توسعت الأزمة الديبلوماسية بين تونسوفرنسا لترتدي بعدا اقليميا بعدما طلب الرئيس زين العابدين بن علي من البلدان الأعضاء في الإتحاد المغاربي والإتحاد الأفريقي التضامن مع بلده في وجه ما اعتبره "تدخلا في شؤونه وتشويها لسمعته" في وسائل إعلام فرنسية لم يُسمها. وسارعت ليبيا التي ترأس الإتحادين إلى إعلان "إدانتها القوية للتدخل في الشؤون الداخلية لدولة أفريقية باعتباره تطاولا على دساتيرها ومؤسساتها وأنظمتها القضائية". وأبدت الرئاسة الليبية انشغالها ل"تضخيم أطراف أجنبية حادثة عادية تتعلق بمشاجرة بين شخصين من تونس وكأن هذه الأطراف مسؤولة عن المواطن في الدول الأفريقية والعربية"، في إشارة إلى ملاحقة القضاء التونسي الصحفي توفيق بن بريك بتهمة التحرش على سيدة. وكان بن علي حمل في شدة على الأصوات التي أبدت انشغالها لأوضاع الإعلام في تونس منتقدا في شكل غير مباشر وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير وعمدة باريس برتراند دولانوي اللذين أبديا في تصريحات منفصلة قلقهما من أوضاع الحريات في هذا البلد الشريك الرئيسي لفرنسا. وقال بن علي في أول خطاب ألقاه بعد أداء القسم أمام البرلمان الجديد وافتتح به ولايته الرئاسية الخامسة (2009 – 2014) إن تونس "تتمسك باستقلالها وترفض أي تدخل في شؤونها ولا تسمح لأي أحد بالتطاول عليها أو تشويه سمعتها". غير أنه حض في الوقت نفسه الإتحادين المغاربي والأفريقي على "التصدي لتلك الخروق التي تتعارض مع مبدإ احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها". وحمل في شدة على بعض معارضيه متهماً إياهم باللجوء إلى الخارج والاستقواء بالأجنبي على حساب مصالح بلدهم. وقال "يخال بعض الأفراد أن الصفات التي يمنحونها لأنفسهم تتيح لهم مخالفة قوانين البلاد والإساءة اليها حتى إن وقعوا تحت طائلة القانون لجأوا إلى غطاء سياسي يبررون به أفعالهم، في حين أن هذه الأفعال تدخل في إطار أفعال حق عام وليست لها أي علاقة بانتماءاتهم وأفكارهم" في إشارة إلى الصحفيين بن بريك وزهير مخلوف. بروكسيل بعد باريس وأتى هذا الإنعطاف في الأزمة الديبلوماسية الفرنسية التونسية في أعقاب دخول بروكسيل على الخط من خلال الموقف الذي اتخذه وزير خارجيتها إيف لوتارم ردا على سؤال لنائبة في مجلس الشيوخ البلجيكي والذي أكد قلق بروكسيل، أحد شركاء تونس البارزين في الإتحاد الأوروبي، من الإتجاه الذي سارت فيه الأوضاع أثناء الإنتخابات الرئاسية والبرلمانية التي أجريت في تونس في الخامس والعشرين من الشهر الماضي وبعدها. وقال لوتارم في جواب تلاه زميله في الحكومة إيتيان شوب إن الصورة التي تلقتها بلجيكا عن تلك الإنتخابات من خلال تقارير سفارتها في تونس أظهرت انتهاكات للحريات الإعلامية وتضييقات شديدة على المعارضين والنشطاء في تونس. واللافت أن صحفا بلجيكية بارزة نقلت تلك التصريحات وأثنت عليها معتبرة أن بروكسيل توخت الصراحة والوضوح مع تونس، ما شكل مؤشرا إلى احتمال توسيع الخصومة الديبلوماسية من باريس إلى بروكسيل. ولوحظ أن ليبيا التي تعد الشريك الإقتصادي العربي الأول لتونس والتي سبق زعيمها العقيد معمر القذافي نظراءه العرب إلى تهنئة الرئيس بن علي بالفوز بولاية خامسة، هي التي تزعمت حملة التضامن مع تونس في صراعها مع فرنسا. وفي سياق متصل وصفت نقابة الصحفيين التونسيين الإجراءات التي اتُخذت أخيرا في حق الإعلاميين "موجة غير مسبوقة من التضييقات والقمع المسلط على الصحفيين" وحضت على وقفها وإلغاء التدابير التي أدت إلى احتجاب صحف المعارضة وغلق إذاعات خاصة. وطلبت النقابة في بيان وقع عليه النقيب ناجي البغوري وتلقت نسخة عنه، من السلطات الإفراج عن الصحفيين المعتقلين توفيق بن بريك وزهير مخلوف و"وضع حد لسياسة حجب المدونات والمواقع الالكترونية واستهداف المدونين وترويعهم".