تونس:تواصل عدة شخصيات حقوقية وسياسية جهودها لمحاولة تهيئة ظروف مناسبة لتسوية الخلافات القانونية والسياسية بين عدد من المعنيين بملف الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان وقياداتها الحالية والسابقة.. تمهيدًا لعقد المؤتمر الوطني المؤجل للمنظمة وتمكينها من استئناف دورها الحقوقي الوطني في أقرب وقت.. لكن الاتصالات ومحاولات التجاوز تعترضها صعوبات من داخل الرابطة وخارجها.. حسب عدد من المصادر.. وفي الوقت الذي رحبت فيه أوساط عريضة من النشطاء الحقوقيين والسياسيين ببعض »المساعي الخيرة والوساطات« ومقترحات »الحل الوسط سياسيًا وقانونيًا«.. لا تزال شخصيات مؤثرة في الأزمة الحالية »متصلبة«.. وتقوم بخطوات يعتبرها خصومها »سلبية« و»تتناقض جوهريًا« مع جهود المصالحة وطي صفحة الماضي.. فيما يبدو التباين كبيرًا بين أنصار تسوية الأزمة سياسيًا بحلول وفاقية.. والمتمسكين بحلول قانونية للخلافات وللأزمة ككل.. وساطات سياسية أهم جهود الوساطة والتسوية السياسية تمثلت مؤخرًا في لقاءات تفكير وتشاور في الكواليس شارك فيها أمناء عامون في أحزاب المعارضة أدت إلى عقد جلسة نظمها السيد عبد الوهاب الباهي عضو الهيئة المديرة للرابطة سابقا وعميد المحامين الاسبق بين رمزي التيارين المتقاضيين لدى المحاكم منذ سنوات السيدين المختار الطريفي والشاذلي بن يونس.. والسيد المختار الطريفي يتفاوض بالنسبة لأنصاره بصفته رئيس »الهيئة المديرة الشرعية التي أفرزها المؤتمر الخامس في 2000«.. بينما يشكك خصومه في الشرعية القانونية لتلك الهيئة لأن »القضاء أصدر مرارًا أحكامًا بلا قانونيتها« وكلفها بمهمة واحدة هي التحضير المادي للمؤتمر »مع احترام قانون الجمعيات والقانون الأساسي والنظام الداخلي«.. والسيد الشاذلي بن يونس يتفاوض بصفته رئيس فرع منفلوري وعضو المجلس الوطني القديم وممثل الفروع والنشطاء الذين تقدموا منذ 2005 بقضايا عدلية عديدة إلى المحاكم للطعن في لا شرعية »المؤتمر الوطني السادس« الذي كان يفترض عقده في موفى صائفة 2005.. وأصدر القضاء وقتها أحكاما لصالح تلك الفروع في القضايا التي رفعها أساسا ممثلون عن18 فرعًا (من بين فروع الرابطة ال41) التي قررت الهيئة المديرة عام 2004 حلها.. ومن بينها خاصة فروع من منفلوري وتونسالمدينة والحمامات والكاف والقصرين وتطاوين.. فضلاً عن عشرات من القضايا التي طعنت في قانونية ممارسات حصلت خلال مؤتمرات فروع أخرى في عدة جهات من بينها قابس وصفاقس والحرايرية والوردية.. أو خلال عمليات الدمج والحل.. إلخ. لكن السيد الشاذلي بن يونس »ليست له صفة رابطية« منذ2005 حسب خصومه والهيئة المديرة الحالية.. لأن فرعه »وقع دمجه مع فرعي الحرايرية والوردية«... الحل القانوني.. مأزق هذه التعقيدات »القانونية« دفعت العديد من الأطراف الحقوقية والسياسية وشخصيات فاعلة من داخل »الأطراف المتنازعة« ذاتها إلى المناداة بتسوية سياسية للأزمة.. واعتبرت تلك الاطراف أن التمسك بالحل القانوني الصرف »سيؤبد الأزمة«.. وسيجعل المأزق الحالي يتواصل أكثر.. لأنه يتناقض مع خيار تقديم كل طرف »تنازلات عملية وملموسة وحقيقية خدمة لمصلحة حقوق الانسان والبلاد«.. وتعتبر شخصيات سياسية وحقوقية من تيارات مختلفة أن تمسك أي طرف ب»الحل القانوني البحث «، يعني عمليا استبعاد عقد المؤتمر الوطني في مارس أوفي جوان القادمين.. وربما بعد ذلك.. لأن عشرات الأحكام والقرارات القضائية التي صدرت ضد الهيئة المديرة الحالية منذ2005 وقبل ذلك واضحة من حيث إدانتها للهيئة المديرة الحالية.. وتختزل تلك الأحكام والقرارات دورالهيئة في مجرد »لجنة مكلفة بتنظيم المؤتمر الوطني« بعد تدارك الانتهاكات السبعة للنظام الداخلي والقانون الأساسي التي تسببت في قرارات إبطال مؤتمر2000 ومن بينها: عقد المؤتمر الخامس دون بيع الانخراطات (طوال7 أعوام)، واختيار نواب المؤتمر الخامس بنواب المؤتمر الرابع الذين انتخبوا عام1993 دون تنظيم انتخابات جديدة لأعضاء مؤتمر 2000، وترشح شخصيات للهيئة المديرة لا تتوفر فيهم الشروط القانونية.. إلخ. مؤتمرات غير قانونية في المقابل يعتبر السيد الطريفي وأنصاره أن خصومهم ارتكبوا بدورهم مخالفات بالجملة للقانون الأساسي والنظام الداخلي وقانون الجمعيات.. كما يطعنون في قانونية المؤتمرات التي نظمتها7 فروع »قريبة من حزب التجمع الدستوري الديمقراطي« عام2005 وأفرزت هيئات.. دون حضور ممثل عن الهيئة المديرة. كما يطعن السيد الطريفي وأنصاره في القرارات القضائية التي صدرت ضدهم خلال الاعوام العشرة الماضية.. ويعتبرونها »حصارًا سياسيًا بغطاء قانوني«.. وأعرب السيد الشاذلي بن يونس ل»الصباح« أنه وأنصاره أبدوا استعدادًا للتعامل بمرونة مع الجانب القانوني للملف »بالرغم من كونه في صالحنا مائة بالمائة.. إذا لمسنا من الطرف المقابل جدية في الخروج من الأزمة عبر وفاق حقيقي«.. مرونة ..متبادلة في المقابل فان السادة الشاذلي بن يونس رئيس فرع منفلوري ورضا الملولي رئيس فرع تونسالمدينة وفتحي عطية رئيس فرع الحمامات ورؤوف الجمل رئيس فرع الحرايرية ورفاقهم، يعتبرون أن »المؤتمر الوفاقي ينبغي أن يبنى على أسس صحيحة«.. من بينها إقرارالسيد المختار الطريفي بشرعية الطعونات التي تسببت في الأزمة خلال طوال عقد كامل.. على أن يكون الحل »الوفاقي« عمليًا وبراغماتيًا »ولا يقصي أحدًا.. ولا يستثني أي تيار أو مجموعة من المناضلين«.. وقد نفى السيد المختار الطريفي مرارًا أن يكون مع إقصاء التجمعيين.. رغم عدم وجود أي تجمعي في الهيئة المديرة التي يرأسها منذ عام 2000.. واستدل الطريفي بكون بعض فروع الرابطة التي أشرفت عليها الهيئة المديرة يرأسها تجمعيون مثل فرع سيدي بوزيد الذي يرأسه السيد رؤوف النصيري.. 5 نقاط البيان الذي أصدرته الهيئة المديرة للرابطة تضمن إشارات ايجابية واعلانًا عن »استعدادها للتعاون مع مختلف الأطراف المعنية والمؤمنة بأن الرابطة مكسب وطني يجب المحافظة عليه«. وعبّر البيان عن إيمان الهيئة بأن »عقد مؤتمر وفاقي، لا يقصي أي طرف، ويكون مسنودًا من جميع الرابطيات والرابطيين، هو الخيار الأمثل لإخراج الرابطة من المأزق الذي تواجهه منذ سنوات«. وأعلن عن »العزم على إنجاز المؤتمر السادس في أجل لا يتجاوز شهر مارس المقبل مع الحرص على عقده قبل ذلك التاريخ إن توفرت الظروف المناسبة«. وكلفت الهيئة المديرة لجنة لإدارة »الحوار الداخلي والتفاوض برئاسة الأستاذ المختار الطريفي رئيس الرابطة«، تضم السادة صلاح الدين الجورشي وخليل الزاوية وأنور القوصري ومصطفى التليلي.. لكن الطرف المقابل الذي رحب بتلك الإشارات الإيجابية يطالب الهيئة المديرة بالعودة إلى مبادرة النقاط الخمسة التي كانت منطلق الحوار مع السيد المنصر الرويسي رئيس الهيئة العليا لحقوق الانسان، في جوان 2007.. و»على رأسها اعادة النظر في موضوع الهيكلة والفروع«.. كما يطالبونها بتجنب التصريحات السياسية التي يمكن أن تعقد الحوار.. خلافات سياسية وقانونية إلا أن من بين الخلافات الرئيسية بين الطرفين الآن مثلما برز خلال اللقاء بين السيدين المختار الطريفي والشاذلي بن يونس بحضور السيد عبد الوهاب الباهي مسألتان : الأولى سياسية وقانونية: هل يتعلق الأمر بوفاق سياسي متكافئ بين طرفين أحدهما في الهيئة المديرة والثاني معارض لها.. أم بمجرد بعض جلسات الحوار التي تدعو لجنة الهيئة المديرة الخماسية إلى عقدها »مع كل الرابطيين دون استثناء بمن في ذلك الشاكين الذين حصلت مع بعضهم لقاءات أولوية«.. بما يعني »توبة« الطاعنين في قانونية المؤتمر الخامس وفي عشرات الإجراءات التي اتخدها السيد المختار الطريفي وأنصاره وعودتهم إلى »الجادة«؟؟ المسألة الثانية إجرائية: هل تقبل الهيئة المديرة ب»الحل الوسط والتوفيقي« الذي قدمه السيد الشاذلي بن يونس.. والذي قبل مبدأ عقد المؤتمر الوطني »في أقرب وقت« بأعضاء الفروع ال 25الذين أشرفت عليهم الهيئة المديرة مع هيئات الفروع السبعة »التي عقدت مؤتمراتها بصفة قانونية دون حضور عضو من الهيئة المديرة«.. وهي فروع منفلوري وتونسالمدينة والحمامات والحرايرية والكاف وتطاوين؟ وحسب المعطيات الأولية فقد رفض السيد المختار الطريفي هذا المقترح.. ووصف تلك المؤتمرات باللاقانونية.. وهو ما قد يعيد الملف إلى الصفر.. معطيات جديدة وإذ يتراوح ملف الرابطة مجددا بين المتفائلين والمتشائمين ..فإن الجميع مقتنع بالحاجة إلى »التحرك بسرعة«.. لأن عامل الزمن »أثر على الجميع«..فهل تنجح الرابطة في الخروج من عنق الزجاجة واستئناف دورها قريبًا.. أم وتستمر الدوامة.. ولعبة الدوران في حلقة مفرغة.. فتتراكم ملفات حقوق الإنسان التي تهم المواطنين والتي يمكن للهيئة المديرة الجديدة معالجتها بسهولة عن طريق الحوار؟ - الصباح