سعيّد خلال زيارته إلى صفاقس والقيروان: لا مجال للتفريط في هنشير الشعّال    مناقشة الميزان الاقتصادي    قضية صناع المحتوى الخادش للحياء ...4 سنوات و6 أشهر سجنا ل «انستاغراموز»    103 ملايين دينار .. أرباح الإيجار المالي    مع الشروق .. القطاع السّياحيّ .. قاطرة الاقتصاد المُعطّبة    بنزرت...لهذه الأسباب.. الحِرف اليدويّة مهدّدة بالاندثار !    ارتفاع عدد قتلى السيول في إسبانيا إلى 140 قتيلا    حقيبة الأخبار: العمران تواجه سليمان في باردو وقاعة القرجاني تحوّلت إلى «لغز» كبير    كشفتها تصريحات البدوي : هل فقد سانتوس ثقة هيئة «السي .آس .آس»؟    فتح محضر عدلي للوقوف على ملابسات وفاة رضيعة حديثة الولادة عُثر على جثتها في مصب فضلات (مصدر قضائي)    فيما الأبحاث على أشدّها : العثور على جثتين آدميتين بالمرناقية و العاصمة !!!    معركة مسلحة بين عائلتين في المرناقية: قتيلان والقبض على 15 متورّطا    فيه ظلم مبين وإثم كبير.. هتك الأعراض في الإسلام !    هل ظلم الإسلام المرأة في الإرث؟!    منبر الجمعة: بلوغ الآفاق بسمو الأخلاق    غدا.. انطلاق المؤتمر الوطني الثالث لجراحة الصدر    الإدارة العامة للديوانة تمنح صفة متعامل اقتصادي معتمد إلى 17 مؤسسة جديدة    تقديرات صابة القوارص تتجاوز 14 الف طن في هذه الولاية    بلاغ تحديد الأسعار القصوى عند الإنتاج لبيع للدجاج الحي    وزارة الشباب والرياضة تقيم حصيلة المشاركة التونسية في الالعاب الاولمبية والبرالمبية باريس 2024 وتقدم استراتيجيتها لالعاب لوس انجلس    عاجل/ قتلى في قصف صاروخي من لبنان على اسرائيل    عاجل/ إيران تتوعّد إسرائيل بردّ قاس    الحمامات.. انطلاق أشغال المؤتمر السابع للجمعية التونسية للطب العام وطب العائلة    "فوضى الفضائيات".. قرارات صارمة ضد عدد من البرامج في مصر    مكافحة التهريب : حجز سلع ومنتجات مهرّبة ناهزت قيمتها 409،725 مليون دينار    الدخول إلى المتاحف والمواقع الأثرية والتاريخية مجانا يوم الأحد 3 نوفمبر 2024    الهالوين: أصل الاحتفال به وحقيقة كونه عيدا وثنيا    الترفيع في سقف التمويل وتبسيط الاجراءات الادارية أبرز مطالب أعضاء مجالس ادارة الشركات الاهلية    تأجيل مباراة ريال مدريد وفالنسيا بسبب الفيضانات    تصفيات كاس امم افريقيا (المغرب 2025):تغير طاقم تحكيم وملعب مباراة مدغشقر – تونس    الليلة: امطار متفرقة ورياح قوية بهذ الجهات    ثلاثة أفلام تونسية ضمن فعاليات مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي    محطة استخلاص سيدي ثابت : حجز كميات من المخدرات وايقافات بالجملة    إنتقالات: ريال مدريد يرحب ببيع أحد نجوم الفريق    عاجل/ معركة بين عائلتيْن بهذه الجهة تُسفر عن قتيلين والاحتفاظ ب14 شخصا    كريدة اليد : موعد كلاسيكو الترجي و النجم و بقية المباريات    فرك العينين بطريقة مفرطة يؤدي إلى الإصابة بإضطراب "القرنية المخروطية"    الصحة العالمية: تسجيل مستوى قياسي لحالات الإصابة بالسل    الدورة 28 للمهرجان الدولي للاغنية الريفية والشعر الشعبي بالمزونة    باجة: انطلاق الموسم الزيتي وغلق 4 معاصر شرعت فى العمل قبل الافتتاح الرسمي للموسم    باجة: إخماد حريق بمحل لبيع الدهن والمحروقات بالمدينة    عاجل : رجة أرضية بقوة 4.1 درجة تضرب هذه الدولة العربية    تركيبة أعضاء مكتب ولجان مجلس الجهات والأقاليم    بعد توقّف دام قرابة العامين : المسلخ البلدي بقبلي يعود للعمل    حي هلال: الإطاحة بمروجيْ مخدرات وهذا ما تم حجزه..    خلال زيارة أداها إلى القيروان رئيس الجمهورية يأذن بترميم الفسقية    محتوى مخل بالاخلاق على "التيكتوك": القانون التونسي سيطبق على هؤلاء..#خبر_عاجل    الإعلان عن جوائز الدورة 19 من مهرجان أيام السينما المتوسطية بشنني    تتويج تونسي في الدورة الرابعة من مهرجان أيام كربلاء الدولي للمسرح بالعراق    الاتحاد الأوروبي لكرة القدم يتعهد باستثمار مليار أورو لتطوير الكرة النسائية    فلكيا.. متى يبدأ شهر رمضان2025 ؟    عاجل/ رئيس الدولة يكشف عن عملية فساد مالي واداري في هنشير الشعّال..    في لقطة مثيرة للجدل: ترامب يصل إلى تجمع انتخابي بشاحنة قمامة    صور وفيديو: رئيس الجمهورية في زيارة غير معلنة إلى هنشير الشعال وبئر علي بن خليفة والقيروان    رئيس الجمهورية يؤدي زيارة غير معلنة إلى "فسقية الأغالبة" بولاية القيروان    مفزع/ منظمة الصحة العالمية: 8 ملايين شخص أصيبوا بالسل الرئوي في 2023    عاجل : وفاة الممثل المصري المشهور مصطفى فهمي    لا تنهدش .. كنت يوما صديقي .. اليوم تيقنت اننا لا يمكن ان نواصل …عبد الكريم قطاطة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالله الفقيه: استمرار القصف السعودي سيجمع الحوثيين والقاعدة

يطرح اليمن اليوم أكثر من وقت مضى جملة من القضايا والإشكالات:
إشكال الوحدة والانفصال بين جنوب يسعى لفك الارتباط وشمال يسيطر على الدولة ومنافعها.
إشكال الصراع بين الدولة والقبيلة خصوصا بالنسبة للمجتمع اليمني الذي تأخذ فيه القبيلة مساحة سياسية وأمنية توازي أو تلغي أحيانا المساحة التي كان على الدولة أن تشغلها.
إشكال الحركات المذهبية والدينية المسلحة التي أصبحت تهدد النظام بل وبنية الدولة نفسها كالحوثيين وكتنظيم القاعدة في بلاد الحرمين. هذه الإشكالات وغيرها طرحناها على الكاتب والأكاديمي اليمني الدكتور أحمد صالح الفقيه أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء.
القاعدة بجزيرة العرب
الحوثيون
الحراك الجنوبي
التأثيرات الإقليمية
مستقبل اليمن
العالم العربي
تنظيم القاعدة الجهادي في جزيرة العرب
ما قراءتك المستقبلية لما ستقوم به الولايات المتحدة تجاه تنظيم القاعدة الجهادي في جزيرة العرب بعد تصريحات الشاب النيجيري عمر فاروق عبد المطلب، الذي كان على وشك تفجير طائرة ركاب أمريكية فوق ديترويت من أنه تلقى تدريبات في معسكرات القاعدة في اليمن، وأن كثيرا من أمثاله هناك، خصوصا وأن البعض يتحدث عن تورا بورا يمنيّة في ظل تشابه البيئة الطبيعية الأفغانية وكذلك البيئة الاجتماعية مع البيئة اليمنية؟
"
سيعمل الأمريكيون وحلفائهم على احتواء بؤر التوتر والصراع القائمة وخصوصا الحرب في الشمال والفوضى في الجنوب لأنه سيكون من الصعب محاربة القاعدة في ظل استمرار بؤر الصراع القائمة
"
- في تصوري أن الولايات المتحدة ستتبنى إستراتيجية تقوم على فكرة "تطلع للأفضل" و"حضر للأسوأ"، وهذا يعني أنها ستأمل أن تتمكن الحكومة اليمنية من احتواء خطر القاعدة بنفسها بأقل التكاليف الممكنة لكنها في ذات الوقت ستعمل على التحضير لتدخل عسكري مباشر. ومن المرجح أن يتحرك الأمريكيون خلال الفترة القادمة في عدة اتجاهات حيث سيعملون من جهة على تقوية الشراكة مع الحكومة اليمنية، وقد يدفعون بقوة نحو تشكيل قوة خاصة مستقلة لمحاربة الإرهاب بإشراف مشترك وتدريب وتسليح متميز ومزايا للمنخرطين فيها تختلف عن المزايا التي يحصل عليها المنتسبون إلى الجيش اليمني. من جهة ثانية، فإن الأمريكيين قد يعملون على توسيع تحالفاتهم واتصالاتهم مع القوى المحلية وخصوصا شيوخ القبائل، والجماعات السياسية والاجتماعية الفاعلة داخل الحكومة أو خارجها.
وسيتبنون إستراتيجية إعلامية جديدة لليمن تعمل على المستويات الثلاثة وتمهد للتدخل المباشر الذي قد تثبت الظروف أنه أمر لا يمكن تجنبه. كما يتوقع أيضا أن يعمل الأمريكيون وحلفائهم على احتواء بؤر التوتر والصراع القائمة وخصوصا الحرب في الشمال والفوضى في الجنوب لأنه سيكون من الصعب محاربة القاعدة في ظل استمرار بؤر الصراع القائمة بل إن تجربة اليمن خلال العقود الخمسة الماضية تشير إلى أن الصراع السياسي يمثل بيئة مناسبة لظهور وتنامي الجماعات المتطرفة.
ومع أن هناك من يقول بأن الولايات المتحدة ستدعم النظام اليمني في مواجهة الحوثيين وحركات التمرد الأخرى إلا أن احتمال حدوث ذلك يبدو ضعيفا بالنظر إلى الآثار التي يمكن أن تترتب على ذلك فيما يتصل بظاهرة الإرهاب. وسيكون هناك بالتأكيد جهد اكبر في مجال التنمية وخصوصا في المناطق التي تشكل ملاجئ لعناصر القاعدة لأن التخلف الاقتصادي والاجتماعي يمثل إحدى مغذيات الإرهاب.
وسيحتاج الأمريكيون في تقديري ابتداء من هذا العام لإنفاق ما لا يقل عن نصف مليار دولار على الوضع في اليمن لأن ذلك المبلغ هو الحد الأدنى لتحقيق أي تقدم يذكر على صعيد مواجهة الأخطار المباشرة وغير المباشرة للإرهاب. ومع أن المبلغ ضئيل بالقياس إلى التكاليف التي يمكن أن تترتب مستقبلا على تدهور الوضع في اليمن إلا أن الولايات المتحدة قد تجد المبلغ كبيرا.
كثر الحديث في المدة الأخيرة عن إمكانية تدخل أمريكي غربي في اليمن لمواجهة خطر القاعدة، ففي حال حصول الأمر ما تأثيره على الوضع اليمني، هل سيدعم ذلك استقرار الحكم في اليمن وإضعاف القاعدة أم لا؟
- يتطلب أي تدخل خارجي بنية أساسية للتدخل (معلوماتية واستخباراتية، ثقافية، إعلامية، واقتصادية...الخ) ولا اعتقد أن الحد الأدنى من تلك البنية متوفر في اليمن وإن كان البريطانيون يملكون ميزة نسبية في هذا الجانب بحكم تعاملهم مع الشأن اليمني عن قرب لعشرات السنين. وفي كل الأحوال فإن تأثير التدخل على الوضع في اليمن سيرتبط بطبيعة ونوعية ومدى نجاح الجهود التي تمهد للتدخل ومدى قدرتها على بناء الثقة بين الخارج والداخل، وكذلك بالسياق الذي يتم فيه التدخل. فإذا تم التدخل الغربي في ظل حدث كبير كأحداث 11 سبتمبر/ أيلول أو تفجيرات لندن فإن تأثيره على الوضع في اليمن سيكون أخف بالتأكيد وسيعزز من قوة الحكومة ويضعف القاعدة.
أما إذا تم التدخل الآن واعتمادا على المعطيات القائمة فإن هناك احتمالا كبيرا بأن يؤدي التدخل إلى انهيار الحكومة المركزية وبروز القاعدة والجماعات المتطرفة المعادية لأمريكا كقوة يصعب السيطرة عليها.
تعيش اليمن ثلاث معارك ملتهبة، مواجهة مع تنظيم القاعدة في أبين وشبوة وأرحب، وأخرى مع الحوثيين في صعدة وثالثة مع قوى الحراك في الجنوب؟ وهل هناك تنسيق بين هذه الأطراف الثلاثة رغم تباين خلفياتها الفكرية (سلفيون أصوليون وشيعة زيدية ويساريون علمانيون)؟
"
استمرار التدخل السعودي والقصف العشوائي لمناطق الحوثيين يمكن أن يخلق العدو المشترك الذي يجمع الحوثين والقاعدة وهو ما لم يحدث حتى الآن
"
- أعلنت القاعدة دعمها لانفصال الجنوب مما يعني أن هناك مصلحة مشتركة بين الطرفين يمكن أن تتبلور في المستقبل وهي إنشاء دولة جديدة. لكن الحراك في الوقت الحالي يقف في جانب والقاعدة تقف في جانب آخر مع ملاحظة أن الحراك يتسم بالتنوع وقد تكون القاعدة قريبة جدا من بعض مكوناته مثل المكون القبلي وبعيدة جدا عن الجناح اليساري. وما يمكن أن يدفع بالطرفين إلى التقارب والتحالف هو الضربات الجوية وقتل المدنيين والمبالغة في القمع سواء من قبل الحكومة اليمنية أو أي قوة أخرى.
بالنسبة للعلاقة بين القاعدة والحوثيين فإن استمرار التدخل السعودي والقصف العشوائي لمناطق الحوثيين يمكن أن يخلق العدو المشترك الذي يجمع الطرفين وهو ما لم يحدث حتى الآن. حدوث تدخل أمريكي داعم للنظام في مواجهة الحوثيين سيكون له أثره القوي في التقريب بين القاعدة والحوثيين وينطبق ذات الحكم على الوضع في الجنوب. بالنسبة للعلاقة بين الحوثيين وبين حراك الجنوب فهناك بعض التعاطف ناتج عن التقارب السلالي بحكم أن قادة التمرد في الشمال ومعظم القادة السياسيين في الجنوب (الأستاذ علي سالم البيض، الرئيس علي ناصر محمد، المهندس أبو بكر العطاس،..) ينحدرون من أصل هاشمي. وربما كان هناك تطلعات مشتركة. وقد يشعر الهاشميون بشكل عام سواء أكانوا في الشمال أو في الجنوب أن وضعهم في ظل الدولتين كان أفضل منه الآن، لكن الموقف المعلن للحوثيين حتى الآن هو أنهم ضد انفصال الجنوب. ولعل ما يخيف في كل هذا هو أن القاعدة تبدو أقرب إلى الحكومة اليمنية من الحوثيين والحراك. لكن القول بأن لا تنسيق بين الأطراف الثلاثة لا ينفي علاقة التأثير المتبادل. فالواضح أن حروب صعدة وأداء النظام فيها قد كان لها الأثر الكبير على تحرك الجنوب. كما أن الحرب في صعدة والحراك في الجنوب كان لهما أثرهما الكبير في إعطاء القاعدة مساحة واسعة للحركة .
ما تفسيرك لزيادة أعداد اليمنيين في أي فصيل "جهادي" ينتشر على مستوى العالمين العربي والإسلامي؟
- سيكون من التبسيط أن يعزى هذا الأمر إلى جانب دون آخر. لكني أعتقد أن التوليفة التي تقف خلف هذا الأمر هي ضعف بنية الدولة والفشل في تحقيق التنمية الاقتصادية وهو ما قاد إلى تخلف اجتماعي وإلى انتشار كبير للامية والفقر والبطالة وغياب الفرص وضعف التحديث. وقد عمق نمو السكان بمعدلات مرتفعة من مشاكل اليمن. وساهم موقع اليمن الجغرافي ومجاورته للملكة العربية السعودية وطبيعة التضاريس في المشكلة. ومن الواضح أن القوة النسبية لقبضة الحكومة السعودية والضعف الشديد لقبضة الحكومة اليمنية قد حول اليمن إلى متنفس للنزعات المتطرفة في السعودية. ويبدو أن مفتاح كل هذه المشاكل هو الحكومة القوية القادرة على السيطرة والتحديث وتحقيق التنمية وأي حكومة قوية في اليمن لا بد أن تقوم على الاشتمال والمشاركة.
يشاع أن بعض القبائل اليمنية تعطي عناصر القاعدة حرية الحركة في مناطقها، فهل ستواجه الدولة هذه الحواضن القبلية؟
هناك فرق بين المواجهة اللحظية والمواجهة المستديمة. فالحكومة اليمنية يمكن أن تقوم بالمواجهة اللحظية المرتبطة بالخطر المباشر حتى عن طريق الدفع للقبائل مقابل تخلصها من عناصر القاعدة في ربوعها لكن ذلك لا يعالج جذور المشكلة. بل إن الدفع للقبائل مقابل عدم السماح لعناصر القاعدة بالتحرك في أراضيها قد يحول تلك العناصر إلى مصدر دخل للقبائل. والحل بالطبع هو في امتداد سيطرة الدولة إلى مناطق القبائل والعمل على دمج تلك القبائل من خلال التنمية والتحديث في إطار الدولة.
الحوثيون
ما مكانة الحوثيين في الوسط الزيدي وهل يمكن أن يستقطبوا الزيود في اليمن كما فعل حزب الله مع شيعة لبنان؟
"
النظام اليمني يتحرك باتجاه السنة بغية إضعاف المذهب الزيدي الذي يشكل مصدر قوة للزيدية الهاشمية التي يعتبر الحوثيون إحدى مكوناتها لكن هذه السياسة هي ذاتها التي غذت الصراع بين الطرفين
"
- تتركز السلطة في اليمن في أيدي الزيدية الذين يشكلون قرابة 25% من السكان بينما يعيش السنة الذين يشكلون 75% من السكان على الهامش السياسي. ويؤدي التركز الشديد للسلطة في أيدي الزيدية وتأسيس ذلك التركيز على مبادئ وتعاليم المذهب الزيدي إلى ظاهرتين متناقضتين: الأولى ظاهرة التماسك في مواجهة الآخرين والثانية ظاهرة الصراع الشديد على السلطة داخل الزيدية. وقد أدى انتقال السلطة من الزيود الهاشميين إلى الزيود القبليين بعد ثورة 26 سبتمبر/ أيلول 1962 إلى انقسام كبير داخل الزيدية والى إضعاف المذهب كقوة اصطفاف لتحل محله الرابطة السلالية (الهاشمية) ورابطة المصالح (الاقتصادية). ويبدو أن الحوثيين (والهاشميين بشكل عام) لهم قدرة كبيرة على استقطاب ليس الزيود فقط ولكن السنة أيضا، ويستثنى من ذلك الفئات المرتبطة بمصالح قوية مع السلطة سواء أكانت هاشمية أو قبلية. ويلاحظ أن النظام في اليمن يتحرك باتجاه السنة بغية إضعاف المذهب الزيدي الذي يشكل مصدر قوة للزيدية الهاشمية التي يعتبر الحوثيون إحدى مكوناتها لكن هذه السياسة هي ذاتها التي غذت الصراع بين الطرفين.
هل يوجد فعلا دعم إيراني للحوثيين؟ وهل يمكن لجماعة قليلة في إحدى المحافظات اليمنية الصغيرة أن تصمد هذه الفترة الطويلة وتخوض ست حروب دون مساعدة خارجية مستمرة؟
- شهد عقد التسعينيات دعما إيرانيا للزيدية في اليمن على مرأى ومسمع الحكومة اليمنية وتمثل ذلك الدعم في إشكال كثيرة مثل برامج التبادل الثقافي والديني والدعم المالي لتعليم المذهب ولم يختلف الدعم الإيراني عن الدعم السعودي للسنة في اليمن أو للسلفية. لكن الحديث عن دعم عسكري إيراني للمتمردين يظل مجرد افتراض يفتقر إلى أدلة كافية لإثباته. أما سبب استمرار الجماعة القليلة في محافظة يمنية صغيرة لست حروب فيمكن تفسيره ببساطة بالقول إن الجماعة ليست قليلة وأنها تتلقى كافة إشكال الدعم ليس من إيران أو من أي دولة خارجية بل الأرجح من داخل اليمن. وقد يكون استمرار الجماعة الصغيرة مؤشرا على ضعف الدولة أكثر منه دليلا على قوة الجماعة ذاتها.
الحراك الجنوبي
ما مدى استجابة الشارع في الجنوب للصراع بين الحراك الجنوبي وبين الحكومة في صنعاء؟
- فيما عدا بعض الجزر الصغيرة من المصالح التي نمت مع قيام دولة الوحدة فإن الواضح أن الشارع الجنوبي هو الحراك ذاته ويبدو أن صراع النخب الشمالية والجنوبية في عام 1994 وما تعرض له الجنوب من تهميش بعدها قد وجهت مجتمعة ضربة قوية للمشاعر الوطنية والهوية المشتركة التي مثلت أهم أسس قيام الوحدة اليمنية. لكن الكثير من الجنوبيين وفي الوقت الذي يتوقون فيه إلى الانفصال يدركون جيدا أن هناك صعوبات كبيرة تواجه ذلك الهدف وأنه ربما كان مستحيلا.
ما طبيعة قيادة الحراك الجنوبي: هل هي موحدة ومؤهلة ولها أجندة محددة؟
"
هناك تاريخ مليئ بالصراع العنيف بين القوى الجنوبية وربما تكون الآن متفقة إلى حد ما في مواجهة العدو المشترك لكن ذلك الاتفاق قد لا يصمد طويلا
"
- الشيء الوحيد الذي يجمع قيادات الحراك هو مطلب الانفصال الذي يرفع كشعار عريض وفيما عدا ذلك فإن تلك القوى تختلف فيما بينها حول كل شيء آخر تقريبا بما في ذلك اختلافها حول الطريق الذي ينبغي اتباعه للوصول إلى الهدف المشترك. وربما كان السيد علي سالم البيض الموجود حاليا في الخارج، والرئيس السابق لجنوب اليمن علي ناصر محمد الموجود في الخارج أيضا والشيخ طارق الفضلي الجهادي السابق والموجود حاليا في محافظة أبين هم أبرز قادة الحراك سواء بشكل مباشر أو غير مباشر. ويلاحظ أن السيد البيض والسيد محمد برغم انتمائهما اليساري قد خاضا صراعا عنيفا ضد بعضهما البعض في عام 1986. أما الشيخ طارق الفضلي فهو نجل سلطان سابق أخرج من الجنوب بعد وصول اليسار إلى السلطة وتبنيه لسياسات التأميم وهو صاحب ثأر مع اليسار بشكل عام وقد ذهب لأفغانستان ربما لمحاربة السوفييت لأنهم كانوا الداعم الرئيس لخصومه في جنوب اليمن وليس لأنهم شيوعيون أو كفار. والخلاصة هي أن هناك تاريخا مليئا بالصراع العنيف بين القوى الجنوبية وأنها ربما تكون الآن متفقة إلى حد ما في مواجهة العدو المشترك لكن ذلك الاتفاق قد لا يصمد طويلا.
ما هي علاقات الحراك الجنوبي الخارجية وهل هنالك جهة إقليمية أو دولية تقف معه؟
- هناك الكثير من القيادات التاريخية للجنوب الداعمة للانفصال في الخارج، وهناك الكثير من الجاليات الجنوبية في دول الخليج العربي ودول أوروبا وأمريكا الشمالية الداعمة للانفصال أيضا. ومن غير المستبعد أن تكون هناك جهات إقليمية أو دولية داعمة للانفصال إما نكاية بالنظام اليمني أو كأسلوب ضغط على النظام اليمني للقيام بإصلاحات معينة. لكنه يصعب القول بأن هناك دولا خليجية أو غربية تدعم الانفصال في الوقت الحاضر لأن مثل ذلك التصرف سيكون له آثاره السلبية على الجميع.
التأثيرات الإقليمية
ما تأثير ما يجري الساحة اليمنية على الجوار السعودي خصوصا والخليجي عموما؟
- تؤثر حالة عدم الاستقرار السائدة في اليمن وضعف الحكومة المركزية على دول الخليج بشكل عام وعلى السعودية بشكل خاص. وتحديدا فإن حالة عدم الاستقرار أو انزلاق اليمن إلى الصوملة يمكن أن يكون له آثاره العميقة على الخليج وخصوصا السعودية. فاليمن يمكن أن يتحول إلى ملجأ آمن لعناصر القاعدة للتدريب والتخطيط والتحضير للقيام بعمليات كبيرة ضد المصالح الغربية داخل الخليج وخصوصا السعودية. هناك أيضا خطر تحول اليمن بحكم موقعه الجغرافي إلى ممر آمن لتهريب المخدرات والمهاجرين غير الشرعيين من قارتي إفريقيا وآسيا. وكما بينت أحداث السنوات والأشهر الماضية فإن الوضع في اليمن يمثل تهديدا كبيرا لأمن المملكة العربية السعودية وبالتالي لأمن الخليج وللأمن والسلم الدوليين. وليس ما هو أدل على ذلك من الحرب الدائرة بين الحوثيين والسعودية في شمال اليمن ومن الهجوم الانتحاري الذي حاولت من خلاله القاعدة في الجزيرة العربية التي تتخذ من اليمن مقرا اغتيال مساعد وزير الداخلية السعودية للشؤون الأمنية الأمير محمد بن نايف، وكذلك محاولة قاعدة الجزيرة تفجير الطائرة الأمريكية عشية عيد رأس السنة.
دخل الجيش السعودي طرفا في المواجهة مع الحوثيين في المناطق الحدودية، فهل سيقدر على حسم المعركة لصالحه، أم أن ثمة خطر التورط في الساحة اليمنية بالغة التعقيد؟
- ليس هناك ما يبعث على القلق من الاشتباكات الدائرة على الحدود بين اليمن والسعودية بين الجيش السعودي من جهة والحوثيين من جهة ثانية وخصوصا بعد أن أدرك السعوديين أن لا وجود لإيران على حدودهم. وواضح من خلال السلوك السعودي والخطاب الإعلامي أن السعودية لا تريد التورط في اليمن. لكن الخطر الكبير على الأمن القومي للسعودية ينبع من مصدرين: الأول هو صوملة اليمن التي قد تقود إلى حالة عميقة من عدم الاستقرار في السعودية ذاتها والثاني هو أن التدخل السعودي في شمال اليمن واستمرار المواجهة مع الحوثيين لكل هذه الفترة وتكبد السعوديين لكل هذه الخسائر البشرية والمادية قد يمثل عامل انكشاف لأمن السعودية ويشجع بالتالي بعض الجماعات على القيام ببعض المغامرات وخصوصا في ظل اختلال توازن القوة الأمريكي ووضع الاستنزاف الذي تتعرض له القوة الأمريكية. ويمثل استمرار الاشتباكات بين السعودية والحوثيين أسوأ الخيارات في ظل الأوضاع الحالية على الصعيدين الإقليمي والدولي في حين أن فض الاشتباك سلميا يمثل أقل الخيارات تكلفة.
مستقبل اليمن
ما مستقبل النظام اليمني وهو يواجه ثلاث جبهات مختلفة؟
- النظام اليمني بل واليمن ذاته في وضع صعب وسيرتبط مستقبل النظام اليمني ومستقبل اليمن ككل بالطريقة التي ستتصرف بها دول الخليج العربي المجاورة اليمن والمجتمع الدولي من جهة وبالطريقة التي سيتصرف بها النظام اليمني ذاته من جهة أخرى.
ما هي السبل المتاحة لخروج اليمن من الأزمة وتجنب مصير الانهيار الكامل؟
- سيتطلب إنقاذ اليمن قيام الدول المجاورة والمجتمع الدولي ككل وفي الوقت المناسب بدور قوي يجمع بين سياسة العصا أي الضغوط بكافة إشكالها، وسياسة الجزرة أي الدعم الاقتصادي القوي الذي يحفز الأطراف اليمنية المختلفة على التحرك نحو المساحة المشتركة، ولن يكون الأمر سهلا بالتأكيد لكن الشفافية في التعامل وتنسيق المواقف واستعداد القوى الإقليمية والدولية لامتلاك المشكلة اليمنية يمكن أن يجعلا عملية الإنقاذ أسهل مما تبدو.
العالم العربي
ذكرتم في بعض تحليلاتكم أن الأبوية داخل المجتمع العربي أسرة وعشيرة وقبيلة تقود إلى الأبوية داخل كل مؤسسة وخصوصا النظام السياسي، حتى أصبحت ثقافة "الخنوع والعجز" هي الثقافة السائدة عربيا، فما الحل إذن؟
- لا يمكن افتراض الجمود في أي ظاهرة سياسية أو اجتماعية لكن درجة الحركية في الظواهر تختلف من مجتمع إلى آخر. وكما أن الجمود له قواه التي تعمل على تثبيته فإن الحركة ينبغي أن تكون لها قواها التي تعمل على الدفع بها إلى الإمام. وفي ظل القرية الكونية التي يعيش فيها الإنسان العربي سيكون من الصعب الانكفاء على الذات أو العض بالنواجذ على ما لدى الإنسان من خير أو شر. والإستراتيجية المثلى هي التغيير التدريجي الذي يوازن بين قوى الجمود وقوى الحركة وفقا للحاجات المتغيرة للإنسان وبحيث يتحرك الجميع إلى الإمام بدلا من حدوث تناقض يقود المجتمع إلى صراع عنيف. وتمثل التنمية الاقتصادية والتعليم الحديث الأدوات المادية والفكرية للتغيير الذي ينشده الإنسان العربي. والمشكلة أن هناك من يظن أنه يمكن تغيير الأوضاع عن طريق التحديث الشكلي الذي يفتقر إلى الأساس المادية وهو بذلك يستنفر قوى الجمود ويعقد عملية التغيير المنشود.
هل ترى ثمة علاقة بين النسيج الاجتماعي والتكوين السكاني (القبلي/المذهبي/الشرائح العمرية) في العالم العربي عموما والحالة اليمنية وبين ما يقع أحيانا من قلاقل واضطرابات؟
"
لا يمكن الحديث عن الصراعات الدائرة في اليمن دون ربطها بالتنوع السكاني
"
- يمثل التنوع الاجتماعي سواء أكان قبليا أو مذهبيا أو عرقيا أو لغويا أو غير ذلك عامل قوة للمجتمع إذا توفرت لذلك المجتمع دولة قوية قادرة على تحقيق التنمية والعدالة في التوزيع والحياة الحرة الكريمة دون تمييز. ويمثل التنوع عامل ضعف عندما تحاول فئة اجتماعية معينة احتكار السلطة والثروة وإقصاء الفئات الأخرى وتهميشها وطمس هويتها لأن ذلك غالبا ما يقود إلى صراعات عنيفة تمتد لفترات طويلة. ومن المهم الإشارة هنا إلى أن اختلاف الفئات المكونة لمجتمع ما لا يشكل سببا لقيام الصراع بين تلك الفئات أو بين أي منها وبين الدولة. لكن قدرة الفئات الاجتماعية المتصارعة على الحشد على خطوط الاختلافات يجعل الصراع أكثر حدة وغير قابل للحسم بالقوة. وبالنظر إلى الصراعات الدائرة في الوطن العربي سواء في الصومال (تعدد قبلي) أو في العراق (مذهبي، قبلي، عرقي،...) أو السودان (ديني، عرقي،...) فإن الواضح أن هناك علاقة قوية بين طبيعة التكوين السكاني والصراعات الدائرة.
وبالنسبة لليمن فان المجتمع يتسم من جهة بالتعددية سواء على خطوط قبلية أو مذهبية أو عرقية أو مناطقية، ويتسم من جهة ثانية بالتحالفات العابرة للمكونات الاجتماعية المختلفة. ومع ذلك فإنه لا يمكن الحديث عن الصراعات الدائرة في اليمن دون ربطها بالتنوع السكاني.
كثر الحديث عن ضرورة مراجعة الأنظمة التربوية في بعض البلدان العربية بسبب كون هذه الأنظمة تشجع على الإرهاب، فكيف تنظرون إلى هذه المسألة عربيا ويمنيا؟
- لا تعتبر الأنظمة التربوية نصوصا قرآنية لا يمكن مراجعتها أو تعديلها، فالتغيير والتبديل والإصلاح في أي قطاع حياتي هو ضمانة الاستمرار. لكن الطريقة التي تطرح بها القضايا أحيانا تقود إلى الصراع رغم غياب الحاجة إلى ذلك الصراع. فهناك حاجة ماسة لإعادة النظر بالأنظمة التربوية والمناهج التعليمية في العالم العربي على نحو مستمر ولأسباب كثيرة. فالعالم يتغير بسرعة ونحن كعرب يفترض أن نعلم اليوم إنسان عصر العولمة الذي ينبغي أن يكون قادرا على التعامل مع سائر الثقافات والأديان لأن وطنه لن يكون محصورا بمسقط رأسه أو حدود دولته بل إن العالم كله يمكن أن يكون وطنه وميدان حركته. وبالنسبة للإرهاب فكما أن من حق العرب والمسملين عامة أن يطالبوا الدول الغربية بإعادة النظر في مناهجها أو أنظمتها ن من حق الدول والشعوب الأخرى أن تطالب العرب كذلك بإعادة النظر في أمور معينة. وإذا كان العرب هم أنفسهم من سيعيد النظر في أنظمتهم وان تلك الأنظمة لن تفرض عليهم فرضا فليس هناك مبرر للقلق بشأنها.
_______________
مركز الجزيرة للدراسات
المصدر: مركز الجزيرة للدراسات


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.