تونس رشيد خشانة:جددت ليبيا تعاونها العسكري مع روسيا الحليف السابق أثناء الحرب الباردة، وتوصل وزير دفاعها العميد أبو بكر يونس جابر إلى اتفاق أولي مع نظيره الروسي ورئيس "جهاز الخدمات الفدرالية للتعاون العسكري والفني" يتعلق بشراء مقاتلات وصواريخ ودبابات. وبدا أن ليبيا غضت الطرف عن الوعود التي قطعها العقيد معمر القذافي لرئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، خلال زيارته لندن في آذار (مارس) 2004، بالتوقيع على صفقة ضخمة مع مجموعة "بي ايه اي سيستمز" (BAe Systems) لتجديد الأسطول الحربي الليبي بالإعتماد على المطاردات والقاذفات الأوروبية "يوروفايتر" (Eurofighter). وعلى رغم اعتذار الرئيس الروسي عن عدم الإستجابة للدعوة التي وجهها له العقيد القذافي لحضور الإحتفالات التي أقيمت في طرابلس بمرور أربعين عاما على وصوله إلى سدة الحكم في ايلول (سبتمبر) الماضي، استمرت العلاقات الثنائية في مستوى جيد وتكثف تبادل الزيارات. وفي هذا السياق أعلنت مصادر عسكرية روسية مطلع الأسبوع الجاري أن ليبيا تستعد لإبرام صفقات تسلح مع روسيا بقيمة ملياري دولار أميركي. وأفادت وكالة الأنباء "أنترفاكس" نقلا عن تلك المصادر أن جابر تفاوض مع الروس في شأن الحصول على 20 طائرة مقاتلة ومنظومات صاروخية من طراز "إس 300" ودبابات من طراز "تي 90"، بالإضافة لتحديث 140 دبابة من طراز "تي 72". وتعتزم ليبيا أيضا شراء 12 طائرة من طرازي "سوخوي 35" و"سوخوي 30" و 4 طائرات للتدريب من طراز "ياكوفليف 130" من روسيا . وكانت ليبيا اشترت من الاتحاد السوفياتي السابق خلال ثمانينات القرن الماضي 350 طائرة حربية بينها 130 قاذفة من طراز "ميغ 23" و6 قاذفات من طراز "سوخوي 24" و6 طائرات من طراز "توبوليف". كما أوضحت المصادر العسكرية الروسية أن "بإمكان ليبيا أن تحصل في المستقبل على منظومات صاروخية من طراز "إس 400" وطائرات مروحية من طراز "ك 52" و"مي 18" وغواصات وقوارب سريعة من طراز "مولنيا" . وتندرج الصفقة الجديدة في إطار خطة ليبية لتحديث الجيش وتجديد الترسانة الليبية التي تُعتبر غالبيتها سوفياتية الصنع والتي تم شراؤها في السنوات الاخيرة من حقبة الحرب الباردة. وكانت موسكووطرابلس عززتا الاتصالات بينهما في السنوات الاخيرة، وفي عام 2008 قام الزعيم الليبي معمر القذافي باول زيارة للعاصمة الروسية منذ الثمانينات. إلا أنه زار أيضا باريس حيث أبرم الوفد المرافق له عقودا عسكرية قُدرت ب 4.5 مليار دولار. وتضمّنت قائمة المُشتريات 14 طائرة من نوع «رافال» و35 مروحية من طراز "تيغر" و6 طرادات سريعة وسفينتين عسكريتين وبطاريات صواريخ و150 آلية مصفحة. وأعطت الحكومة الفرنسية مُوافقتها على بيع تلك الطائرات لليبيا في إطار صفقة اعتبرت الأكبر التي حصدتها المجموعات الفرنسية منذ ثلاثين عاما، كذلك أبرمت مجموعة "إيدس" EADS)) للتَّصنيع الحربي صفقة مع ليبيا لتجهيزها بنِظام رادار لمراقبة الحدود والمواقع النّفطية، واختار الليبيون نظام الدفاع الجوي المعروف ب "أستر" (Aster). ولم تقتصر خطّة التّحديث العسكرية الليبية على القوّات الجوية، وإنما شملت الدّفاعات البحرية أيضا، إذ وقَّع الليبيون بالأحرف الأولى في تموز (يوليو) 2007 على صفقة مع شركتي "تيليس" (Thales) و"المنشآت الميكانيكية" في مقاطعة نورماندي (شمال فرنسا)، لبناء ستّ خافرات سواحِل مجهّزة بالصّورايخ الفرنسية - الإيطالية "أوتومات" بقيمة 400 مليون يورو. لكن الثابت، أن ليبيا التي كانت في قطيعة مع البلدان الغربية واعتمدت كليا على السلاح الرّوسي طيلة أكثر من رُبع قرن، اتجهت في السنوات الأخيرة لتنويع مصادِر التسلح، وخاصة لضمان إحياء منظومتها القديمة من الأسلحة الفرنسية، وفي مقدِّمتها 30 طائرة حربية من طراز "ميراج أف 1" اشترتها منها قبل فَرض الحظر على تصدير الأسلحة إليها في القرن الماضي. وتتميَّز تلك الفئة من الطائرات الفرنسية بكونها مجهَّزة بصواريخ جو جو من طراز "ماجيك". ولا يمكن فصْل الأسلحة التي اقتنتها ليبيا عن رغبتها في تحقيق نوع من التّوازن مع القِوى الدولية الكبرى المؤثرة في القارة الإفريقية، وسعيها لفرض هيْبتها على الجيران والدول الإفريقية عموما، خاصة وهي تظهَر في مظهر الرّاعي للإتحاد الأفريقي. ومع سعيها لتنويع مصادِر الأسلحة، ظلّت ليبيا مضطرّة في الوقت نفسه، للمحافظة على مصدر التزويد التقليدي (الروسي)، لأن ذلك يوفر لها الكثير من النَّفقات بالنظر الى ان المنظومات الروسية معروفة لديها، إذ تدرّبت عليها قُواتها وتتوافَر عندها قِطع غيِارها التي حصلت عليها في صفقات سابقة، وهو ما يُحقِّق المبدأ الذي يُسميه الخبراء "تجانس المنظومات". القدس