اليوم انطلاق تحيين السجل الانتخابي    في مسيرة لمواطنين ونواب ونشطاء .. دعم لسعيّد ... ورفض للتدخل الأجنبي    "دبور الجحيم"..ما مواصفات المروحية التي كانت تقل رئيس إيران؟    الحرس الثوري الإيراني: تلقينا إشارة من طائرة الرئيس المفقودة    العداء الشاب محمد أمين الجينهاوي يتأهل رسميا لدورة الألعاب الأولمبية باريس 2024    انخفاض في أسعار الدجاج والبيض    الخارجية الإيرانية: جهود الوصول إلى مكان مروحية الرئيس متواصلة    يوميات المقاومة .. ملاحم جباليا ورفح تدفع بالأمريكان والصهاينة الى الاعتراف بالفشل...الاحتلال يجرّ أذيال الهزيمة    ردود أفعال دولية على حادث تحطم طائرة الرئيس الإيراني..    ماذا يحدث في حال وفاة الرئيس الإيراني وشغور منصبه..؟    البينين تشرع في إجلاء طوعي    انفعال سيف الجزيري بعد منع زوجته من دخول الملعب بعد تتويج الزمالك بالكونفدرالية (فيديو)    أولا وأخيرا .. «صف الياجور»    لَوَّحَ بيده مبتسماً.. آخر صور للرئيس الإيراني قبل سقوط مروحيته    قفصة: مداهمة منزل يتم استغلاله لصنع مادة الڨرابة المسكرة    حوادث.. وفاة 12 شخصا وإصابة 455 آخرين خلال 24 ساعة..    4 تتويجات تونسية ضمن جوائز النقاد للأفلام العربية 2024    الزارات -قابس: وفاة طفل غرقا بشاطئ المعمورة    جندوبة: تحت شعار "طفل ومتحف" أطفالنا بين روائع مدينة شمتو    تراجع توقعات الإنتاج العالمي من الحبوب مقابل ارتفاع في الاستهلاك العالمي    يوفر مؤشرات التخطيط الاقتصادي: اعطاء إشارة انطلاق المرحلة التمهيدية لتعداد السكان والسكنى    يوسف العوادني الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس يتعرّض الى وعكة صحية إستوجبت تدخل جراحي    القيروان: الملتقي الجهوي السادس للابداع الطفولي في الكورال والموسيقى ببوحجلة (فيديو)    عاجل/ الرصد الجوي يحذر من حالة الطقس ليوم غد..    بعد "دخلة" جماهير الترجي…الهيئة العامة لاستاد القاهرة تفرض قرارات صارمة على مشجعي الأهلي و الزمالك في إياب نهائي رابطة الأبطال الإفريقية و كأس الكاف    الأهلي المصري يعامل الترجي بالمثل    هام: انخفاض أسعار هذه المنتوجات..    عاجل : ايران تعلن عن تعرض مروحية تقل رئيسها الى حادث    سفيرة الامارات في زيارة لصالون الفلاحة والصناعات الغذائية بصفاقس    لماذا كرمت جمعية معرض صفاقس الدولي المخلوفي رئيس "سي آس اي"؟    السيارات الإدارية : ارتفاع في المخالفات و هذه التفاصيل    اليوم : انقطاع التيار الكهربائي بهذه المناطق    نابل: اختتام شهر التراث بقرية القرشين تحت شعار "القرشين تاريخ وهوية" (صور+فيديو)    طقس اليوم ...امطار مع تساقط البرد    أخبار النادي الإفريقي .. البنزرتي «يثور» على اللاعبين واتّهامات للتحكيم    في عيده ال84.. صور عادل إمام تتصدر مواقع التواصل    اليوم العالمي لأطباء الطب العام والطب العائلي : طبيب الخط الأول يُعالج 80 بالمائة من مشاكل الصحة    بوسالم.. وفاة شاب غرقا في خزان مائي    قبل أسبوعين من مواجهة ريال مدريد.. ظهور صادم لمدافع دورتموند    المجلس المحلي بسكرة يحتجّ    بوكثير يؤكد ضرورة سن قوانين تهدف الى استغلال التراث الثقافي وتنظيم المتاحف    النجم الساحلي يمرّ بصعوبة الى الدور ربع النهائي    كأس تونس : النجم الساحلي يلتحق بركب المتأهلين للدور ربع النهائي    القصرين: القبض على شخص صادرة في حقه 10 مناشير تفتيش    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    وزيرة الصناعة: مشروع الربط الكهربائي بين تونس وإيطاليا فريد من نوعه    5 أعشاب تعمل على تنشيط الدورة الدموية وتجنّب تجلّط الدم    وزير الصحة يؤكد على ضرورة تشجيع اللجوء الى الادوية الجنيسة لتمكين المرضى من النفاذ الى الادوية المبتكرة    دار الثقافة بمعتمدية الرقاب تحتفي بشهرث الثراث    نحو 20 % من المصابين بارتفاع ضغط الدم يمكن علاجهم دون أدوية    المنستير: القبض على 5 أشخاص اقتحموا متحف الحبيب بورقيبة بسقانص    تفكيك شبكة لترويج الأقراص المخدرة وحجز 900 قرص مخدر    جندوبة : يوم إعلامي حول تأثير التغيرات المناخية على غراسات القوارص    الصادرات نحو ليبيا تبلغ 2.6 مليار دينار : مساع لدعم المبادلات البينية    ملف الأسبوع...المثقفون في الإسلام.. عفوا يا حضرة المثقف... !    منبر الجمعة .. المفسدون في الانترنات؟    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طريق الموساد مفتوحة إلى العواصم العربية : نقولا ناصر*

لقد كان قتلة شهيد المقاومة الفلسطينية محمود المبحوح في دبي في التاسع عشر من كانون الثاني / يناير الماضي يحملون جوازات سفر أوروبية ستة منها بريطانية وثلاثة ايرلندية وجوازي سفر ألماني وآخر فرنسي، وسواء كانت هذه الجوازات مزورة أو مسروقة أو حقيقية فإنها في كل الأحوال تعيد إثارة السؤال المتكرر حول ما ينبغي على الدول العربية عمله حيال جيش من جواسيس دولة الاحتلال الإسرائيلي الذين يصولون ويجولون في عواصمها أو يتسللون إلى مفاصلها العسكرية والأمنية والاقتصادية والسياسية بصفة خبراء ومستشارين أجانب متسترين بالجنسية المزدوجة ليجمعوا من المعلومات عنها قدرا بالكاد تعرفه النخب فيها.
قبل حوالي عشرة أيام ثار جدل في إدارة صحيفة النيويورك تايمز الأميركية حول إبقاء رئيس مكتب الصحيفة في القدس المحتلة، إيثان برونر، على رأس عمله بعد أن التحق ابنه بالخدمة في جيش دولة الاحتلال للتدريب لمدة سنة ثم للخدمة العسكرية الفعلية لمدة ستة أشهر قبل أن يلتحق بجامعته في الولايات المتحدة. وفي انتخابات الرئاسة الأميركية الأخيرة قدرت الأسوشيتدبرس عدد الأميركيين الذين يعيشون في إسرائيل، ومنهم على سبيل المثال رئيس بلدية مستعمرة آرييل الاستيطانية قرب نابلس في شمال الضفة الغربية، بأربعين ألف ناخب مسجل. وقدر تقرير نشرته صحيفة القدس المقدسية على صفحتها الأولى قبل أيام عدد مواطني دولة الاحتلال الإسرائيلي الذين يحملون جنسية مزدوجة بحوالي ثلاثمائة وخمسين ألفا أغلبيتهم تحمل جوازات سفر غربية أميركية وأوروبية. وسواء كثر هذا العدد أم قل فإنه بكل المقاييس يمثل احتياطيا ضخما لتجنيد الجواسيس المؤهلين لاختراق الأمن الوطني والقومي العربي.
إن التنسيق الأمني مع دولة الاحتلال والتطبيع السياسي وغير السياسي معها ليسا ظاهرتين فلسطينيتين فقط، لكن الجدل الفلسطيني الفلسطيني الساخن الدائر حولهما يكاد يكون ساترا دخانيا يغطي على اتساع الظاهرتين عربيا مع الدول التي وقعت أو أبرمت معاهدات أو اتفاقيات سلام أو تبادل تمثيل تجاري معها، بحيث أصبحت الظاهرتان في بعدهما العربي احتياطيا جديدا يسهل عمليات إرهاب الدولة التي تنفذها أجهزة استخبارات دولة الاحتلال لاغتيال قادة المقاومة الفلسطينية خارج القانون وفي انتهاك صارخ حتى لمعاهدات الصلح وتفاهمات التطبيع في الدول العربية المضيفة لهم، كما أثبتت جريمة اغتيال المبحوح مؤخرا.
لا بل إن هذا التنسيق الأمني والتطبيع السياسي وغير السياسي العربي قد تحول إلى قاعدة لاختراق الأمن الوطني للدول العربية التي لم تتعاهد أو تتفاهم على الصلح مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، كما أثبت اغتيال القيادي في حزب الله اللبناني عماد مغنية في العاصمة السورية عام 2008.
أما الاحتياطي الثالث الذي يسهل الاختراق الإسرائيلي لأمن الدول العربية فيتمثل في العلاقة الاستراتيجية الوثيقة بين دولتي الاحتلال الإسرائيلي والأميركي، فحيثما توجد أميركا يتسلل جواسيس إسرائيل مزدوجو الجنسية، وحيثما يوجد الجندي الأميركي يوفر المظلة الطبيعية للحاق هؤلاء الجواسيس به، والاختراق الإسرائيلي للعراق تحت مظلة الاحتلال الأميركي ذو أدلة وافرة غنية عن البيان.
وقد تحولت "عملية السلام" العربية – الإسرائيلية التي ترعاها الولايات المتحدة منذ توقيع اتفاقية كامب ديفيد المصرية مع دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى احتياطي إسرائيلي رابع لاختراق الأمن العربي. فعلى الصعيد الرسمي تكفي مراجعة الشروط السياسية المرتبطة بالمعونات الخارجية الأميركية والأوروبية للدول العربية التي تتلقى هذه المعونات، أو شرط المدخل الإسرائيلي لفتح الأسواق الأميركية أمام صادرات المناطق الصناعية المؤهلة ( QIZ) في الأردن ومصر، لمعرفة مساحة التطبيع الاقتصادي التي تفتح الأبواب العربية أمام الاختراق الأمني لدول الاحتلال الإسرائيلي. وعلى الصعيد الشعبي تتكاثر كالفطر معسكرات ومخيمات التطبيع للشباب دون سن الثامنة عشرة مثل مخيمات "بذور السلام" السنوية حيث "يتعايش" فيها لأسابيع "شبيبة" "إسرائيليون" سرعان ما يغادرونها ذكورا وإناثا للالتحاق بالخدمة العسكرية الإجبارية أو بأجهزة التجسس والاستخبارات وفلسطينيون يحظر عليهم حمل سكين خشية أن يهددوا "السلام" وأردنيون ومصريون وغيرهم في غياب أي رقابة أو توعية أمنية للشباب العربي المشارك فيها.
عندما انكشف ساتر الجنسية المزدوجة لمن حاولوا اغتيال خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" في العاصمة الأردنية عام 1997، وكانوا عشرة من عناصر الموساد دخلوا الأردن بجوازات سفر كندية، فإنهم لم يترددوا في كشف هوياتهم الحقيقية للاحتماء بمعاهد الصلح المنفردة التي وقعها الأردن مع دولتهم، ليسارع اثنان منهم ألقى الأمن الأردني القبض عليهما إلى الكشف عن جنسيتهم الحقيقية بينما فر أربعة آخرون إلى سفارة دولة الاحتلال في عمان ليكشفوا بذلك حقيقة انتمائهم.
إن غضبة دبي الحالية لانتهاك سيادة دولة الإمارات العربية التي قادتها إلى مطالبة "الإنتربول" بإصدار مذكرة لاعتقال رئيس جهاز الموساد تذكر بغضبة الأردن التي أجبرت الولايات المتحدة للضغط على ربيبها الإسرائيلي لتزويده بالترياق الذي أنقذ مشعل وللإفراج عن الشهيد الشيخ أحمد ياسين، لكن مثلما لم تتمخض جريمة محاولة اغتيال مشعل عن أي أزمة في العلاقات الأردنية الكندية، فإن جريمة اغتيال المبحوح لن تقود على الأرجح إلى أي أزمة في علاقات دولة الإمارات العربية التي وقعت الجريمة فوق أرضها مع الدول الأربع التي حمل مرتكبو الجريمة جوازات سفرها، وسط رأي عام عربي وفلسطيني ساخط لم يعد يرى في استدعاء سفراء دولة الاحتلال لدى الدول المعنية سوى إجراء بروتوكوليا لامتصاص الغضب الشعبي العربي حتى تمر العاصفة لتعود حليمة الإسرائيلية بعدها إلى ما اعتادت عليه.
إن تبجح وزير خارجية دولة الاحتلال، أفيغدور ليبرمان، بأنه لن تنجم أية مشاكل دبلوماسية عن تورط الموساد يعطي الانطباع بأن دولته سوف تكرر جريمتها وهي محصنة ضد أي مضاعفات سياسية، وهذا في حد ذاته سبب كاف لكي تدرك الدول العربية بأن الوقت قد حان لكي تتحرك أيضا في الاتجاه الآخر.
فأميركا وأوروبا لن تضغطا على دولة الاحتلال الإسرائيلي لكي تتوقف نهائيا عن تكرار اختراقها للأمن العربي عبر "الجنسية المزدوجة" إلا إذا اتخذت الدول العربية إجراءات أمنية حازمة تعيد النظر في التسهيلات المقدمة لدخول الأميركيين والأوروبيين إليها، وهي تسهيلات يحسدهم عليها المواطنون العرب. وربما يكون مثالا يقتدى به الحزم الذي أبدته ليبيا خلال أزمتها الأخيرة مع سويسرا عندما وسعت الأزمة لكي تشمل كل الدول لأوربية الأعضاء في "الشينجن" مما أثار موجة احتجاجات أوروبية ضد سويسرا، لا ضد ليبيا.
وكون رئيس وزراء دولة الاحتلال الإسرائيلي الحالي، بنيامين نتنياهو، الذي صادق على اغتيال المبحوح هو نفسه الذي جرت في عهده السابق محاولة اغتيال مشعل هو حقيقة تنذر بالمزيد من عمليات الاغتيال وانتهاك سيادة الدول العربية كسياسة رسمية لحكومته وتستحق أن تكون بندا في جدول أعمال القمة العربية المقبلة في ليبيا يناقش فيه القادة العرب أيضا ما ينبغي على وزراء داخليتهم عمله حيال الجنسيات المزدوجة التي يحملها مواطنو دول صديقة لهم إضافة إلى جنسية دولة من المفترض أنها ما زالت "معادية" لهم !
* كاتب عربي من فلسطين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.