة الإتجاه الإسلامي في المدرسة القومية للمهندسين بالمركب الجامعي بتونس العاصمة حيث عرف بدماثة أخلاقه و بحبه لإخوانه و تعلقه الشديد بالمشروع الإسلامي العظيم مدافعا عن ثوابته الوسطية و حاملا للوائه و مبشرا بشعاراته المركزية في العدالة والحرية في أوساط الطلبة و كذا في أوساط أبناء شعبه سكان حي التضامن ، هذا الحي المقاوم الذى كانت له إسهامات نوعية في كل المعارك التي خاضها شعبنا ضد دولة العنف و التحديث المغشوش في تونس مثل معركة الخبز والكرامة في 3 جانفي 84 و معركة الحرية و الإستقلال الثاني في 87 و معركة فرض الحريات و الإصلاح السياسي المتواصلة منذ التسعينات و إلى يومنا هذا.
1 ظروف جريمة الإغتيال الآثمة :

أقدم النظام على إرتكاب جريمته النكراء في حق أخينا الشهيد عثمان بن محمود مستعينا بوحدة خاصة أطلق عليها بن على عندما كان مديرا للأمن إسم النمور السود و هي فرقة ذات تدريب عالى من حيث التسليح و التكوين و الرسكلة أوكل لها مهمة تصفية و إعتقال رموز العمل الوطني و الإسلامي داخل الجامعة والبلاد و هكذا دشنت هذه الخلية الإجرامية تاريخها الدموي بتصفية شهيدنا عثمان بعد مطاردة في الطريق العام وبالتحديد في منطقة حي الزهور الرابع حيث كان الشهيد في مهمة دعوية و ما راعه إلا و سيارات هذه الوحدة الخاصة تحاصره عندها إنطلق بدراجته النارية محاولا الإفلات من الإعتقال إلا أن إنتشار الوحدة الخاصة على طول الطريق حال دون ذلك حيث تفيد وقائع القضية بأن سيارات النمور السود إنطلقت بسرعة جنونية خلف الدراجة النارية التى يقودها شهيدنا البطل عثمان بن محمود و شرع الأعوان في إطلاق الرصاص الحي صوب الشهيد فأصابت إحدى الرصاصات رجله بما أعاقة عن مواصلة قيادة الدراجة حيث سقط أرضا عندها توقفت السيارات بجانبه و نزل منها الأعوان و بإيعاز مباشر من قياداتهم الميدانية الذين بالتأكيد راجعوا قاعة العمليات في الداخلية و أخذوا منها الضوء الأخضر للإجهاز عليه و هو ما تم بالفعل حيث أمطروه بوابل من الرصاص أمام المارة حتى فارق الحياة رحمه الله .
لقد أثبت الطبيب الشرعي الذى فحص الجثة في معهد الطب الشرعي التابع لمستشفى شارل نيكول بالعاصمة تونس بأن الوفاة ناجمة عن إطلاق رصاص كثيف من مسافة قريبة جدا وفي إتجاه أماكن حساسة من جسد الشهيد" القفص الصدري و ما يحيط به من أعضاء " قصد إحداث الوفاة بسرعة و هو ما حصل بالفعل حيث أن الشهيد عثمان وصل ميتا إلى المستشفي المذكور.
و للتذكير نشير إلى أن زبانية النظام قاموا بحملة إعتقالات واسعة في صفوف الإطار الطبي و الشبه الطبي العامل في مستشفى شارل نيكول على إثر تصوير جثة الشهيد بعد التشريح و قبله الأمر الذي فند مزاعم إدارة الأمن التى روجت بأن الشهيد عثمان قد قتل بسبب رصاصة وحيدة طائشة أصابته و لم تفلح كل المجهودات و الإسعافات في إنقاذه حسب البلاغ الرسمي الصادر عن الداخلية التونسية في هذا الغرض فحين أظهرت الصور المأخوذة للشهيد في بيت الأموات عكس هذه الرواية الرسمية تماما و هو ما أحرج النظام و زاد في توتره و في إصراره على تعقب كل من صور و وثق الجريمة و دون وقائعها .
2 الحركة الطلابية تنخرط في معركة الشهادة :

لم تكن جريمة الإغتيال السياسي التى إستهدفت أحد أبناء الإتجاه الإسلامي في الجامعة التونسية لتمر دون إحداث هزة نوعية في أداء الفصيل الطلابي داخل المركب الجامعي و في بقية الأجزاء الجامعية وذلك بالرغم من حداثة عهد الأداة النقابية الإتحاد العام التونسي للطلبة وقلة تجربتها في مواجهة مثل هذه الأحداث الجسام إلا أن ظروف النشأة و طبيعة المرحلة " مرحلة التأسيس" لم تمنعا المنظمة النقابية إ ع ت ط من قيادة تحركات الطلبة في معركة الشهادة بالإشتراك مع شرفاء الحركة الطلابية يتقدمهم الفصيل الإسلامي الذي ينتمي إليه الطالب الشهيد عثمان بن محمود حيث أبلت الجماهير الطلابية في كل الأجزاء البلاء الحسن و خاضت ببسالة و شجاعة وإقتدار كل الأشكال النضالية الراقية من إعتصامات و تجمعات عامة و مسيرات داخل الأجزاء توجت بمصادمات عنيفة مع قوات القمع التى لم تستطع بالرغم من حجم التعزيزات و الآليات المستعملة مثل دبابات فرق النظام العام و الحرس و فرق الخيالة و فرق الأنياب و الطائرات العمودية و أرقام خيالية لا يقدر على إحصائها إلا الله و بعده وزارة الداخلية من قوات راجلة مدججة بكل وسائل البطش و القمع و الإرهاب
فشلت جميعها في تركيع الجماهير الطلابية و في إقتحام الكليات الأمر الذي جعل النظام يعوض فشله الأمني بإقتحام المبيتات الجامعية و التنكيل بالطلبة العزل و إقتيادهم إلى دهاليز التعذيب في مقرات وزارة الداخلية و بقية أماكن التحقيق السرية .
إلا أنه و بالرغم من شراسة الهجمة البوليسية على الفضاء الجامعي إستمرت فعاليات المقاومة الطلابية ثأرا لمقتل الزعيم الطلابي عثمان بن محمود و تنديدا بمشاريع السلطة ممثلة في خطة المدعو بن ضياء الرامية إلى تدجين الجامعة و محاصرة حرية العمل النقابي و السياسي .
لقد أسهمت الدماء الزكية التى سالت من جسم الشهيد عثمان بن محمود في يوم 18 أفريل 86 في التعجيل بسقوط الوزير سئ الذكر المدعو عبد العزيز بن ضياء فتحولت بفضل الله سبحانه وتعالى ثم بفضل نضالات الطلبة في معركة الشهادة إلى نار أحرقت خيارات السلطة ضد الحركة الطلابية حيث أجبرتها على التراجع وعلى إغلاق المركب الجامعي إلى حدود شهر جوان موعد الإمتحانات السنوية النهائية .
3 تاريخ الجريمة أبعاد و دلالات : ذكرى "تونسة الأمن":
لا يمكن لأي باحث يدقق في القضايا المعروضة عليه إلا أن يستوقفه تاريخ جريمة إغتيال الشهيد عثمان بن محمود ذلك انه تزامن مع ذكرى تحرص دولة البداوة السياسية في تونس على الإحتفال بها سنويا مؤطرة ذلك الحدث ضمن إسترجاع "السيادة
الوطنية و بسط نفوذ الدولة على كل الأجهزة و القطاعات السيادية ذات العلاقة بأركان الدولة الحديثة وشروط إستمرارها و بقائها .
إن ذكرى " تونسة الأمن " الموافقة ل18 أفريل من كل سنة هذه " الذكرى " التى يحرص النظام على إبرازها كمظهر من مظاهر إسترجاع السيادة على قطاع الأمن من المستعمرالفرنسي و تقديم ذلك على أنه مكسبا و طنيا لا بد من المحافظة عليه و الذود عنه و حمايته من كل المتربصين به ، إستمر هذا الدجل و النفاق و الزيف طويلا حتى جاءت حادثة إستشهاد الطالب المهندس عثمان بن محمود متزامنة بالكامل مع إحتفالات النظام بذكرى تونسة الأمن لتسقط القناع كل القناع عن طبيعة هذا الجهاز الدموي الذي ورثته دولة التحديث المغشوش عن السلطات الإستعمارية و حافظ النظام على نفس عقيدته المهنية القائمة على العنف و إدامة العنف و على التنكيل و البطش وزرع الموت و الخوف في أرجاء الوطن تماما كما كان يفعل المستعمر و المقيم العام بقيادات العمل الوطني و الإسلامي المقاوم لوجوده فوق التراب الوطني .
لقد أزالت دماء الشهيد الطاهرة يوم 18 أفريل 86 كل المساحيق
وكل أنواع الطلاء المحلى و المستورد عن وجه السلطة القبيح حيث ظهرت التونسة على حقيقتها إذ لا تعدو أن تكون تونسة فقط للسان القائمين على جهاز الأمن" بحكم قلة تحصيلهم العلمي و عدم إمتلاكهم لناصية اللغات الأجنبية" فحين بقيت العقيدة المهنية و السلوك و الأداء و العلاقة مع أبناء الشعب محافظة على الطبيعة الغريزية و البدائية المتوحشة لهذا الجهاز الذى لم يكن منذ لحظة التأسيس إلا جهازا تابعا للأجنبي هدفه حماية السلطة و السلطة فقط وما جريمة 18 أفريل 86 إلا مكرا إلاهيا هتك به الله سبحانه وتعالى ستر النظام البوليسى و كشف به عن حقيقة أكذوبة تونسة الأمن المزعومة إذ ما قيمة تونسة لا تراعي حق الحياة لأبناء تونس
و ما الفرق بين أن يقتل تونسي على يد بوليس فرنسى مستعمر و بين أن يلقى التونسي نفس المصير على يد بوليس يحمل أسماء تونسية و يتكلم بلهجة أبناء البلد حتما لافرق في أساس هذا الفعل الإجرامي إلا من حيث الشكل و الإخراج ليس إلا .
4 الجنرال بن علي يستثمرالحادثة و يرتقي في السلم الوظيفي :

لم تمضي 10 أيام فقط على تاريخ جريمة إغتيال الشهيد عثمان بن محمود حتى تحركت اللوبيات الأمنية الداعمة للجنرال حيث أوعزت لبورقيبة ضرورة مكافأة بن علي على هذا الإنجاز الأمنى الذى حققته وحدة النمور السود التى يعود له الفضل في بعثها و تأسيسها .
لقد أكبر بورقيبة تفاني هذا العسكري في خدمة النظام بالرغم ما عرف عنه من حساسية تجاه رجال المؤسسة العسكرية فأسرع في ترقية بن علي من مدير أمن إلى وزير داخلية بقرار رئاسي صادر بتاريخ 28 أفريل 1986 وهو ما فتح المجال أمامه لعسكرة الداخلية و خنق الفضاء العام و الإجهاز على ما تبقى من هامش أمام المجتمع المدني و السياسي .
إن الإحالة على هذا التاريخ في مسيرة بن علي السياسية له الكثير من الدلالات و المعاني و النتائج لعل من أهمها و أكثرها إيلاما للنفس أن أسهم بن علي في سوق السياسة قصد خلافة بورقيبة و الهيمنة على مملكة قرطاج إرتفعت كلما أوغل في دماء الإسلاميين و الوطنيين الشرفاء يدلل على هذه الحقيقة و يثبتها كمعطي هام في تحليل المشهد السياسي التونسي جريمة إغتيال البطل شهيدنا عثمان بن محمود و ما تلى ذلك من موجة قمع و عنف و إرهاب دولة إستمرت حتى دخل الجنرال قصر قرطاج و تعاظمت و إمتدت إلى يومنا هذا .
إن العلاقة التلازمية بين الجنرال بن على و العنف كما يؤشر على ذلك تاريخه تجعل أكثر المتفائلين و الحالمين بإمكانية دمقرطة و مأسسة الدولة في عهده أمام إحراج كبير ذلك أنه لا تاريخه العنيف منذ السبعينات ولا الوقائع التى أنتجها على الأرض منذ وراثته لبورقيبة تبقيان على أي أمل حتى في مجرد الحلم بالإصلاح في عهده لأن حتى الحلم بالديمقراطية و بالتداول السلمي على السلطة جريمة يعاقب عليها القانون النوقمبري ....
5 شعارات و أقوال من وحي حادثة الإستشهاد :

لقد رافقت حادثة الإستشهاد العديد من الأقوال التاريخية صدرت من بعض رموز المجتمع المدني ولعل من أبرزها و أكثرها رسوخا في الذاكرة الجماعية للطلبة الذين شهدوا و اقعة إستشهاد الطالب عثمان بن محمود قولة الأستاذ المفكر راشد الغنوشى في معرض تعليقه على جريمة الإغتيال حيث قال [ إن دماء الشهيد عثمان بن محمود و دماء كل الشهداء الذين سقطوا فوق التراب التونسي وهم يقاومون الإستبداد و الفساد و يتصدون لمنتوج شجرة الزقوم البورقيبية الخبيثة، ستبقى هذه الدماء سمادا يلقح هذه الأرض الطيبة ضد مشاريع التغريب و العلمنة و الإستبداد.
فلا مستقبل لدكتاتورية تتحرك فوق أرض سمادها من دماء الشهداء .... ]
المفكر الأستاذ راشد الغنوشي
من شعارات الطلبة أثناء معركة الشهادة في المركب الجامعي .
أم عثمان " رحمها الله " لا تهتمي دم عثمان هو دمي
يا شهيد لا تهتم الحرية تفدى بالدم
يا شهيد سير سير هذا عهد الجماهير .
جامعتنا حرة حرة و البوليس على برة
و تستمر معركة الحريات و من يكرم الشهيد يتبع خطاه .
الملاحق و المراجع :
1 كتاب : 8 ماي ربيع الجامعة التونسية
2 شريط تونس 87
3 بقايا من ذكريات صاحب المقال .
------------------------------------------------------------------------
شاهد:والدة الشهيد عثمان بن محمود تتحدث في شريط عن ابنها رحمة الله عليهما


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.